الأخلاق ليست بالضرورة أساسها الدين ولكن الأديان بالضرورة تكون داعية إلى مكارم الأخلاق، وهذا يوافق تماما حديث الرسول الكريم "جئت لأتمم مكارم الأخلاق"! لهذا ينتابنى شعور القرف والاكتئاب من نفاق مجتمعنا المدعى التدين والتقوى ولكنه لا يبالى بالمستوى الأخلاقى! ولنا فى المشاهد الآتية خير دليل وبرهان. فى المشهد السياسى، إن اختلف البعض مع السلطة التنفيذية الحالية متمثلة فى الرئيس أو الحكومة، ستجد كثيرين من مرتزقة النظم الحاكمة يتهمونهم وعلى الفور بالخائنين وبالإرهابيين. أما عن اختلاف المترشحين للبرلمان، فحدث ولا حرج عن المهازل الأخلاقية من بعض المترشحين أو من بعض رجال حملاتهم الانتخابية بسبب التكالب على الجلوس تحب القبة. سؤال على الهامش، هل هؤلاء حقا هم النواب المنوط منهم التشريع للمستقبل الواعد؟ خد بالك، إحدى صفات المنافق كما جاء فى الحديث الشريف هى "أذا خاصم فجر"! ومن ثم، هؤلاء الخصوم الفجار ليس إلا منافقين! أما فى مجال الإعلام والصحافة، كفانا ما حدث أخيرا بين الأستاذ يسرى فودة والأستاذة ريهام سعيد على القنوات الفضائية وفى الصحف ومواقع التواصل الاجتماعى! سؤال بسيط، هل هذا دوركم المنوط منكم تنفيذه؟ أم إنكم تستخدمون وسائل الإعلام والصحافة لتظهروا لنا قدرتكم على "الردح وفرش الملاية"؟! حتى فى الرياضة، نجد بعض من المسؤولين عن الرياضة فى خصومة فاجرة ووقحة فى وسائل الإعلام بين بعضهم البعض وبينهم وبين روابط أنديتهم! هذا بالإضافة إلى الخصومة بين أجهزة الأمن وبين روابط الأندية التى وصلت إلى مستوى يدعونا إلى أن نتسائل هل يوجد شئ اسمه رياضة بدون جمهور؟! والسؤال الأهم الآن، هل نحن نعيش فى دولة حقيقية لها مؤسستها التى تعمل على انتشار الأمن والأمان والسلام بين المواطنين بعد أن تركت الخلاف بين أجهزة الأمن والأندية وبين روابط المشجعين يصل إلى هذا الحد؟! المشكلة أن الخصومة والاختلاف وهذا الكم الهائل من العدوانية المصاحب لهم أصبحوا سلوك مستساغ فى المجتمع. وبالفعل بدأ التعايش والتفاعل معهم على أساس فلسفة البقاء للأقوى -أى صاحب الصوت العالى فى مجتمعنا- وأصبح الصمت والصبر دليل ضعف وليس دليل على القوة! ومن ثم، لا داعى إلى التعجب من رؤية هذا الكم الهائل من سوء الأخلاق والعدوانية فى مجتمعنا حاليا. فى الختام، هل أكون مخطئاً وظالما أن أدعيت أن مجتمعنا أصبح مجتمع ناقص الدين والأخلاق؟ قبل أن تجاوب مدافعا عن المجتمع المصرى، أدعوك لقراءة الموقف الآتى. قال عمر بن الخطاب - قبل إسلامه - لصحابه الذى يراوده الإسلام "إن كان الإسلام ما هو يراود فؤادك، فاطعته وجهرت به وتحملت له المغارم وأعلنت أسلامك، فأنت خصمى الجدير بأعجابى وتعظيمى، أما إن جَبُنت وأثررت السلامة على غير ما تعتقده، فانت حليفى الجدير باحتقارى له وأزدرائى"! أهذه كانت أخلاق عمر بن الخطاب قبل إسلامه الذى كان معروف بجبروته وشدته وغلظته؟! أهكذا كان الخلاف فى الجاهلية وفى المجتمع الذى لم يرى المدنية؟! نعم كانوا يختلفون ويتعادون ولكن وفقا إلى المعاير الأخلاقية. ما يحدث الآن فى مجتمعنا من حالة تدهور أخلاقى مع هذا الادعاء الكاذب بأننا مجتمع متدين يحتاج إلى دراسة من المتخصصين وإلى أعادة نظر. هذا المقال ليس من باب النظرة النخبوية المتغطرسة وليس من باب الاعتراض على "فيها حاجة حلوة" ولكن من باب ضرورة الاعتراف ومواجهة أنفسنا بمشاكلنا أن أردنا فعلا أن نحقق تقدماً فى القريب العاجل أو فى المستقبل القريب (وهذا على افتراض ثبوت البعض منا على إيمانه بمستقبل طموح لهذا البلد بعد أن شاهد المترشحين لمجلس النواب!).