أحد العمال: «مطلوب منّا حب البلد والبلد مش ساءلة فينا» يؤكدون دومًا أنهم الذين بنوا الإسكندرية الحديثة بعماراتها الشاهقة حتى المخالف منها، ويفخرون بأن الجميع يلجأ إليهم قبل البدء في أي مشروع خاص.. إنهم عمال التراحيل المنتشرون في ميادين الإسكندرية المختلفة والباحثون عن لقمة عيش حلال على أرض مصر.. فى كل ميدان بالإسكندرية يوجد تجمع لعمال التراحيل، إنهم معروفون بالاسم في جميع المقاهى الشهيرة والحيوية بتلك الميادين، لا يخلو عقار تحت الإنشاء من عمال التراحيل، فهم الفئة العاملة دون كلل أو ملل أو تعب، لا يلجؤون إلى الراحة ولا يعرفون الويك إند، همهم الوحيد وشغلهم الشاغل هو العمل. «التحرير» حاولت تسليط الضوء على عمال التراحيل باعتبارهم جزءًا من الوطن، لهم عليه حق الاهتمام ومراعاة معاناتهم اليومية. فى البداية قال محمد أبو خالد، أحد عمال التراحيل بالإسكندرية، "أتيت من محافظة سوهاج بعد أن تركت الدراسة هناك بسبب كثرة الأعباء على والدي الذي طلب مني ترك الدراسة من المرحلة الإعدادية، وأتيت مع خالي للعمل في محاجر الحمام بالإسكندرية منذ الإعدادية، ثم تركنا العمل في المحاجر وقررنا أن نعمل لدى المقاولين". وأضاف أبو خالد "نعاني من عدم وجود نقابة تسأل فينا أو تبحث عن حقوقنا، ومَن يقع منا في عمله لا يجد مَن يصرف عليه هو وأهله، فلا توجد تأمينات أو معاش أو عقود بيننا وبين مَن نعمل لديهم، أما أسوأ شىء يحدث لنا فهو عندما يسقط أي شخص منا من فوق السقالات أو الأدوار المرتفعة، إذ لم يتكفل المقاولون بالإنفاق علينا في المستشفيات"، مختتمًا كلامه ب"إحنا متبهدلين جوه وبره". أما السيد حلمي، من سوهاج أيضًا، فقال إن غالبية عمال التراحيل من محافظاتسوهاج وأسيوط، ويوجدون في كل أنحاء الإسكندرية، للعمل إما فواعلية أو شيالين أو بنائين، ويبلغ عددنا في الإسكندرية ما يقرب من 10 آلاف عامل، ونتصل ببعض في كل وقت. وطالب حلمي الحكومة ووزارة القوى العاملة بالنظر إلى حال عمال التراحيل في كل المحافظات، وليس في الإسكندرية وحدها، مؤكدًا أن العمال يلجؤون للهجرة إلى الدول العربية من أجل الهروب من العيشة المرة والصعبة، فكيف يعيش عامل يومية دون تأمين مستقبله أو حياته، وكيف يستطيع الإنفاق على أسرته في الصعيد وهو لا يجد قوت يومه فيعمل يوم آه و10 لأ، على حد تعبيره. أما عن حياتهم في الإسكندرية، فقال حلمي "نعيش كل 15 فى حجرة واحدة، وأشهر مكان يأوينا هو القبارى والمتراس ومساكن المأوى، مضيفًا أن الحياة صعبة جدًّا في الإسكندرية، ولا يوجد مَن يسأل عنّا ولو بالكذب، فنحن لا توجد لنا أصوات انتخابية في الإسكندرية، حتى نكون اهتمام أعضاء البرلمان، والذين يسألون عنا هم المقاولون للعمل لديهم باليومية. والتقط علي سلامة ضاحي، أحد عمال التراحيل، طرف الحديث، قائلاً: "فيها إيه لو الحكومة عملت مشروع محترم وجمعت كل عمال التراحيل الموجودين في الجمهورية لتنفيذ المشروع بعد تدريبنا على أي شىء"، مضيفًا "لكن الحكومة عاوزة الشعب يفضل جعان ومتلطم على القهاوي عشان ماحدش يتقدم"، متابعًا "أنا خريج شريعة وقانون، وفي رقبتى 8 بنات هن أخواتي، ولم أجد سوى أن أعمل فواعلي حتى أستطيع الصرف عليهن كل شهر، وتتوراح يومية العامل من 40 جنيهًا إلى 70 جنيهًا، ولكنها ليست ثابتة، فبعد انتهاء العمل لدى أي مقاول يقول لنا مع السلامة". أما عم جمال ضاحي، فكان له رأي مختلف تمامًا في قضية عمال التراحيل، إذ قال: "إن عدد الذين يرغبون في ترك مصر والهجرة إلى الخارج تجاوز الآلاف وسط غياب الدولة ودورها، ومطلوب منّا حب البلد والبلد مش ساءلة فينا، طب ليه وعشان إيه؟ لازم البلد تقف معانا عشان نقف إحنا كمان معاها"، ولم يستبعد ضاحي وجود مؤامرة داخل الحكومة لتهميش عمال التراحيل دائمًا، إذ قال "لم يأتِ وزير قوى عاملة منذ عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك وفكّر ينزل يشوف عمال التراحيل دول شكلهم إيه وبيعملوا إيه، والحال مستمرة حتى الآن".