أعلن عدد من قيادات الإخوان المنشقة، اليوم الجمعة، أنهم وضعوا خطوط عامة لعقد مصالحة بين الجماعة والدولة، أولها أن تعتذر الجماعة في بيان رسمي للشعب عما بدر منها في حقه، ثم تطرح الجماعة مبادرة حقيقية تلتزم بها وتنفذ كل ما جاء فيها حتى تثق فيهم الدولة وتتصالح معها. وقال الدكتور محمد حبيب، النائب السابق لمرشد جماعة الإخوان، إن التصالح مع الإخوان الآن درب من الخيال، فالجماعة تصر على انتهاج العنف والقتل، كما أن القيادات الحالية لا ترغب حقًا في التصالح، معقبًا: "فأي تصالح يتم مع جماعة اتخذت من تركياوقطر قاعدة تشن منها هجوما على الدولة المصرية في كل وقت". وأضاف حبيب، ل"التحرير"، "القيادات الحالية للجماعة لا تستطيع حل أزمة في قرية، فما بالنا بجماعة بحجم الإخوان، مشكلة هذه القيادات أنها تقف عند حدود لحظة تاريخية محددة، وهي عزل محمد مرسي، ويرفضون مغادرة هذه اللحظة". وأشار حبيب إلى أن الاخوان لو اعترفوا بأزمتهم الحالية، وطوروا من برامجهم وابتعدوا عن التمترس بالدول الأخرى، أمام النظام الحالي، لكان الأمر أفضل بكثير، فالجماعة الآن تسير نحو طريق الهاوية، وترفض الاعتراف بالحقيقة، وهي أن مرسي لن يعود، وأنهم لن يستطيعوا تولي حكم مصر مرة أخرى. وأوضح حبيب أنه لكي يتم الحديث عن التصالح مع الإخوان الآن لابد أولًا من اعتذار رسمي من الجماعة للشعب المصري تقول فيه الجماعة أنها تتأسف عما بدر منها في حق الوطن، ثم تعود كأي منشأة دعوية لا تمارس السياسة، حتى تقوي من استيعابها لكيفية الدخول في المعترك السياسي، وهذا الأمر يحتاج لعشرات السنيين، على حد تعبيره. وأكد حبيب أن تدخل قطر في الوساطة بين مصر والإخوان أمر ضرره أكثر من نفعه، فقطر تلعب بورقة الإخوان لكي تناطح مصر، وهي كالأرنب الذي يقف في وجه أسد. وذكر كمال الهلباوي، القيادى السابق بالجماعة، أن التصالح مع الإخوان مرهون باعتذار قيادات الجماعة الموجودين في السجون وفي الخارج عما بدر منها من قتل وعنف وتعطيل لمصالح الناس أولًا، ثم بعد ذلك التحدث عن المصالحة. وشدد الهلباوي على أن القيادات الحالية التي تتولى زمام الأمور داخل الجماعة ترفض التصالح، ولازالوا يراهنون على المظاهرات، وما يمكن أن تحدثه من تحريك للمشهد، معقبًا: "لكن هذا عشم إبليس في الجنة". ولفت الهلباوي إلى أن فكر القيادات الحالية "هيودي الجماعة في داهية "، ولن تعود للمشهد السياسي مرة أخرى، موضحًا أن الدولة لا تستطيع مد يدها للتصالح مع الإخوان، مالم يقوموا بإعلان نيتهم التصالح، فالدولة ليست في حاجة للتصالح مع الإخوان، فهم من يحتاجونها لأن الجماعة تصدعت، وهناك خلافات جذرية تضرب أوصالها، وعلى القيادات الحالية التنبه قبل فوات الأوان، وإلا ستجد الجماعة نفسها في مهب الريح. وأوضح عمرو عمارة، مؤسس تحالف شباب الإخوان المنشقين، أن الجماعة لا تستطيع إعلان التصالح مع الدولة صراحة، لأنها لن تقدر على احتواء غضب الشباب، الذي تاجرت بحماسته، وأودت به نحو القتل ورفع السلاح في وجه الدولة. وتابع عمارة أن الجماعة ترمي قنبلة في الهواء عن طريق طرح مبادرة للتصالح من شخصيات أو دول قريبة منها، ولكنها لا تسعى جديًا للتصالح، فالإخوان لازالوا يشعرون بالقوة الزائفة، ويتوهمون أن هناك دول عربية وأجنبية تساندهم، والحق أن الكل سيبيعيهم عما قريب، فلا توجد دولة تريد استمرار العداء والصراع مع مصر، بل بالعكس فكل الدول ستسعى خلال الفترة المقبلة لبناء علاقات قوية مع مصر والاستثمار فيها، وعلى الإخوان إدراك مدى خوار قوتهم، وأن مصير الصراع مع الدولة هو التصالح، ولا يمكن أن تنتصر جماعة أو ميليشيا على دولة، وتاريخ الجماعة منذ حكم الملك فاروق يؤكد أنهم يتصالحون مع النظام الحاكم، فالجماعة تصالحت مع الملك بعد قتل النقراشي، واغتيال البوليس السياسي حينذاك حسن البنا، مؤسس الجماعة ومرشدها الأول. وفي حين، نوه هشام النجار، الخبير في شئون الجماعات الإسلامية، بأن الجماعة مطالبة بإيقاف التحريض على العنف من الخارج، واستهداف رموز إعلامية وسياسية وأمنية، ومؤسسات الدولة من الخارج، سواء من قيادات الجماعة أو حلفائها الآخرين، إلى جانب حل الخلايا المسلحة التي شكلت وتم الإعلان عنها رسميًا منذ الذكرى الرابعة لثورة 25 يناير، منذ خروج محمد منتصر، المتحدث الإعلامي باسم الجماعة، بخطاب عنف يتبنى التحريض على الدولة، عقب ما عرف بإعادة هيكلة الجماعة، وتشكيل مجلس لإدارة الأزمة. وتابع: "إذن هناك استراتيجية جديدة منذ يناير 2015، والمفروض أن تتوقف بحل التشكيلات والخلايا المسلحة والتنظيمات التي تستهدف مرافق الكهرباء وغيرها ورجال الشرطة، هذه الأشياء كمقدمة لتهيئة المناخ لو أرادوا المصالحة؛ لكي تثق فيهم الدولة، ويؤكدوا استعدادهم أن يكونوا جزءًا من المشهد، والقبول بما نتج على الأرض عقب بيان 3 يوليو، وتقبل أن تكون جزءًا من المشهد، وتساهم فيه وتوقف استراتيجية ومبدأ المغالبة، وأن تكون التنمية مسعاهم بدلًا من السعي للانفراد بالسلطة". النجار أضاف: "أما التفاصيل الدقيقية وملامح التسوية، تكون بموآمات وامتيازات معينة، مقابل تنازلات تكون في إطار سري، ولا تعلن ولا تستخدم سياسًا في الإعلام، لتحقيق بعض المصالح المرحلية، وتنتهي الجماعة من استخدام موضوع المصالحة كتكتيك في مناورات مع النظام الحالي، ولابد أن تكون تفاصيل المصالحة سرية، وبوساطة من السعودية، فقطر لا تنفع أن تكون وسيطًا، لأن الوساطة أشمل، ولا يكون فيها طرف في المشكلة، فقطر طرف من المشكلة، لأنها كانت جزء من الدول التي دعمت قيادات الإخوان، ووفرت لهم الدعم المادي والإعلامي، للاستقواء على الدولة، والوساطة لكي تنجح لابد أن تكون متوازنة، ولابد أن تكون جهة التدخل محايدة كالسعودية وألمانيا مع غيرها الدول الأوروبية الكبيرة، وممكن أن تكون قطر موجودة ولكن ليست الطرف الأوحد، وشرط التصالح السرية، ويعلن الاتفاق في آخر مراحله". وأكد النجار أن الدول المصرية لديها استعداد للتصالح لأنها تحافظ على كيانها ومؤسساتها ووحدتها واستقرارها وأمنها، وهذه الاعتبارات تدفعها للتصالح مع التنظيمات والجماعات، وإذا وجدت الدولة من الإخوان نية للتصالح فلن تمانع، الكرة في ملعب الإخوان، فالدولة لن تقدم خطوات استباقية، فإذا قدم الاخوان معطيات للتصالح، فلن تتراجع الدولة عن الأمر، والشعب سيتقبل الأمر، فالناس لو وجدوا الإخوان يعتذرون لهم سيخلق مناخ للتصالح، ولكن هذا الوضع بالتفجيرات واستهداف الضباط والمؤسسات وأبراج الكهرباء تنفر الشعب من المصالحة، ولكن توقف الإخوان عن ارتكاب أعمال العنف سيجعل الناس تتقبل فكرة المصالحة مع الدولة. وذكر سامح عيد، الخبير في شئون الجماعات الإسلامية، أن أي مبادرة تتطلقها الجماعة للتصالح مع النظام الحالي تحدث حالة من الشذر والانقسام داخلها، بسبب غضب الشباب على القيادات التي حرضت على على الموت والعنف، والمشاركة في التفجيرات، وحال شباب الإخوان الآن إما قتيل أو مسجون، وفاتورة عنف الإخوان دفعها الشباب كاملة، ولهذا فالحديث عن المصالحة سيحدث انقسام كبير داخل الجماعة. وبيّن عيد أن الجماعة دفعت بمبادرات كثيرة كقنابل لجس نبض أعضاء الجماعة للتصالح مع الدولة، ولكن هذا الأمر قوبل بالرفض، والجماعة تريد التصالح ولكن النظام المصري لديه استعداد للتفاهم مع الأفراد الموجودين بالجماعة، ولكن لا نية لديه للتسامح مع التنظيم. عيد أضاف أن الدولة تتسامح مع أعضاء الإخوان الذين لم يمارسوا عنف ضد الدولة، فالدولة لم تفصل أعضاء الجماعة المعينين في الوزارات، والتي بلغت أعدادهم 230 ألف عضو داخل أجهزة الدولة، حسب قوله. وأكد عيد أن الدولة لا تسجن إلا من يقوم بأعمال عنف أو يشارك في اجتماعات للجان نوعية تسعى لإعادة هيكلة الجماعة أو الاتفاق على القيام بأعمال عنف جديدة , فالدولة لن تتحمل القبض على نصف مليون شخص وإيداعهم السجون فما يتم الآن أن الدولة تتعامل بالقطعة مع الإخوان فمن لا يرتكب عنف يتم الإعفاء عنه وهناك خلايا إخوانية مازالت موجودة حتى الآن ,فالدولة تتسامح مع الأفراد وليس التنظيم فالدولة لا تستطيع إعلان التالح مع الإخوان ولا الجماعة تستطيع الكشف عن نواياها بالتصالح مع الدولة . وأشار عيد إلى إن الجماعة تعتمد سياسة النفس الطويل بمعنى أنها تؤجل موعد المصالحة لأكبر مدة زمنية ولكنها تعلم جيدا أنها ستتصالح مع النظام آجلا أو عاجلا فالتنظيم يراهن على وحدته ويستدعي أجواء ماحدث للجماعة خلال عام 1945 مع الرئيس جمال عبدالناصر وحتى عام 1974 حينما جاء الرئيس محمد أنور السادات حيث كانت القيادات كلها داخل السجون خلال الحقبة الناصرية ولم يفرج عنهم إلا بوصول السادات للحكم , فالجماعة لديها القدرة على الصبر .