يعد ملف ضحايا الاختفاء القسري سيفًا مسلّطًا على رقاب المواطنين وجريمة ضد الإنسانية، لم تقتصر على الفترة الأخيرة فقط، بل هناك حالات منذ عدة أعوام لم يسمع عنها أحد رغم معاناة ذويهم في البحث عنهم، ولكن دون جدوي. أعلنت حملة "الحرية للجدعان"، اليوم الخميس، عن بدء أسبوع التضامن مع ضحايا الاختفاء القسري، وتشمل الحملة التضامن مع الضحايا بتقديم بلاغات إلى النائب العام والتدوين عن المختفين قسريًّا والتواصل مع ذويهم، في محاولة للوصول إلى أماكن وجودهم. وتعرض "التحرير" في ما يلي معاناة أهالي اثنين من ضحايا الاختفاء القسري بإمبابة.. محمود مراد.. ثلاث سنوات ونصف بحثًا دون جدوى ذهب كالمعتاد كل ليلة إلى عمله في محل الألبان بعد قضائه اليوم في جامعته، إلا أنه في يوم 15/4 من عام 2012 لم يظهر له أي أثر، إنه الشاب العشريني محمود مراد، طالب الفرقة الثانية بكلية تجارة جامعة القاهرة، الذى اختفى قسريًّا من أمام محل عمله في منطقة إمبابة، ولم يوجد حتى الآن. تحكي سامية عبد الجواد، والدة محمود قائلة "خرج عادى زي كل يوم وسايب كل حاجته في البيت حتى محفظته وأوراقه موجودة كلها"، مضيفة أنه لم يكن له أي نشاطات خارج المنزل، سوى الذهاب إلى الجامعة والعمل، "كان انطوائيا ومالوش في السياسة ومايعرفش ناس كتير". "ثلاث سنوات ونصف السنة قضاها أهل محمد في محاولة العثور عليه، فمن أقسام الشرطة والمستشفيات والمشرحة إلى أمن الدولة ومنظمات حقوق الإنسان، قضوا أغلب أيامهم، دون جدوي" كما تحكي والدته: "قدمنا بلاغات في القضاء العالي بس إحنا غلابة ماحدش بيتكلم عننا ولا بيهتم". وأضافت الأم أن ماهر مراد والد محمود المسن، أصابه العجز وضعف النظر بعد صدمة اختفاء ابنه، إذ تقول "من كتر اللي شوفناه حصلّه ده، إحنا تعبنا وعجزنا"، واصفة شعورهم بالعجز عن فعل أي شيء. "لو كان ابنى من النشطاء كان زمان سيرته جَت في كل البرامج"، تقولها والدة محمود بأسى عن عدم اهتمام أي من وسائل الإعلام بهم، رغم محاولتهم أكثر من مرة التواصل معهم وعرض قضية محمود. لم تُخذل عائلة محمود من الإعلام فقط، بل قام المحامي الذي تولّى قضيته بالنصب عليهم في أموال كثيرة قبل اختفائه وتركه القضية، فتقول والدته "حسبى الله ونعم الوكيل مافيش حد بينصفنا". ورغم ما عانوه في محاولات العثور على محمود، فإنهم لم يفقدوا الأمل حتى الآن في لقاء ابنهم مرة أخرى، بسبب شكوكهم في اختفائه من قبل الأمن الذي قد يعيده إليهم يوما، كما تأمل الأم. علي سامي.. مرض أُمّه لم يثنيها عن البحث عنه شهر واحد يفصل بين حادثة اختفاء محمود ماهر، وجاره في منطقة إمبابة علي سامي الذي يبلغ 24 سنة، طالب المعهد العالي للدراسات النوعية، والذي ترك جامعته للعمل والمساعدة في مصاريف عائلته، حيث لم ترَه والدته منذ ليلة 21 من شهر مايو عام 2012. اتخذت منى سعيد، والدة على، نفس الخطوات المعتادة في رحلة البحث عن ابنها بين المستشفيات والأقسام، وتقديم البلاغات، والتى باءت بالفشل كغيرها من حالات الاختفاء التي انتشرت في الآونة الأخيرة. والدة علي لا ترجح احتمالية سفره خارج البلاد هربًا من وضعه السيئ في مصر، فتقول "ماكانش معاه أي فلوس يسافر"، مضيفة أنه كان يرغب في الزواج وبدء حياة جديدة، فلم يكن هناك أي مبرر لاختفائه. "ماسبتش حتة مادورتش فيها ومش راضين يقولوا لى ابني فين"، هكذا تقول والدة علي التي تبنت حملة تحمل اسم "فين ولادنا يا ثورتنا"، لتبحث مع أهل ضحايا الاختفاء القسري عنهم، مضيفة أنه لم يكن لابنها أي نشاط سياسي،"أي حد عاطل مع باطل بيتاخد"، هكذا تقول. الحالة السيئة التي وصلت إليها والدة علي بعد مرضها وفشل كل محاولاتها في العثور على ابنها جعلتها تغير مكان سكنها، وتترك منطقة إمبابة نهائيا، "باشوفه في كل حتة بامشي فيها هناك"، تقولها بمرارة. واختتمت أم علي حديثها بأن كل ما تأمله هو العثور على ابنها "عاوزة أعرف هو عايش حتى ولّا ميت".