هل أخطأ عمرو الشوبكى عندما أصر على التصدى للانتخابات وخوضها؟ هل أخطأ عمرو الشوبكى عندما وثق بالنظام الخائن، وتخيل أن تكون الانتخابات نزيهة وشفافة وبدون تدخل المال السياسى؟
نعم أخطأ فى ثقته بكل ذلك، وأنه حرص على المشاركة فى تلك الانتخابات التى حقق فيها من قبل فوزًا ساحقًا على مرشح الإخوان. نعم أخطأ بإيمانه أن مشاركته ستبنى الدوله الديمقراطية المدنية الحديثة. نعم أخطأ فى تعامله مع نظام يدّعى أنه ناتج من ثورتى 25 يناير و30 يونيو. نعم أخطأ بثقته فى نظام لا يحترم الدستور ويعتبره مرة طموحًا ويحتاج إلى وقت للعمل به، وفى مرة أخرى يرى أنه تمت كتابته بحسن نية، فى دعوة صريحة إلى تغييره والعودة إلى ما كانت عليه الأنظمة السابقة ودساتيرها. نعم أخطأ في ثقته بنظام يعتبر الانتخابات والديمقراطية، كمالة وللتصدير للخارج وليست للعمل فى الداخل. نعم أخطأ فى ثقته بنظام لا يريد المشاركة السياسية من فئات المجتمع، والتى خرجت فى ثورة ضد نظام مبارك الفاسد ونظام الإخوان الفاشى. نعم أخطأ عندما شهد إعلاما يدمر، يهاجم الشرفاء ويعلى من المنافقين والموالسين الذين يأكلون على كل الألوان، وكانوا خدامين للسلطة، وكلٌّ على موقفه الهادئ الذى يستوعب مثل هؤلاء وغيرهم. نعم أخطأ عندما صمت وصمت معه المجتمع والنخبة، عندما خرج عليه من يسبه على الهواء بأحط العبارات. نعم أخطأ عندما شهد ما جرى فى المرحلة الأولى من فوضى وشراء الأصوات بالملايين المشبوهة التى تعلم السلطات من أين أتت، ولكنها تدارى وتتركها أداة للعبث فيها والتلاعب بالفقراء. نعم أخطأ عندما شهد ما تفعله اللجنة العليا للانتخابات من صمتها إزاء الاختراقات والانتهاكات فى تلك الانتخابات التى لم تشهد مصر مثلها من قبل.
نعم أخطأ عندما لم ينسحب من الانتخابات بعد مهزلة الجولة الأولى وأرقام النتيجة التى تختلف عن المعلنة فيما شهدته اللجان من عزوف وفراغ، فضلًا عن التضارب الذى حدث بين هيئات ومؤسسات مختلفة فى اليوم الأول حتى تدخلت الحكومة، لتعلن عن نسبة مشاركة لا أحد يعرف من أين أتت بها، ولكنها كانت مؤشرًا على ترميم النتيجة بعد أن كادت تصبح فضيحة عالمية لمن يديرون البلاد، فقد أثبت الشعب أنه لا يريد ديمقراطيتهم التي يريدونها على مقاسهم. لقد أخطأت يا عمرو وأخطأ غيرك، وأخطأ جمهورك الذى تركك لقمة سائغة. لكن لا تبتئس يا عمرو، فهذا ليس برلمان الشعب، إنما برلمانهم الذى لا يختلف عن برلمانات مبارك وأحمد عز، وتابعهم الإخوان. لقد جاؤوا بالعفريت الذى يسحب الوطن إلى الوراء.. لكن لن يظلوا طويلا. لقد أثبت الشعب فى هذه الانتخابات أنه واعٍ لكل ما يجرى وأنه لن يشارك فى مسرحية وأنه فى صبرٍ إلى حين.