قالت صحيفة "معاريف" العبرية إن العلاقات بين إسرائيل ومصر تمثل كنزًا استراتيجيًا، لكنها في نفس الوقت تعيق التوصل إلى ترتيب سياسي في قطاع غزة، وتعرقل تحسين العلاقات بين تل أبيب وأنقرة، لافتة إلى أنه في الأسبوع الماضي، زار رئيس وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، جون برنن مصر، والتقي مع الرئيس عبد الفتاح السيسي ونظيره اللواء خالد فوزي، رئيس المخابرات العامة، وخلال اللقاء تعهد برنن بزيادة المساعدات الاستخباراتية الأمريكية لمصر في مجال مكافحة إرهاب داعش. فرنسا وإسرائيل تساعدان الجيش المصري استخباراتيًا وأوضحت أن "زيارة برنن تمثل علامة جديدة على الجهود التي تبذلها الإدارة الأمريكية لتحسين العلاقات مع القاهرة، والتي تجمدت بسبب معارضة الرئيس أوباما لسقوط نظام الإخوان المسلمين قبل عامين"، لافتة إلى أن "المجلة الفرنسية (إنتلجنس أونلاين) قالت إنه حتى الآن يعتمد الجيش المصري على مساعدات استخباراتية من تل أبيب وباريس، ووفقًا لما نشرته المجلة فإن فرنسا توفر صورًا بالأقمار الصناعية للقاهرة، بينما تل أبيب تساعدها استخباراتيا فيما يعرف باعتراض المعلومات". رئيس الشاباك وجه معروف للأمن بالقاهرة وقالت الصحيفة الإسرائيلية: "سواء كان ما نشرته المجلة الفرنسية صحيحا أم لا، فإن الجهة الإسرائيلية الأهم التي لديها القدرة على اعتراض المعلومات هي الوحدة العسكرية 8200 التابعة للاستخبارات الحربية الإسرائيلية، وكذلك جهازا الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك)، والموساد لديهما أجهزة تنصت وفك للشفرات"؛ موضحة أن "الشاباك قام ومنذ سنوات عديدة بتشغيل قسم خاص مسؤول عن إحباط وإجهاض الإرهاب، والذي يكون مصدره شبه جزيرة سيناء، ورئيس الشاباك، يورام كاهان، يعتبر شخصية معروفة لمنظومة الأمن المصرية، وقد زار القاهرة عدة مرات، سواء في فترة عملية الجرف الصامد الإسرائيلية بغزة، أو بعدها، وناقش عددا من الموضوعات المتعلقة بحماس والقطاع". ولفتت إلى أن طريقة توزيع العمل في المنظومة الاستخباراتية الإسرائيلية، تعتمد على أن الموساد مسؤول عن الاتصال بأجهزة استخبارات أخرى، وفي الماضي كان هناك الكثير من التقارير المنشورة التي تحدثت عن لقاءات رؤساء الموساد بنظرائهم المصريين، وزيارة الأخيرين لتل أبيب، مثل اللواء عمر سليمان، رئيس المخابرات المصرية الأسبق".
منذ وصول السيسي للحكم.. زاد التعاون الأمني مع إسرائيل أضافت: "ليس سرا أنه منذ اللحظة التي وصل فيه السيسي إلى السلطة في مصر، حدث تعاون وتنسيق وطيدين في كل ما يتعلق بالشؤون الأمنية بين القاهرة وتل أبيب، والمصلحة المشتركة التي تغذي وتعزز هذا التنسيق هي بالأساس مواجهة حركة حماس وتنظيم داعش، وبموجب هذا التعاون فإن إسرائيل سمحت لمصر بإدخال قوات إضافية لسيناء أكثر مما تنص عليه اتفاقية السلام بين الجانبين عام 1979"، مشيرة إلى أن التعاون ينبع من الخوف أن تزداد شوكة إيران في المنطقة، ومحاولاتها سواء عبر رجال استخباراتها أو عن طريق حزب الله، في زعزعة استقرار أنظمة حكم سنية بالشرق الأوسط، ومن المعلوم أنه في الماضي ألقت السلطات المصرية القبض على شبكات إرهاب وتجسس تابعة لطهران والمنظمة اللبنانية". القاهرة تشكل عائقا أمام ترتيب إسرائيلي بغزة لكنها قالت: "رغم مما سبق ومن هذا التعاون، إلّا أن العلاقات مع القاهرة تشكل عائق يجعل من الصعب على تل أبيب التوصل إلى ترتيب سياسي في غزة وتحسين علاقاتها مع أنقرة"؛ موضحة أن "تل أبيب لديها مصلحة واضحة في التخفيف عن المواطنين بقطاع غزة ورفع الحصار عنهم أو على الأقل تخفيف الشعور به، واليوم يحصل الفلسطينيون هناك على غالبية البضائع الخاصة بهم من إسرائيل، وعبر المعابر الحدودية مع القطاع تمر يوميا حوالي 800 شاحنة، إلا أن الحدود بين إسرائيل وقطاع غزة مغلقة أمام حركة البشر، باستثناء بعض الحالات الاستنثائية". هناك خوف من حرب جديدة في 2016 وأشارت إلى أن "معبر رفح على الحدود المصرية الفلسطينية مغلق في غالبية أيام العام، وفي السنة الماضية تم فتحه لمدة شهر تقريبا، ولهذا فإن من يحاصر غزة ويخنقها ليس تل أبيب إنما القاهرة، وهناك تخوف أن يؤدي أمر مثل هذا إلى دفع حركة حماس إلى إطلاق صواريخ أو القيام بعمليات إرهابية ضد تل أبيب"، مضيفة أن "الجيش الإسرائيلي يعتقد أن الحركة الفلسطينية غير معنية بالحرب مع تل أبيب، لكن حماس تقوم في نفس الوقت بتطوير قدراتها العسكرية وتحفر الأنفاق، وتبني معاقل على طول الحدود وتصنع صواريخ تريد تكبير مداها وتحسين دقتها، وإسرائيل تخشى أن يؤدي حادث صغير إلى وضع تفقد فيه السيطرة وتتصاعد الأمور لحرب شاملة في العام الجاري، 2016". مصر رفضت إنشاء ممثلية تركية بالقطاع أمّا فيما يتعلق بتركيا وإسرائيل وإعادة العلاقات فيما بينهما، قالت معاريف إن القاهرة عارضت "إنشاء ممثلية دبلوماسية لأنقرة في قطاع غزة، ووجدت تل أبيب نفسها محاصرة بين الرغبة في تحسين علاقاتها مع تركيا وبين العلاقات الاستراتيجية العامة مع السيسي ومصر، وفي هذه المرحلة ترى تل أبيب أن العلاقات مع القاهرة هي الأكثر أهمية".