قال الكاتب البريطاني روجر كوهين، إن أوروبا تترصدها فئات ثلاث: فئة أولى تريد دخولها، وثانية تبغي الخروج منها، وثالثة تسعى إلى تدميرها. ووصف كوهين، في مقال نشرته النيويورك تايمز، الفئة الأولى بأنها يائسة، والثانية بأنها غاضبة، والثالثة بأنها تتوعد، قائلا "إن هذا الوضع ترك الدول الثماني والعشرين الأعضاء بالاتحاد الأوروبي تشعر لأول مرة بأن اتحادها بات أقرب إلى التمزق منه إلى المزيد من التكامل". وأضاف أن أوروبا "سالمة بلا حدود تقريبا" تمثل أكبر إنجاز تم خلال النصف الثاني من القرن العشرين؛ فبعد مرور سبعين عاما على مذابح الملايين في أوروبا، يعتبر الانتقال بسلاسة من ألمانيا إلى بولاندا عبر الحدود بمثابة إنجاز. وعاد كوهين إلى الفئات الثلاث المترصدة بالقارة العجوز، بادئا بمن يريدون الدخول إليها، قائلا إن هؤلاء ليس لديهم ما يخسرونه وقد فقدوا كل شيء، فهم قادمون إما من أفغانستان أو سوريا أو الصومال أو العراق أو إريتريا أو المغرب أو أي مكان آخر من أفريقيا. وقللّ من جدوى نشر قوات أو بناء حوائط في حل الأزمة؛ ذلك أن الثلاثة آلاف مهاجر الذين تسببوا في أزمة كاليه ليسوا سوى نقطة في بحر من الظاهرة، حيث استقبلت أوروبا أكثر من مئة ألف مهاجر العام الحالي جاؤوا عبر البحر المتوسط، فيما غرق في الطريق عدد غير قليل. ولفت الكاتب البريطاني إلى أن الحروب وعمليات الاضطهاد والصعوبات الاقتصادية - جميعها أوجدت موجة كبرى من الهجرة، وأن المشاكل الاقتصادية التي تعانيها أوروبا ليست مبررا كافيا لإغلاق الأبواب في وجه المهاجرين. وعن الفئة الثانية المترصدة لأوروبا، والتي تبغي الخروج منها، وتحديدا بريطانيا التي تهدد بالخروج من الاتحاد الأوروبي وقد شعرت بخطورة قضية المهاجرين، رأى كوهين أن أوروبا باتت في عين بريطانيا مرادفا للارتباك والفوضى .. ورصد الكاتب تأجيج الغضب بشكل يومي في بريطانيا على أيدي الصحافة القومية المتطرفة المناوئة للمهاجرين والداعية إلى استخدام القوة لحل أزمة كاليه. وعن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي عبر استفتاء موعود بإجرائه، يرى كوهين أن خروجها سيكون سلبيا عليها وعلى أوروبا على السواء.. ورأى أن انعدام وجود سياسة منسقة الغرض في أوروبا يصب في صالح خروج بريطانيا من الاتحاد. والفئة الثالثة المترصدة لأوروبا، فيصفها كوهين بأنها على عكس أوروبا، فأغراضها واضحة تتمثل في إضعاف أوروبا وتحطيم معنوياتها وإغراقها في شئونها الداخلية، بينما موسكو وبكين ترسمان مستقبل ال "يوروآسيا".