19 صورة ترصد افتتاح مسجد الحاج زكي الهواري بالدقهلية    أمين "البحوث الإسلامية": الأديان لها دور عظيم في تحقيق التنمية المستدامة    التعليم في أسبوع | بدء امتحانات الدبلومات الفنية غدا السبت.. الأبرز    عمومية أطباء الإسكندرية تعترض على قانون المنشآت الطبية    غدا، نقابة الأطباء البيطريين تحتفل بيوم الطبيب بدار الأوبرا المصرية    وزير الصحة: التوسع في تقديم الخدمات الطبية للفئات غير المؤمن عليها    قيادي «حماس» يرحب بقرارات محكمة العدل.. ويطالب بإرادة دولية حقيقية لتنفيذها    دفاع النواب: تعرض أعضاء محكمة العدل الدولية لتهديدات مباشرة من أمريكا وإسرائيل    رابطة النقاد الرياضيين تعلن رفضها لتصريحات حارس الأهلي.. وتطالبه بالاعتذار    بعد شهر من إعلان بقائه.. تشافي يرحل عن برشلونة    هل تصدر الجبلاية قرارها بقضية الشحات والشيبي قبل نهائي أفريقيا؟    محمد الجندي يتأهل الي نهائي كأس العالم للخماسي الحديث في تركيا    36 ألف طالب يؤدون امتحانات الدبلومات الفنية بالفيوم غدا    حالة الطقس غدا السبت 25-5-2024 في الإسماعيلية    نصف مليون زائر لمعرض رمسيس وذهب الفراعنة بأستراليا خلال 6 أشهر    نجمات الفن يشاركون ياسمين رئيس حفل حنتها | صورة    علماء القافلة الدعوية: الحج رحلة إيمانية عظيمة وشرطها المال الحلال    تعيين هيثم الشنهاب وأحمد بدر مديرين لصحتي جنوب وشمال سيناء    3 حيل للاحتفاظ بالموز طازجًا    لماذا يثير متحور FLiRT ذعر العالم؟.. مفاجأة صادمة اكتشفها العلماء    أبرز رسائل التهنئة بعيد الأضحى 2024    هل انتهت الموجة الحارة؟.. مفاجآت سارة من الأرصاد للمصريين    متي يحل علينا وقفة عرفات وعيد الأضحى 2024؟    المفتي يرد على مزاعم عدم وجود شواهد أثرية تؤكد وجود الرسل    الجمعة أم السبت.. متى وقفة عيد الأضحى 2024 وأول أيام العيد الكبير؟    بوليتيكو: معظم دول الاتحاد الأوروبي لن تقدم على المساس بأصول روسيا المجمدة    بري يؤكد تمسك لبنان بالقرار الأممي 1701 وحقه في الدفاع عن أرضه    مصرع وإصابة 3 أشخاص في الشرقية    رئيس جامعة المنيا يشهد حفل ختام أنشطة كلية التربية الرياضية    التنمية الصناعية تبحث مطالب مستثمري العاشر من رمضان    محمد صلاح يستعد لمعسكر المنتخب ب «حلق شعره»    عائشة بن أحمد تكشف سبب هروبها من الزواج    بطولة عمرو يوسف.. فيلم شقو يقفز بإيراداته إلى 72.7 مليون جنيه    الأهلى يكشف حقيقة حضور إنفانتينو نهائى أفريقيا أمام الترجى بالقاهرة    بوليتيكو: واشنطن تدرس القيام بدور بارز في غزة بعد الحرب    مراسل "القاهرة الإخبارية": تجدد الاشتباكات بين الاحتلال والمقاومة برفح الفلسطينية    من صفات المتقين.. المفتي: الشريعة قائمة على الرحمة والسماحة (تفاصيل)    مجلس الشيوخ يناقش أموال الوقف ونقص الأئمة والخطباء ومقيمي الشعائر.. الأحد    محافظ أسيوط يتابع مستجدات ملف التصالح في مخالفات البناء    إحالة سائق أوبر للجنايات في واقعة اختطاف «سالي» فتاة التجمع    مدير جمعية الإغاثة الطبية بغزة: لا توجد مستشفيات تعمل فى شمال القطاع    "إكسترا نيوز" تستعرض تفاصيل مشروع صك الأضحية بمؤسسة حياة كريمة    لمدة 4 ساعات.. قطع المياه عن منطقة هضبة الأهرام مساء اليوم    الإفتاء: الترجي والحلف بالنبي وآل البيت والكعبة جائز شرعًا في هذه الحالة    الشرطة الإسبانية تعلن جنسيات ضحايا حادث انهيار مبنى في مايوركا    "العد التنازلي".. تاريخ عيد الاضحي 2024 في السعودية وموعد يوم عرفة 1445    وزير الري: إفريقيا قدمت رؤية مشتركة لتحقيق مستقبل آمن للمياه    أبرزها التشكيك في الأديان.. «الأزهر العالمي للفلك» و«الثقافي القبطي» يناقشان مجموعة من القضايا    4 أفلام تتنافس على جوائز الدورة 50 لمهرجان جمعية الفيلم    الأكاديمية العسكرية المصرية تنظم زيارة لطلبة الكلية البحرية لمستشفى أهل مصر لعلاج الحروق    مران صباحي ل«سلة الأهلي» قبل مواجهة الفتح المغربي في بطولة ال«BAL»    رئيس الأركان يتفقد أحد الأنشطة التدريبية بالقوات البحرية    "التروسيكل وقع في المخر".. 9 مصابين إثر حادث بالصف    "صحة مطروح" تدفع بقافلة طبية مجانية لخدمة أهالي قريتي الظافر وأبو ميلاد    «العدل الدولية» تحاصر الاحتلال الإسرائيلي اليوم.. 3 سيناريوهات متوقعة    حظك اليوم برج العقرب 24_5_2024 مهنيا وعاطفيا..تصل لمناصب عليا    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الجمعة 24 مايو 2024    مدرب الزمالك السابق.. يكشف نقاط القوة والضعف لدى الأهلي والترجي التونسي قبل نهائي دوري أبطال إفريقيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الليلة الكبيرة».. مات «جاهين ومكاوي» وانفض المولد وتاه الأراجوز
نشر في التحرير يوم 22 - 12 - 2015


كتب - أحمد مطاوع
"الليلة الكبيرة ياعمى والعالم كتيرة ماليين الشوادر يابا من الريف والبنادر".. من هنا بدأت الرائعة الأسطورية للشاعر متعدد المواهب صلاح جاهين، والملحن والمطرب سيد مكاوى، والتى جسدت جانبًا من أهم ملامح الحياة المصرية، بخفة ورشاقة سحرت آذان الكبار والصغار وعلقت فى الأذهان حتى وقتنا هذا، رغم مرور أكثر من نصف قرن على إنتاج الأوبريت الأشهر فى التاريخ العربى.
الأوبريت الذى وضع النواة الأولى فى تاريخ مسرح العرائس، بإبداعات فنان العرائس الرائد ناجى شاكر، وأخرجه مسرحيًا صلاح السقا، ربط فيه العبقرى جاهين الوجدان بالوطن، من خلال ربط المصرى بتراثه وموطنه والفلكلور الشعبى الأصيل، معتمدًا على مواقف مختلفة فى حياتنا، تجسدت جميعها فى أركان مختلفة من أرجاء المولد، باستخدام شخصيات متنوعة جسدتها عرائس الماريونيت منها "الأراجوز، وبائع الحمص، وبائع البخت، والقهوجى، والمدرس، والعمدة، والرقاصة، ومدرب السباع، والأطفال، والمصوراتى، ومعلن السيرك، والمنشد، والفلاح".
"الليلة الكبيرة" لم يكن مجرد عمل فنى، فالأوبريت الشعبى الأعظم فى تاريخ مصر والوطن العربى، قرأ المستقبل الذى نعيشه الآن من خلال تحولات ومراحل متبدلة فى العرض، عكست قدريًا وربما عن غير عمد التدهور والانحدار الذى مرت به مصر الشعبية والفنية والسياسية والثقافية وفى كافة المجالات، فبدأ الأوبريت بالتجمع والاتفاق على الهدف وهو الاحتفال فى حب ولهفة بالمولد الذى يجمع كل الفئات والطبقات، وتلاها السلام على الزمن الجميل فى كوبليه "مع السلامة مع السلامة مع السلامة يا أبو عمة مايلة" وكأنه الوداع قبل مرحلة امتزجت فيها حالة الحب والاستمتاع المتمثلة فى التجمع أمام "الريس حنيترة" الذى يلقى بنغماته ومواويله حالة من الانسجام والشجن عى المستمتعين، يقطعها فجأة القهوجى لتبدأ مرحلة التمييز والفرقة والتقسيم داخل المولد، والتى أسستها كلماته "فى ناس هنا قاعدة كتيرة.. ولاحد قال هات تعميرة.. ولا واحد شاي"، لبرد عليه المعلم -صاحب القهوة- "اللى هيطلب راح يقعد.. واللى ما يطلبش يبعد".
فمرورًا بالسيرك يتحول "المولد" إلى مرحلة من الصراع يسيطر فيها "المعلم صاحب القهوة الثانية"، الذى يتحكم فى الحالة المزاجية للمتفرجين ومتعتهم بعدما قطع استعراض الغازية وغنائها، قائلًا "اللى هيطلب راح يقعد.. واللي ما يطلبش يبعد"، لينقلنا الأوبريت بعد ذلك لمرحلة استعراض القوة من خلال "لعبة القوة" والتحدى بين صاحب اللعبة والشباب، ثم "لعبة البمب" والشاب "أبو بدلة جديدة" الذى يسخر منه الجميع فى تحدى، قبل أن يختتم المولد بنهاية مآساوية وكل مجموعة فى المولد فى واد عن الآخر، إذ يعلوا صوت سيدة "ياولا د الحلال بنت تايهة طول كدة.. رجلها الشمال فيها خلخال زي دة"، فيرد عليها رجل "زحمة ياولداه كام عيل تاه"، ثم يختتم الأوبريت حالة التواهان العامة والتى تجسد إلهاء كل منهم فى أمره دون اهتمام بما يحدث للآخرين، ويرددون جميعًا "دى الليلة الكبيرة ياعمى والعالم كتيرة.. ماليين الشوادر يابا من الريف والبنادر".
ويسدل الستار على الشيخ الذى يتفقد المولد، رافعًا تكبيرات الآذان أمام مقام صاحب المولد، وكأنها رسالة بأن الله هو فقط من بيده الصلاح وأننا جميعًا سيكون نهايتنا الموت، وافتراض أن هذا الصراع لا طائل منه ولن ينتهى طالما كانت هناك حياة، ليعكس التنقاد بين الأجواء الاحتفالية والغناء واللهو التى طغت على الحالة الروحانية والدينية.
هذا التصور والذى حمل نوعًا من الاسقاط، يبدو فى ظاهره مغايرًا للحالة العامة لأوبريت "الليلة الكبيرة"، يضعنا أمام حالة التردى الفنى التى أصابت فن الأوبريت خاصة الشعبي منه، كجزء من الانحدار الذى نعيشه فى كافة المجالات، وافتقاد الذوق الراقى والحرفية والصنعة المتقنة والجودة فى تقديم الأعمال الفنية، فخلال نصف قرن من هذا العمل المبدع ما زلنا نستدعيه فى المناسبات المرتبطة بالمولد النبوى أو كخلفية درامية لأى عمل روائى أو تسجيلى عن الموالد، لم يجد حتى الآن ما يضاهيه أو يزاحمه فى المنافسة على أذن المسمعين، وبالمثل فن العرائس الذى اختفى فجأة ويصارع الآن الحياة كى يطفو على السطح مجددًا، فبعد "الليلة الكبيرة”.. نستطيع حقًا أن نقول مات جاهين ومكاوي وانفض المولد وتاه الأراجوز.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.