أطفال في السجون على خلفية سياسية.. بعضهم يقضي وقتا في السجن الاحتياطي ويخرج بعد أن يرى ويعيش ضروب الإهانة، وآخرين تصدر بحقهم أحكام نافذة ويبقى السجن والسجان رفقائهم.. منظمات تندد ودعوات لتطبيق القانون تنتشر وتعلو لكن يبقى الحال كما هو عليه.. أطفال يقضون طفولتهم في ظلام الزنازين.. المؤبد لطفل ال4 سنوات قبل أيام تفجرت على الساحة أزمة جديدة، مفادها أن حكما قضائيا صدر بالسجن المؤبد ل"أحمد منصور قرني"، الذي تبين أنه طفل عمره 3 سنوات ونصف، وهو الأمر الذي أثار ضيقا شديدا لدى أوساط المواطنين. والد الطفل منصور قرني، قال "مكنتش أعرف في إيه لحد ما لقيت الناس بتكلمني تقولي ابنك صورته في التليفزيون، وأنا راجل غلبان ومليش دعوة بحاجة". وأضاف خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامي وائل الإبراشي، في برنامج "العاشرة مساءً"، المذاع على فضائية "دريم": "أنا مش عايز حد يأذيني، ولا يآذي ابني، أنا راجل على قد حالي، وأنا مكنتش عاوز أتكلم ولا يحصل كل الضجة دي، أنا خايف على ابني، الظابط لما سأل على ابني قولتله ابني مين قالي أحمد قولتله ده طفل، فخدوني مكانه، واتحبست 4 شهور". 2000 طفل حتى 2014 هذا الطفل ليس الضحية الأولى لأحكام القضاء والممارسات الأمنية، حيث يقول أحمد مصيلحي، المستشار القانوني لائتلاف حقوق الطفل، إن هناك هناك نحو 2000 طفل تم القبض عليهم وحبسهم احتياطيا منذ 30 يونيو 2013 إلى 30 يونيو 2014، منهم من خرج ومنهم لا يزال قيد الحبس". وأضاف مصيلحي، قائلا إنه في عهد مرسي كان هناك ما يقرب من 1000 طفل تم القبض على معظمهم بميدان التحرير، وحبسهم احتياطيا، ولا يزال هناك نحو 200 طفل من سن 15 إلى 18 عاما على قيد الحبس الاحتياطي إلى الآن في المؤسسة العقابية في المرج، ويوجد أطفال آخرون في سجن المنيا العمومي والمنصورة والإسكندرية. حبس الأطفال احتياطيا مخالف للقانون مصيلحي ذكر أن "كل ما يحدث من حبس احتياطي للأطفال يخالف المادة رقم 116 من قانون الطفل، والتي تقول إن الطفل يجب أن يكون احتجازه في أضيق الحدود ولفترة ليست طويلة، كما تنص المادة 116 مكرر على أن كل من يحبس طفلا مع بالغ يعاقب بالحبس لمدة سنة، وهو أمر يحدث كثيرًا". مفوضية حقوق الإنسان بالأمم المتحدة في 2014، أعرب روبرت كولفيل، المتحدث باسم مفوضية حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، عن قلق المنظمة العميق إزاء إصدار أحكام بالحبس تراوحت بين 2 و5 سنوات ضد 78 طفلًا بتهم المشاركة في احتجاجات غير مرخصة، والانتماء لجماعة الإخوان والدعوة لإسقاط النظام، وإغلاق الطرق والتنقل و"إشاعة الخوف بين المواطنين" في الإسكندرية. وقال كولفيل في بيان وقتها: "نحث الحكومة على أن تفرج فورًا عن جميع الذين اعتقلوا بسبب الممارسة المشروعة لحقوقهم في التجمع السلمي، وحرية تكوين الجمعيات والتعبير". وفي تقرير آخر نشره فريق الاعتقال التعسفي بالأمم المتحدة، أشار إلى أن عدد الأطفال المعتقلين فى مصر، منذ 30 يونيو 2013 حتى نهاية مايو 2015 أكثر من 3200 طفل تحت سن 18 عامًا تعرضوا للتعذيب والضرب المبرح بداخل مراكز الاحتجاز المختلفة. والدة أحد الأطفال تتحدث في تقرير بثته قناة "بي بي سي عربي"، تحدثت السيدة أمينة معروف والدة "مازن محمد عبد الله 14 عاما" تم اعتقاله بعد ثورة 30 يونيو، فتقول: "يحكي لي أنهم ضربوه وكهربوه ووضعوا عصا في جسده، مشيرة إلى أن التشيرت الذي كان يرتديه كان به دم". وطالبت منظمة العفو الدولية بإطلاق سراح فتى يبلغ من العمر 14 عاماً، يقول إنه تعرّض للاغتصاب أثناء احتجازه من قبل عناصر الأمن المصري، مطالبة بتقديم المسؤولين عن تعذيبه للعدالة. تعذيب لا ينتهي ذكرت منظمة "هيومن رايتس مونيتور"، أن التعذيب انتشر في كل أقسام الشرطة المصرية، وكذلك السجون وأماكن الاحتجاز، القانونية منها وغير القانونية. وأوضحت المنظمة، أنها تلقت شكوى من أسرة الطالب، معاذ عيد عبدالعظيم إسماعيل 18 عاما، تفيد مواصلة تعذيبه على يد قوات الأمن بقسم شرطة سنورس، في محافظة الفيوم. وتقول شكوى الأسرة: "واصلت سلطات الأمن تعذيب معاذ، الذي اعتقل أثناء مروره على ارتكاز أمني بطريق أبشواي بمحافظة الفيوم، أثناء عودته إلى منزله، يوم 1 يوليو 2015، وتمادياً في ذلك احتجزته في الثلاجة في الدور الثاني في القسم، مما أدى إلى تدهور صحته وتعرضه لضيق في التنفس وأمراض صدرية، كما تم منع إدخال الأدوية والمتعلقات الشخصية له". البعد الاجتماعي والنفسي حذرت أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، عزة كريم، من التمادي في احتجاز الأطفال "بتهم لا يمكن تصديقها". وقالت إن تكوين الطفل النفسي والبيولوجي غير مكتمل، ويحتاج إلى رعاية الكبار، وأسوأ ما يمكن أن يتعرض له الحدث؛ سجنه، وتقييده، ووضعه في السجون، وامتهان كرامته، وتعرضه للتعذيب. وطالبت بضرورة "إبعاد الأطفال عن عذاب السجون، وقسوة الأحكام، للحفاظ عليهم، وإخراجهم للحياة بشكل طبيعي وفعال ومنتج، بدلاً من تخريج كارهين لوطنهم، حاقدين على مجتمعهم".