في ظل احتشاد آلاف الأطباء وزخم الجمعية العمومية بدار الحكمة أمس، لبحث تداعيات اعتداء 9 أمناء شرطة على أطباء مستشفى المطرية، نقلت قناة "سي بي سي إكسترا" صورة مغايرة للواقع تماما، حيث أظهرت شاشة القناة واجهة مقر نقابة الأاطباء وشارع القصر العيني وهما خاليان تماما من أي شخص، في مشهد أعاد للأذهان لقطات قناة "النيل للأخبار" إبان ثورة 25 يناير، عندما تعمدت نقل مشهد كوبري قصر النيل حيث الهدوء وسير الحياة على طبيعتها، متجاهلة تماما آلاف المتظاهرين بميدان التحرير.. هذه الواقعة، دفعت المتابعين لتوجيه أسهم انتقاداتهم للقناة وللمراسل التليفزيوني، بأنهما لا يريدان للشعب أن يعلم الحقيقة، وهو الامر الذي دفع المراسل ويدعى "حاتم قناوي" لكتابة شهادته على ما حدث، مرجعا السبب في ذلك إلى "التشويش على جهاز الإرسال"، حيث قال: "توجهت بعد صلاة الجمعة مباشرة لمقر نقابة الأطباء بشارع القصر العيني لتغطية الجمعية العمومية غيرالعادية لبحث تداعيات اعتداء بعض أفراد الشرطة على بعض الأطباء، وبالفعل كنت متواجد هناك في تمام الساعة ١ ظهرا.. أعداد الأطباء كانت ضخمة جدا لدرجة أن الاطباء لجأوا إلى الشارع بعد امتلاء مقر النقابة تماما عن آخره، لذا تواجدت خارج المقر وبدأت في التحضير لعمل رسالة إخبارية لوصف انطلاق الجمعية العمومية". ويضيف: "زملائي في القناة من إنتاج ومصور وفني صوت المتواجدين معي أمام نقابة الأطباء بدأوا تجهيز الكاميرا وجهاز البث المباشر إيذانا لتجهيز مداخلتي علي الهواء مباشرة، لكن فوجئنا بأن جهاز البث المباشر لا يعمل لوجود تشويش يمنعه من العمل، وهو ما اضطرنا لجلب جهاز آخر من المكتب بمنطقة الدقي تحسبا لأن يكون الجهاز الأول تعرض لعطل ما به، لكن وجدنا أن الجهاز الثاني بعد وصوله يعاني من نفس مشكلة التشويش، وعندما قمت بسؤال عدد من زملائي المراسلين بقنوات أخرى ذكروا لي أنهم يعانون من نفس المشكلة التي منعتهم من نقل الجمعية العمومية على الهواء". واستطرد المراسل قائلا: "كان لابد لي من عمل الرسالة الإخبارية لنقل وقائع الجمعية العمومية ولأن جهاز البث المباشر لم يتمكن من العمل بسبب التشويش قمت بعمل المداخلة من خلال الهاتف، واصفا بأن هناك أعداد بالآلاف تتواجد بمقر النقابة وقمت بوصف أخر المستجدات وقتها، كما قامت المذيعة الفاضلة الزميلة شيرين القشيري بالتنويه أنه نظرا لعطل تقني فإن الصورة المعروضة الصورة الحالية لنقابة الأطباء". شهادة مراسل "سي بي سي إكسترا" وكذا تأكيد مراسلي القنوات الأخرى على عدم تمكنهم من البث المباشر لفعاليات الجمعية العمومية للأطباء، يفتح بابا للتساؤل حول التشويش على القنوات وأجهزة البث التليفزيوني.. من يقف وراءه ومن المستفيد منه..؟ وتعد الشركة المصرية للأقمار الصناعية "النايل سات" عنصرا ومتهما مشتركا فى كل مرة يتم فيها التشويش على قناة فضائية، حيث تتوجه أصابع الاتهام على الفور إليها، لكن إدارة النايل سات تنفى الأمر فى كل مرة. ما هو التشويش..؟ التشويش من الوسائل الحديثة التي لا يعرف حدوثها عامة الناس باستثناء الفنيين والمختصين في المجال، كما أنه يصعب تحديد الجهة التي تقوم به. يستخدم التشويش كأداة لمنع بث القنوات الفضائية، وهو من أدوات القمع التي تلجأ إليها الحكومات والأفراد في محاولة لإسكات الصوت الآخر. أنواع التشويش ينقسم التشويش، إلى نوعين: تشويش متعمد ويكون لأسباب سياسية أو تجارية، وتشويش غير متعمد ويكون لخطأ أو لسبب تقني مثل تعطل في المحطة الأرضية. وهناك نوعان من التشويش من حيث الإرسال: الأول يشوش على المحطة بكاملها في كل مكان تصل إليه من خلال التشويش على الإرسال الصاعد، والثاني تشويش أرضي محدود على الإرسال الهابط من القمر الصناعي على منطقة بعينها. عملية التشويش ذاتها قد تستغرق ثواني وقد تستمر لساعات عدة بشكل مستمر أو متقطع، وتستخدم الجهة التي تقوم بالعملية أساليب تجعل من الصعوبة الوصول إليها، وفي معظم الأحيان يتم التشويش على الإشارة الصاعدة، بحيث تصل إلى الأقمار الصناعية ضعيفة لا يمكن استخدامها، وأحيانا أخرى يتم التشويش على الإشارة الهابطة، وهذه تأثيرها يكون محدودا في منطقة التشويش. الهدف من التشويش يقول إيديان وايت رئيس شبكة الصحافة الأخلاقية، أن بعض الحكومات ترفض الإقرار بأن زمن الحكم المطلق والتحكم المركزي في الاتصالات وفي الأفراد وفي حرية الكلمة قد ولى. كما أشار إلى أن الولاياتالمتحدةالأمريكية قامت في السابق بالتشويش على المحطات التي تبث أشياء تراها معادية لها، فكانت تشوش على خطابات الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، وخاصة خلال فترتي 1957 و1967، كما مارست سوريا والأردن عمليات التشويش أيضا - على حد قوله. التشويش في مصر.. باسم يوسف نموذجًا عرف الإعلامي باسم يوسف بنمطه الساخر في تقديم برنامج "البرنامج" وهو البرنامج الذي سعى من خلاله لمناقشة الأوضاع السياسية السيئة في البلاد، وانتقادها، وقبيل وقف إذاعة "البرنامج" تعرضت إحدى حلقاته بتاريخ الجمعة 7 مارس 2014 لعملية تشويش قالت عنها قناة "إم بي سي مصر" أنها من جهة مجهولة، فيما أشار متابعي "البرنامج" على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" إلى أنها متعمدة من قبل الدولة. وفي بيانها حينئذ، أعلنت قناة "إم بي سي مصر"، أنها تعرضت لتشويش متعمد أثناء عرض برنامج "البرنامج" للإعلامي الساخر باسم يوسف، وجاء في شريط الأخبار بالقناة: "تعتذر قناة MBC مصر عن التشويش المتعمد والخارج عن إرداتها على تردداتها على نايل سات، ويمكنكم مشاهد البرنامج في الثانية عشر على شاشة MBC مصر +2". فيما اشتكى عدد من متابعي "البرنامج" وقتها من انقطاع الإرسال، أكثر من مرة، وقال بعضهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي: "على فكرة التشويش على البرنامج اللي حصل امبارح مابيدلش غير على إن البلد مش قادرة تستحمل برنامج ساخر لمدة ساعة في الأسبوع"، وقال آخر: "استمرار لمسلسل غباء الأنظمة في التعامل مع المعارضة، واستكمالا للغباء بعض المتخصصين بيدعوا إن التشويش تم من فريق العمل". ووقتها أعلنت صفحة على موقع "فيسبوك" مسئوليتها عن ذلك التشويش، وهي صفحة "الجيش المصرى الإلكترونى لمساندة المجلس الأعلى للقوات المسلحة"، والتي تعرف نفسها بأنها "قتال خلف الشاشات مع مليشيات الإخوان الالكترونية". التشويش والثورات التشويش على برنامج باسم يوسف ليس الحادث الأول من نوعه الذي تتعرض له قناة فضائية في مصر؛ فقد تعرضت قناة الجزيرة للتشويش واتهمت الحكومة المصرية مباشرة بالوقوف وراء هذا التشويش، وهو الاتهام الذي نفته إدارة النايل سات. كما تعرضت بعض القنوات المصرية وقناة "بي بي سي عربي" للتشويش من قبل نظام العقيد الليبي الراحل معمر القذافي، أثناء الثورة الليبية في 2011، ومارست إيران والأردن الدور ذاته في بعض الأحيان ضد قنوات إقليمية على رأسها "بي بي سي عربي" و"الجزيرة".