أصدر وزير المالية، هاني قدري، منشور إعداد الموازنة العامة للعام المالي 2016/2017، حيث بدأ توزيعه على وحدات الجهاز الإداري للدولة والإدارة المحلية والهيئات العامة الخدمية كي تلتزم بالقواعد التي حددها المنشور عند إعداد موازنات تلك الجهات وبما يتفق مع مبادئ السياسة المالية للدولة والاستحقاقات الدستورية خاصة لقطاعات التعليم والبحث العلمي والصحة. وقال وزير المالية: إن "مشروع قانون الموازنة العامة الجديدة سيعرض على مجلس النواب فور الانتهاء من إعداده وبعد موافقة الحكومة والرئيس عبد الفتاح السيسي، وذلك لإصداره لتكون أول موازنة عامة تصدر عن المجلس بعد غياب 5 سنوات صدرت الموازنة خلالها بقوانين بقرارات جمهورية". وأضاف "دميان" أن السياسة المالية للدولة خلال الفترة المقبلة ترتكز على 3 محددات الأول (تحقيق معدل نمو اقتصادي مرتفع ومستدام مع ضمان توزيع ثمار النمو بشكل عادل وفعال باعتباره المفتاح الرئيسي لتحقيق التنمية الشاملة على المدى المتوسط والطويل، والثاني تحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي من خلال استكمال ما تم إقراره من إصلاحات مالية واقتصادية هيكلية بما يسهم في دعم الثقة في الاقتصاد المصري وبما يوفر الموارد اللازمة لتمويل المشروعات التنموية والبرامج الاجتماعية ويضمن استدامة السياسة المالية). وأشار إلى أن المحدد الثالث يتمثل في العمل على زيادة موارد النقد الأجنبي من خلال تطبيق سياسات اقتصادية طموحة وفي نفس الوقت تتسم بالحذر بما يسهم في إيجاد مساحة مالية تعمل كسد منيع لحماية الاقتصاد المصري وزيادة قدرته على تحمل الصدمات الخارجية في ظل الاضطرابات المتزايدة التي تشهدها المنطقة والعالم. وحول أهداف الموازنة الجديدة، أوضح "الوزير" أن الحكومة تستهدف تحقيق اتساق بين أهداف النمو الاقتصادي والتشغيل والحماية الاجتماعية وتحسين الخدمات الأساسية من ناحية وبين السياسات الداعمة للاستدامة المالية بما يعكس القدرات ومصادر التمويل المتاحة لمصر داخليًا وخارجيًا وبما يحقق كل هذه الأهداف بشكل واقعي. وأفاد أن السياسة المالية والاقتصادية تضمنت عددًا من المؤشرات المستهدف تحقيقها خلال العام المالي المقبل أبرزها توفير المزيد من فرص العمل الحقيقية والمستدامة، من خلال زيادة معدل النمو الاقتصادي إلى ما يتراوح بين 5% و5.5% مع تخفيض معدلات البطالة إلى 10% مقابل 12.7% في يونيو الماضي مع خفض عجز الموازنة العامة إلى ما يتراوح بين 9% و9.5% من الناتج المحلي الإجمالي والدين العام إلى ما يتراوح بين 88% و90% من الناتج المحلي، لافتًا إلى التخطيط لتبني سياسات مالية لرفع معدلات الادخار والاستثمار وإجراء إصلاحات اقتصادية وهيكلية توفر بيئة مالية ونقدية ومؤسسية مستقرة وعادلة، بالإضافة إلى استكمال المشروعات الكبرى مثل استصلاح 1.5 مليون فدان ومشروع شبكة الطرق والمناطق اللوجستية مع تشجيع مشاركة القطاع الخاص للقيام بدور رئيسي في تنفيذ وتمويل هذه المشروعات، مع الاستمرار في معالجة فجوة الطاقة وتحقيق أفضل استغلال للموارد الطبيعية وتطبيق استراتيجية متكاملة للتنمية الصناعية والزراعية وتنمية الصادرات غير البترولية. وقال "الوزير": إن "ثاني أهداف الموازنة الجديدة تتعلق بتحقيق عدالة أكبر في توزيع الدخل والاستفادة من ثمار النمو، ولذا ستواصل الحكومة العمل على تحقيق التنمية المستدامة من خلال اتباع سياسات متوازنة تحقق التقدم على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي على حد سواء يشعر بها المواطن في حياته اليومية، وهو ما يتحقق من خلال إعادة ترتيب أولويات الإنفاق العام لصالح القاعدة العريضة من المواطنين بما يضمن كفاءة الإنفاق واتباع سياسات توزيعية أكثر كفاءة وعدالة من الناحية الجغرافية أو من حيث الاستهداف، لافتًا إلى أن الاتجاه للحفاظ على مستوى مرتفع للإنفاق العام على الاستثمارات العامة خاصة في البنية الأساسية لإحداث نقلة نوعية في مستوى وكفاءة الخدمات العامة المقدمة للمواطنين وفي مقدمتها خدمات الصحة والإسكان الاجتماعي والنقل والمواصلات ومياه الشرب والصرف الصحي والتعليم وتطوير العشوائيات. وتابع أن الهدف الثالث هو (الاستمرار في سياسات الضبط المالي)، وهو ما يعد ركنًا أساسيًا لتدعيم الثقة في الاقتصاد، وخفض تكلفة التمويل والضغوط التضخمية وإتاحة المزيد من التمويل المصرفي للقطاع الخاص للتوسع في نشاطه، وهو ما يتحقق من خلال الاستقرار النقدي والسيطرة علي معدلات الارتفاع في أسعار السلع والخدمات وتحسين أوضاع ميزان المدفوعات والنقد الأجنبي بما يسهم في إرساء بيئة مستقرة ومحفزة للأعمال وتثبيت أقدام الاقتصاد المصري على خريطة الاستثمار العالمي. وحول الإصلاحات التي ستتضمنها موازنة العام المالي المقبل، أوضح "دميان" أنها تتضمن 8 إجراءات لزيادة إيرادات الدولة الضريبية وغير الضريبية بما يتناسب مع القوى الكامنة غير المستغلة في الاقتصاد المصري مع مراعاة اعتبارات العدالة ومشاركة فئات المجتمع في جني ثمار الإصلاحات الاقتصادية، وتشمل تلك الإجراءات التأكد من سلامة تطبيق ضريبة القيمة المضافة وتحفيز انضمام الاقتصاد غير الرسمي لمظلة الدولة وضبط المجتمع الضريبي وتغيير الثقافة الضريبية في المجتمع والحفاظ على حقوق المستهلك بتشجيع إصدار الفواتير، ورفع كفاءة وتطوير آداء الإدارة الضريبية بما يشمل تحديث وتطوير نظم المعلومات والربط بين المصالح الإيرادية ونظم الفحص والتحصيل الإلكتروني وإصدار القرارات والتعليمات التي تضمن ضبط المجتمع الضريبي وتوسيع القاعدة الضريبية مع التركيز على سد منافذ التخطيط للتهرب الضريبي وتحسين آداء الحصيلة الضريبية من بعض الأنشطة وفي مقدمتها المهن الحرة والضرائب المرتبطة بنشاط القطاع المالي. وأضاف أن الإجراءات تشمل أيضًا استكمال إصلاحات المنظومة الجمركية لحماية الصناعة الوطنية من المنافسة غير المشروعة مع المنتجات المهربة والممارسات التجارية غير العادلة، حيث ينتظر إصدار قانون جديد للجمارك يستهدف تبسيط وتيسير الإجراءات لخفض التكلفة والوقت أمام المستوردين مع ميكنة العمل بالمنافذ الجمركية وتفعيل المراكز اللوجستية، بجانب تطوير منظومة الضريبة العقارية من خلال استكمال الاتفاقيات التحاسبية خاصة مع وزارتي البترول والسياحة، ومراجعة أسس تسعير عدد من رسوم التنمية التي لم يتم مراجعتها منذ سنوات، بجانب التطبيق الكفء والفعال لقانون الثروة المعدنية الجديد، واستكمال إجراءات تقنين أوضاع أراضي الاستصلاح الزراعي التي تم تغيير نشاطها، وإصلاح الهياكل المالية وآداء الهيئات الاقتصادية وشركات قطاع الأعمال والقطاع العام حتى تتحول من مصدر نزيف لموارد الدولة إلى تعظيم العائد على أصول الدولة. وكشف الوزير عن الاتجاه للتوسع في تطبيق موازنة البرامج في 7 وزارات هي (الصحة والسكان والتربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي والإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية والتضامن الاجتماعي والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والنقل)، مشيرًا إلى أنه تم اختيار هذه القطاعات للبدء بها لارتباط عملها المباشر بالمواطنين وسوف يتم نشر مشروع موازنة الجهات السبع لاستفادة الجهات الإدارية الأخرى منها تمهيدًا لتعميم موازنة البرامج على جميع جهات الدولة وهو ما سيعزز من آليات الرقابة المجتمعية والبرلمانية على الموازنة العامة.