ما أحوج اللبنانيون إلى رفيق الحريري الآن، فبعد 11 عاما من اغتياله وسط بيروت، يعيش لبنان وضعا سياسيا واجتماعيا يرثى له.. الدولة مفككة تحيط بها الفتن، والفراغ السياسي والتشريعي هو بطل المشهد.. في مثل هذا اليوم 14 فبراير 2005، أغتيل رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري، عندما وقع انفجار لدى مرور موكبه بجانب فندق سانت جورج في العاصمة اللبنانيةبيروت، وهو الاغتيال الذي تحملت سوريا جزء من غضب الشارع اللبناني والدولي جراءه، نتيجة الوجود السوري العسكري والاستخباراتي في لبنان. وقد قامت لجنة من الأممالمتحدة بقيادة ديتليف ميليس بالتحقيق في الحادث حيث أشار التقرير إلى إمكانية تورط عناصر رسمية سورية وأفراد من الأمن اللبناني، لكن محللون وكتاب لبنانيون ذهبوا بعيدا فى تحليلاتهم ليوجهوا أصابع الاتهام نحو الولاياتالمتحدةالأمريكية. رفيق الحريري.. التجربة السياسية تولى الحريري منصب رئيس الوزراء طوال الفترة التي تلت الحرب الأهلية اللبنانية عام 1990، وذلك خلال الفترتين (1992-1998) و(2000-2004). وفي خضم الأزمة السياسية التي أسفرت عن تمديد رئاسة الرئيس إميل لحود فترة ثانية بضغط من سوريا، استقال الحريري من منصب رئيس الوزراء وعلق على ذلك بقوله "لقد قدمت استقالتي للحكومة وأعلنت أني لن أترشح لرئاسة الوزراء في الحكومة التالية". وجاءت استقالته وسط توتر بين حكومة الرئيس السوري بشار الأسد والأممالمتحدة التي كررت دعوة سوريا إلى سحب قواتها من لبنان، الأمر الذي ردت عليه دمشق بالرفض. لماذا أغتيل رفيق الحريري..؟ في الوقت الذي اتهمت فيه سوريا باغتيال الحريري بسبب قرار مجلس الأمن، يذهب بعض المحللين اللبنانين لتوجيه أصابع الاتهام نحو الولاياتالمتحدةالأمريكية، فقد كان الأمريكيون عازمين على معاقبة سوريا أولا نتيجة تقاربها مع حزب الله اللبناني ورفضها الاشتراك في الحرب على العراق، وتاليا على نحت شرق أوسط جديد كما أعلنت وزيرة الخارجية السابقة كوندوليزا رايس تستبد به الصراعات المذهبيّة والطائفية. تقول صحيفة "النشرة" اللبنانية في تقرير لها: "بتحليل بسيط ونظري، لا يمكن للانفجار أن يحدث بلا زلزال كبير، حدث باغتيال الرجل في 14 فبراير من سنة 2005، واغتياله حرر لبنان من سوريا بالقرار 1559، والسؤال المطروح، هل يعقل لسوريا إنهاء دورها واتصالها بلبنان بالعمق الإستراتيجي والسياق الإيديولوجي عن طريق قتل من أدخلها في مصالحات وشراكات واضحة؟ وماذا يستفيد "حزب الله" من قتله، وهو الذي نسج معه أطيب وأوثق العلاقات وتبنّى دور المقاومة؟ يوم الاثنين 14 فبراير 2005، خرجت جريدة "النهار"، وقبل ساعات قليلة من قتله بافتتاحية لغسان تويني بعنوان استقرائي: "حذار من عورقة لبنان"، وبعد افتتاحيته اغتيل رفيق الحريري في بيروت، والاغتيال هدف لأمرين: الأول: تحرير لبنان من سوريا، بالقرار 1559وإدخاله في مشروع وصايات بديلة، والثاني: إدخال لبنانوسوريا من البوابة العراقية في ظل حرب شيعية سنية اشتركت فيها العناصر التكفيرية؟ لهذين السببين - كما ترى الصحيفة - اغتيل رفيق الحريري، واغتيلت معه آفاق تسووية عاقلة تنتمي إلى الهالة الراسخة على الرغم من انكسار الجسد. ويقول الكاتب والمحلل السياسي اللبناني صلاح سلام في مقال له على جريدة اللواء، إن اللبنانيين تزداد قناعتهم يوميا أن التفجير الإجرامي الذي استهدف موكب الحريري، في مثل هذا اليوم الاثنين 14 فبراير 2005، لم يكن هدفه اغتيال رفيق الحريري وحسب، بل، وأساساً ضرب المشروع الوطني العروبي، الذي كان يقوده، والقضاء على قاعدته الاقتصادية الإنمائية الصلبة، وإزاحة خط الدفاع الأول ضد مخططات الاضطرابات والفتن المذهبية والعنصرية، التي فجّرت المنطقة في السنوات الأخيرة. واعتبر أن رفيق الحريري أحد أبرز عناصر الاستقرار السياسي في لبنان، بكل ما يتطلبه هذا الاستقرار من توازن مع الآخر، ومن انفتاح نحو الآخر، فضلاً عن شبكة علاقاته العربية والدولية الواسعة والفاعلة، والتي كانت تؤمن الدعم اللازم للوطن الصغير في الملمات، خاصة إبان الاعتداءات الإسرائيلية.
ثورة الأرز ثورة الأرز هي مجموعة من التظاهرات الشعبية والمدنية في لبنان وخصوصاً في العاصمة بيروت جراء اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، ورغم أنها تعرف الآن بثورة الأرز، فانها عرفت عن نفسها كانتفاضة الاستقلال. تمثلت الأهداف الرئيسية لتلك الثورة في انسحاب القوات السورية من لبنان، وتكوين لجنة دولية للتحقيق في اغتيال الحريري، واستقالة مسئولي الأمن العام في البلاد، وتنظيم انتخابات برلمانية حرة. كانت القوة السورية داخل لبنان تقدر بحوالي 14,000 جندي بالإضافة لعناصر استخباراتية داخل لبنان، وإثر الضغط الأمريكي والفرنسي على سوريا انسحبت القوات السورية من لبنان في 27 من أبريل عام 2005.