جاءت رياح العملية الانتخابية للتصويت في المرحلة الأولى لانتخابات مجلس النواب 2015، بما لا يشتهي الكثيرون، ضاربة بأحلام المرشحين على اختلاف أطيافهم وألوانهم السياسية في الانتخابات والمراقبين وكذلك القوى السياسية والحزبية عرض الحائط، حيث ظهر الإقبال ضعيفًا ويكاد يكون منعدما في بعض المحافظات التي تخوض سباق المرحلة الأولى. فعلى عكس الكلمة الشهيرة التي قالها الداعية الشيخ محمد حسين يعقوب أثناء التعديلات الدستورية حينما قال، "وقالت الصناديق للدين نعم" فيما أسماه بغزوة الصناديق آنذاك، جاءت المشاركة في العملية التصويتية ضعيفة للغاية، تكاد تكون معدومة ليس فقط على المرشحين المنتمين للتيار الليبرالي أو اليساري أو حتى رجال الأعمال والأقباط، بل حتى على الإسلاميين أنفسهم، وهو ما ظهر جليًّا في نسب التصويت الضئيلة التي حصل عليها حزب النور نفسه، وكأن الجميع عزف عن المشاركة ليتركوا الصناديق خاوية. تفسيرات عديدة وتساؤلات حول أسباب ضعف الإقبال وعزوف المرأة والشباب عن المشاركة في الانتخابات البرلمانية، والسبب الرئيسي وراء إحجامهم عن العملية الانتخابية، لا تزال متباينة بين المراقبين والمتخصصين في الشأن السياسي. وأرجع الدكتور محمد غنيم رائد زراعة الكلى في مصر والشرق الأوسط وعضو المجلس الاستشاري العلمي للرئيس في تصريحات خاصة ل"التحرير" ضعف نسب الإقبال في المرحلة الأولى لانتخابات مجلس النواب 2015، إلى أنَّ قانون الانتخابات مُربك، وهناك الكثير من الناخبين لا يعرفون شيئًا عن نسب الإقبال، بالإضافة إلى غياب التسويق الأمثل للعملية الانتخابية، فضلًا عن إصابة عدد كبير من المواطنين بالضجر والإحباط نتيجة ذهابهم لصناديق الاقتراع 7 مرات خلال 4 سنوات. وأوضح غنيم، أنه لا تزال هناك حالة عزوف من الشباب عن الذهاب لصناديق الاقتراع والإدلاء بأصواتهم، متوقعًا أن يكون الإقبال في المرحلة الثانية للتصويت أكبر بكثير، قائلًا "الناس زهقت، وأعتقد أن مرحلة الإعادة دائمًا تبقى الأقل، واللي ليه مرشح سقط احتمال ميروحش تاني، وأتوقع نسب البطلان تبقى كبيرة". فيما قال الدكتور عمرو هاشم ربيع نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية في تصريحات ل"التحرير"، إنَّ عزوف المرأة والشباب ناتج عن حالة الإحباط التي تشهدها تلك الفئات، نتيجة غياب تمكين الشباب، ووجود عدد كبير منهم في السجون، ورفض الدولة الالتزام بتوصيات 11 ملحوظة للمجلس القومي لحقوق الإنسان فيما يتعلق بقانون التظاهر، قائلًا "ما يحدث شئ يكسف، وشرعية السيسي وثورة 30 يونيو بقت في الحضيض، والعزوف شئ متعمد". وأضاف ربيع في تصريحات ل"التحرير"، أنّ وزارة الخارجية مسئولة عن غياب التوعية السياسية للمواطنين وعدم المشاركة في العملية التصويتية، موضحًا أنَّ مكتب الانتخابات التابع لبرنامج الأممالمتحدة الانمائي "UNDP" اتفق مع ماسبيرو قبل الانتخابات على عمل حملة كاملة للتوعية للانتخابية للمواطنين، بما يتضمن ذلك الإعلانات وكيفية التصويت والاقتراع وكافة الأمور المتعلقة بالتوعية الشعبية، وتم التحضير لهذه الحملة الإعلانية والتي أنفق عليها المكتب الإنمائي بالملايين، موضحًا أنّ المكتب الإنمائي اتفق مع ماسبيرو على عرض هذه الإعلانات لمدة شهرين قبل الانتخابات، ولكن فوجئنا دون سابق إنذار بإغلاق الخارجية للمكتب في الوقت الراهن. "احترنا مع الناس ومبقناش عارفين نعمل ايه تاني"، هكذا قال اللواء رفعت القمصان مستشار رئيس الوزراء لشئون الانتخابات ردًا على تساؤل "التحرير" حول السبب الرئيسي وراء ضعف الإقبال عن لجان الاقتراع في العملية التصويتية، قائلًا "احنا عملنا كل شئ عندنا ودعونا الناس أكثر من مرة للنزول والمشاركة في العملية الانتخابية، والإعلام دعا المواطنين للنزول والمشاركة، وفي النهاية جاء الإقبال ليس قويًّا وأتعشم أن تكون المرحلة المقبلة أفضل".