تحتفل مصر يوم 25 إبريل بذكرى تحرير سيناء التي جاءت تتويجا لحرب أكتوبر المجيدة وما تبعها من معاهدة كامب ديفيد واتفاقية السلام مع إسرائيل، ورغم مرور 31 عاما على تلك الذكرى المجيدة تبقى السينما المصرية عاجرة عن نقل المعارك العظيمة التي خاضها الجيش على شاشتها. وبإستثناء بعض الأفلام التي تناولت حرب أكتوبر المجيدة في نهاية السبعينات وبداية الثمانيات من القرن الماضي خلت الشاشة الفضية من أي أفلام تتناول معارك الجيش المصري ضد إسرائيل إلا محاولات هنا وهناك لم تنجح في العبور بالسينما إلى حرب أكتوبر. شركات الإنتاج من جانبها تشكو ارتفاع كلفة أفلام الحروب، ما يجعل الخوض فيها مغامرة غير محسوبة قد تكلف صاحبها الكثير، بينما يشكو المؤلفون والمخرجون من غياب المعلومات الدقيقة عما جرى في الحرب وخلف الكواليس لنقلها إلى الشاشة الفضية. كما اتهم البعض النظام السابق بلعب دور في منع الأفلام التي تتناول دور مختلف أفرع القوات المسلحة في الحرب ليبقى نصر أكتوبر المجيد مرتبطا بالضربة الجوية التي قادها الرئيس السابق حسني مبارك خلال توليه قيادة القوات الجوية إبان الحرب، مستشهدين بفيلم "حائط البطولات" الذي لم يخرج إلى النور طيلة عهد مبارك لأنه يتناول دور سلاح الدفاع الجوي في الحرب. وكان صاحب القصة إبراهيم رشاد ضابط فى سلاح الدفاع الجوى، ووافقت عليها الشئون المعنوية بالقوات المسلحة آنذاك، واشتركت فى كتابة السيناريو الى جانب مصطفى محرم ومصفى بدر، وتم كل ذلك تحت إشراف المشير محمد على فهمى قائد قوات الدفاع الجوى أثناء حربى الاستنزاف وأكتوبر، وبدأ التخطيط لإنتاج الفيلم قبل أن يمنع من العرض. واستمر منع فيلم حائط البطولات طيلة 14 عاما، فيما جاء قرار الإفراج عنه بعد تنفيذ تعديلات على المشاهد الحربية طلبتها القوات المسلحة وتتعلق بنوعية الأسلحة والصواريخ المستخدمة في الفيلم خلال تلك المرحلة التاريخية، ولعب أدوار البطولة فيه الفنانين: محمود ياسين، وفاروق الفيشاوي، وخالد النبوي، وندى بسيوني. غير أن ذاكرة السينما المصرية تبقى مليئة بأفلام قدمت نهاية السبعينات ومطلع الثمانينات تناولت المعارك،فعقب الحرب مباشرة تم إنتاج عدة افلام لا سيما في العام التالي للحرب مباشرة، وبعدها جرى تقديم فيلم كل عام تقريبا، ثم أنتج فيلم واحد بعدها بسبع سنوات، أى بعد 13 عاما من الحرب، وفيلم آخر بعد تسع عشرة عاما. ومن هذه الأفلام التى أنتجت بعد الحرب مباشرة الوفاء العظيم عام 1974- عن قصة فيصل ندا، وتدور الأحداث في قالب اجتماعي يصلح للتقديم منفصلا ولا علاقة له بالحرب، فالحبيب ضابط الجيش الذى يتقدم لخطبة حبيبته فيرفض والدها بسبب خلافات قديمة بين العائلتين يجهلها الحبيبان، ويقرر الأب تزويجها لشخص آخر والذى لابد وأن يكون ضابطا أيضا في الجيش هو الآخر - حتى يكون مبررا ساذجا لاقحام أحداث الحرب فى الفيلم. والمدهش أن الصدفة الكبرى أن الزوج يعمل في الجيش تحت قيادة حبيب زوجته الأول، وتتواصل أحداث الفيلم إلى أن يصاب الزوج في الحرب المقحمة إقحاما على الأحداث ويتعرض الحبيب الأول لبتر ساقه نتيجة لمحاولته افتداء الزوج أثناء الحرب. ويرقد الرجلان بنفس المستشفى، وبالصدفة غير المعقولة أيضا يعرف الزوج علاقة الحب القديمه التى كانت بين وزوجته و قائده،فيقرر أن يتنازل عنها برضاه واقتناعه ليتزوجها الحبيب القديم. ويوافق أبوها على على هذه الزيجه برغم العداءالقديم بين العائلتين، تقديرا ووفاءا لتضحية القائد أو الحبيب القديم من أجل الزوج فى الحرب التى كانت البوتقة التى انصهرت فيها كل الخلافات من أجل الوطن. وهناك أيضا فيل الرصاصة لا تزال في جيبي، الذي أنتج أيضا عام 1974عن قصة إحسان عبد القدوس، وأجمع النقاد والجماهير على أن هذا الفيلم من أفضل ما أنتج عن حرب أكتوبر، فهو فيلم من الأفلام القلائل الذى بدأت أحداثه مع نكسة يونيو 67 وحرب الإستنزاف، وانتهت أحداثه بحرب أكتوبر، وأحتوى على مشاهد كثيرة للمعارك الحربية ذات مستوى فنى وتقنى معقول وبأسلوب مبرر وليس مقحما على أحداث الفيلم.