حتى اللحظة التى اعتلى فيها مرشد «الإخوان» المنصة فى رابعة العدوية، كان الكثيرون يراهنون على أن هناك فى قيادة الجماعة بقية من عقل، وشيئا ولو قليلا من الوطنية، وإدراكا -ولو متأخرا- لصحيح الدين. شخصيا لم أكن أعتقد فى شىء من ذلك، وقد تكلم الرجل فلم يترك مجالا لأى خطأ فى تقدير الموقف. أعلن الرجل بكل وضوح الحرب على الشعب والجيش والشرطة وكل مؤسسات الدولة. أثبت أننا أمام عصابة لا علاقة لها بالدين الحنيف، ولا بالوطنية الشريفة، مستعدة لأن تدمر كل شىء فى سبيل تحقيق أطماعها المجنونة.. تستبيح الدم الحرام، وترتكب فعل الخيانة حين تطلب من الأطراف الخارجية أن تقف معها فى وجه الشعب الذى أسقط حكمها! خطاب الدم من المرشد بديع لا يعبر عن جماهير الإخوان وشبابهم، وإنما يعبر عن هذه العصابة التى استولت على قيادة الجماعة بعد رحيل المرشد الأسبق عمر التلمسانى رحمه الله. هذه العصابة التى هجرت حتى أفكار مؤسسى الجماعة واعتنقت ما جاء به سيد قطب من تكفير للمجتمع كله، ودعوة لقتال المسلمين وغير المسلمين لإنقاذ الدنيا من جاهليتها! خطاب الدم ترافق مع هجوم أنصار بديع فى سيناء على جنود الجيش والشرطة، لتسقط أرواح بريئة على يد هؤلاء الإرهابيين الذين أضافوا جرائم جديدة فى سجلاتهم الإرهابية، وهم يرفعون رايات «القاعدة» وصور المعزول مرسى! وخطاب الدم ترافق أيضا مع هذه الهجمات المجنونة واليائسة على ميادين التحرير التى استشهد فيها العشرات وأصيب أكثر من ألف من أبناء الوطن، ستظل دماؤهم تطارد بديع وجماعته حتى يتم القصاص لها. يتصور بديع وعصابته أنهم قادرون على قهر إرادة شعب مصر بهذا الإرهاب الحقير. ويتصورون أن دعم الإدارة الأمريكية لهم سوف يمنحهم الفرصة لهزيمة شعبهم! تبلغ الوقاحة بهم أن يهددونا بمصير مثل مصير سوريا، وتبلغ الخيانة بهم أن يطلبوا العون حتى من إسرائيل ليستعيدوا سلطة نزعها الشعب منهم لينقذ ما تبقى من الدولة قبل أن يقودوها إلى الكارثة الكاملة! نعرف أنهم سوف يحاولون المستحيل لتعطيل مسيرتنا، ولكننا على ثقة بأن كل ما يفعلونه لا يزيد عن «حلاوة الروح» ومحاولة اليائسين للفرار من المصير المحتوم. إنهم يعرفون -ربما أكثر منا- أنهم لم يخرجوا فقط من السلطة، بل ومن التاريخ أيضا. وكل ما تفعله هذه العصابة المجرمة أنها تريد الفرار من الحساب، ولو على حساب أرواح أبناء هذا الوطن ومن بينهم أبناء الجماعة المخدوعين. ولكننا نثق بأن معظم شباب الجماعة والمخدوعين من أعضائها سيكونون مع الشعب كله حين تجىء ساعة حساب هذه القيادة المجرمة على ما ارتكبته فى حق الوطن. أما الإدارة الأمريكية بقيادة أوباما فعليها أن تدرك أن شعب مصر لن يغفر لمن جاء بالإرهاب ليحكمه، ولمن يقف فى وجه ثورته العظيمة كما وقف من قبل أمام ثورة يوليو. بل إننا أيضا نثق بأن الشعب الأمريكى نفسه لن يترك ما فعله أوباما وإدارته فى حق مصر وثورتها دون حساب. سوف تنزل الملايين لتحمى ثورتها. وسوف تتصدى مع الجيش والشرطة لهذه العصابة المجرمة التى منحناها الفرصة تلو الفرصة، لكنها أصرت على تآمرها ضد الشعب، وعلى جرائمها فى حق الدين والوطن. المهزومون اليائسون فقط هم من يلجؤون إلى الإرهاب، والخونة وحدهم هم من يتسولون الدعم الأمريكى والإسرائيلى ضد شعبهم وجيشهم. مصر استعادت نفسها، واستعاد الإخوان موقعهم.. مجرد عصابة تقف دائما فى المكان الخطأ من الحركة الوطنية، فيكون مصيرها السقوط فى بئر الإرهاب والخيانة، وتكون نهايتها خارج التاريخ.