وكأن الثورة المصرية أصابت السينما المصرية بلعنة لن تشفى منها قريبًا، حيث أسرع بعض صناع الأفلام فور قيام ثورة يناير فى إنتاج مجموعة من الأفلام التى تتناول ثورة لم تنتهِ بعد فى أعمالهم، إما بغرض تجارى وإما انبهار بالحدث وإما الرغبة فى الوجود عالميًّا على «حِس» حدث تاريخى فارق مثل الثورة المصرية. وبالنظر إلى الثورات المصرية وارتباطها بالسينما، نجد أن ثورة 19 قُدّمت سينمائيًّا من خلال أعمال فى الأربعينيات والخمسينيات لحسن الحظ فى عدم وجود صناعة للسينما تعاصرها، وثورة 52 قدمت من خلال أفلام حرصت الدولة على تصدير فكرة معينة من خلالها، مما أخل بتكوينها السينمائى. أما ثورة يناير فتم تقديمها كحدث رئيسى فى أفلام مثل «حظ سعيد» أو تناولت الثورة كحدث جانبى، وغالبًا كنهاية للفيلم مثل «أمن دولت»، أو حتى فيلم مثل «الفاجومى»، والذى تم تقديم سيرة الشاعر الكبير أحمد فؤاد نجم من خلاله وانتهى بثورة يناير. فشلت فشلًا ذريعًا على الصعيدين التجارى والنقدى. وقد قدّمت السينما خلال عامين ونصف العام ما يقرب من 10 أفلام روائية طويلة، انقسمت إلى أفلام تجارية حاولت الاستفادة من الثورة، مثل «صرخة نملة» الذى غيّر صانعوه نهاية الفيلم خصيصًا من أجل هذا، وأفلام حاولت تحليل الثورة مثل «بعد الموقعة»، وأفلام طرحت يوميات ومشاهدات للثورة مثل «الشتا اللى فات»، وفشلت جميعها فى التعبير عن الثورة، ذلك الحدث التاريخى الفاصل الذى لم ينتهِ بعد ولم يتم استيعابه لتقديمه روائيًّا أو سينمائيًّا. وحتى تلك الأفلام التى عرضت مشاهدات ويوميات للثورة لم يتسوعب صناعها أن هذا يليق بالأفلام الوثائقية والمسرح لا الأفلام الروائية. وبعد التطورات السياسية الأخيرة لا أستبعد أن يواصل صناع الأفلام طرح الجديد من أجل الاستفادة من الزخم الجماهيرى، مما ينذر بأفلام كارثية جديدة تنضم إلى طابور لعنة الثورة السينمائية. ولن أندهش حين يقدم المخرج الكبير يسرى نصر الله، فيلمًا جديدًا بعنوان «بعد الموقعة بكتير»، ويخرج إبراهيم البطوط بعنوان «الصيف اللى جاى». أعزائى صناع السينما تمهّلوا قليلًا وارحموا تلك الثورة، واتّعظوا من بواكير أفلامها «18 يوم» الذى لم يُعرض فى أى سينما أو قناة فضائية حتى الآن.. أو على رأى المثل «خدوا فالكو من أفلامكو اللى فاتت».