اشترى حمارًا ذات يوم وأسكنه غرفته بالفندق.. عايش أهل الكهف وعاصر عهد الشيطان.. كره القرية وعشق أوروبا وبهائها.. دافع عن الرباط المقدس وهو "عدو للمرأة".. كان كسولًا، لا يقوى على حمل قلمه إذا ضايقته حرارة الجو أو أغراه أحدهم بالمال ليكتب سيناريو حتى.. في باحات الفنادق كان سكنه، وسيرا على الأقدام وب"الأوتونوبيل" تنقل.. عاش عامًا مريرا في منزل امتلكه، قبل أن يكتشف قسوة الحياة مع طباخ وبواب وسائق.. فعاد إلى سيرته الأولى كعصفور يغرد في الشرق.. الأديب المصري توفيق الحكيم.. ولد بالإسكندرية في مثل هذا اليوم عام 1898 لأب مصري من أصل ريفي يعمل في سلك القضاء في مدينة الدلنجات بمحافظة البحيرة، وكان يعد من أثرياء الفلاحين، ولأم تركية أرستقراطية كانت ابنة لأحد الضباط الأتراك المتقاعدين، وتوفي عام 1987. كانت والدته سيدة متفاخرة لأنها من أصل تركي وكانت تقيم العوائق بين توفيق وأهله من الفلاحين، فكانت تعزله عنهم وعن أترابه من الأطفال وتمنعهم من الوصول إليه، ولعل ذلك ما جعله يستدير إلى عالمه العقلي الداخلي، وعندما بلغ السابعة من عمره التحق بمدرسة دمنهور الابتدائية حتى انتهى من تعليمه الابتدائي سنة 1915 ثم ألحقه أبوه بمدرسة حكومية في محافظة البحيرة، قبل أن ينتقل إلى القاهرة، مع أعمامه، لمواصلة الدراسة الثانوية في مدرسة محمد علي الثانوية، بسبب عدم وجود مدرسة ثانوية في منطقته. في عام 1919 شارك مع أعمامه في الثورة وقبض عليهم واعتقلوا بسجن القلعة، إلا أن والده استطاع نقله إلى المستشفى العسكري إلى أن أفرج عنه، حيث عاد عام 1920 إلى الدراسة وحصل على شهادة الباكالوريا عام 1921، ثم انضم إلى كلية الحقوق بسبب رغبة أبيه ليتخرج منها عام 1925. كان الحكيم عاشقا للمسرح على غير رغبة أبيه، فما كان من الامر إلا أن أرسله والده إلي فرنسا ليبتعد عن المسرح ويتفرغ لدراسة القانون، لكنه وخلال إقامته في باريس لمدة 3 سنوات اطلع علي فنون المسرح الذي كان شُغله الشاغل واكتشف الحكيم حقيقة أن الثقافة المسرحية الأوروبية بأكملها أسست على أصول المسرح اليوناني فقام بدراسة المسرح اليوناني القديم كما اطلع علي الأساطير والملاحم اليونانية العظيمة. رائد المسرح الذهني كان الحكيم أول مؤلف استلهم في أعماله المسرحية موضوعات مستمدة من التراث المصري، وقد استلهم هذا التراث عبر عصوره المختلفة، سواء أكانت فرعونية أو رومانية أو قبطية أو إسلامية لكن بعض النقاد اتهموه بأن له ما وصفوه بميول فرعونية وخاصة بعد روايته "عودة الروح". سمي تياره المسرحي بالمسرح الذهني لصعوبة تجسيده في عمل مسرحي وكان توفيق الحكيم يدرك ذلك جيدا حيث قال في إحدى اللقاءات الصحفية: "إني اليوم أقيم مسرحي داخل الذهن وأجعل الممثلين أفكارا تتحرك في المطلق من المعاني مرتدية أثواب الرموز لهذا اتسعت الهوة بيني وبين خشبة المسرح ولم أجد قنطرة تنقل مثل هذه الأعمال إلي الناس غير المطبعة". مراحل مرت بها كتابات الحكيم مرت كتابات الحكيم بثلاث مراحل حتى بلغ مرحلة النضج، وهي: المرحلة الأولى وهي التي شهدت الفترة الأولى من تجربته في الكتابة، وكانت عباراته فيها لا تزال قليلة، واتسمت بشيء من الاضطراب حتى إنها لتبدو أحيانا مهلهلة فضفاضة إلى حد كبير، ومن ثم فقد لجأ فيها إلى اقتباس كثير من التعبيرات السائرة لأداء المعاني التي تجول في ذهنه، وهو ما جعل أسلوبه يشوبه القصور وعدم النضج، وفي هذه المرحلة كتب مسرحية "أهل الكهف"، وقصة "عصفور من الشرق"، و"عودة الروح". المرحلة الثانية حاول في هذه المرحلة العمل على مطاوعة الألفاظ للمعاني، وإيجاد التطابق بين المعاني في عالمها الذهني المجرد والألفاظ التي تعبر عنها من اللغة، ويلاحظ عليها أنها تمت بشيء من التدرج، وسارت متنامية نحو التمكن من الأداة اللغوية والإمساك بناصية التعبير الجيد، وهذه المرحلة تمثلها مسرحيات "شهرزاد، والخروج من الجنة، ورصاصة في القلب، والزمار". المرحلة الثالثة هي مرحلة تطور الكتابة الفنية عند الحكيم التي تعكس قدرته علي صوغ الأفكار والمعاني بصورة جيدة، وخلال هذه المرحلة ظهرت مسرحياته: "سر المنتحرة"، و"نهر الجنون"، و"براكسا"، و"سلطان الظلام".
توفيق الحكيم.. عدو المرأة اشتهر الحكيم في حياته بلقب "عدو المرأة" ويقول: "السبب في هذا الاتهام -كما رواه لصلاح منتصر في كتابه "شهادة توفيق الحكيم الأخيرة" يرجع إلى السيدة هدى شعراوى بسبب مهاجمتى أسلوبها في تشكيل عقلية المرأة المصرية خاصة البنات، بأن حذرتهن من الاستمرار في حياة الجوارى وخدمة الرجال والأزواج في البيت لأنهن مساويات للرجل في كل شيء واشتكى لى بعض الأزواج من البنات والزوجات، اللاتى يفكرن بطريقة شعراوى فهمهمن لرقى المرأة وأنه استعلاء على الرجل وعدم الخدمة في البيت فكتبت في ذلك، ونصحت الزوجة الحديثة بأن تعرف على الأقل أن تهيئ الطعام لزوجها وأن أسهل صنف يمكن أن تطبخه له هو صينية البطاطس في الفرن". أقوال خالدة للحكيم - عندما قرأ توفيق الحكيم إن بعض لاعبي كرة القدم دون العشرين يقبضون ملايين الجنيهات قال عبارته المشهورة: "انتهى عصر القلم وبدأ عصر القدم.. لقد أخذ هذا اللاعب في سنة واحدة ما لم يأخذه كل أدباء مصر من أيام اخناتون". - ليس للنساء عمل في الحياة سوى الحب، أما حياة الرجل فهي حب العمل، ومن هنا بدأ سوء التفاهم. - لا شيء يجعلنا عظماء غير ألم عظيم. - الإنسان كائن متعادل مادِّيّاً وروحيّاً، وهذا سر حياته. - الجمال هو العذر الوحيد الذي يغفر للمرأة كلّ تفاهتها وحماقتها. - هل نعرف للزمان حدا؟ وهل نعرف لسلطانه غاية ينتهى إليها؟ - المصلحة الشخصية هي دائما الصخرة التي تتحطم عليها أقوى المبادئ. - لا يوجد إنسان ضعيف، ولكن يوجد إنسان يجهل في نفسه موطن القوة. - يجب على الإنسان أن يعرف كل شيء عن شيء ما، ويعرف بعض الشيء عن كل شي. - الزواج نقلة مفاجئة من التدليل إلى التذليل. - لا خير في فكرة لم يتجرد لها صاحبها، ولم يجعلها رداءه وكفنه.