في مثل هذا اليوم من العام 2009، منح جائزة نوبل للسلام لرئيس الولاياتالمتحدة باراك أوباما، نظير مجهوداته في تقوية الدبلوماسية الدولية والتعاون بين الشعوب، بعد شهور قليلة من توليه رئاسة أمريكا، والجائزة إحدى جوائز نوبل الخمسة التي أوصى بها ألفرد نوبل، وتمنح سنويًا في العاصمة النرويجية أوسلو، من قبل معهد نوبل النرويجي، ومنحت لأول مرة سنة 1901، إذ يتم اختيار المترشحين للجائزة من قبل هيئة يعينها البرلمان النرويجي، حسب وصية نوبل. للرئيس الأمريكي الحالي، عدد كبير من المواقف تعامل معها المعارضين بكونها جرائم ضد الشعوب المختلفة، لا تعكس مطلقًا اتجاهه نحو السلام العالمي، نستعرض بعضها معكم... في مايو 2010 اتهم بيان وقعته نخبة من الممثلين والمثقفين من اليسار الأميركي الرئيس باراك أوباما بالتواطؤ في ارتكاب جرائم حرب وانتهاكات لحقوق الإنسان، مؤكدينً أن "الجريمة جريمة أياً كان مرتكبها". واتهم البيان أوباما بمواصل مقاربة سلفه جورج بوش في ما يتعلق بسياسة الأمن في الولاياتالمتحدة وحقوق الإنسان في العراقوأفغانستان. وندد كذلك بالضوء الأخضر الذي أعطاه أوباما ل"تصفية" الإمام اليمني الأميركي أنور العولقي المشتبه في علاقته بتنظيم القاعدة في اليمن. واعتبر البيان أن ما قام به أوباما يعد أسوأ مما فعله بوش "لأن أوباما اتخذ لنفسه الحق في تصفية مواطنين أميركيين يشتبه في أنهم إرهابيون لمجرد استناده إلى شكوكه الشخصية أو شكوك وكالة الاستخبارات الأميركية (سي آي أي)"، بينما "لم يتبنّ بوش أبداً" مثل هذا النوع من الممارسات "علناً". وحمل البيان صورة الرئيسين بوش وأوباما بالشكل الذي يستخدمه عادة مكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) للإعلان عن المطلوبين أمام القضاء، وضم إلى جانب تواقيع عدد من الممثلين والمثقفين تواقيع نحو ألفي شخص على الإنترنت، ويذكر أن أوباما الذي انتخب في عام 2008 كان قد حظى بتأييد كبير من مثقفي اليسار. وفي يوليو الماضي وضع أوباما يده في يد نائب الرئيس الكيني وليام روتو المطلوب للمحاكمة بجرائم ضد الإنسانية، وتمكن من إجراء محادثات مع الرئيس الكيني، أوهورو كينياتا، بعد أن حالت متابعة الرئيس الكيني أمام الجنائية الدولية. وكان الرئيس الكيني في استقبال أوباما لدى وصوله إلى المقر الرئاسي الرسمي، حيث استعرض الرئيس الأمريكي حرس الشرف وصافح نائب الرئيس وليام روتو. وروتو الذي يحاكم أمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، متهم بجرائم ضد الإنسانية خلال أعمال عنف تلت الانتخابات بين عامي 2007 و2008 كان موجودا في قاعة الاجتماع في المقر الرئاسي. واستبق روتو اللقاء بأوباما بتصريحات مثيرة ضد "الشذوذ الجنسي"، حيث وصفهم بأنهم "قذرون" وقال إن لا مكان للشذوذ الجنسي في كينيا، وردا على سؤال حول ما إذا كانت حقوق المثليين ستناقش، قال كينياتا عشية المحادثات إنها "ليست مطروحة". غير أن أوباما وفي مقابلة مع بي.بي.سي قال إنه "ليس من هواة التمييز والتسلط على أحد" مضيفا أن ذلك سيكون "جزءا لا يتجزأ من جدول الأعمال". وقال كينياتا من ناحيته إن الأمن سيكون من أولوية جدول أعمال المحادثات، بعد سلسلة الهجمات التي تعرضت لها كينيا، وإعلان حركة الشباب الصومالية المرتبطة بالقاعدة المسؤولية عنها. وقال كينياتا قبيل انطلاق الاجتماع خلف أبواب مغلقة "ندرك التحديات المختلفة التي تواجهنا، والتي أعتقد أن العمل سويا يمكننا من التغلب عليها، وأولها مسألة الأمن، لا يمكن لأي دولة أن تتعامل مع هذه المشكلة بمفردها، نحتاج للشراكة، إنه تهديد "عالمي لا يعرف حدودا". وأوباما قال إن واشنطن تبدي اهتماما أكبر لأن ما يحدث في القارة له تأثير أكبر "لدينا اهتمام بإفريقيا لأن ما يحدث في إفريقيا سيؤثر على العالم، بعض أسرع الاقتصادات نموا هي هنا في إفريقيا، البعض من أقرب شركائنا". وأضاف "إن تحديات الإرهاب ينبغي معالجتها، لكن فرص النمو والازدهار والتبادل بين الناس والسياحة والتبادل العلمي والتعليمي، هذه هي الأشياء الأكثر التي يتوق إليها شعب إفريقيا". في سبتمبر المنصرم تحدث أوباما أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، وكأنه يملك العالم، عن حقوق الإنسان والحرية مطالباً دول العالم أجمع أن تحتذي بالنموذج الأمريكي في تعاملها مع شعوبها، فتداول مستخدمو فيسبوك عددًا كبيرا من مقاطع الفيديو توضح الانتهاكات اليومية لحقوق الإنسان والحريات في أمريكا خلال فترة حكمه... في أغسطس 2014 أشارت صحيفة الديلي بيست، إلى وجود تقارير للمنظمات الحقوقية في أفغانستان تؤكد تجاهل الجيش الأمريكي لأدلة دامغة على ثبوت حالات التعذيب وعمليات القتل غير القانونية في أفغانستان في أواخر العام الماضي، ووصفته بأنه تستر من الرئيس الأمريكي باراك أوباما على جرائم حرب هناك. وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش: إن الجيش الأمريكي فشل في التحقيق بشأن تقارير السلوك الإجرامية، كما أنه كانت هناك بعض الحالات من الإخفاء المتعمد للأدلة، عندما تتعلق المخالفات بالجنود الأمريكيين. وكان الرئيس أوباما قد اعترف بقيام الجيش الأمريكي ببعض عمليات التعذيب في الوقت الماضي، ولكن حالات التعذيب التي رصدتها منظمة حقوق الإنسان لم تحدث في عهد بوش بل عهد أوباما، حسبما أفاد جوان مارينر، كاتب تقارير المنظمة. وأضاف جوان مارينر، مديرة مكافة الإرهاب في منظمة هيومن رايتس ووتش: إن هناك أدلة قوية على تنفيذ جرائم حرب في أفغانستان، كما أن هناك نقصا واضحا للمساءلة بخصوص من يُقتل من المدنيين على أيدي القوات الأمريكية. وطالبت منظمة العفو الدولية وقتها البيت الأبيض باتخاذ المزيد من الإجراءات لضمان وقف هذه الانتهاكات، خاصة وأن نظام القضاء العسكري نادراً ما يحقق العدالة لضحايا الاختفاء القسري والقتل. وأفاد شهود عيان ممن خرجوا من السجون بأنهم تعرضوا للتعذيب بالصدمات الكهربائية، والتجميد الجزئي، وأساليب تعذيب أخرى مهينة جداً، وأضافوا أن أحد المسجونين تعرض للتعذيب حتى الموت على يد كوماندوس أمريكي. وأظهرت تقارير منظمة حقوق الإنسان أنه تم مقتل اثنين من النساء الحوامل في إحدى الحفلات بمقاطعة باكتيا، كما أفادت التقارير أيضاً عن مقتل 140 شخصا في حوادث متفرقة من بينهم 50 طفلاً، دون أن يلتقي أيا من المسئولين بأفراد أسر الضحايا. وخلال الأيام ارتفعت حصيلة ضحايا القصف الذي نفذه حلف الناتو بطائرة أمريكية في قندوز شمال أفغانستان، إلى 19 قتيلا حسبما ذكرت منظمة "أطباء بلا حدود". وقالت المنظمة إن القتلى هم 12 من كوادرها و7 من المرضى، الذين كانوا راقدين في قسم العناية المركزة بمستشفى تابع لها في قندوز. وكشفت منظمة "أطباء بلا حدود" إن طاقمها اتصل وهو في حالة هلع بمسؤولين عسكريين من حلف شمال الأطلسي في كابل وواشنطن خلال قصف مستشفى تابع لها في قندوز استمر لنحو ساعة. وقال مسؤول في المنظمة إن القنبلة الأولى سقطت الساعة 02:10 صباحا بالتوقيت المحلي واتصل طاقم "أطباء بلا حدود" بمسؤولين من حلف شمال الأطلسي في كابل الساعة 02:19 صباحا وبمسؤولين عسكريين في واشنطن بعد ذلك بأربع دقائق مضيفا أن القصف استمر حتى الساعة 03:13 صباحا. وفي وقت سابق أعلنت المنظمة أن الكثير من المرضى والموظفين يعتبرون في عداد المفقودين بعد الهجوم الذي استهدف المستشفى التابع ل"أطباء بلا حدود" في الوقت الذي تواجد فيه حوالي مئتي شخص. وأضافت أن المستشفى يعد الوحيد في المنطقة الذي يمكنه معالجة المصابين بجروح حرجة. لم تختلف إدارة أوباما عن بوش، الرؤية واحدة والانتهاكات الأمريكية أمام مختلف الشعوب ما زالت مستمرة، رغم منحه جائزة السلام الأولى في العالم مع بداية توليه الرئاسة الأمريكية، إلا أن قرارات ومواقف أوباما منذ 2009 ابتعدت تمامًا عن السلام الاجتماعي والدوي على حد سواء.