جاء إخلاء سبيل أبو العلا ماضى، رئيس حزب الوسط، القيادى الإخواني السابق، ليفتح الباب من جديد حول المصالحة بين الدولة وجماعة الإخوان، لا سيما أن أبو العلا ارتبط اسمه دائمًا بالوساطة بين «الجماعة» والدولة، وبعلاقات مع الطرفين. ووفق قيادات من «الجماعة» فإن بعض الدول العربية قالت إن النظام المصرى وعد بفتح حوار حول مستقبل «الجماعة» بعد افتتاح قناة السويس، خصوصا بعد زيارة جون كيرى إلى القاهرة، وهو ما دفع «الإخوان» وفق الاتفاقات الجديدة لإعادة السيطرة على مكاتبها وتصدير الوجوه القديمة والمعروفة، وإقصاء الجيل الجديد، إذ احتفظ محمود عزت وإبراهيم منير بمنصبَيْهما كنائبين للمرشد فى الداخل والخارج، وهو ما يكشف عن نيتها عدم إحداث تغييرات فيها، بناءً على توصيات يوسف ندا، وراشد الغنوشى، زعيم حزب النهضة الإخوانى التونسى، لقيادات «الإخوان» بتركيا، حتى تتاح فرصة التفاوض بين الجماعة والدولة وبعض الدول العربية مثل السعودية، ووفقا لما أكدته قيادات «الإخوان» فإن اتصالات ندا والغنوشى بالسعودية وقطر وأمريكا قد تخلق فرصا للتفاوض من جديد بين «الإخوان» والدولة، مما قد يحدث انفراجة قريبة. ولم يكن الإفراج عن ماضى وحده أول خيوط الحوار والتفاوض، بل سبقه سفر كل من الدكتور حلمى الجزار والدكتور على بطيخ، القياديين بالجماعة، إلى تركيا بمعرفة من الأمن، والتقيا قيادات «الجماعة» فى الخارج، وشاركا فى آخر 3 اجتماعات، والتى كانت حاسمة فى الاختيارات الجديدة لمكتب الإرشاد، وإعادة التشكيل وتجديد الثقة فى الجيل القديم خارج مصر، مع اختيارهما كشخصيتين تديران نشاط «الإخوان» من داخل مصر. وفجَّرت مصادر إخوانية مفاجأة بأنه كانت هناك جهود كبيرة من بعض الأطراف الأوروبية للإفراج عن أبو العلا ماضى ومعه الدكتور محمد سعد الكتاتنى، لكن صدور حكم ضد الأخير لم يسمح له بالإفراج، مؤكدين أن هناك اجتماعات قريبة فى الخارج بحضور يوسف ندا وراشد الغنوشى وإبراهيم الزيات وإبراهيم منير، ومحمود حسين الذى ظهر أخيرا فى عزاء عصام دربالة بتركيا للحوار حول مستقبل الجماعة، كما رجحوا أن يكون ماضى طرفا فى الحوار بقيادة «الوسط» مع الدولة. المهندس عمرو فاروق، الأمين العام لحزب الوسط، قال إن الإفراج عن ماضى ليس سياسيا، وسيخرج خلال يومين، مضيفا أن فكرة الحوار السياسى سيعاد طرحها الفترة القادمة، بعد عقد اجتماع مع ماضى وعودته إلى رئاسة الحزب. ونفى فاروق أن يكون الإفراج تم بناء على تفاوض مع الدولة، مشددا على أن إخلاء السبيل جاء بعد إتمامه الحد الأقصى لمدة الحبس الاحتياطى، حسب القانون «143»، وهى سنتان، مضيفا أن قرار المحكمة جاء بعد قبول الاستئناف المقدَّم من دفاع أبو العلا ماضى، وإخلاء سبيله بضمان محل إقامته. وعن إمكانية لعب حزب الوسط دور الوساطة السياسية خلال الفترة المقبلة، قال فاروق: «ندعو كل الأطراف من (الإخوان) والدولة إلى الجلوس والحوار بشأن المستقبل لإنهاء حالة الصراع والانقسام السياسى الموجودة فى البلد حاليا، لأنه الأمل فى إقامة دولة عادلة»، مضيفا أن الفترة القادمة قد تشهد تغيّرات كبيرة. القيادى الإخوانى المنشق والباحث فى شؤون الجماعات الإسلامية، سامح عيد، قال إن هناك أحاديث كثيرة عن خروج أبو العلا ماضى رئيس حزب الوسط، وسعد الكتاتنى من فترات سابقة، مضيفا أن خروج ماضى قد يكون له جزء إيجابيى على «الإخوان» وقيادات حزب الوسط، خصوصا أنه وجْه تفاوضى ولديه علاقات جيدة. وأضاف عيد أن هناك تراجعا إخوانيا فى مواقفهم خلال الفترات السابقة، وهناك أحاديث عديدة حول أهمية التفاوض والحوار، وقد يكون خروج ماضى سببا فى دفع هذه المفاوضات، والحوار بوساطة حزب الوسط باعتباره أول مَن خرج من تحالف «الإخوان»، وقدَّم بادرة طيبة تجاه الدولة ورفض العنف. القيادى الإخوانى المنشق قال إن هناك إمكانية حقيقية لفتح حوار مع «الجماعة»، خصوصا بعد محاولات «الإخوان» بقيادة يوسف ندا وراشد الغنوشى، دفع السعودية نحو المصالحة أو تعديل أوضاع الجماعة فى مصر، ولن تكون مصالحة بالمعنى المعروف، لكن ستكون بفتح الباب ولو قليلا أمام الحوار، ووقف التضييق على الجماعة. من جهته، قال الدكتور كمال الهلباوى، القيادى الإخوانى المنشق، إن الوساطة بين الدولة و«الإخوان» لا تحتاج إلى أبو العلا ماضى لإتمامها، خصوصا ولو حدث حوار سيكون مباشرا مع «الجماعة»، مضيفا أن ماضى كان يجب الإفراج عنه منذ فترة، لأنه كان محبوسا احتياطيا. الهلباوى أضاف أن خروج قيادات وسطية، مثل ماضى، ترفض العنف، ضرورة فى الوقت الحالى لجمع الشباب حولهم، وهى خطوة مهمة من الدولة، مضيفا أن حزب الوسط رفض عنف «الإخوان»، وخرج من تحالف دعم الرئيس المعزول، وكلها خطوات تحسَب للحزب ولأبو العلا ماضى. واستبعد الهلباوى أن تحدث مصالحة بين «الإخوان» والدولة، مؤكدا ما يمكن أن يحدث هو فتح الباب أمام قيادات الجماعة الراغبة فى العمل السياسى والدعوى، بعيدا عن العنف.