هوت أسهم البنوك الفرنسية والألمانية والإيطالية، الخميس الماضي، لتتراجع معها المؤشرات الرئيسية للبورصات الأوروبية، وإن عادوت الأخيرة الارتفاع في منتصف اليوم ذاته، وأغلقت تعاملاتها عند أدنى مستوى لها منذ صيف 2013. في ظل مؤشر البنوك الأوروبية المنخفض بنسبة 28% منذ الأول من يناير الماضي، سيطرت حالة من القلق في القارة العجوز: هل البنوك في خطر؟ هل سيشهد العالم نسخة ثانية من أزمة الرهن العقاري التي ضربت الولاياتالمتحدةالأمريكية عام 2007؟ وثمة سؤال آخر يفرض نفسه: لماذا هجر المستثمرون أسهم البنوك؟. لا شئ سوى الخوف من الغرق فيما بات يُعرف ب «مستنقع الخسائر» بسبب استثماراتها في القطاع النفطي، ذلك القطاع الذي يعاني بسبب تدني سعر البرميل لأقل من 30 دولارًا، لذا فإن خسائر أخرى تلوح في الأفق بشكل لا مفر منه، ورغم تعزيز البنوك لاحتياطاتها النقدية في الربع الأخير من 2015 إلا أن المستثمرين يرون أرباحها غير كافية. وتبدو البورصات في حالة من الذعر مترقبة تبعات العدوى على غرار ما حدث في أزمة الرهن العقاري عام 2007، وأزمة الديون السيادسة بمنطقة اليورو عام 2011، رغم أن الوضع الحالي لا يُشبه ما مضى بأي حال من الأحوال، وخاصة على صعيد الحجم. ويوضح ديفيد بن أمو، الشريك الإداري بمؤسسة Axiom Alternative Management للاستشارات المالية، أن إجمالي تعاملات البنوك العالمية في قطاع الطاقة يتراوح ما بين 520 و540 مليار دولار، فيما كانت القروض العقارية المدرجة في البنوك الأمريكية بقيمة 1500 مليار دولار. ويُضيف "بن أمو" في تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية: "الآثار ليست هي نفسها، إذ تسببت أزمة الرهن العقاري في نضوب السيولة بالبنوك، وهو ما أجبر الدول على أن تهب لنجدتها". أما بيير موسكوفيتشي، مفوض الاتحاد الأوروبي للشئون الاقتصادية فأجاب على سؤال: هل البنوك تعيش وضعًا ماليًا مُهددًا؟ بالقول: "أرى النظام المصرفي الأوروبي أقوى مما كان عليه في الماضي، يجب أن نثق به"، منوهًا بأن البنوك الأوروبية ضاعفت رؤوس أموالها منذ 2008، وأن البنك المركزي الأوروبي فتح الباب على مصراعية للإمداد بأي سيولة حال التعثر، وأن التوترات في أسواق الائتمان لاتؤثر على إعادة تمويلها. ويُشير فوتر ستوركنبوم، المستشار لدى مؤسسة راسل للاستثمار، إلى أن انخفاض قيمة الأسهم المالية الأوروبية لا يمثل خطرًا نظاميًا، مختتمًا كلامه : "أزمة الرهن العقاري في 2007، وأزمة الديون السيادية في 2011 كانت أخطر بكثير من الوضع الحالي".