«الحب ليس له زمان ولا مكان».. هذه المقولة التي نسمعها دائمًا في الأفلام والمسلسلات، تحققت بحذافيرها في قصة «حمدي وزينب»، الذين تزوجا في دار المسنين، بعد أن جاوز هو الثمانين، وجاوزت هي الستين. اعتاد حمدي راشد أن يقرأ الجرائد يوميًا، فلم يستكملها هذه المرة، ليتحدث لنا عن هذه القصة، التي وقعت قبل نحو عامين لكنها لازالت حديث الدار: «قابلتها في ندوة عن أمور دينية نظمتها الدار، وكانت مثقفة جدًا وتجيب كل الأسئلة، وحافظة القرآن، وقلت لها إنني اشتريت لها مصلية، فرفضت أن تذهب إلى غرفتي لتأخذها أو أذهب أنا إليها، وقالت لي "هاتها هنا في الدرس"، أعجبتني وسألت عليها ووجدتها من عائلة محترمة، فقررت أتقدم لها ووافقت». تقيم زينب بغرفتها في قسم السيدات بالدار، ويفصل ممر طويل بينها وبين حمدي، الذي لازال هو الأخر في غرفته بقسم الرجال، ويتبادلا الزيارات كل يوم. رفضت زينب الحديث تمامًا، على عكس حمدي الذي رحب به، ويقول عن ارتدائه البدلة وإقامة حفلة زفاف لهما في الدار: «مبنعملش حاجة غلط عشان نتكسف». قبل أن يجد حمدي من يقطع عزلته التي استمرت 10 سنوات، كان يعيش في حالة من الاكتئاب -حسبما وصفها- بعد أن توفت زوجته الأولى، وحاولت ابنتيه أن يخففا عنه ويقنعاه بالإقامة معهما، لكنه قرر أن يأتي إلى الدار بناءًا على نصيحة أحد أصدقاءه، ويقول: «الناس هنا أصدقائي، وأنا بسلي نفسي معاهم، وكمان بنزل أتمشى واشتري الجرائد، وألعب طاولة». وبالحديث عن ابنتيه وأحفاده، يؤكد حمدي راشد، الذي كان يعمل مديرًا للحسابات بالقوات الجوية، أن عائلته لم تعارض زواجه لأنهم يحبون أن يكون سعيدًا. لم ينكر حمدي أن هناك شجار يحدث بينه وبين زينب في بعض الأوقات، ولكن سرعان ما يذهب لمصالحتها، وعلى سبيل المثال يقول ضاحكًا: «هى عايزة تروح كل الرحلات التابعة للدار وأنا مبحبش أروح رحلات زيها». ينشر «التحرير» على مدار اليوم 6 قصص أخرى ضمن ملف حكايات المسنين