ألقى الرئيس عبد الفتاح السيسي، الثلاثاء، كلمةً أمام قمة التحديات المناخية والحلول الإفريقية، في العاصمة الفرنسية باريس. "التحرير" تنشر نص كلمة السيسي، التي ألقاها بحضور الرئيس فرانسوا أولاند: أصحاب الفخامة رؤساء الدول والحكومات أود بداية أن أتوجّه بالشكر إلى فخامة الرئيس الفرنسي على دعوته الكريمة لحضور تلك القمة المهمة التي نتناول عددًا من القضايا الحيوية المتعلقة بجهودنا المشتركة لمواجهة التغيرات المناخية. كما نعرب مجددًا عن أملنا في أن يحقق مؤتمر تغير المناخ أهدافه المنشودة، بما يتناسب مع حجم التحديات التي تواجهنا جمعيًا دون استثناء. ويُسعدني أن أتناول بإيجاز ما تبذله القارة الإفريقية من جهود حثيثة من أجل تعزيز استخدامات الطاقة المتجددة في دول القارة، بما يتسق مع التحركات الدولية لمواجهة تحديات تغير المناخ، ومع خططنا لتحقيق التنمية المستدامة؛ فمنذ تشرفي بتولى رئاسة لجنة القادة الأفارقة حول تغير المناخ في العام الماضي، حرصتُ على دفع الجهود الإفريقية المبذولة لتطوير وبلورة مبادرة شاملة حول الطاقة المتجددة في إفريقيا. وفي هذا الصدد، نظَّمنا في مصر خلال الفترة الماضية عددًا من الفعاليات المهمة في هذا الصدد، بمشاركة مفوضية الاتحاد الإفريقي ومجموعة المفوضين الأفارقة، وبالتعاون مع شركائنا الدوليين والإقليميين مثل البنك الدولي وبرنامج الأممالمتحدة للبيئة والوكالة الدولية للطاقة المتجددة وبنك التنمية الإفريقي، وقد ساهمت تلك الفعاليات في وضع إطار شامل للمبادرة بحيث تعكس حجم وقوة التحديات التي تعانيها الدول الإفريقية جراء التغيرات المناخية، لا سيما أنَّ إفريقيا هي الأكثر تأثرًا بتلك التغيرات رغم كونها الأقل إسهامًا فى الانبعاثات الضارة بالبيئة. ولقد حرصنا أن تتضمن المبادرة الآليات اللازمة للنهوض الفعلي بالقدرات التصنيعية والتكنولوجية في مجال الطاقة المتجددة في إفريقيا، وذلك من خلال الدعم اللازم من شركائنا من الدول المتقدمة والمنظمات الدولية والإقليمية ذات الصلة والقطاع الخاص العالمي، فضلاً عن إيلاء المبادرة الأهمية اللازمة لحصول الدول الأكثر احتياجًا في قارتنا على الطاقة، كما راعينا أن توفر المبادرة خيارات عديدة وجاذبة للدول المتقدمة والقطاع الخاص العالمي للاستثمار في تطوير وتنمية الطاقة المتجددة بدول القارة، فضلاً عن ضمانها للتنسيق مع باقي المبادرات الدولية الأخرى المُقدَمة في هذا المجال، من أجل تحقيق التكامل في جهودنا الدولية وتجنب الازدواجية والتضارب. ونؤكِّد حرصنا على ألا تكون تلك المبادرة مجرد إعلان سياسي، وإنَّما إطار شامل ومستدام يتضمن آليات فعالة تتمتع بدعم دولي وإقليمي لتحقيق التنمية المستدامة في كافة الدول الإفريقية دون استثناء، وبما يتيح إطلاق الإمكانات الهائلة التي تتمتع بها هذه الدول لإنتاج الطاقة المتجددة، وتشجعيها على تبني سياسات اقتصادية صديقة للبيئة، وبما يعود بالنفع على المجتمع الدولي في إطار سعيه لتحقيق هدف عدم زيادة درجة حرارة الأرض عن درجتين مئويتين. ولقد ارتأيت إحاطتكم بالأهداف الأساسية للمبادرة، والتي نعمل على صياغة كافة تفاصيلها في المستقبل القريب، لكي أبرز حرص الدول الإفريقية على لعب دور بناء ومؤثر في التحركات الدولية الرامية للتصدي لتحديات تغير المناخ، وكما ذكرت في بياني أمس أمام الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، فإنني أطالب المجتمع الدولي وبخاصةً الدول المتقدمة والمنظمات الدولية والإقليمية المعنية والقطاع الخاص العالمي، بتقديم الدعم الكامل لهذه المبادرة من حيث التمويل ونقل التكنولوجيا وبناء القدرات البشرية والمؤسسية، علمًا بأنَّها المبادرة الوحيدة التي تربط بشكل مباشر بين زيادة معدلات التنمية في القارة من جانب، والمساهمة في الجهود الدولية للتصدى لتغير المناخ من جانب آخر. كما أدعو فخامة الرئيسى الفرنسى إلى أن يُسهم معنا في حشد الدعم الدولي اللازم للمبادرة لضمان تحقيق أهدافها المنشودة، وبخاصةً في ظل الدور الدولي الرائد الذي تلعبه فرنسا في هذا المجال. ولن يفوتني أن أطالب شركاءنا الدوليين بتقديم كافة أشكال الدعم اللازم للمبادرة الإفريقية الأخرى التي نُعدها لتعزيز جهود القارة في التكيف مع تغير المناخ، حيث نعتبرها حجرَ زاويةٍ في التعاون الدولي في هذا المجال الحيوي، ومكملة لمبادرتنا حول الطاقة المتجددة في إفريقيا، وأتطلع إلى الاستماع لملاحظاتكم بشأن المبادرتين المطروحتين. وأعرب مجددًا عن تقديري لفخامة الرئيس أولاند لعقد هذا اللقاء الهام، وأؤكِّد أنَّ مصر ستواصل دورها البناء من أجل التوصل خلال المؤتمر إلى اتفاق دولي طموح ومستدام ومتوازن للتصدى للتحديات المناخية التي نواجهها جميعًا.. وشكرًا.