أمناء الشرطة التسعة منحرفون.. وزيرا الداخلية والصحة متعاطفان مع الأمناء.. وعلى النقابة مخاطبة البرلمان والحكومة والرئاسة بشأن انحرافات أفراد الشرطة مع دعوات نقابة الأطباء للدعوة ل"إضراب جزئي" عقب اعتداء بعض أفراد الشرطة على بعض أطباء مستشفى المطرية التعليمي، غرَّد الدكتور حمدي السيد نقيب الأطباء السابق خارج السرب، ورفض فكرة الأطباء، وأرجع رفضه في هذا الشأن إلى أنَّ "اعتداءات الشرطة" هي حالات فردية يرتكبها من أسماهم "منحرفين" ولا تمثل ظاهرة من جهاز الشرطة بشكل كامل. "التحرير" حاورت "النقيب السابق".. وهو واحد من كبار أطباء القلب في مصر والعالم العربي، وشغل منصب نقيب الأطباء لأربع دورات متتالية، ونال عضوية البرلمان عن الحزب الوطني المنحل لسبع دورات أخرى متتالية.. فكشف موقفه من الدعوة للإضراب الجزئي. وإلى نص الحوار.. لمواجهة تعديات الشرطة ضد الأطباء خرجت الدعوات لإضراب جزئي عام.. هل تتفق معهم؟ ربما أختلف مع الكثيرين بشأن رفضي لإضراب الأطباء.. الإضراب يخالف قسم الطبيب قبل دخوله المهنة ولائحة آداب المهنة التي تفرض على كل طبيب أن يبذل كل جهده من أجل مساعدة وعلاج المريض، غنيًّا كان أو فقيرًا.. قريبًا كان أو غريبًا، حتى ولو كان عدوًا في الحرب فيكون الطبيب ملزمًا بأن يهتم به ويرعاه ويعالجه وينفِّذ طلباته وكذلك مرضى السجون المحكوم عليهم بالإعدام. تقصد أنَّ الإضراب يهدِّد أمن وسلامة المرضى؟ طبعًا.. وهذا ما أرفضه، لكن شباب الأطباء متحمس وغاضب طول الوقت ويرددون أنهم من حقهم أن يضربوا إلا عن الحالات العاجلة. من يحدِّد حالة المريض الطارئة من عدمه.. المريض أم الطبيب؟ هذا هو مربط الفرس، ويبقى سؤالك مين اللي هيقدر إذا كانت الحالة دي عاجلة أم لا، المفروض أن يترك ذلك للمريض الذي وحده من يقدر حالته الصحية طارئة كانت أم عادية وفي حالة الإضراب من الممكن أن يقابله موظف الاستقبال إن مفيش عندنا مكان لاستقبال حالات عادية نستقبلها إلا لما المستشفى تفتح رغم تأخر حالة المريض، ولو استنى ممكن تحصل له مضاعفات خطيرة ويروح مستشفى تانية يلاقي عندهم إضراب عن قبول الحالات القادمة من الاستقبال. لكن انعقاد الجمعية العمومية والدعوة للإضراب الجزئي فيما أسموه "جمعة الكرامة" أمر مشروع لمواجهة انحرافات بعض أمناء الشرطة عن القانون والاعتداء على الأطباء؟ دي حاجة غير مقبولة ومرفوضة تمامًا، ومسؤولية وزارة الداخلية هي توفير الأمن والأمان للمواطنين حتى يتمكنون من تأدية أعمالهم ويتم الاستماع إلى طلباتهم وشكواهم ضد تجاوزات أمناء الشرطة اللي مش أول مرة تحصل وهو أمر لا يليق بالشرطة المصرية اللي بنحطها في مكانة متميزة من تقديرنا واحترامنا. إذًا.. أنت متفق مع مطلب جموع الأطباء ضد تعديات الشرطة؟ طبعًا لا أحد يقبل الخروج عن القانون بأن يكون لدينا أمناء منحرفون بهذا الشكل.. لكن هذه حالات فردية وهو نوع من عدم التقدير الجيد لحساسية الأحداث والتوقيت في وضع صعب نمر به، وفي أي دولة محترمة لو حدث تعديات من قبل أحد أفراط الشرطة يخرح وزير الداخلية ليصدر بيانًا عاجلاً عن الأحداث ويستنكر تلك الممارسات القمعية، ويتخذ إجراءات أمنية حاسمة وصارمة ضد أي انحرافات أمنية للخروج عن القانون. لكن أن يسكت الجميع ومحدش يرفض ما حدث ضد الأطباء بواقعتي المطرية وبنها وتفضل الجرائد تشعلل في الموضوع ومحدش يعمل حاجة، فهذا معناه أن وزير الداخلية ووزير الصحة متعاطفان معهم، رغمَّ تزوير الأمناء التقارير الطبية ومساندة بعضهم على حساب القانون، والشرطة لديها مسؤولية كبرى في حفظ الأمن الوطني وحسن معانلة المتهم بنص الدستور. كيف إذًا يواجه الطبيب كل تلك التجاوزات؟ حق الطبيب أن يشتكي.. ودور الدولة تتخذ الإجراء العاجل ضد ضابط الشرطة أو أحد أفرادها طبقًا لأحكام القانون ونصوص الدستور الذي يكفل حق الجميع. قبل تصعيد الأطباء بيوم.. استدعت النيابة العامة الأمناء التسعة المتهمين بالاعتداء على الأطباء لكنهم خرجوا جميعًا بضمان وظيفتهم؟ هذا أيضًا نوع من أنواع التراخي والتكاسل الواضح وعدم تطبيق القانون أو بمعنى أصح الازدواجية في تطبيقه.. وأنا متعاطف مع الأولاد اللي اتضربوا دول وهما بيمارسوا عملهم في المستشفى واللي بيهدد بالتصعيد مضطر يعمل كده وإلا يقلل من مسؤوليته في الحفاظ على كرامة الأطباء ولو نفس الواقعة حصلت مع صحفي أو محامي النقيب بيقلب الدنيا ويتحرك في كل الاتجاهات ويروح القسم ويسجل اعتراضه في محضر رسمي وعدم رضاه وهو أمر طبيعي يحدث من قبل أعضاء الجمعية العمومية لأي نقابة مهنية ضد وقوع أي انتهاكات تجاه أحد أفرادها، وهذا نوع من أنواع فرض مطالبهم العادلة وتحقيق الحماية لهم.. وهذا دور النقابة التي تحافظ على كرامة الأطباء وتضمن حقوقهم. في مثل هذه الحالات الطارئة.. هل من حق النقابة أن تدعو لإضراب عن العمل بعد انعقاد الجمعية العمومية؟ نقابة الأطباء لديها مطلق الحق في عقد جمعية عمومية طارئة.. لكن أرجو ألا يكون من بين مطالبها الدعوة للإضراب عن العمل أو ما يسميه الإنجليز "slow down" بمعنى أن تمارس عملك ببطء ومن ثمَّ تتردى الحالات المرضية التي تخضع للعلاج أو تتردد على المستشفى في أوقات الإضرابات. ما الذي ينبغي على النقابة فعله إذن لمواجهة ذلك؟ التعدي على الأطباء أمر غير مشروع، وعلى النقابة أن تدخل طرفًا أساسيًّا في القضية وتخاطب البرلمان والحكومة ورئيس الدولة بشأن ما تعرض له أعضاؤها من انتهاكات أمنية.. وهذا أمر مشين ولا يليق بقوات الشرطة عقب ثورة 30 يونيو والعهد الجديد من استقرار العلاقة بين البوليس والمواطنين، واللي الأمناء عملوه في المطرية يدل على عدم وعيهم أو تقديرهم للأمور وظروف البلد ويستحقون بسببه أكبر قدر من المحاسبة والمؤاخذة الوظيفية ويرضينا جدا لو صدر قرار وزاري بإحالتهم للمعاش أو منعهم وفصلهم عن العمل كعقاب رادع لهم ورسالة لكل من يفكرون أن يعتدوا على كرامة المواطنين. البعض يردِّد أنَّ تصعيد الأطباء وإضرابهم ربما يضع نقابتهم تحت الحراسة المشددة؟ قرار فرض الحراسة لا يكون هكذا بكل بساطة بسبب إضراب أو اعتصام، وإنَّما يرجع لأسباب أخرى كثيرة من بينها سوء أوضاعهم المادية واتهام أحد أعضاء جمعيتهم العموية بالفساد والسرقة وهذا كله غير موجود مع نقابة الأطباء.