عميد كلية الإعلام بالمنيا: يجب التخلص من أراضي ماسبيرو غير المستغلة وتقليل عدد القطاعات بالمبني الإعلام سلاح قوى فى توجيه الرأى العام وحشد الجماهير خلف الدولة، لكن ماسبيرو يعانى فى الفترة الأخيرة من تدهور نسبة مشاهدته وخروجه من قوائم المؤثرين على عقل ورأى المشاهد.
الدكتور حسن على عميد كلية الإعلام بجامعة المنيا ورئيس جمعية «حماية المشاهدين والمستمعين والقراء»، قام فى حواره مع «التحرير» بتشريح حالة الإعلام المصرى، خصوصا مبنى ماسبيرو، مؤكدا أن إلغاء وزارة الإعلام كان الخطأ الأكبر، بالإضافة إلى المجاملات والروتين الذى كان سائدا فى المبنى. ■ بدايةً.. ما دور الإعلام الحكومى فى الدول النامية والمتحضرة؟ - الإعلام الحكومى يكون صوت الحاكم والمدافع الأول والأخير عنه، ففى أيام حكم الزعيم جمال عبد الناصر كان الإعلام عموما محدودا فى الأدوات والتكنولوجيا، وكان عبارة عن عدد من المؤسسات القومية التى تم تأميمها مثل «الأهرام» و«الأخبار» و«دار الهلال»، بالإضافة إلى الراديو الذى كان صوتا للحاكم منذ نشأته أيام الملك، ومن حسن حظ الإذاعة أن عبد الناصر كان مدمنا للراديو مما جعله يهتم بهذا الوسيط الإعلامى جيدا، والإعلام أيام عبد الناصر كان تحت السيطرة الحكومية بنسبة 100% وموجها بنسبة 100%. ■ ما السبب الرئيسى فى الأزمة التى يعيشها مبنى ماسبيرو حاليا؟ - عندما تم عمل قانون 13 لسنة 79 كان يضمن لماسبيرو الاستقلالية التامة بعيدا عن الدولة والحكومة، وله جمعية عمومية ومجلس أمناء وأعضاء منتدبون، فمجلس الأمناء كان أشبه بمجلس وزراء مصغر، لأن عضويته تتكون من وزير التخطيط ووزير المالية وشيخ الأزهر وممثل الكنيسة وغيرهم من القيادات بحكم وظيفتهم، لذلك كان اسم الحقيبة الوزارية لصفوت الشريف آنذاك هو «وزير الدولة لشؤون الإعلام». وأجرى الشريف وقتها بعض التعديلات، وأصبح الاتحاد يتبع وزارة الإعلام بعد تغيير اسمها، وهذا كان بمثابة أول مسمار فى نعش ماسبيرو، فبعد هذه التغييرات أصبح مبدعو ماسبيرو موظفين سواء كانوا مخرجين أو مؤلفين أو مذيعين، والجميع أصبح يبحث عن العلاوة سواء كان ماهرا أو غير ذلك، وصار الجميع يبحث عن الزيادات المالية فقط بالإضافة إلى بعض الموظفين الذين أصبحوا يحصلون على ترقيتهم بحكم المحكمة، بالإضافة إلى التفاوت الواضح والكبير فى أجور أبناء ماسبيرو. ■ ما السبب فى هذا التفاوت؟ - للأسف، العاملون فى ماسبيرو يطبق عليهم ما يطبق على العاملين فى الدولة من قوانين، لكن عند الإنفاق لا يتقيد بهذه القوانين، لذلك عندما يتم تحديد أجر المتحدث فى أحد البرامج يتم تحديده بشكل عشوائى عن طريق لجنة الأجور، وبالتالى يخضع لتقدير السلطة المختصة وهو رئيس مجلس الأمناء ورئيس القناة، ويرأس لجنة الأجور عادة رئيس كل قطاع، وهذا يعتبر بوابة كبرى للفساد. ■ كيف يتم إنقاذ هذه المؤسسة العريقة قبل غرقها؟ - اتحاد الإذاعة والتليفزيون مؤسسة ديناصورية تصل أملاكها إلى ألف فدان مخصصة لمحطات الإرسال على مستوى الجمهورية، وهذه المحطات لتقوية وإيصال البث إلى جمهورية مصر العربية بالكامل، وأغلب هذه الأراضى دخل الآن كردون المبانى وأصبح المتر فيها يساوى آلاف الجنيهات ومن الممكن بيعها، خصوصا أننا أصبحنا ليس فى حاجة إلى هذه المحطات بعد دخول الأقمار الصناعية وقرب تنازلنا عن ترددات البث الأرضى نهائيا والاعتماد على البث الرقمى. ■ لو كنتَ صاحب قرار.. ما أول القرارات التى ستتخذها؟ - القرار الأول هو عودة وزارة الإعلام لأن إلغاءها كان خطيئة كبرى، فالإعلام المصرى مرتبك ويجب أن يكون هناك شخص مسؤول ومختص، وله كرسى داخل مجلس الوزراء، فى أثناء هذه الفترة التى يعاد فيها ترتيب البيت الإعلامى من الداخل. ■ لكن الدستور المصرى الجديد نص على وجود مجلس وطنى للإعلام؟ - صحيح.. لكن لم ينص على إلغاء الوزارة، ويجوز أن يكون هناك الاثنان، فبعض الدول بها الاثنان مثل المغرب وتونس والأردن والإمارات ولبنان، وكان يجب أن يكون هناك شخص مسؤول عن ترتيب الإعلام المصرى بالكامل. ■ لكن هناك مشكلات أخرى فى المبنى مثل العاملين غير الأكفاء، ماذا يفعل معهم صاحب القرار؟ - اقترحت من قبل على أحد وزراء الإعلام عقد دورات تدريبية لكل العاملين بالمبنى، لتنمية مهاراتهم مع إجراء تقييم موضوعى كل فترة لمعرفة مدى استفادة كل عامل من هذه الدورات التدريبية، مع عمل نظام جديد للمعاش المبكر بحيث يحصل من وصل إلى سن ال50 سنة على معاش كامل إذا أراد ذلك. ■ هناك قطاعات كثيرة فى المبنى وإدارات مركزية متداخلة الاختصاصات، كيف نتخلص من هذه الإدارات والقطاعات المعطلة للعمل؟ - يجب ضم أغلب هذه القطاعات فى عدد محدود، فالأمن أصبح قطاعا والفضائيات أصبحت قطاعا، بالإضافة إلى تداخل بعض هذه القطاعات فى عمل البعض الآخر، فشركة صوت القاهرة تقوم بإنتاج الإعمال وأيضا قطاع الإنتاج بالتليفزيون يقوم بنفس المهمة، وكل القنوات تقوم بذلك، بالإضافة إلى مدينة الإنتاج، ويجب على صانع القرار ضم كل القطاعات فى شركة واحدة وبالتالى نكون قد وفرنا هياكل إدارية كثيرة واعتمادات مالية ضخمة لعدد هائل من قيادات هذه القطاعات التى لا تعمل شيئا. ■ ما الذى يجب عمله حتى ينصلح حال الإعلام المصرى كاملا سواء الحكومى والخاص؟ - يجب تغيير القانون 8 لضبط أوضاع الإعلام المصرى، ولا يمكن أن تترك القنوات الفضائية للهيئة العامة للاستثمار هى التى تعطى الرخص المطلوبة فقط بعيدا عن وزارة الإعلام، فمن غير المنطقى أن تبث أية قناة خاصة ما تريده، بل يجب وضع سقف للجميع إذا تجاوزته المؤسسات الإعلامية تتم محاسبتها، على أن يتم الاتفاق على هذا السقف مع الأطراف المعنية جميعا وليس من طرف الحكومة فقط، لكن عن طريق المجلس الأعلى للإعلام الذى يكون مظلة كل ما هو إعلامى داخل مصر، ومن يخالف المواثيق والقوانين تتم محاسبته عن طريق المجلس. ■ لو كنت مسؤولا عن ماسبيرو، ماذا ستفعل حتى يعود إلى مساره الصحيح؟ - أولا سألغى نظام الترقية بناء على الأقدمية، وسأجعلها بالمهارة والحرفية والمهنية، لأن نظام الأقدمية كان أول أداة من أدوات هدم المبنى. ثانيا سأجعل قبول العمل داخل المبنى بناءً على الموهبة، ولن أسمح بأن يكون ابن المذيع مذيعا إلا إذا كان موهوبا بالفعل، وسأقوم بتفعيل نظام ميثاق الشرف الإعلامى ونظام ال«ستايل بوك» الذى يحدد للمذيع ماذا يقول بعد ذكر كل دولة، فالدولة العربية يعقبها كلمة «شقيقة»، وعندما نذكر دولة علاقتنا بها قوية نقول «صديقة»، وعندما يقوم الفلسطينيون بعملية نقول عليه «فدائى»، وهكذا حتى يكون العمل داخل المبنى منظما ومحفزا على الإبداع. ■ هل تسببت المجاملات فى ضعف ماسبيرو لهذه الدرجة؟ - المجاملات هى السبب فى خراب هذا المكان، هذا تجلى أمامى عندما كنت عضو لجنة اختيار المذيعين. وقررت أنا والأعضاء أننا لن نمرر أى شخص إلا إذا أن يستحق مهما كانت وساطته، فتقدم 3000 شخص من خريجى الجامعات المصرية واختبرناهم على مدار شهر ونصف، وجاءت النتيجة أن الجميع رسب ولم ينجح أحد، لكن جاءنا كشف من مكتب وزير الإعلام آنذاك صفوت الشريف بأسماء عدد من الناجحين وطلب منا أن نوقع على أسماء معينة فرفضت التوقيع بشدة واعتذرت عن استكمال عملى بهذه اللجنة.