أثبتت ملايين العائلات المصرية التى بدأت النزول فى الأيام الماضية إلى عشرات الميادين ومئات الشوارع المصرية فى جميع محافظات الجمهورية لتتوج ذلك بظهورها الكاسح، والذى لم يسبق له مثيل يوم 30 يونيو 2013 أن مصر قد قررت فى نهاية الأمر وبعد تجربة مريرة وتفكير عميق وصبر كريم الخروج من الشبكة العنكبوتية للوهم التى حاولت جماعة الإخوان المسلمين وأنصارها من أحزاب اليمين الدينى المتطرف أن يحتجزوا المصريين داخلها لمدة عام كامل بمزاعم احتكارهم للتحدث باسم الإسلام وترويع الناس بكذبة امتلاكهم صكوك الغفران من خلال تصنيف الناس، وفقا لمعتقداتهم الدينية مجترئين على التفتيش فى ضمائر الناس وأرواحهم ومستخدمين فى ذلك الأبواق الإعلامية اليمينية المتطرفة والدعايات الانتخابية المغرضة والاستقطابية التى تتحدث عن أنهم هم «المسلمون» وهم «المؤمنون صحيحو الإيمان» وأن غيرهم لم يضطهدوا ويعذبوا مثلهم، وبالتالى ففى نظرهم هذا يعطيهم الحق فى أن يذيقونا هذا العذاب، وأن يجبرونا على دفع فاتورة حساب هذا الاضطهاد نيابة عن الآخرين، ويا ليتهم اكتفوا بذلك، فقد مارسوا غرورهم واستعلاءهم المقيت والخانق بتبنى مقولات أنهم هم من يحبهم الشعب المصرى ولذلك اختارهم واختار رئيس حزبهم ليحكمنا أربع سنوات، متجاهلين عن عمد الظروف المحيطة بهذا الانتخاب ومتهمين كل الآخرين بالعمالة والخيانة ومعاداة «المشروع الإسلامى» وكأننا جميعا والعياذ بالله من عبدة الأصنام! ويجب هنا أن نقر ونعترف بأنه رغم جميع الجهود الحزبية والمناظرات والاجتماعات والبيانات والتصريحات والاعتصامات والمظاهرات وكل ما ينتهى ب«تاء مفتوحة» فإن الناس وجموع المصريين لم تنزل إلى الشارع المصرى بهذا الشكل الذى رأيناه فى يوم 30 يونيو على هذه الأرضيات، هذا النزول الذى فاق جميع توقعات الأصدقاء والأعداء والحبايب والشامتين على حد سواء بما فيهم ملكة مصر المتوجة بمساعدة الإخوان السفيرة الأمريكية والتى رغم كل مساعيها «غير الحميدة» لتثبيط الهمم من خلال رسائلها ونصائحها المستمرة تأسيا برسائل المرشد وسيرا على دربه بتاع «طاعة ولى الأمر» و«الرئيس أو الفوضى» و«أعطوا له فرصة» والتى تدل على أن الجماعة لا تتمتع حتى بروح الابتكار فى الرسائل التى توجهها للمصريين، وأنها تكرر نفس الأخطاء اعتمادا على أن «كلام الليل مدهون بزبدة يطلع عليه النهار يسيح» وأن المصريين طيبون وبيفوّتوا وأنهم مش فاكرين أكلوا إيه إمبارح، أقول بعد هذه الجملة الاعتراضية الطويلة قوى دى إنهم لم ينزلوا إلى الشارع بسبب دعوات حزبية أو حنجورية أو سياسية تنظيرية «أبسولوتلى» لأ.. همّ نزلوا علشان اتخنقوا من الكذب والنفاق، نزلوا بسبب أن أكل العيش ضاق فى وشهم وأساسيات الحياة اختفت من يومهم والكهرباء بتقطع والبنزين بيتبخر والنظام بيكذب عليهم وكمان لا مؤاخذة «زاد الطين بلة» إنهم فوق البيعة بقوا متهمين فى دينهم ومتشكك فى إيمانهم بعد العمر والتاريخ ده كله! لا يا أساتذه كان غيركم أشطر ودى بقى القشة التى قصمت ظهر البعير وظهرت «تمرد» لتلخص الموقف فى ورقة واحدة فقط تطلب طلبا واحدا لا غير «انتخابات رئاسية مبكرة» نقطة ومن أول السطر. وعندما ظهرت هذه الدعوة العبقرية فى بساطتها ومباشرتها وتلخيصها للموقف تسابق أكثر من 22 مليون مصرى ومصرية، نحو نصف إجمالى الناخبين المسجلين، للتوقيع عليها دون تردد وبحماس منقطع النظير وعندما تحدى الإخوان أن يتحمس هؤلاء الموقعون للنزول بالفعل إلى الشارع يوم 30 يونيو لتأكيد جدية مطلبهم، مدعين أن هذا «مجرد كلام والكلام ليس عليه جمرك» وأن الشعب المصرى شعب «كنبة» ومالوش فى الكلام ده، خصوصا والدنيا حر، تداعى المصريون إلى النزول بالملايين غير المسبوقة إلى الشوارع المصرية شايلين مش بس الكنبة، بل عفش البيت كله لتعلن موسوعة «جينيس» للأرقام القياسية دخول مصر فى سجلاتها بأكبر مظاهرات فى التاريخ بلغت أكثر من 27 مليون شخص فى يوم واحد! فهل يا ترى، يا هل ترى وصلت الرسالة المباشرة والبسيطة والمسجلة بعلم الوصول إلى سُدة الحكم الإخوانى؟ وهل اقتنعوا حضراتهم بأن المصريين شعب حر قراره من دماغه وإنه ماينفعش حد يتنطط عليه؟ يا حضرات الإخوان المسلمين وأنصارهم اعلموا أن المصريين مسلمين ومسيحيين وغيرهم هم مؤمنون صالحون لا يحتاجون إلى تعليماتكم ونصايحكم ويكرهون استعلاءكم وغطرستكم وغروركم ولا يخشون تهديداتكم، أنتم وأتباعكم بالثبور وعظائم الأمور، وأننا لم ولن نقبل مزايدات منكم على إيماننا، وحقيقة الأمر التى أنتم مصممون على تجاهلها أنكم قد فشلتم فشلا ذريعا فى إدارة شؤون هذا الوطن الكبير العريق المتسامح، وأن فشلكم السياسى هو سبب تراجعكم وأن أوهام سيطرتكم وتمكينكم من حكم المصريين وأخونتهم قد سقطت إلى غير رجعة، فهارد لك وخلّى روحكم رياضية، وعلى موبايلات بقه!