وزير التعليم العالي يوجه برفع درجة الاستعداد بالمستشفيات الجامعية خلال إجازة عيد الأضحى    وزيرة الهجرة تهنئ الطلبة المصريين أوائل الثانوية العامة في الكويت    ساحات صلاة العيد وأهم الأماكن العامة للتنزه في إجازة عيد الأضحى بالأقصر    سعر جرام الذهب صباح اليوم السبت 15 يونيو 2024    أضحية الخير ب 5 جنيه، أهالي بلاي في الغربية يطلقون مبادرة لشراء أضحية العيد لليتامى    قبل العيد.. أسعار اللحوم بمنافذ التموين والمجمعات الاستهلاكية في أسيوط (فيديو وصور)    إيقاف وإزالة 19 حالة بناء مخالف في حي شرق الإسكندرية    ارتفاع أسعار الحديد والأسمنت اليوم السبت بالأسواق (موقع رسمي)    وزير الإسكان: زراعة 46 ألف شجرة ونخلة مثمرة وغير مثمرة بمشروع الحدائق المركزية    وزير الإسكان: حملات لتحصيل المديونيات بمدن العبور والشيخ زايد وأسيوط الجديدة    إعلام عبري: مقتل 8 جنود إسرائيليين بغزة في حادث خطير    حزب الله اللبناني يستهدف مقر وحدة المراقبة الجويّة في قاعدة "ميرون" الإسرائيلية    بوتين يهنئ رامافوسا على إعادة انتخابه رئيسا لجنوب أفريقيا    عاجل:- كتائب القسام توجه رسالة إلى حجاج بيت الله الحرام    موقع إسرائيلى:مقتل 8 جنود فى قطاع غزة جراء احتراق عربة مدرعة    يورو 2024، التشكيل المتوقع لمباراة إسبانيا وكرواتيا    بعد لافتة ودية الأرجنتين وجواتيمالا، مارتينيز يوجه رسالة ل ميسي    اليوم.. سويسرا تصطدم بالمجر فى أولى جولات يورو 2024    أول تعليق من جوندوجان بعد الانتصار الكبير على إسكتلندا    صباح الكورة.. برشلونة يستهدف صفقة مثيرة في الميركاتو الصيفي وقمة إسبانيا وكرواتيا في يورو 2024    إجراء جديد ضد مدير صفحة لترويج أختام مقلدة لشعار الجمهورية في الفيوم    تجهيز 10 ساحات كبرى و202 مسجد لأداء صلاة عيد الأضحى فى الوادى الجديد    آراء الأئمة الأربعة حول وقت رمي الجمرات.. و«البحوث الإسلامية» يحسم الجدل    التصريح بدفن جزار توفي بسكين في الجيزة    فيلم «أهل الكهف» يحقق 725 ألف جنيه في دور العرض خلال 3 أيام    بعد الإعلان عن «سيكو سيكو».. صبري فواز يتحدث عن عصام عمر وطه دسوقي    على الحجار: صلاح عبد الله كتبلي أغنيتين ولم يأخذ أجرهما واعتبرهما إهداء لي    "ولاد رزق 3" يحقق 8 ملايين جنيه إيرادات في السينمات أمس    إعلام إسرائيلى: انفجار عبوة ناسفة فى آلية عسكرية إسرائيلية بغزة    «الخشت» يشارك في اجتماع المجلس العلمي الأعلى لجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية    المفتي يوضح معنى "يوم الحج الأكبر" الوارد في القرآن والسنة    المشهد العظيم .. تعرف على السر وراء تسمية عرفات بهذا الاسم    حكم صيام أيام التشريق.. الإفتاء تحسم الجدل    وزير «الأوقاف» يكلف إمام مسجد السيدة زينب خطيبا لعيد الأضحى    دعاء النبيين.. أهم الأعمال والأدعية المستحبة في يوم عرفة - فيديو    الصحة: إطلاق 33 قافلة طبية مجانية خلال عيد الأضحى    الرعاية الصحية: انعقاد غرفة الطوارئ المركزية لتأمين احتفالات عيد الأضحى    التضامن تنظم دورات تدريبية للعاملين في مجال حقوق الطفل    صحة السعودية توضح طرق الوقاية من الإجهاد الحرارى للحجاج    ميناء شرق بورسعيد يستقبل ثالث سفينة تعمل بوقود الميثانول الأخضر    بمناسبة عيد ميلاده| رسالة خاصة من ليفربول ل محمد صلاح    العثور على جثة أحد الطالبين الغارقين في نهر النيل بالصف    5 أطباق بروتين للنباتيين في عيد الأضحى.. «وصفات سهلة ومغذية»    الدفاع السعودية تستضيف ذوى الشهداء والمصابين من القوات المسلحة بالمملكة واليمن لأداء الحج    «تقاسم العصمة» بين الزوجين.. مقترح برلماني يثير الجدل    وزير النقل السعودي: 46 ألف موظف مهمتهم خدمة حجاج بيت الله الحرام    أستاذ ذكاء اصطناعي: الروبوتات أصبحت قادرة على محاكاة المشاعر والأحاسيس    مصطفى بكري: وزير التموين هيمشي بغض النظر عن أي حديث يتقال    القيادة المركزية الأمريكية تعلن تدمير قاربين ومسيرة تابعة للحوثيين في البحر الأحمر    هبوط اضطراري لطائرة تقل وزير الدفاع الإيطالي بعد عطل طارئ    محمد علي السيد يكتب: دروب الحج ..سيدي أبوالحسن الشاذلي 93    موسيالا أفضل لاعب في مباراة ألمانيا ضد اسكتلندا بافتتاح يورو 2024    السيطرة على حريق بمستودع أسطوانات بوتاجاز غربي الأقصر    كرة سلة - سيف سمير يكشف حقيقة عدم مصافحته لمصيلحي    «العلاج الطبيعي»: غلق 45 أكاديمية وهمية خلال الفترة الماضية    «زي النهارده».. وفاة وزير الداخلية الأسبق النبوي إسماعيل 15 يونيو 2009    حظك اليوم برج الأسد السبت 15-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    ألمانيا تسحق إسكتلندا بخماسية في افتتاح يورو 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بالصور.. في ذكرى التهجير.. الحلم يراود النوبيين للعودة إلى أرض الذهب
نشر في التحرير يوم 19 - 10 - 2015

أدول: مراكز قوي مصرية تقف ضد قرار عودة النوبيين إلي ضفاف النيل.. و«قرب المسافات» حملة إلكترونية لإحياء ذكرى غرق النوبة
"أنا أصلي نوبي وصلاتي بالعربي، ودي دعواتي نوبية.. غنايا دايما بالطمبور وأشعاري نوبية.. بأعرف علي الدنقلاوي وعشقي سكتاوي ولسه ح أزيد وأقول دي أجناس خرافية.. أنا أصلي ودي بلدي محلي الجنسية".. فلكلور نوبي شعبي قديم يردده النوبيون الجدعان ولاد البلد، ممن تغلب عليهم صفات الطيبة والتسامح والأصالة والكرم، برغم كل ما مرّ بهم علي مدار أكثر من نصف قرن مضي، بداية من مخطط تهجيرهم من أراضيهم ومنازلهم الواقعة علي ضفاف بحيرة ناصر بأسوان والتي التي غرقت جميعها برفات الأجداد وقبورهم، مع تغيير مجري نهر النيل لإفتتاح السد العالي، مرورا بغبن تعويضهم ماديا عن ممتلكاتهم وأراضيهم وقراهم الغارقة، وصولا إلي محاولات تشويههم إعلاميا عبر "نغمة" أنهم يطالبون بالانفصال والإستقلال عن الدولة المصرية، حتي غالي البعض في وصفهم ب"الجالية" النوبية تحت حكم الجماعة المحظورة.
وبين هذا وذاك وهؤلاء، تمر علينا الذكري الثانية والخمسين علي ذكري تهجيرهم من موطنهم الأصلي علي ضفاف بحيرة ناصر إلي أقصي الشمال بمحافظة أسوان وتحديدا بمنطقتي كوم أمبو وإسنا، والتي يطلقون عليها "وادي الموت" لصعوبة الحياة بهما، دون أن يشعر بهم أحد في ظل ما تشهده مصر من انتخابات برلمانية بدون ناخبين، في يوم آخر أكثر إيلاما من ذكرى التهجير وسيتحول إلى ذكرى ممرورة لاحقا، لاختيار أول برلمان لمصر بعد ثورة 30 يونيو، مرت الذكرى الأليمة مرور الكرام كحقوقهم التي طالما طالبوا بها وهم يحملون ألما وأملا.. يراودهم من خلال الذكري الأليمة التي تثير غضبهم وتنبش مرارة تهجيرهم كل عام، وتحمل في الوقت ذاته أملا في إنصافهم من جديد بنص الدستور، بإعادة توطينهم إلي ما حول بحيرة السد علي ضفاف النيل، وتنمية أراضيهم، حيث موطنهم الأصلي الذي يقدسونه في غضون عشر سنوات.
115 عاما على بداية رحلة التهجير
يظن البعض أن بداية رحلة الشتات والتهجير النوبي، بدأت عام 1964، مع تغيير مجري نهر النيل، لكن حقيقة الأمر أن شتاتهم بدأ منذ أوائل القرن العشرين في عام 1902، وبدأت المأساة الحقيقية قبلها بثلاث سنوات، حين بدأت عملية تهجير قرى نوبية بكاملها في غضون عام 1899، أعقبه تهجير ثان لمجموعة إضافية من القرى النوبية خلال عام 1912، بسبب التعلية الخزانية الأولى لسد أسوان، أحد أكبر الخزانات المائية الصناعية في العام، ثم عام 1933 لمجموعة ثالثة بسبب التعلية الخزانية الثانية، والتهجيرات الثلاثة الأولي كانت "داخلية" من مكانهم على شاطئ النيل لأعالى الجبال التى تحيط به، ثم كان بناء السد العالى الذى نتج عنه تهجير كل قرى النوبة الواقعة داخل حدود مصر الى منطقة كوم امبو، شمال مدينة أسوان، فتم تهجير أول قرية نوبية وهى قرية "دابود" فى مثل هذا اليوم منذ 51 عام، بوعد من الرئيس الراحل جمال عبدالناصر بلم شملهم، ثم توالى تهجير بقية القرى حتى انتهى التهجير فى خريف 1964، وعانى النوبيون من جراء التهجير كثيرا لاختلاف البيئة الصحراوية التى نقلوا اليها بعد طول حياتهم على شواطى نهر النيل، فضلا عن اختلاف المناخ وتغيير نمط الحياة، أما البيوت السكنية فقد تغيرت بدرجة كبيرة من حيث الاتساع أو الجيرة .
هكذا تم ترحيلهم عشوائياً وفقا لجدول زمني مختزل سريع، رغبة في إخلاء بلاد النوبة قبل 15 مايو 1964 موعد تحويل مجرى نهر النيل، فترك معظم النوبيون الكثير من متاعهم في الوطن المهجور وحشروا في صحراء كوم أمبو وإسنا بالأقصر .
تهجير وطرد ونزع ملكية وحق الاعتراض ممنوع
قرأ النوبيون كافة القرارات والقوانين التي صاحبت عملية التهجير، خاصة قرار رئيس الجمهورية الأسبق جمال عبدالناصر بمرسوم القانون رقم 67 لسنة 1962 في شأن نزع ملكية الأراضي التي تغمرها مياه السد العالي، بأنه مخالف للقواعد الدستورية المعمول بها حيث أغفلت حق الاعتراض على التعويضات وهذا حق لكل مواطن طبقاً لقوانين الدولة، خاصة أن حجم ومساحة الأراضي الزراعية ببلاد النوبة علي ضفاف النيل قبل التهجير كانت حوالي 75 ألف فدان، بحسب تصريحات أسامة فاروق، المدير التنفيذي لحركة كتالة النوبية، في حين أن تقدير وزارة الشئون الاجتماعية قبل التهجير أن حجم الأراضي الزراعية هو 15 ألف فدان فقط لاغير، وعلى هذا تم توزيع التعويضات الهزيلةومن المفارقات هنا أن المسئولين وقتها التفتوا حول هذا القانون والخاص بنزع ملكية أراضى النوبة التى ستغمرها مياه السد العالى، رغم وجود قوانين سابقة تنظم عملية نزع ملكية العقارات.
السبب وراء هذا من وجهة نظره هو ما رأته الدولة آنذاك، من أن القوانين المنظمة لعملية نزع الملكية سوف تعرقل انجاز عملية التهجير إذا ما اتبعت الإجراءات المنصوص عليها فى تلك القوانين، فهذه القوانين تعطي الحق للمتضررين من جراء نزع الملكية، وما يرتبط بها من تعويضات اللجوء إلى القاضى الطبيعي للفصل فى القضية، فى حين جعل القانون الجديد هذا الحق فى يد لجنة إدارية مكونة من قاضي تختاره وزارة العدل ومندوبين وزارة الشئون الإجتماعية ووزارة الأشغال، ومحافظ الاقليم، بتفويض هذه اللجنة للبت فى الشكاوي المترتبة على نزع الملكية تكون قد نصبت نفسها خصماً وحكماً فى نفس الوقت .
وعند إجراء حصر لعدد المساكن في المنطقة عام 1962 قبل التهجير بلغ عددها طبقاً لتقديرات الحكومة حوالي 24 ألف مسكن، وقررت الحكومة حينذاك أن تبني في المرحلة الأولى 15.589 مسكناً بواقع 65% من العدد المطلوب و تم تأجيل بناء 8411 مسكناً في مرحلة تالية أطلق عليه إسكان المغتربين، وهي تسمية باكية مضحكة كما كان يراها عبد الرحيم إدريس، عضو مجلس الأمة في ذلك الوقت، فمن وجهة نظر النوبة مثلاً أن المساكن متلاصقة تلاصقاً يعوق معه الأمان والخصوصية، وهما أمران لهما قيمة كبرى بين النوبيين في وطنهم الأصلي.
وفي هذا الإطار يقول طارق حسين، مؤسس جمعية "نوب للتراس النوبي والتنمية" إنه بعد مرور اثنين وخمسين عاما على التهجير لم تف الدولة بما وعدت به من استكمال المرحلة الثانية من مساكن المغتربين إلا بنسبة 25% رغم ازدياد عدد الأسرة النوبية طبقا للحصر السابق، والذين لهم الحق في المأوى والسكن الملائم تعويضا عما فقدوه طبقا لمواثيق حقوق الإنسان، وهذا ما دفعه للتساؤل : هل كتب على النوبيين أن ينتظروا خمسين عاما أخرى لاستكمال تلك المرحلة الباكية المضحكة من خطة الإسكان؟
على غرار إعادة إعمار غزة
منذ أن بدأت الحملة الدولية لإنقاذ آثار النوبة، والنوبيون كبشر ومواطنين أكثر من تعايشوا مع هذه الآثار جاء حظهم العاثر في ذيل اهتمامات الدولة والمجتمع الدولي، فتم ترحيلهم على عجل إلى هضبة كوم أمبو وإسنا، إلى منطقة لا نهر فيها ولا إرث ولا تراث في مساكن خالفت المساكن التي ألفوها وخلافا للمسكن النموذجي الذي وعدوا به وشاهدون قبل عملية التهجير، بقي معهم ما حمل وجدانهم من عشق لوطن فقدوه تحت مياه السد العالي. وهذا ما دفع البعض منهم للمطالبة بإعادة إعمار النوبة من جديد وتوطينهم علي ضفاف النيل، على غرار ما حدث من قبل في "إعادة إعمار غزة"، في منطقة تضم أهالى النوبة ولا تكون كما صنعت الحكومات السابقة لأهالى المحافظات دون أهل النوبة .
يقول أحمد كاجوك، أحد أهالي قرية "دابود" أنه بموجب قانون الأصلاح الزراعى، سلمت مصر لكل فلاح مصرى مُعدم 5 فدادين كاملة، فى حين أنها أعادت للنوبي المنزوع الملكية والمهجر من أرضه "فدان واحد" أسموه "فدان الإعاشة"، ليس هذا فحسب بل الأغرب من ذلك كما يضيف كاجوك هو أن فدانهم مساحته الحقيقية من "14 – 18" قيراط، لا للفرد الواحد، بل للأسرة الواحدة.
وميض نار تحت الرماد وتحركات حميمة تجرى تحت السطح لأحياء القضية النوبية وإثارة قضية الهوية النوبية ومد جسور التواصل بين نوبة مصر والسودان، لإستعادة حق منكوبى خزان أسوان في تملك أراضيهم الثابت قانوناً دون الحاجة إلى إصدار قرارات جمهورية، لوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية (15 عام) ، فما بالنا بوضعهم يدهم وحيازتهم حيازة مستقرة هادئة على هذه الأراضى والمساكن منذ مائة عامة ويزيد .. هكذا جاءت تصريحات القيادي النوبي أحمد إسحاق، مسئول الملف النوبي الذي أكد أنهم كلما تحدثوا عن حقوقهم, رفعوا عليهم ادعاء الانفصال حتى يخافوا ويصمتوا، رغم أن التاريخ يشهد على أن النوبيين لم يحاولوا مره واحدة بعد ضم النوبة "الموحدة" إلى مصر بالانفصال، لكنه التاريخ نفسه يشهد على أن الدولة نفسها هى التى قامت بفصل النوبة لتكون "نوبتان"!
وأضاف إسحاق أن فرمان ترسيم الحدود في عهد الخلافة العثمانية عام 1841، ثم الاتفاقية الثنائية عام 1899 وقرار وزير الداخلية آنذاك بتعديل تخوم "حدود" مصر والسودان الصادر في 26 مارس عام 1899 والذى بمقتضاه تم فصل "وادى حلفا" النوبية، لتنضم لحدود دولة السودان، وتفترق القبيلة والاسرة الواحدة ما بين دولتىن وحدودين!
والأشد غرابة بحسب تعبيره أن يتم تغيير اسم "مديرية النوبة" إلى محافظة أسوان"، متسائلا: إذن من هو صاحب مخططات الانفصال؟ ومن هو صاحب مخططات تغيير ومحو الاسماء النوبية؟ ومن هو الذى يغير الآن التركيبة السكانية لأرض النوبة؟
كما أن فتح الطريق الدولى بين مصر والسودان هو مخطط رسمي للقضاء على كل ما هو نوبى، عن طريق توطين غير النوبيين فى بلاد النوبة وتغيير التركيبة السكانية لبلاد النوبة وتنفيذا للمخطط القديم للقضاء على النوبة الذى تم التخطيط له فعليا فى عهد عبدالناصر علي حد قوله .
مراكز قوى تقف ضد قرار العودة إلى ضفاف النيل
"لا تخافوا مني ولكن خافوا من أطفالي الذين هم في الإبتدائية".. جرس إنذار وناقوس خطر أطلقه الروائي والأديب النوبي حجاج حسن أدّول منذ أكثر من خمسة عشر عاما، خلال إحدي المؤتمرات الخاصة بدعم الأقليات، ولكن دون أدني اهتمام أو عناء من قبل المسئولين، وتواصلت سياسة التهميش الرسمي لهم عبر العقود الماضية، وهو ما أدي إلي انحراف البعض من هؤلاء المصريين الأصليين عن بوصلة الطيبة والتسامح التي تسري في دمائهم، وأصيبت نفوسهم بأدران التهجير التي دفعت بعضهم إلي حمل السلاح وتبني منهج العنف والتشفي والانتقام، لمقتل ذويهم من قبيلة الدبوادية، خلال خلافات مع قبيلة الهلالية بأسوان دفع ثمنها 27 مواطن من الطرفين، خلال أبريل الماضي.
"هناك مراكز قوى في مصر تعمل ضد العودة النوبية لأراضيهم علي ضفاف بحيرة ناصر، لاعتبارات اقتصادية ترجع إلي استفادتهم من طبيعة الأراضي النوبية على ضفاف النيل".. بهذه الكلمات لخص الأديب النوبي حجاج أدول، الأزمة والذي صعد قضية النوبة دولياً عندما تحدث عن ممارسة العنصرية والتطهير ضد النوبيين في مؤتمر عقد في واشنطن عام 2005، أكد من خلاله علي أن حق العودة إلى البيئة النوبية على ضفاف النيل هو أساس مطالبهم، فهم لم يكونوا يوما ضد بناء السد العالي ولكنهم في الوقت ذاته ضد التهجير القسري وأمن مصر القومي سيقوم على اعطاء حقوق النوبيين.
وأوضح أدول في تصريحات خاصة ل"التحرير" أن النوبيين لا يسعون نحو الإنفصال أو حمل السلاح والعنف، ووهم الإنفصال يسيطر فقط على مخيلة بعض القادة الأمنيين والمحليين الإستراتيجيين، لكن استمرار سياسات التهميش قد دفع الشباب النوبيين على اللجوء إلى العنف وأخذ الحق بالقوة بعد أن غابت الدولة.
كان أدول أحد أعضاء لجنة الخمسين لصياغة دستور مصر بعد الثالث من يوليو قبل الماضي والذي أقرّ مادتين لحفظ حقوقهم واستعادتها من جديد، حيث تلزم المادة رقم "236" الدولة بإعادة سكان النوبة إلى مناطقهم الأصلية خلال عشر سنوات، بينما جرمت المادة رقم "53" صور التمييز بين المواطنين على أساس العرق أو اللون، وكان المقصود بها النوبيين علي حد قوله.
لجنة واحدة لا تكفي
جاء القرار الوزاري الصادر في عهد حكومة المهندس إبراهيم محلب المستقيلة بتشكيل لجنة لتنمية منطقة النوبة بأسوان، برئاسة وزير العدالة الانتقالية السابق كأول تحرك لتفعيل دستور 2014 تجاه إستعادة حقوق النوبيين المهجرين منذ 52 عامًا ولكن بعض النوبيين أبدوا تخوفاتهم من القرار الحكومي بتشكيل لجنة وزارية بلا ضمانات كسابقتها من اللجان التى شكلها رؤساء وزراء مصرالذين رحلوا مع قرارتهم.
وطالب مسعد هركي، رئيس نادي النوبة العام السابق ورئيس المؤسسة المصرية النوبية للتنمية الرئيس عبدالفتاح السيسي، بإصدار قرار جمهورى بتشكيل لجنة إعمار النوبة لتفعيل المادة 236 من الدستور المصرى والمسائلة القانونة لمن يعبث بالدستور والالتفاف بها وبموادها لجدية التنفيذ، لضمان حق عودة النوبيين إلى موطنهم الأصلي على ضفاف بحيرة ناصر، جنوب السد بدلا من محاولات التضيق على النوبيين للعبور جهة الضف الشرقية للبحيرة، حيث بها قريتى "قسطل وأدندان" وجمعيتهم الزراعية والميناء البرى التى أصبحت منطقة عسكرية بموجب تعليمات هيئة العمليات بالقوات المسلحة لهيثة التعمير، وجعل منطقة النوبة جنوب السد منطقة حدودية حيث الجمعيات الوليدة تحت التأسيس وعرقلتها وهو ما افقدهم الثقة فى قرارات رؤساءالحكومات المصرية المتعاقبة ووزراءها فى تقويض وانتهاك الحقوق النوبيةالعادلة والمشروعة .
"قرب المسافات".. حملة إلكترونية لإحياء ذكرى غرق النوبة
دشن عدد من نشطاء مواقع التواصل الإجتماعي "فيس بوك، تويتر" حملة إلكترونية شبابية تحت عنوان "قرب المسافات"، لإحياء الذكري ال 52 للتهجير من أراضي "إركي" النوبة علي ضفاف بحيرة ناصر بعد بناء السد العالي وتغيير مجري نهر النيل الذي أغرق أراضيهم، كما ينظم فريق " face studio"، يوما للتعرف بشكل أكبر على أرض الدهب "النوبة"، تحت عنوان "اركي قرب المسافات"، لعرض بعض انجازات النوبيين وتراثهم والسياحة النوبية التي تحمل بين طياتها جذور الحضارة المصرية القديمة، وتمثل بجدارة "حضارة بلاد الذهب الغارقة"، والتعرف عن قرب أكثر إلي عاداتهم وتقاليدهم الأصلية التي يحافظون عليها حتي الآن.
ومن جانبها ذكرت الناشطة النوبية فاطمة إمام أن المعرفة بالتهجير القسري للنوبيين من مناطقهم الأصلية تبدأ بتغيير التوجهات، قائلة : ولذلك قررنا نحيي ذكري تهجير النوبة بأن نقرب المسافات وننفي فكرة أننا عايشين في "جبتو" .
كما حذرت إمام من محاولات تفريغ حقوق النوبيين الدستورية من محتواها من ضمان التعددبة الثقافية، مناهضة التميبز في العرق واللون وحق العودة والتنمية والتي ستؤدي إلي غضب نوبي كبير، قد يستغل ضد مصلحة مصر، كما حدث عبر التقسيم الاداري المقترح للمحافظات، والذي يهدد حق عودة النوبيين إلي ضفاف البحيرة، ولذا قدمت حملة "انقذوا النوبة" طعنا علي القانون المقترح أمام الجهات القضائية المختصة.
* * * * * * * * * * *


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.