ردود الأفعال والتعليقات التى وصلتنى حول آخر مقال «مش من حقك تمنعهم يا متخلّف»، لم تخيّب ظنّى على الإطلاق وجاءت كما توقعتها! كانت التعليقات كثيرة وعن مواضيع مختلفة، لكن موضوع المقال الأصلى لم يتطرّق إليه أحد! كان المقال ببساطة شديدة عن الفرق بين المجتمعات المتحضّرة والمتخلفة من خلال احترامهم الدستور والقانون! بعض التعليقات كانت عن «المايوه الشرعى»، وأخرى للدفاع عن بعض الأماكن أو القرى السياحية العنصرية التى تعامل المواطنين بناءً على الملبس أو المظهر الخارجى، لكن اللطيف هو التعليقات التى كانت بمنزلة الردّ على حلقة وائل الإبراشى بخصوص الحجاب والمايوه الشرعى فى القرى السياحية. طبعًا لم أشاهد أو أسمع هذه الحلقة (التجارية والسخنة كعادة حلقات الأستاذ وائل)، لكن أحد أصدقائى أخبرنى بمحتواها بعد أن سألته عن علاقة هذه التعليقات بموضوع المقال. توصلت منذ فترة إلى نظرية بسيطة لكنها مهمة جدًّا، لا يهمّ على الإطلاق ما تكتبه أو تقوله، لأن المتلقّى لن يفهم أو يسمع إليك! فالمتلقى سوف يفهم ما قلته أو كتبته طبقًا لوجهة نظره ولما يراه ويعتقده هو (أو هى)! يعنى كل واحد منا يتكلم من أجل الرد على نفسه أو للرد على أشخاص آخرين، فلا داعى للغضب أو الحزن من احتدام المناقشات أو الحوارات، ولا داعى إلى شخصنة الأمور. طبعًا هذه الجملة سوف يفهمها البعض على أنها اتهام لهم بالجنون، وهذا ما يريدون هم أنفسهم أن يفهموه، لأن مقصدى هو أننا أصبحنا نعيش فى جزر منعزلة مع أنفسنا! على سبيل المثال، إن رفضت الزوجة عمل الشاى لزوجها، سوف تفهم حماتها من هذا أن الزوجة لا تهتمّ بزوجها، لأنها على اعتقاد بداخلها بهذا، ولن تفهم أن الزوج (أى ابنها) الذى ينتظر الشاى من يد زوجته كل يوم زوج «بلط» وفاهم الرجولة خطأ. بالمناسبة، الرجال قوَّامون على النساء، ليس معناها أفضلية الرجال على النساء كما يعتقد كثيرون، لأن المعنى المقصود بالقائمين هم القائمون على خدمة النساء! ظاهرة الجزر المنعزلة مع أنفسنا نتيجة طبيعية بعد ثورتَى يناير ويونيو، فقد شاهدنا كثيرًا من المعارك المستفزة فى الصحافة والإعلام والحياة السياسية بين مختلف الجماعات والنخب المعتقدة بأنها مالكة صكوك الحقيقة والثورة والوطنية. وما يزيد الأمور سوءًا دائمًا هو احتكار البعض من هذه المجموعات للحقيقة دون اكتراث للآخر، فرفضنا نحن أيضًا الآخر ورفضنا تحكُّم البعض فينا، وفضَّلنا العزلة مع أنفسنا، ولا داعى إلى سماع وتفهُّم الآخر! هذا المقال ليس الغرض منه الرد على التعليقات، لكن للتعليق على عدم مناقشتنا الموضوع الأصلى، وهو احترام القوانين، وبناءً عليه، نحن نعترف ونشيد بأن عدم اتخاذ قرار الانتخابات البرلمانية و«تميّع وتعويم» الإجراءات حتى الآن يُعدّان قرارين حكيمين من سيادة الرئيس ومن الحكومة! لا داعى لمجلس النواب المنوط بالتشريع وسنّ القوانين، بما أننا أصبحنا جماعات منعزلة عن بعضنا البعض، وأصبح لكلٍّ منا تشريعاته وقانونه الخاص، وأصبح كل واحد منا «رئيس جمهورية نفسه»! لكن لا داعى إلى الحزن على ما وصلنا إليه، فهل من المعقول أن نحزن و«مصر بتفرح» (خلى بالك الفرح هنا بالأمر، يعنى هتفرح بالعافية)!