بدعوته حظر دخول المسلمين إلى الولاياتالمتحدة، وصل المرشح الجمهوري للرئاسة الأمريكية، الملياردير المثير للجدل دونالد ترامب، بعنصريته إلى مستوى جعله جديرًا بمقارنته بالزعيم النازي أدولف هتلر، كما جعله - وهو المتصدر الرئيسي للسابق الجمهوري حتى الآن - أقرب للانتحار السياسي. أثارت تصريحات «ترامب» العنصرية ضد المسلمين إدانة واسعة على الصعيد الدولي، كما أجمع قياديون في الحزب الجمهوري على أن «ترامب» يعرض مستقبل الحزب للخطر، حيث قال ديك تشيني، نائب الرئيس الأمريكي الأسبق، عن اقتراح «ترامب» بحظر دخول المسلمين إلى الولاياتالمتحدة: «ينافي كل شيء ينادي به أو يؤمن به بلدنا». وفي خطوة غير معتادة، تطرق الناطق باسم البيت الأبيض، جوش إرنست، للهجوم على «ترامب» على مدار ما يقرب من ساعة، معتبرًا أن تصريحات «ترامب» ضد المسلمين هذه المرة تفقده الأهلية لتولي منصب الرئيس. ووبخ «إرنست» الساسة الجمهوريين الخائفين من مواجهة «ترامب» بقوله إن أي مرشح يتردد في تحدي «ترامب» فيما قاله عن المسلمين: «ليس أهلاً لأن يكون رئيس الولاياتالمتحدة». وفي وزارة الدفاع «بنتاجون»، قال مسؤولون إن هذه النوع من التصريحات الذي يصور الحرب ضد تنظيم داعش على أنه حرب ضد الدين الإسلامي، يهدد الأمن القومي الأمريكي. وقال الناطق باسم البنتاجون، بيتر كوك، أي شيء يحاول دعم خطاب داعش، من خلال الدفع بأن الولاياتالمتحدة في حرب مع الإسلام، يناقض قيمنا ولا يخدم أمننا القومي. أما زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، السيناتور هاري ريد، فذهب إلى مدى أبعد، عندما حمل الحزب الجمهوري المسؤولية عن احتضان مشاعر الخوف من الأجانب، التي تستغلها حملة «ترامب». وقال السيناتور «ريد» عبر تويتر إن «دونالد ترامب» يقف على منصة من الكراهية أنشأها له الحزب الجمهوري. وأضاف السيناتور: «العنصرية لطالما كانت مُهيمنة على سياسات الحزب الجمهوري، والفارق الوحيد الآن أن ترامب يقول فقط بصوت عال ما يفكر به الجمهوريون الآخرون». وكتب الصحفي إيلي ستوكولز، المتخصص في تغطية شؤون الحزب الجمهوري، في مجلة بوليتيكو، يقول إن ما أقدم عليه «ترامب» في تصريحاته الأخيرة، زاد الضغوط على مسؤولي الحزب الجمهوري لإيجاد سبيل إلى حماية اسم الحزب قبل أن يلطخه إلى الأبد رجل يمكن أن يكون مرشح الحزب في الانتخابات الرئاسية. ولكن قادة الحزب فيما يبدو غير قادرين على مواجهة الأموال الهائلة التي ينفقها رجل الأعمال المثير للجدل على حملته الانتخابية، أو تحجيم ظهوره في وسائل الإعلام، كما أنهم - وهو الأهم - لا يستيطيعون منعه من خوض الانتخابات، ودفعه إلى الترشح كمستقل، فضلاً عن إدراكهم أن ما يقوله ترامب يجد صدى لدى قطاع واسع من الجمهوريين المحافظين. وتلفت بوليتكو إلى أن كلا من زعيم اللجنة للحزب الجمهوري، رينيس بريبوس، ورئيس مجلس النواب، بول رايان، على سبيل المثال ينتقدون دعوة ترامب لحظر دخول المسلمين إلى الولاياتالمتحدة بوصفه «ضد المباديء الأمريكية»، لكنهما امتنعا عن مطالبته بمغادرة السباق الرئاسي، بل أن «رايان»، أكد التزامه بدعم مرشح الحزب، ولو كان «ترامب»، وهو نفس الموقف بالنسبة إلى زعيم الأغبية الجمهورية بمجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل. ويبدو في اللحظة الراهنة أن قادة الحزب الجمهوري لا يملكون إلا الانتظار، فربما يتعرض قطار «ترامب» لعطل مفاجيء، أو أن تؤدي الانتخابات التمهيدية في النهاية إلى ظهور مرشح جمهوري أكثر مصداقية، ويمكنه المنافسة في الانتخابات على الصعيد الوطني. وبالفعل، ربما بدأت بوادر الانفجار الذاتي تضرب حملة «ترامب»، فقد أظهر استطلاع للرأي أجرته جامعة مونموث، ونشرت نتائجه الإثنين، أن «ترامب»، تراجع للمركز الثاني في صدارة المرشحين في ولاية أيوا. أما المرشحون الجمهوريون، الذين كانوا ينتظرون اللحظة المناسبة لسقوط الثور الهائج المثقل بالجراح، والإجهاز عليه، فربما كانت تصريحات المختفلة في مستوى عنصريتها هذه المرة، هى الفرصة السانحة للهجوم على رجل الأعمال القوي. وعلى سبيل المثال، سارع مرشحون مثل كريس كريستي، حاكم نيوجيرسي إلى إدانة تصريحات ترامب، بوصفها ب «السخيفة» وإنها من نوع التصريحات التي يقولها أشخاص لا يملكون الخبرة ولا يعرفون عما يتحدثون. أما جيب بوش، فوصف ترامب بأنه «مختل عقليًا». وقال حاكم أوهايو، جون كاسيش، في بيان إن تصريحاته تبيّن لماذا هو غير مؤهل تمامًا لقيادة الولاياتالمتحدة. لكن هناك مرشحين جمهوريين آخرين، أبدوا قدرًا أكبر من التحفظ في إدانة ترامب، مثل السناتور تيد كروز، الذي اكتفى بالقول إن سياسة «ترامب» ليست بسياسة، والسيناتور راند بول، الذي تجاهل ذكر «ترامب» تمامًا،و ماركو روبيو، حيث اكتفى بالقول إنه لا يتفق مع تصريحات ترامب. وربما كان الرجلان لا يفهمان التبعات الأخلاقية لتصريحات ترامب، أو كانت تنقصهما الشجاعة الكافية للهجوم عليه، خوفًا من إثارة غضب الرجل القوي، بحسب تحليل كتبته جينيفر روبين في صحيفة الواشنطن بوست. على أن «روبين» ترجح كذلك أن يكون المرشحان، وبخاصة كروز، يسعيان لاصطياد أصوات المؤيدين لترامب، من خلال الذهاب إلى أبعد مدى ممكن في اتخاذ مواقف مناهضة للهجرة، وهى المواقف التي تروق لدوائر واسعة من المحافظين المتشددين.