كتب - هشام شعبان الزمان: يوم الأحد 17 إبريل 2016.. المكان: هضبة الجولان السورية المحتلة.. الشخصيات: بنيامين نتنياهو رئيس وزراء الكيان الصهيوني وحكومته.. جلسوا على مرتفعات الجولان كأنها مسرح.. متأنقين في ثيابهم والضحات تعلو وجوههم وهم ينظرون من الأعلى إلى أرجاء سوريا وسهولها المتراكمة ككومة تراب بعد سنوات من الحرب الأهلية والصراع مع الإرهاب.. نتنياهو يبدو مرتاحًا أكثر من أي وقت مضى.. ربما إحدى وزيراته قالت في وقت سابق إن الجولان أصبحت ملكا لهم إلى الأبد لأن سوريا لم يعد لها وجود، لكنه انتظر وانتظر حتى تيقن بداخله أن تلك هي اللحظة المناسبة.. سوريا منهكة وجيشها غارق في والحل.. العرب مشتتون منهم من يخوض صراعه الطائفي ومنهم من يعاني صراعات الداخل التي لا تنتهي.. وآخرون يتجاذبون على أطراف حدودية ضيقة.. "الجولان ستبقى بيد إسرائيل إلى الأبد"، قالها وهو يصب كأسه ويرفع نخب الانتصار وأردف بعد دقائق التصفيق قائلا "إسرائيل لن تنزل من مرتفعات الجولان". لم يصمت بل ذهب إلى تاريخ قديم مشوه كتبه أجداده وحفظه آباءه من قبل وها هو الآن يستشهد بها: "الجولان كان جزء لا يتجزأ من أرض إسرائيل في العصر القديم، والدليل على ذلك هو عشرات الكنس اليهودية العتيقة التي عثر عليها.. والجولان هو جزء لا يتجزأ من دولة إسرائيل في العصر الحديث.. حان الوقت للمجتمع الدولي بعد 50 عاما أن يعترف أخيرا بأن الجولان سيبقى تحت السيادة الإسرائيلية إلى أبد الأبدين". نتنياهو واصل لهجته المليئة بالتحدي عندما "عاير" العرب بصراعاتهم وتفككهم ووصف سوريا ب"الدولة المحتلة" عندما قال: "الجولان كان تحت الاحتلال السوري الذي دام 19 عاما مليئا بالدشم وبالألغام وكان مخصصا للحرب بينما تحت سيادتنا إنه مخصص للزراعة وللسياحة وللسلام"، على حد قوله. وأضاف: "في المنطقة الهائجة من حولنا إسرائيل هي الطرف الذي يحقق الاستقرار.. إسرائيل هي الحل وليست المشكلة". العرب.. شجب وإدانة واستنكار ليس إلا ساعات مرت عندما نطقت الخارجية السورية وأدانت قيام حكومة الكيان الصهيوني بعقد اجتماع في الجولان، مؤكدة أنه "استفزازي وباطل شكلا ومضمونا"، كما طالبت الأممالمتحدة ومجلس الأمن الدولي ب"التدخل الفوري لإدانة عقد مثل هذا الاجتماع اللامسؤول وللمطالبة بعدم تكرار هذا العمل الأهوج وخاصة أنه يعقد على أرض سورية محتلة". أما الخارجية المصرية فأكدت في بيان لها أن هضبة الجولان جزء لا يتجزأ من الأراضي السورية، وأن إسرائيل قامت باحتلالها خلال حرب العام 1967، ووصفت ما أعلنه نتنياهو بشأن نية الكيان الصهيوني الاحتفاظ بهضبة الجولان السورية المحتلة، بأنه يمثل انتهاكاً لمبادئ القانون الدولي والشرعية الدولية المتمثلة في قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة. والجامعة العربية كعادتها "أدانت واستنكرت" تصريحات نتنياهو التي وصفتها ب"العدوانية والتصعيدية"، وقال الأمين العام للجامعة الدكتور نبيل العربي إن الجولان ستظل "أرضا عربية سورية ملكا للشعب السوري وحده". ماذا فعل نتنياهو بعد الإدانات العربية؟ ضرب بها عرض الحائط عندما التقى أمس الخميس الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في موسكو، وأكد أن اسرائيل تعتبر هضبة الجولان "خطا أحمر وتصر على الاحتفاظ بالسيادة على الهضبة".