قال الرئيس الإندونيسي، جوكو ويدودو، اليوم الجمعة، إن مصر كانت في طليعة الدول التي اعترفت بإندونيسيا عقب استقلالها، مؤكدًا عمق العلاقات التاريخية والصداقة الوثيقة التي تجمع بين البلدين وشعبيهما. وأعرب، خلال القمة الثنائية مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، عن تطلع بلاده لتعزيز هذه العلاقات وتنميتها في كافة المجالات. وفي حين، شدد السيسى على اعتزاز مصر بالعلاقات التاريخية التي تربط بين البلدين، منوهًا بأن زيارته إلى إندونيسيا، تعد الأولى لرئيس مصرى منذ عام 1983، وتبين العزم الصادق على إعطاء دفعة قوية لتلك العلاقات، خاصة في ضوء مساحة التفاهم الكبيرة بين البلدين، إزاء مختلف الموضوعات الإقليمية والدولية. وأبدى السيسي تقدير مصر لمواقف إندونيسيا الداعمة والمساندة لخيارات الشعب المصري وإرداته الحرة، مشيرًا إلى تجربة إندونيسيا في التحول الديموقراطي، وإمكانية الاستفادة من خبرتها في هذا الصدد، موضحًا أن مصر تقدر موقف إندونيسيا المؤيد لحصول مصر على عضوية مجلس الأمن لعاميّ "2016 / 2017". وتناول السيسي التحديات التي تواجه العالميّن النامي والإسلامى، وفي مقدمتها التطرف والإرهاب، شارحًا ضرورة الارتقاء بمستوى التعاون بين مصر كدولة رائدة في محيطها الإقليمي، وبين إندونيسيا بثقلها في العالم الإسلامي لمواجهة تلك التحديات. وأشاد السيسي بمستوى التعاون الثقافي والديني بين الدولتين، مشددًا على حرص مصر على استمرار دور الأزهر الشريف في إندونيسيا كمنارة لنشر القيم السمحة للإسلام الحنيف بوسطيته واعتداله. وفي سياق متصل، بيّن السيسي اهتمام مصر بتعزيز الجهود الدولية في مجال مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، مقدرًا الجهود الإندونيسية المبذولة في هذا الصدد. ولفت السيسي إلى أن مصر الجديدة تبني سياستها الخارجية على أسس من الانفتاح على الجميع، وفي هذا الإطار يبرز اهتمام مصر بالقارة الآسيوية وبدولها الصديقة، ومن بينهم إندونيسيا، مسلطًا الذوء على آفاق التعاون الاقتصادي الواعدة، ليس فقط بين البلدين، ولكن أيضًا مع رابطة دول جنوب شرق آسيا "الآسيان". ومن جانبه، أعرب الرئيس الإندونيسي عن اتفاقه في الرؤى مع السيسي حول أهمية إيضاح الروح الحقيقية السمحة للدين الإسلامي، وتفعيل قيمه السامية في مكافحة الإرهاب والتطرف والراديكالية، مؤكدًا أهمية التعاون بين البلدين من أجل تحقيق هذه الأهداف. ونوّه السيسي إلى تطلع مصر لتدعيم العلاقات التجارية مع إندونيسيا، وفي هذا الصدد، أبدى الرئيس الإندونيسي اعتزاز بلاده بأن تكون مصر أكبر شريك تجاري لها في شمال إفريقيا، موضحًا تطلعه لزيادة الاستثمارات الإندونيسية في مصر. ودعا الرئيس الإندونيسي الحكومة المصرية إلى تقديم المساعدة والرعاية للمستثمرين الإندونيسيين، وللرعايا الإندونيسيين سواء من الطلبة أو العاملين في مصر. وذكر السيسي أن جميع المقيمين في الأراضي المصرية يتمتعون بكافة حقوقهم، وينعمون بالأمن والاستقرار، شأنهم في ذلك شأن المواطنين المصريين. ووجه السيسي الشكر للرئيس الإندونيسي على إيفاده مبعوثًا شخصيًا للمشاركة في حفل افتتاح قناة السويس، مستعرضًا الفرص الاستثمارية الواعدة التي سيتيحها مشروع التنمية بمنطقة قناة السويس، والمشروعات الوطنية الأخرى الجاري تنفيذها في مصر. وفي ذات السياق، لفت السيسي إلى الإجراءات والتشريعات التي تتخذها وتصدرها مصر من أجل تهيئة مناخٍ جاذبٍ للاستثمار، منوهًا بالفرص التصديرية المتاحة أمام المنتجات، التي يتم تصنيعها في مصر في أسواق الدول المجاورة لاسيما في المنطقة العربية والقارة الأفريقية. وعلى الصعيد الإقليمي، استعرض السيسي تطورات الأوضاع في المنطقة، وما تعانيه عدة دول فيها من ويلات الإرهاب والتطرف، مؤكدًا أهمية أن تتم مكافحة الإرهاب من خلال استراتيجية شاملة لا تقتصر فقط على المواجهات العسكرية والأبعاد الأمنية ولكن تمتد لتشمل كافة الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدينية. وشدد الرئيس السيسي على أن مصر تؤيد الحلول السياسية لهذه الأزمات، بما يساهم في الحفاظ على كيانات ومؤسسات هذه الدول ومقدرات شعوبها. وبيّن السيسي أن القضية الفلسطينية ستظل محتفظة بمكانتها المتقدمة على قائمة أولويات السياسة الخارجية المصرية،منوهاً إلى أنه يتيعن تحقيق السلام العادل والشامل وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يوينو 1967 وعاصمتها القدسالشرقية. وفي هذا الصدد، أشارالرئيس الإندونيسي إلى أن بلاده تؤيد إنشاء الدولة الفلسطينية المستقلة. وأعرب الرئيس الإندونيسي عن أهمية قيام الدول الإسلامية بالتباحث في المشكلات والأزمات التي تواجهها منطقة الشرق الأوسط للبحث عن حلول لها وتدارك آثارها الإنسانية السلبية على شعوب دول المنطقة، ومن بينها تزايد أعداد اللاجئين والهجرة غير الشرعية وما يترتب عليها من تداعيات مأساوية. وقد رحب الرئيس السيسي بتلك الفكرة، منوهاً إلى أهمية بلورتها وإعدادهاً جيداً لتحقق أهدافها المرجوة. وفي نهاية المباحثات، وجه السيسي الدعوة لنظيره الإندونيسي لزيارة مصر، وهو ما رحب به الأخير، كاشفًا تطلعه لإتمام هذه الزيارة. وعقب انتهاء المباحثات، شهد الرئيسان مراسم التوقيع على مذكرتي تفاهم في مجال التدريب والتعليم الدبلوماسي، وفي مجال إعفاء حاملي جوازات السفر الدبلوماسية والخاصة ولمهمة من تأشيرات الدخول. وعقبها، عقد الرئيسان مؤتمرًا صحفياً، ألقى خلاله السيسي كلمة، أعرب في بدايتها عن تقديره البالغ للرئيس الإندونيسى، وحكومة وشعب إندونيسيا، على حفاوة الاستقبال التي لاقاها خلال هذه الزيارة المهمة، التي تعبر عن عمق علاقات الصداقة التاريخية بين البلدين". وتابع: "لقد ناقشنا مختلف أوجه التعاون الثنائى سياسيا واقتصاديا، وعكست المناقشات استمرار تطابق مواقف البلدين، تجاه مجمل القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، ومن بينها الأوضاع الإقليمية فى كل من الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا، كما اتفقنا على العديد من الأفكار لتعزيز التعاون الثنائى.. والتنسيق فى المحافل الدولية لمواجهة التحديات المختلفة التى تواجه البلدين، وفى مقدمتها مكافحة خطر الإرهاب والتطرف، فضلًا عن ضرورة التعامل الجاد مع التحديات التنموية المتزايدة التى تواجهها شعوبنا، كما شهدنا التوقيع على عدد من الاتفاقيات الثنائية". واستطرد: "كذلك اتفقنا على تعزيز فرص التبادل التجارى والاستثمارى والثقافى بين البلدين، والاستفادة من الرصيد التاريخى الكبير للعلاقات الثنائية، لقد طمأنت فخامة الرئيس على سلامة الطلاب والعاملين الإندونيسيين في مصر، حيث أن مصر آمنة ومستقرة وتحترم وتوفر الأمان لكل من يقيم على أراضيها". وأضاف: "لقد وجهت الدعوة إلى فخامة الرئيس الإندونيسى لزيارة مصر، لمتابعة نتائج اجتماعنا اليوم، وفتح آفاق تعاون جديدة، خاصة فى المجالات التجارية والاقتصادية، وأتطلع إلى استقبال السيد الرئيس فى القاهرة فى أقرب فرصة". أخبار مصر اليوم