«العور» و«الجلاء» و«ميانة الوقف».. قرى الإحتفان الطائفي بسبب بناء دور العبادة مجالس الصلح العرفية تهزم القوانين وتنتهي بالتهجير.. وحقوقي: بناء الكنائس يشعل الفتن الطائفية أزمة بناء دور العبادة المسيحية، والتهجير، ماتزال تبث الاحتقان وتشعل الغضب لدى الشركاء الأقباط، خاصة في ظل عدم وجود انفراجة أو رؤية واضحة للخروج من تلك الاشكاليات، ومؤخرا شهدت المنيا خلال الآونة الأخيرة، ثلاث حالات من الإحتقان الطائفي بقرى «العور» بمركز سمالوط و«الجلاء» بنفس المركز و«منة الوقف» بمركز مغاغة، وجميعهم بسبب الخلاف على إنشاء كنائس بتلك القرى، كما شهدت المحافظة عديد من حالات التهجي، طبقاٍ للأحكام التي تتوصل لها جلسات الصلح العرفية .
أزمة العور تجلت أزمة بناء دور العبادة، بقوة في قرية العور، والتى تعد مسقط رأس 13 من شهداء حادث داعش بالأراضي الليبية ، والتي جاءت فريدة من نوعها، خاصة وأنها إصطدمت بقرار بالرئيس السيسي، والذي صرح ببناء كنيسة جديدة بإسم شهداء الوطن والإيمان اشارة إلى أقباط المنيا، الذين ذبحوا على يد تنظيم داعش الإرهابي، إذ شهدت القرية أعمال عنف عقب قرار الرئيس، بدأت بتنظيم مسيرات، والهجوم ب 6 سيارات ربع نقل تحمل أكثر من 20 شخص يحملون أسلحة نارية وقاموا بمهاجمة الكنيسة وأطلقوا النيران بشكل كثيف صوبها في محاولة لإقتحامها وحرقها إلا أن الأهالي تصدوا لهم، ما أسفر عن اصابة 18 منهم واشعال النيران بسيارة، ثم انتهت تلك الأحداث بعقد جلسة صلح داخل مكتب اللواء صلاح الدين زيادة المحافظ السابق، وتم نقل مكان الكنيسة من البر الغربي الذي يتميز بالأغلبية المسلمة إلى البر الشرقى الذي يتميز بالأغلبية المسيحية.
الفتنة نائمة أما الواقعة الثانية، فكانت بنفس المركز، وتحديدا بقرية الجلاء، والتي بدأت أحداثها خلال زيارة البابا تواضروس إلى محافظة المنيا قبل 5 أشهر، عندما تجمهر أقباط القرية أمام مطرانية سمالوط، للمطالبة بإنشاء كنيسة خاصة لهم، وأوضح الأقباط أن لديهم كنيسة قائمة بالفعل منذ عشرات السنين مساحتها 60 متر باسم «السيدة العذراء مريم»، ونظراً لكون حالتها المعمارية سيئة فقد صدر لصالح الكنيسة قرار ببنائها عام 2004، إلا أنه عند التنفيذ تكرر نفس المشهد القديم وحاول بعض المتشددين ايقاف العمل بالكنيسة لكن الأهالي تصدولهم. الجلسات العرفية- القانون البديل كما جرت العادة بالمنيا فإن جميع المشكلات المتعلقةبالعلاقة بين الأقباط والمسلمين ترسو عند جلسات العرب العرفية، حيث توضع الحلول وغالبا ما تكون نافذة كما حدث في أزمة توسيع كنيسة العذراء مريم بقرية الجلاء، إذ وضعت جلسة الصلح بعض الشروط ومنها أن يتم بناء الكنيسة من طابق واحد بإرتفاع لا يزيد عن 8 أمتار، ويحق لمسئولي الكنيسة بناء قباب بدون منارة، بالإضافة إلي فتح 2 باب بدلاً من باب واحد، إلا وأنه وبعد تلك الجلسة شهدت القرية إشتباكات عنيفة بين المسلمين والأقباط، بسبب قيام صبية برشق سيارة ربع نقل تقل عددأ من الطالبات المسيحيات، في محاولة لعرقلة جهود الصلح التي تم التوصل لها، إلا أن تم عقد جلسة صلح ثانية بحضور كبار العائلات ومدير الأمن والمحافظ، وتم الاتفاق على استئناف بناء الكنيسة عقب عيد القيامة المجيد.
الأمن يشعل الفتنة الواقعة الثالثة، في صراع بناء دور العبادات المسيحية فكانت مخالفة للواقعتين السابقتين، إذ تسببت الأجهزة الأمنية في اشعال الأزمة بعدما داهمت مبني باسم القديس «يوسف البار» من بقرية ميانة الوقف، حيث تقام به الشعائر والطقوس الكنسية، وهو عبارة عن غرفة وسرادق مقام داخل قطعة أرض محاطة بسور خارجي، وملك مطرانية مغاغة للأقباط الأرثوذكس، ويستغله مسيحيو القرية في إقامة الشعائر، والإحتفالات الدينية منذ عام 2007، وسادت حالة من الغضب بين أقباط القرية بعد التحفظ علي المذبح والكتب المقدسة وصورة حضن الأب. وقالت مطرانية مغاغة للأقباط الأرثوذيكس، في بيان لها إنه في يوم 29 من شهر مارس الماضي، أرسل الأمن خطاباً للأنبا أغاثون مطران مغاغة والعدوة للإستفسار عن أسماء الكنائس المقرر إقامة إحتفالات أسبوع الألام بها، والتي تبدء ب«أحد الشعانين» وتنتهي بعيد القيامة المجيد، وتم إدارج مبني القديس يوسف البار ضمن الكنائس المراد تأمينها كما هو معتاد في كل عيد منذ بدء الصلاة بها، إلا أن قوات الأمن داهمت المبني وأزالت السرادق أو الخيمة، التي يتم الصلاة بداخلها، ومصادرة المذبح والأواني الخاصة بالصلاة والكتب المقدسة وكافة محتويات المكان من لفافات وتون وصورة حضن الأب والمقاعد التي يتم الجلوس عليها أثناء الصلاة، وتم إلقاء المنجليات علي الأرض وإزالة كافة معالم المكان.
ومن جانبه نفى اللواء هشام نصر مدير إدارة البحث الجنائي بمديرية أمن المنيا، وقتها، اقتحام المبني الكنسى، وأوضح أن ما وقع بالقرية، هو ازالة سرادق عزاء لوالد أحد أقباط القرية أمام الكنيسة، خاصة بعد أن مر عليه ما يقرب من أسبوعين من الوفاة، وحاول إقامة الشعائر الدينية بالسرادق وتحويله إلي مبني كنسي.
استغلال الأزمة في الانتخابات يقول محمد الحمبولي، رئيس مركز الحريات والحصانات لحقوق الإنسان بالمنيا، إن ما تشهده المحافظة من أعمال عنف خلال محاوله بناء أو ترميم كنيسة، سببه عدم تطبيق القانون، واللجوء إلى مجالس الصلح العرفية، موضحاً أن ما شهدته قرية العور ورغم إصدار الرئيس السيسي قراراً بالبناء، إلا أن بعض المرشحين تدخلوا ومنعوا إنشاء لكنيسة حتى يكسبوا أصوات المسلمين بالقرية والقرى المجاورة، لتنتهى تلك الأزمة بجلسة صلح عرفية، متسائلاً كيف لا يطبق القانون وتطبق أحكام الجلسة العرفية؟، والتى نجحت أيضاً فى البدء فى بناء كنيسة قرية الجلاء، بعد إعتراض مسلمى القرية على بناؤها رغم حصولها على التراخيص اللازمة.
وأضاف الحمبولى أن ما شهدته قرية ميانة الوقف، يعد مخالفة الأقباط للقانون، موضحاً أن المكان الذى قامت قوات الأمن بإزالته عباره عن سور، وبالمخالفة للقانون استغله أقباط القرية ك «دارعبادة» كنسى، دون الحصول على تصاريح بذلك وعندما قامت السلطه التنفيذية بالغائه وإزالته بدء بعض المسيحين يدعّون أن الحكومه تزيل دور عبادة مسيحى.
وطالب رئيس مركز الحريات والحصانات، الدولة بإصدار قانون دور العبادة الموحد، وتنفيذ القانون بصرامة وبدون مجاملة للجلسات العرفية، مؤكدا على أن تطبيق القانون هو الحل الوحيد لانهاء تلك المشاحنات وأحداث العنف. التهجير صداع في رأس القانون أزمة بناء دور العبادة، لم تكن وحدها الأزمة الطائفية داخل المحافظة، بل أن التهجير القصري يأتي وبقوة، في مقدمة أسباب استمرار الصراع والنزاع لما يخلفه من اثار اجتماعية عنيفة وخلق الضغينة ويعتبر التهجير هو بمثابة «الحل العاجل» لجلسات الصلح العرفية، التي هزمت أحكامها، قوانين الدولة، وكان اخر صور هذا التهجير، هو تهجير المدرس القبطي ويدعى جاد يوسف يونان، 32 سنة وأسرته، من قرية «الناصرية»،التابعة لمركز بني مزار ، شمال، بسبب قيامه و4 من الطلاب ببث فيديو مسيء للرسول ونشره على موقع التواصل الإجتماعي «فيس بوك»، وكذا تهجير عطية جرجس عطية، 27 سنة، من قرية أبو سيدهم التابعة لمركز سمالوط، لإتهامه بنشر صوراً «تسخر» من الرسول محمد «ص» والمسلمين على صفحته الخاصة بموقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك)، وتهجير عياد صليب عياد واسرته من عزبة شاكر بمركز مطاي لقيام نجله نور، بنشر صور مسيئة للرسول على «فيس بوك»، وأخيراً تهجير شاب مسلم يدعى محمد ح، من قرية دفش التابعة لمركز سمالوط، بسبب قيامه بقتل شاب قبطي يدعى ج أ ، بتلصصه وتجسسه على شقيقه أثناء تواجده وزوجته فى غرفة نومه. غياب الأزهر ومن جانبه قال عزب إبراهيم ، مدير مركز الكلمة لحقوق الإنسان، في تصريحات ل «التحرير» إن السبب فى تهجير الأقباط من خلال عقد الجلسات العرفية، تجاه أية مشكلة طائفية هو عدم إستعادة الأمن لقوته، التى لم تتجاوز 60% حتى الآن، وأنه يخشى الخوض في مشاكل بمناطق ملتهبة تكون غالبيتها من المنتمين لجماعة الإخوان. وحمل إبراهيم الأزهر الشريف مسؤلية عدم التوعية، موضحاً أن الأزهر لم يكن له دور فى توعية الشباب بالتعايش السلمي على أرض المنيا، كما هو منصوص عليه بالقرأن الكريم .