قال الدكتور أحمد السيد النجار، رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام، في تصريحات ل"التحرير"، إن ما أُثير حول منع نشر مقاله في صحيفة الأهرام أمر غير صحيح على الإطلاق، مؤكدًا أنه ليس ممنوعًا من الكتابة بعد تدويناته الأخيرة، التي شدد فيها على تبيعة جزيرتي "صنافير وتيران" لمصر. أوضح النجار، أ ن عدم نشر مقاله في عدد الغد الإثنين، يرجع لتأ خره في كتابة المقال، مدللًا على ذلك بأنه تم نشره على بوابة الأ هرام الإ لكترونية، ونوه بأنه لا ضغوط من أي جهة لمنعه من الكتابة في الأهرام. "التحرير" تنشر مقتطفات من مقال "النجار" الأخير بعنوان"الكيان الصهيوني أقر بملكية مصر لتيران وصنافير":- عندما حان وقت الانفصال الرسمي بين مصر والدولة العثمانية أو بين الخديوية الجليلة المصرية والدولة العلية على حد تعبير أنطون صفير بك في موسوعته «محيط الشرائع»، تم وضع حدود مصر في خليج العقبة والحدود مع كل من ولاية الحجاز العثمانية ومتصرفية القدس، والتي كانت ضمن أهم السندات المصرية في استعادة طابا من الكيان الصهيوني، وفور عقد تلك المعاهدة في 1 أكتوبر 1906 قام الجيش المصري باحتلال مواقعه في جزيرتي تيران وصنافير تأكيدا للسيادة المصرية عليهما بعد الاستقلال الكامل عن الدولة العثمانية وطبقا لما تم الاتفاق عليه في تلك المعاهدة، ولابد من الإشادة بالمستشارة الجليلة هايدي فاروق لسعيها الدؤوب لتوثيق الحقائق والخرائط المتعلقة بملكية الجزيرتين، وهذا التوثيق لابد من الاستفادة منه في البرلمان والجدل العام حول هذه القضية. في كتابه «قناة السويس ومشكلاتها المعاصرة» (مكتبة النهضة المصرية، القاهرة 1956)، يشير الدكتور مصطفى الحفناوي أحد أبطال تأميم قناة السويس، إلى جزيرتي تيران وصنافير بقوله (ص 462) «أما عن الجزيرتين اللتين احتلتهما مصر في خليج العقبة فهما جزيرتان مصريتان سبق أن احتلتهما القوات المصرية عام 1906 أثناء وضع الحدود بين مصر والبلاد العثمانية، فلم يكن في ذلك الاحتلال مفاجأة. ومنذ أن انتهت العلاقة بين مصر والدولة العثمانية ظلت الجزيرتين مصريتين». ولم تكن المملكة العربية السعودية قد تأسست أصلا في ذلك الحين إذ أنها أصبحت دولة عام 1932. وفي 29 يوليو عام 1951 كتب السفير البريطاني في مصر رالف ستيفنسون خطابا لوزير الخارجية المصري هذا نصه: «كُلفت من حكومتي أن أبلغ معاليكم أن المملكة المتحدة مستعدة للاتفاق بشأن السفن البريطانية ما عدا السفن الحربية، تلك السفن التي تمر رأسا من السويس إلى الأدبية أو إلى العقبة، وذلك بأن تقوم السلطات الجمركية المصرية في السويس أو في الأدبية بعد تفتيش السفن ومنح شهادة بذلك، بإخطار السلطات البحرية المصرية في جزيرة تيران حتى لا تقوم بإجراء زيارة (زيارة تفتيش) أخرى لتلك السفن. ومن الناحية الأخرى ستخضع جميع السفن البريطانية للإجراءات العادية حينما تمر بمياه مصر الإقليمية وسأكون ممتنا لو تفضلتم معاليكم بالإفادة بقبول الحكومة المصرية للاتفاق المشار إليه» وهذا النص منشور في كتاب «قناة السويس ومشكلاتها المعاصرة» ص 471. وهكذا فإن بريطانيا وهي دولة الاحتلال لمصر المستقلة جزئيا آنذاك، تقر بالسيادة المصرية على جزيرة تيران، بل وتقر بسلطة التفتيش المصرية القائمة في جزيرة تيران كسلطة لتفتيش السفن العابرة في خليج العقبة. وللعلم فإن من يقرأ الكتاب سيلمس شعورا عروبيا قويا وموقفا شديد الإيجابية تجاه المملكة العربية السعودية من الدكتور مصطفى الحفناوي مؤلف الكتاب، بما يعني أن ما كتبه لا ينبع من عداء للمملكة بل هو انتصار للحق ولحقائق التاريخ السياسي والجغرافي. وحتى النص الذي اقتبسه البعض وتم ترويجع عبر مواقع التواصل الاجتماعي من كتاب «سنوات الغليان» للراحل الكبير محمد حسنين هيكل، تم تفسيره بصورة غير دقيقة للإيحاء بأنه يؤيد تبعية الجزيرتين للملكة العربية السعودية. ويشير النص الوارد في ص 91 من الكتاب المذكور إلى أن «السياسة المصرية استقرت على خيار يعطي للملك سعود ملك المملكة العربية السعودية مهمة مواصلة بحث هذه القضية (قضية المرور الصهيوني من خليج العقبة) مع الإدارة الأمريكية. وكان هو من أكثر المتحمسين لهذا الخيار على أساس عدة اعتبارات أولها أن جزر صنافير وتيران التي كانت مصر تمارس منها سلطة التعرض للملاحة الإسرائيلية في الخليج هي جزر سعودية وضعها (الملك سعود) تحت تصرف مصر بترتيب خاص بين القاهرة والرياض. والنص هنا يشير بوضوح إلى الاعتبارات الموجودة لدى الملك سعود التي جعلته يتحمس للقيام ببحث هذه القضية مع الأمريكيين، وهي لا تعني أن تلك كانت قناعة مصر أو هيكل بشأن تبعية الجزيرتين. ومن البديهي أن موقف هيكل من تبعية الجزيرتين لا يختلف إطلاقا عن موقف الزعيم الراحل جمال عبدالناصر من هذه القضية وهو الذي كان المنظر الأهم للعهد الناصري في الشأن السياسي الداخلي وفي العلاقات الدولية والإقليمية. وموقف الزعيم جمال عبدالناصر موثق بشأن يقينه المبني على الحقائق والتاريخ بأن الجزيرتين مصريتين. وسواء في التاريخ القديم أو الوسيط أو الحديث والخرائط المتاحة من تلك العصور فإن الجزيرتين والبحر الأحمر وخليج العقبة كانت تحت سيادة مصر أيا كانت الدولة التي تحكمها. وعندما احتاجت الجزيرتين للدفاع عنهما وبذل الدماء من أجلهما في الصراع مع الكيان الصهيوني الذي تأسس بالاغتصاب ويستمر بالعدوان، لم يكن هناك سوى مصر وجنودها الذين دفعوا أرواحهم دفاعا عن الجزيرتين ووثقوا بالدم ملكية مصر لهما فالأرض لمن يستقر فيها ويرتبط تاريخيا بها وبتفاصيلها ويدافع عنها عندما تتعرض للأخطار والأطماع. وعندما عقد الرئيس الأسبق أنور السادات اتفاقيات التسوية مع الكيان الصهيوني (كامب ديفيد عام 1978، واتفاقية التسوية عام 1979) شملت التريبات الأمنية جزيرتي تيران وصنافير باعتبارهما جزيرتين مصريتين طبقا للحدود المصرية المعترف بها دوليا ولدى الأممالمتحدة. ولأن حدود الدول تتأسس عبر التاريخ طبقا لفقه أو أصول تأسيس الأوطان والدول، فإنه من المفيد إلقاء نظرة سريعة على أصول وآليات تأسيس الأوطان والدول…