مع ترجيح استطلاعات الرأي تساوى كفتي المرشحيين لانتخابات الرئاسة الأمريكية، هيلاري كلينتون وبيرني ساندرز، لنيل بطاقة الحزب الديموقراطي لخوض الجولة النهائية من الاستحقاق الرئاسي في 8 نوفمبر المقبل، اشتدت حدة الصراع بين أنصار كل منهما في ولايتي نيفادا ونورث كارولينا، قبل بدء التصويت بالولايتين غدًا في إطار الجولة الثالثة، لاستقطاب الأمريكيين من أصول لاتينية الذين يُطلق عليهم اختصارًا «لاتينوس»، حيث يشكل الأمريكيون المنحدرون من أمريكا الجنوبية السواد الأعظم من سكان الولايتين. ويكثف أنصار هيلاري وساندررز هجوم كل منهما على الآخر، وكان «الساندريون» هم الأكثر حضورًا في المشهد بدافع الفوز الساحق الذي حققه مرشحهم في الجولة الثانية بنيو هامبشاير بفارق 12% عن هيلاري معوضًا بذلك هزيمته في الجولة الأولى بفارق 0، 2%، وتركز هجوم الموالين لساندرز على واقعة استخدام هيلاري لبريدها الألكتروني الشخصي وسيرفر خاص بها في مراسلات رسمية تخص وزارة الخارجية حينما كانت زوجة الرئيس السابق على رأس الوزارة في الفترة الأولى للرئيس أوباما، ويأمل ساندرز في الإجهاز على هيلاري قبل جولة Super Tuseday أو الثلاثاء العظيم، حيث ستصوت 11 ولاية في تواقيت متزامن في الأول من مارس المقبل. الهزيمة الساحقة في نيو هامبشاير دفعت هيلاري كلينتون إلى التغيير في نبرة خطابها، حيث تخلت عن مصطلحات الفيمنيست التي دأبت عليها في الفترة الماضية، وأكدت في مناظرة جمعتها بغريمها بولاية نيفادا: «لا أطلب من الناس انتخابي لأنني امرأة، ولكن لأنني الأكثر خبرة وكفاءة واستعدادا وجاهزية لأكون رئيسة للولايات المتحدة وقائدًا أعلى للقوات المسلحة»، وهنا قاطعها ساندرز بشيئ من السخرية محذرًا: «أنت لم تصبحي بعد رئيسة للولايات المتحدة. انتظري لنحكم على ذلك». وكان من الملاحظ على هيلاري مؤخرًا حديثها المستمر عن الرئيس باراك أوباما وامتداح سياساته، حيث ما زال هذا الأخير يحظى بشعبية طاغية في أوساط الأمريكيين السود وذوي الأصول الإسبانو-لاتينية، واعتمدت هيلاري على أوباما أيضًا في الرد على انتقاد دائمًا ما يوجهه لها ساندرز، وهو علاقاتها بكبريات البنوك ودوائر رجال المال والأعمال، حيث أوضحت وزيرة الخارجية السابقة أن علاقة أوباما بهذه الأوساط هو ما ساعده على تدارك تبعات الأزمة المالية التي عصفت بالولاياتالمتحدة والعالم عام 2008 على إثر أزمة الرهن العقاري. الحدث المثير قبل التصويت في نيفادا ونورث كارولينا، تمثل في إقحام البابا فرانسيس بابا الفاتيكان، نفسه في أحداث الماراثون الرئاسي، حيث نُقل عنه بينما كان مستقلًا طائرته الخاصة العائدة من المكسيك، تصريحًا قال فيه إن «من يريد بناء جدارًا ولا يفكر في مد جسر للتواصل لا يمكن أن يكون مسيحيًا»، وكان البابا ينتقد بذلك المرشح الجمهوري المثير للجدل دونالد ترامب دون أن يُسميه، وهو ما رد عليه ترامب ملياردير العقارات فورًا بالقول «إنه لأمر مشين أن يشكك رجل دين في إيمان شخص ما»، وكان ملياردير العقارات وعد «إذا ما تم انتخابي رئيسا فسوف أعيد جميع اللاجئين السوريين الذي استقبلتهم الولاياتالمتحدة، أو تنوي استقبالهم، إلى بلادهم»، وسبق لترامب أن وصف المهاجرين المكسيكيين في أمريكا بأنهم «تجار مخدرات ومغتصبون»، ووعد مناصريه ببناء سور على الحدود الأمريكيةالمكسيكية. في الطريق إلى نيفادا يبقى السؤال: لماذا تستمر ظاهرة دونالد ترامب؟ الإجابة تكمن في أن أغلب جمهوره من البيض غير حاملي الشهادات الجامعية وذوي الأجورً المتدنية، وانجذب هؤلاء لخطاب ترامب الذي وصف فيه الولاياتالمتحدة بأنها «ضحية لاتفاقيات تبادل تجاري قننت لشركات أمريكية فتح فروعها في دول أخرى بحجة أن اليد العاملة فيها أقل تكلفة»، كما أن تدني أجور هؤلاء مرده إلى «الهجرة التي لا تريد الدولة السيطرة عليها»، حيث يحصل المهاجرون، لا سيما المقيمين بشكل غير قانوني، على أجور أقل من المواطنين الأمريكيين الذي يجدون أنفسهم مضطرين للقبول بأي أجر يُعرض عليهم.