شائعات كثيرة وأنباء متضاربة، دارت حول الهيئة العامة لقصور الثقافة على مدار الأربعة وعشرون ساعة الماضية، لكن الأكيد أن بركان الهيئة يستعد للفوران فى وجه الجميع، فبعد أن تناقلت عدد من المواقع الإخبارية، نبأ إقالة رئيس الهيئة دكتور أبو الفضل بدران، وقال حلمى النمنم لموقع صحيفة الأهرام، أنه لم يقل بدران، بل إن رئيس الهيئة قد بلغ سن المعاش، وهو ما ثبت عدم صحته إذ لم يبلغ بدران الستين بعد، ثم عاد الوزير ليؤكد لبوابة أخبار اليوم، أن بدران هو الذى طلب إنهاء ندبه، ثم رواية أخيرة قيلت ل"التحرير"، أن أبو الفضل سيغادر منصبه بسبب انتهاء قرار ندبه من جامعة جنوب الوادى فى مارس المقبل. بدران لمن لا يعرفه جاء إلى قصور الثقافة منفى من الأمانة العامة للمجلس الأعلى للثقافة، التى تولاها فى عهد الوزير السابق دكتور عبد الواحد نبوى، إذ غادر المجلس تاركا خلفه عدد من الأزمات أبرزها تشكيل الأعلى للثقافة الذى جاء مخالفا لكل اللوائح والقوانين، وبدلا من إنهاء ندبه نهائيا، ولاه الوزير الحالى حلمى النمنم مسئولية واحدة من أهم قطاعات وزارة الثقافة –المهملة سابقا- الهيئة العامة لقصور الثقافة. الأكيد أن ضوءا كاشفا تم تسليطه على هيئة قصور الثقافة بعد أن ذكرها الرئيس عبد الفتاح السيسى دون غيرها من قطاعات الوزارة باعتبارها درع من دروع الحفاظ على الهوية فى خطابه باحتفالية يوم الشباب المصرى الشهر الماضى، والتى قال فيها :"الثقافة والفنون لا بد أن تجد لها موقعًا أفضل في أجندة اهتمامات شبابنا، ولذلك فإنني وجهت مجلس الوزراء بتشكيل مجموعة وزارية من الوزارات المعنية تتعاون مع المجالس التخصصية والمؤسسات الوطنية المتخصصة لإحياء دور قصور الثقافة من خلال التوسع في تنفيذ الفعاليات الثقافية والفنية بها، وإقامة المسابقات الفنية بين شباب الجامعات والمدارس على المستوى القومي، على أن يكون هناك حافز ثقافي للشباب يشكل لديهم دافعًا للارتقاء بمستواهم الثقافي والأدبي والفني". الضوء الذى طفت معه أخيرا احتجاجات العاملين بقصور الثقافة الممتدة منذ سنوات، وصارت لوقفاتهم مردودا قد يستقيل بسببه موظفا كبيرا فى الوزارة إن لم تحل مشاكلهم، إذ نظم عشرات من العاملين أمس وقفة احتجاجية يرفعون فيها مطالبهم وأبرزها مطالبة العاملين بالكشف عن نتائج تحقيقات الفساد داخل الهيئة، ومساواتهم بزملائهم فى بقية القطاعات فى الرواتب. وانتهت الوقفة بوعد من رئيس قطاع مكتب الوزير اللواء حسن خلاف بأنه سينظر فى جميع المستندات التى قدمها المحتجون وأنه فى خلال عشرة أيام أو أقل سيتم تسوية العاملون بزملائهم فى المرتبات والحوافز وخلافه حسب تصريحات أدلى بها لجريدة أخبار اليوم. وقال : "لن أجلس فى منصبى يوم واحد فى حالة عدم حل المشكلة". ولم ينته اليوم قبل أن يفجر الجهاز المركزى للمحاسبات لغم أخير فى أزمة قصور الثقافة إذ تم تسريب معلومات من وزارة الثقافة أن الجهاز قد وضع تقريرا يشير فيه إن 30% من العاملين فى قصور الثقافة حاصلون على مؤهلات متوسطة وليست عليا، وهو التقرير الذى علمت "التحرير"، أن الوزير استدعى مستشاره القانونى للتباحث حوله. إذ لا يليق بهيئة مطلوب منها تشكيل والدفاع عن هوية المصريين أن يكون هذا القدر من موظفيها من ذوى المؤهلات المتوسطة. فى الخلفية وعلى صفحات الفيسبوك تداول عدد من النشطاء، فضيحة طباعة كتاب "محمود سامى البارودى" عن الهيئة وعلى غلافه صورة للخديوى عباس حلمى بدلا من شاعر السيف والقلم. الغلاف الذى صممه رئيس قطاع الفنون التشكيلية الحالى دكتور خالد سرور، قبل توليه منصبه حسب تصريحات دكتور ابتهال العسلى مدير عام الإدارة العامة للنشر بهيئة قصور الثقافة لبوابة الوفد. وقالت العسلى أن الدكتور خالد سرور هو مصمم الغلاف وهو مسئول سابق، وقد تم الانتهاء من تصميم غلاف الكتاب منتصف العام الماضي، وتأخرت طباعته حتى صدرت السلسلة مؤخرًا، حيث إن المراجع للتصميمات فى الغلاف هى إدارة الجرافيك والتصميم ، والإدارة العامة للنشر مسئولة عن بيانات وأسعار الكتب والمحتوى والعناوين". وهو ما أكده ضمنيا رئيس قطاع التشكيليين فى التقرير لبوابة الوفد: " أن الفنان التشكيلى المصمم لغلاف الكتب بمستوى عام كل مايهمه هو الرسم والفن والإبداع فى عمله وتابع: الغلط بين الشخصيات التاريخية ليس مسئوليتي، خاصة عندما يحدث تشابه بين الشخصيات فى مثل هذه الواقعة". واقعة كتاب البارودى التى تورط فيها بمصادفة بحتة اثتين من رؤساء قطاعات كبيرة فى وزارة الثقافة لا تدل فقط على تدهور الأوضاع فى الهيئة بل فى الوزارة كلها، فمع كل تغيير فى قيادات الوزارة –قطاع الفنون التشكيلية مثالا- تثور نفس عاصفة التسريبات، وتخمد دون أن تفضى إلى شئ، لا محاسبة مسئولين ولا تطوير حقيقى. صحيح أن الركب يمضى، لكن الأكيد أن التعويل على وزارة الثقافة أو هيئة قصور الثقافة فى الدفاع عن الهوية المصرية يحتاج بالأساس إلى تطهيرها من الفساد، وتذليل العثرات التى تقف فى وجها بعيدا عن حرب التسريبات والبيانات الإعلامية.