أعلنت المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، منع مواطنيهم من السفر إلى لبنان، ومطالبة المتواجدين في بيروت بمغادرة البلاد، كما أعلنت أبوظبي تخفيض التمثيل الدبلوماسي لأدنى درجة "القائم بالأعمال"، وهذا القرار قد يبدو في حد ذاته شيئا طبيعيا، دول تمنع مواطنيها من السفر لدولة أخرى، ولكن الأمر أعتقد من ذلك بكثير، لأن الاقتصاد اللبناني يتعمد في جزء كبير منه على الاستثمارات والسياحة الخليجية، كما يوجد 500 ألف لبناني يعملون في دول الخليج، وحال قامت دول الخليج بسحب استثماراتها في بيروت، فإن الاقتصاد اللبناني سيتضرر بشدة. وصرح رئيس مجلس الأعمال السعودي اللبناني عبد المحسن الحكير ، "أن إجمالي الاستثمارات السعودية في لبنان يتجاوز ال 20 مليار دولار". وبالتالي خروج رؤوس الأموال هذه تمثل ضربة قاصمة للاقتصاد اللبناني، الذي يعاني في الأساس. كما بلغت قيمة التدفقات الاستثمارية السعودية المتراكمة في لبنان في الفترة ما بين الأعوام 1985-2009 نحو 4 مليارات و819 مليون دولار نسبتها 39 بالمئة من إجمالي الاستثمارات العربية في لبنان. انحصر التوزع القطاعي لهذه الاستثمارات في ثلاثة قطاعات رئيسية هي: القطاع العقاري (56 بالمئة) والقطاع المصرفي (20 بالمئة) والقطاع السياحي (13 بالمئة). ويشار إلى أن حجم التبادل التجاري بين بيروت والرياض يقارب ٨٠٠ مليون دولار، وبحسب مركز الدراسات الاقتصادية في غرفة التجارة والصناعة في لبنان بلغت قيمة الصادرات اللبنانية إلى السعودية في العام 2014 نحو377.5 مليون دولار. وصنفت السعودية في المرتبة الأولى على لائحة أهم أسواق الصادرات اللبنانية عام 2014، واستأثرت بنحو 11 بالمئة من إجمالي الصادرات اللبنانية. فيما بلغت قيمة البضائع المستوردة عام 2014 من السعودية نحو 415.4 مليون دولار. وبحسب مركز الدراسات الاقتصادية في غرفة بيروت وجبل لبنان، فقد قدّرت الاستثمارات التراكمية لدول مجلس التعاون الخليجي في لبنان للفترة ما بين 1985 و2009 بنحو 11.3 مليار دولار، اي ما نسبته نحو 92.7 في المئة من إجمالي الاستثمارات العربية في لبنان. والحصة الأكبر من هذه الاستثمارات مصدرها السعودية (4.8 مليارات دولار)، تليها الإمارات (2.9 مليار دولار) والكويت (2.8 مليار). وقال رئيس اتحاد الغرف التجارية اللبنانية محمد شقير ، إن قيام الدول الخليجية بإغلاق أسواقها أمام الصادرات اللبنانية، ردا على تصريحات سياسية مسيئة لهذه الدول، سيؤدي إلى إغلاق "كل المصانع اللبنانية أبوابها خلال شهرين". وأضاف شقير: أعني كل المصانع وأنا مسئول عن كلامي، سوقنا في لبنان يعتمد على التصدير للخليج، وأتمنى صحوة ضمير من قبل الجميع، ودعم هذه العلاقات مع الخليج لأن لبنان لا يستطيع أن يعيش اقتصاديا من دون دول الخليج. وذكر شقير، أن "الاقتصاد اللبناني مبني على دول الخليج، شئنا أم أبينا، أحببنا ذلك أم كرهناه، فذلك هو الواقع". ويرى أن أي طرف يريد أن يضرب اليوم هذه العلاقات (اللبنانية – الخليجية) فهو يضرب آخر ما تبقى من الاقتصاد اللبناني، وأشار إلى أنه إذا كان لبنان اليوم لا يعاني من مجاعة فذلك بسبب المغتربين وهذة التحويلات. بينما يرى الخبير الاقتصادي اللبناني غازي وزني ، أن "الاقتصاد اللبناني مرتبط بشكل وثيق باقتصاد الدول الخليجية، إذ أنه يتفاعل إيجابا عندما تكون العلاقات اللبنانية الخليجية جيدة ويتفاعل سلبا عندما تتدهور هذه العلاقات لأنه يوجد في منطقة الخليج حوالي 500 ألف لبناني يحوّلون سنويا ما يقارب 4.5 مليار دولار، أي ما يمثّل حوالي 60 في المئة من تحويلات الاغتراب، وقد مثلت في العام 2010 السياحة الخليجية حوالي 30 في المئة من إجمالي السياح، وبلغت الصادرات باتجاه هذه الدول أكثر من 35 في المئة، إضافة إلى أن السوق الخليجي مهم جدا للعمالة اللبنانية". حسب النهار اللبنانية. ويقول الخبير الاقتصادي الدكتور لويس حبيقة ، إنه لا توجد إحصائيات دقيقة لقيمة الودائع السعودية في المصارف اللبنانية، فهذه الودائع قد تكون مسجلة في شركات لبنانية سعودية، لذلك من الصعب حصر ما هو سعودي منها، لكن في كل الحالات سحب الأموال السعودية لن يؤثر على الاقتصاد النقدي أو المصرفي لأن الأموال في الإجمال تكون لبنانية سعودية وليست سعودية صافية. وفي المقابل فإن حجم العلاقات التجارية بين إيرانولبنان ضعيف، وبحسب مركز الدراسات الاقتصادية في غرفة التجارة والصناعة في لبنان، بلغت قيمة الصادرات اللبنانية إلى إيران عام 2014 نحو 3.2 مليون دولار، بينما بلغت قيمة الصادرات اللبنانية إلى السعودية في العام نفسه نحو377.5 مليون دولار. وبالنسبة للواردات، بلغت قيمة البضائع المستوردة عام 2014 من السعودية نحو 415.4 مليون دولار، أما حجم الواردات من إيران بلغت قيمتها نحو 50.1 مليون دولار. أما الميزان التجاري بين لبنانوإيران في حالة عجز متواصل لصالح إيران منذ العام 1993 وحتى العام 2014. ومن الجانب السياسي، يمكن رؤية الإجراءات التي تقوم بها الحكومة السعودية وحلفائها في الخليج، في إطار الضغط على حزب الله ذراع الحرس الثوري في لبنان، فعندما تتدهور الحالة الاقتصادية اللبنانية، من الطبيعي أن يرى المواطن العادي أن سياسات الحزب الرعناء هي التي أدت إلى ذلك، ومن هنا تحدث جفوة بين الحزب والمواطن البسيط، وحتى المواطن الشيعي الغير مسيس قد يرى أن سياسات حركة أمل الشيعية، أكثر إصلاحية وفائدة من تشدد حزب الله. العلاقة الاقتصادية بين لبنان والخليج في أرقام * تمثل بلدان الخليج الستة مصدرا ل 60 في المئة من تحويلات اللبنانيين العاملين في الخارج. * يشكّل السياح القادمون من السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت 35.3 في المئة من إجمالي القادمين العرب إلى لبنان ونحو 12.3 في المئة من الإجمالي العام للقادمين. * السياح السعوديون يمثلون 25 في المئة من إجمالي إنفاق السياح في لبنان. * السياح من الإمارات وقطر والكويت والبحرين، يستحوذون على 20 في المئة من الإنفاق السياحي في لبنان. * الفنادق والشقق المفروشة في لبنان استقطبت في العام 2011 نحو 81361 نزيلا من السعودية، أي ما يمثل نحو 11 في المئة من إجمالي النزلاء وباستثناء اللبنانيين، فإن السعوديين شكّلوا في العام 2011 معظم النزلاء المتكررين للفنادق والشقق المفروشة. * الاستثمارات المباشرة من رعايا البلدان الخليجية تمثل ما بين 75 و 80 في المئة من إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة (FDI) في لبنان. * إن ما بين 70 إلى 80 في المئة من الطلب على القطاع العقاري في لبنان مصدره خارجي، وثمة حصة أساسية منه متأتية من اللبنانيين العاملين في بلدان الخليج ومن الخليجيين أنفسهم. * بلغت قيمة الصادرات اللبنانية إلى بلدان الخليج في العام 2011 ما نسبته نحو 20 في المئة من إجمالي الصادرات. * إن اللبنانيين العاملين في بلدان الخليج يستحوذون على حصة أساسية ومهمة من إجمالي المودعين غير المقيمين في لمصارف اللبنانية، حسب دائرة الأبحاث الاقتصادية في بنك بيبلوس.