نظمت كلية الإعلام بجامعة الأزهر، اليوم الثلاثاء، ندوة حول "ظاهرة الإسلاموفوبيا في العالم الغربي"، حاضر فيها عباس شومان، وكيل الأزهر، وإبراهيم الهدهد، رئيس جامعة الأزهر، ومحيي الدين عفيفي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، وعبدالصبور فاضل، عميد الكلية، والكاتب الصحفي عماد الدين حسين، رئيس تحرير جريدة الشروق المصرية. في كلمته، قال " شومان"، إنَّ اتهام الغرب بأنه المسؤول عن ظاهرة الإسلاموفوبيا فيه نظر، لأن المسلمين يشاركون بقدر كبير في هذه الظاهرة، التي تتعدد أسبابها، مكملًا: " سأتحدث عن سببين منهما، الأول يتعلق بواقع الظاهرة، ويكمن في المسيطرين على الخطاب الديني في هذه الدول، والمتابع والمتفحص يرى أن الغالبية منهم ينتمون إلى تيارات متشددة نعاني منها في بلادنا، حيث يمتلك ذلك التيار أموالًا ضخمة ينفقها لنشر أفكاره المغلوطة والمشوشة أو له أتباع كُثر في هذه الدول، وهُم بشكل عام يعطون صورة مغلوطة عن الإسلام وبناء على هذه الصورة يحكم علينا الغرب". أضاف "شومان"، "السبب الثاني الذي أريد الحديث، هو هذا التناول غير المنطقي والمعقول من كثير ممن يتحدثون عن الأزهر، لاسيما من وسائل الإعلام هنا في مصر، وأقول لهؤلاء إن الأزهر لم يتلق عبر تاريخه شكوى من دولة بالعالم ضد أحد من خريجيه، ونحن نرحب بأي شكوى حقيقية في أي وقت، ولعلكم تابعتم مقولة رئيس إندونيسيا لشيخ الأزهر (إن خريجي الأزهر الشريف من أبناء إندونيسيا هم من يقودون مسيرة التنمية على أرضها) ، وسمعناها مثل هذه العبارة من دول العالم حتى في دولة تايلاند وهي غير إسلامية، ونرى الترحيب من كافة دول العالم ويتردد إلى المشيخة رؤساء دول مختلفة وسفراؤها يطمحون في زيادة المنح التي يقدمها الأزهر لأبنائهم للالتحاق بجامعة الأزهر". لفت إلى أن وجود الأزهر وعلمائه في أي مكان، يُعد الضمانة القوية لتوصيل صورة الإسلام الصحيحة للناس، وعلى الغرب أن يميز بين المنتمين للأزهر و المنتمين للجماعات المنحرفة عن وسطية الإسلام ، وذلك يظهر جليًا في لغة الخطاب، فإن مناهج الأزهر تُجمِّع ولا تفرق ولا تباعد بين الناس، أما المنتمون للجماعات المنحرفة عن تعاليم الإسلام، فإن لغة خطابهم تمتلئ بالعنف والكراهية ونبذ الآخر وتكفيره في بعض الأحيان. أشار "شومان" إلى أن الأزهر يعمل على علاج تلك الظاهرة من خلال عدة محاور، أولها تنبيه هذه الدول من خلال سفرائهم بمصر أو من يأتون لزيارة الأزهر، بضرورة فحص القائمين على الخطاب الديني لديهم قبل أن يظهروا إلى الناس، ولمن لا يستطيع التمييز بين الأزهري وغيره في الخارج فهناك علامات واضحة، فإذا تحدث الداعية إلى الناس بما يفرق بين الناس ويستحل دم الآخر فهو داعية شر، ينبغي ألا يستمع له ولا يعبر عن الإسلام الصحيح، وكلما كان الخطاب تحريضيا فهو متشدد لا ينتمي إلى الأزهر ولا يعبر عن الإسلام الصحيح، ولا آدابه السامية التي تدعو إلى التعايش السلمي بين البشر جميعا. أكمل: "المحور الثاني، الجولات التي يقوم بها علماء الأزهر في كل دول العالم ، وعلى رأسهم شيخ الأزهر، أحمد الطيب؛ لتصحيح صورة الإسلام التي شوهها بعض المنتسبين للإسلام، وكانت آخر زياراته إلى إندونيسيا، واليوم هو في ألمانيا وسيلقي خطابًا إلى العالم أجمع من هناك ، وكذلك قوافل السلام التي يرسلها الأزهر بالتعاون مع مجلس حكماء المسلمين إلى دول العالم المختلفة يتحدثون إلى الناس بلغتهم العادية، ونحن نتلقى دائمًا الثناء والشكر على هذه القوافل، وعندما يستمع الغربيون لعلماء الأزهر يتعجبون وكأنهم لأول مرة يعرفوا الإسلام". تابع: "أما المحور الثالث، فهو الندوات والمؤتمرات والمنتديات، التي يشارك فيها الأزهر، للإسهام في تصحيح صورة الإسلام والتصدي للأفكار المنحرفة التي تنشرها التيارات المتشددة"، موضحًا أنه لا يجد مبررًا للهجوم الضاري على الأزهر، ونقد مناهجه ليل نهار فى وسائل الإعلام، وهو أمر غير معقول ولا مقبول". أردف: "فلو كانت مناهج الأزهر تخرج إرهاببين كما يدعى هؤلاء لملئت الأرض إرهابًا، ولا ننكر أن هناك أشخاص موجودين في الجماعات المنحرفة ويحملون شهادات أزهرية، ولكن الحقيقة أنهم ولدوا في تلك الجماعات ثم التحقوا بالأزهر ليحصلوا على شهادته لكنهم لا يحملون فكر الأزهر ومنهجه الوسطي المعتدل". تابع: "أبوابنا مفتوحة لمن أراد أن يتعرف أكثر على مناهج الأزهر، التي تبنى على الحوار والرأي والرأي الآخر، وهي تشمل اللغة العربية وأصول الدين والشريعة حيث ندرس في جامعتنا مواد المنطق والعقيدة والفلسفة، ونعلم أولادنا فيها أن تكون أولى أدلته هي المنطق والعقل والحجة والبرهان، نحن نعلمهم الاعتماد على العقل أولا لأنهم سيخاطبون أشخاصًا في كثير من الأحيان ليسوا بمسلمين فإقناعهم سيبدأ بالعقل، ثم ينتقل شيئا فشيئا إلى الدليل النقلي". أضاف: "كليات الشريعة على سبيل المثال ، يتعلم فيها الطلاب مدارس مختلفة وليس مدارس السنة فقط، فالأزهر يدرس ثمانية مذاهب منها أربعة لأهل السنة (الحنفي والشافعي والمالكي والحنبلي) والأربعة الأخري (الإمامي- الظاهري- الإباضي- الزيدي) وهي ليست من مناهج أهل السنة.وهو ما يؤكد سعة فكر الأزهري وتعدد ادواته ومناهجه التي تميزه عن غيره وحتى في مذاهب السنة فحدث ولا حرج عن اختلاف أبناء المدرسة الواحدة بين شيخ المذهب وتلامذته، هذا ما ندرسه في الأزهر، ندرس وجوب احترام الآخر والاستماع إليه، وندرس كذلك (لكم دينكم ولي دين)، وقد أصدر الأزهر وثائقه التاريخية التي أشاد بها العالم، وبها حرية المعتقد".