كثيراً ما نسمع مقولات كاذبة ولكن بعد تكرارها تصبح حقيقة كونية ومن المسلمات، مثل "أنا لا أخاف أحداً" وأحياناً يضاف إليها "إلا الله" حتى تعطيها بعض المصداقية. المشكلة ليست فى التعميم ولكن فى أيماننا وتصديقنا واقتناعنا بمثل هذه المقولات الفضفاضة والعمل بها على الرغم من تفاهتها وسذاجتها أن تم التمحيص فيها! الخوف شعور إنساني مثله مثل الجوع والألم والحب والكراهية ولكنى لا أعلم لماذا نستطيع الحديث عن أى منهم ولكننا نخجل من الحديث عن الخوف! وهذا قد يكون واقعى ومنطقى بما أننا مجتمعات تعتبر شعور الخوف بمثابة اعتراف بالضعف وقلة الحيلة. الخطأ ليس فى عدم الافصاح والمجاهرة بشعورنا بالخوف فقط، ولكن فى تصورنا أن الخوف يشعر به الإنسان بسبب مسبب خارجى فقط، لأن الحقيقة التى نغفلها أو نتناساها هى أن الخوف الاكبر يأتى بسبب داخلى فى نفس الإنسان. أنا شاب لكن عمري ألف عام وحيد لكن بين ضلوعي زحام خايف ولكن خوفي مني أنا أخرس ولكن قلبي مليان كلام! الخوف الأكبر بالنسبة لى بالفعل هو الخوف من نفسى والذى يتجسد فى أمرين. الخوف الأول الذى أحاول أن أتهرب منه طوال اليوم هو النظر إلى المرآة ومواجهة نفسى. من أنت؟ من تظن نفسك؟ ماذا تفعل وما فائدتك فى هذه الحياة؟ من أتى بك إلى الدنيا؟ ولماذا خلقت؟ كيف سترحل عن الدنيا؟ مرغم عليك يا صبح مغصوب يا ليل، لا دخلتها برجليا ولا كان لي ميل، شايليني شيل دخلت أنا في الحياة، وبكرة هاخرج منها شايليني شيل! أما الخوف الثانى يتمثل فى محاولاتى المستميتة فى أن أتناسى حتمية اتخاذ قرار الخلود للنوم، فهذا ضرورى وحتمى حتى لا أتذكر التحقيق الذاتى اليومى لنفسى والذى يجبرنى على الحديث إلى نفسى فى ظلام أقرب ما يكون من تجربة موت صغيرة. لست من الأشخاص الذى أُنعم عليهم بنعمة الخلود فى النوم بمجرد الاستلقاء على الفراش، يستبق الخلود للنوم فترة طويلة حتى أسترجع كامل يومى بالأحداث والمناقشات التى تمت فيه. لماذا قلت هذا؟ ولماذا لم تقل هذا؟ ما المقصود مما قاله فلان أو ما قالته فلانه؟ ماذا سأفعل فى الأمر هذا أو ذاك؟ هذا الخوف من المواجهة أو من التحقيق الذاتى يعد شيئًا مخيفًا ومرعبًا جدًا بالإضافة إلى كونه مرهقًا ومتعبًا جدًا بسبب الأسئلة التى أواجه بها نفسى والتى لا حصر لها. سهير ليالي وياما لفيت وطفت، وفى ليلة راجع في الضلام قمت شفت، الخوف، كأنه كلب سد الطريق، وكنت عاوز أقتله، بس خفت، عجبي! فى الختام، الحقيقة المرة التى يجب أن أعترف بها وبدون مواربة أو خزلان أو خوف هى أنى بالفعل بخاف والخوف من نفسى التى لا أعرفها جيداً والتى أتعرف عليها كل يوم لى فى الحياة. يا باب يا مقفول، إمتي الدخول صبرت ياما واللي يصبر ينول دقيت سنين، والرد يرجع لي: مين؟ لو كنت عارف مين أنا كنت أقول!