الحكومة: أسعار السلع بأسواق الجملة انخفضت بمستويات تتراوح بين 30 و40%    شكري يترأس الوفد المصري في اجتماعات اللجنة المشتركة المصرية الجنوب أفريقية    أستون فيلا يحقق إنجازا قاريا    سواريز يدعم أراوخو بعد تسببه في خروج برشلونة من دوري أبطال أوروبا    مستشفى سوهاج الجامعي الجديد يستقبل 12 مصابا بحادث مروري بالطريق الصحراوي الغربي    نجوم الفن في افتتاح الدورة الثالثة لمهرجان هوليود للفيلم العربي    غداً .. مؤتمر طبي بكفر الشيخ يناقش مشكلات يتعرض لها أطباء النساء والتوليد    لجنة الحكام: لو الأندية تضمن وجود مباريات بدون أخطاء من لاعبيها.. أضمن لهم مباريات بدون أخطاء تحكيمية    رئيس «القومي للبحوث»: نحفز الباحثين على ابتكار «بدائل المستورد» ولدينا 90 ألف بحث منشور عالميا    مصرع شاب وإصابة آخر انقلبت سيارتهما على طريق المطرية بورسعيد    بإيشارب وجنش حديدي.. طالب إعدادي يتخلص من حياته في سوهاج    موديست: الأهلي لا يخشى مواجهة أحد    27 أبريل.. فريق «كايروكى» يحيى حفلا غنائيا فى تركيا    أحمد السقا: باسم سمرة من أطيب القلوب اللي عرفتها في حياتي    خالد الجندي ينصح السيدات باحتساب العمل في المطبخ منح إلهية.. لماذا؟ (فيديو)    أستون فيلا يهزم ليل بركلات الترجيح ويتأهل لنصف نهائي دوري المؤتمر    الكشف على 1265 مواطنا خلال قافلة طبية مجانية لمديرية الصحة بالبحيرة    أخبار الأهلي: قرار من "كاف" يهدد مشاركة الأهلي والزمالك في الدوري الأفريقي    جار طباعة الأسئلة.. "تعليم الجيزة": أكثر من 2 مليون و500 ألف طالب يؤدون امتحانات نهاية العام    بكري: تكتم شديد حول التغييرات الوزارية المقبلة.. واستمرار مدبولي في منصبه محل دراسة    تكريم سيد رجب وإسلام كمال وأحمد عرابي في مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    فيلم السرب.. تعرف على الأبطال وتوقيت العرض في السينمات    الإفراج الجمركي.. قبلة حياة لإنعاش الاقتصاد ومحاصرة التضخم    علاقة في الظل تنتهي بجريمة.. فضيحة يوتيوبر خليجي بأكتوبر    مباحث المنزلة تضبط المتهم بإنهاء حياة مسن داخل إحدى الأفراح الشعبية ب الدقهلية    في طريقها إلى مصر.. كيف تتجنب رياح الخماسين وأضرارها؟    خالد الجندي ل الزوجات: اعتبرى إنك فى حالة عبادة بتأخدى عليها أجر    "بطلب جوارديولا".. نجم بايرن ميونخ على رأس اهتمامات مانشستر سيتي في الصيف    برنامج التعليم المتعدد يشارك في منتدى التعليم الفني التكنولوجي بالقاهرة    هل يجوز تفويت صلاة الجمعة بسبب التعب؟.. اعرف الأعذار الشرعية لتركها    رئيس مدينة منوف يتابع الخدمات الطبية المقدمة للأشقاء الفلسطينيين    روسيا: مساعدات أمريكا «الاستعمارية» لكييف لن تغير الوضع ميدانيا    بعد موافقة الحكومة.. التفاصيل الكاملة بشأن زيادة الحد الأدنى لرأس مال شركات التمويل العقاري    جوتيريش: علينا التزام أخلاقي بدفع جهود التهدئة في الشرق الأوسط    نائب رئيس جامعة عين شمس تتفقد أعمال التطوير بقصر الزعفران    الشرقية.. إحالة 30 من العاملين المقصرين بالمنشآت الخدمية للتحقيق    وزارة التضامن تفتح باب سداد الدفعة الثانية للفائزين بقرعة حج الجمعيات الأهلية    سورة الكهف ليلة الجمعة.. 3 آيات مجربة تجلب راحة البال يغفل عنها الكثير    «القومي لثقافة الطفل» يحتفل باليوم العالمي للتراث غدا    مدرب شيفيلد يونايتد يهاجم الاتحاد الإنجليزي بسبب مباريات الإعادة    وزير قطاع الأعمال: القطاع الخاص شريك رئيسي في تنفيذ مشروعات التطوير وإعادة التشغيل    الأردن.. 7 إنزالات جوية لمساعدات إنسانية وغذائية على قطاع غزة    تعاون ثقافي بين مكتبة الإسكندرية والمكتبة الوطنية البولندية    مراسلة «القاهرة الإخبارية»: إسرائيل تعتقل 40 فلسطينيا في الضفة الغربية    يسهل إرضاؤها.. 3 أبراج تسعدها أبسط الكلمات والهدايا    شوقي علام يفتتح أول معرض دولي بدار الإفتاء بالتعاون مع روسيا (صور)    طقس سئ.. غبار رملي على الطرق بالمنيا    تأجيل محاكمة حسين الشحات في واقعة ضرب الشيبي لجلسة 9 مايو    الحصول على تأشيرة عمل للمصريين في الكويت 2024.. تعرف على الشروط وطريقة استخراج التأشيرة    5 خطوط جديدة خلال الربع الأول من العام تستقبلها موانئ دبي العالمية السخنة    زاخاروفا: مطالب الغرب بتنازل روسيا عن السيطرة على محطة زابوروجيا ابتزاز نووى    وكيل الأزهر يتفقد التصفيات النهائية لمشروع تحدى القراءة في موسمه الثامن    وكيل صحة قنا يجتمع مديري المستشفيات لمناقشة اللائحة الجديدة وتشغيل العيادات المسائية    فى الجيزة.. التعليم تعلن جدول امتحان المستوى الرفيع والمواد خارج المجموع لطلاب النقل والإعدادية    "الوزراء" يوافق على تعديل بعض أحكام قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية    وثائق دبلوماسية مسربة.. البيت الأبيض يعارض الأمم المتحدة في الاعتراف بدولة فلسطينية    ردد الآن.. دعاء الشفاء لنفسي    بيان عاجل من اتحاد جدة على تأجيل لقاء الهلال والأهلي في دوري روشن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الانفجار.. المقدمات
نشر في التحرير يوم 03 - 08 - 2015

استكمالا لإطلاق صيحات التحذير خوفا من الوصول إلى مرحلة الانفجار، الذى هو أسوأ مصير يمكن أن يحدث، ليس لمصر فقط لكن للمنطقة بأسرها، فأنا أؤكد مرة أخرى أننا جميعا نسعى لاجتنابه. القوى الوطنية المدنية المعارضة لسياسات النظام قبل المؤيدة له، الفرق أن المعارضين يرون السبيل لتفادى الانفجار هو إبراز الأخطاء لمعالجتها ودق نواقيس الخطر قبل حدوثها، كما فى أى ديمقراطية حقيقية فى العالم، بينما المؤيدون يرفعون شعار لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، ويرفضون انتقاد النظام، بل ويشوهون من يعلو صوته بالتحذير، كما فى كل ديكتاتوريات العالم، بما فى ذلك تجاربنا نحن السابقة، التى يبدو أننا لم نتعلم منها شيئا. أنا هنا سأشير إلى بعض المقدمات الخطيرة التى أراها تدفع بالبلاد وبسرعة إلى هذا الانفجار المشؤوم، وقد آثرت ترك المقدمات التى تمس الوضع السياسى، رغم أهميتها، للمقال القادم، فأنا أدرك أن كثيرين من القراء الأعزاء يظنون أن جل ما يؤرق الشباب هو رفضهم القمع السياسى، الذى لا يمثل أولوية عند المواطن المصرى، لذلك سأعطى الأولوية هنا للمقدمات الاقتصادية والاجتماعية.
تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية هو دائما المحرك الأول لأى غضب شعبى، ورغم بعض الإنجازات على صعيد منظومة التموين، فإن المقياس الأهم هو مستوى دخل الفرد، إن لم يزد ذلك فلن يشعر المواطن بتحسن حقيقى فى وضعه المعيشى، خصوصا إذا واكب ذلك ارتفاع مضطرد فى الأسعار، كالذى نعايشه الآن، والمرشح لمزيد من الارتفاع بعد تخفيض الدعم. وفى ظل السوق الحرة التى تحكمنا، لا نتوقع أن يتحسن الدخل إلا مع زيادة فى الاستثمار، لكن الأزمة أن المناخ الجاذب للاستثمار مرهون بالأوضاع السياسية والاستقرار السياسى الداخلى والإقليمى، وليس فقط الوضع الأمنى. وأنا هنا أستدعى ما قاله لى الاقتصادى المصرى الفذ محمد العريان فى أحد اتصالاتى التليفونية معه بأن الشرط الأساسى الأول لأى تنمية واستقرار اقتصادى هو الاستقرار السياسى. ولا أعتقد أنا شخصيا أننا قريبون من ذلك فى الوقت الحالى. كما أن التركيز على مشروعات قومية كبرى لن نرى مردودها الاقتصادى فى الوقت القريب لن يزيد المواطن إلا تشككا فى فاعلية النظام وقدرته على تحقيق ما وعد به فى ما يخص المستوى المعيشى للفرد. أضف إلى ذلك ازدياد الفجوة بين الطبقات والترويج لسياسة التبرعات والصدقات كسبيل وحيد لسد هذه الفجوة، مع غياب كامل لرؤية اقتصادية واقعية لرفع مستوى الخدمات الأهم التى تقدمها الدولة، كالصحة والتعليم لتصل بالمواطن إلى الحد الأدنى من العدالة الاجتماعية التى طالما حلم بها وثار من أجلها.
أما العنصر الثانى الذى يزيد الأوضاع اشتعالا، فهو عودة وزارة الداخلية إلى كثير مما عهدناه منها من ممارسات فى ظل نظام مبارك، فما نسمعه بشكل متزايد من انتهاك لحقوق المواطنين فى أقسام الشرطة، وما قرأناه فى تقرير المجلس القومى لحقوق الإنسان من تجاوزات موثقة، لهو أبلغ دليل على أن وزارة الداخلية لم تستوعب درس ثورة يناير على الإطلاق، فاختيارنا يوم 25 يناير وتفاعل الناس معنا فى الشارع فى هذا اليوم بالذات، ورفعنا شعار الكرامة الإنسانية فى هتافاتنا لم يكن إلا صرخة من المواطن المصرى، الذى فاض به الكيل من ممارسات داخلية مبارك. وأنا هنا لا أتكلم عن القمع والتنكيل الذى يتعرض له النشطاء والمسيسون، بل عن المواطن المصرى الذى لا ظهر له ولا سند، الذى يتعامل مع أفراد الداخلية بشكل يومى، وتفهمه التضحيات التى يقدمها أفراد الداخلية فى معركتنا مع الإرهاب لن يصمد طويلا أمام الاستمرار فى امتهان كرامته. هؤلاء كانوا وقود ثورتنا السلمية، وهم أيضا وقود أى انفجار قد يحدث فى المستقبل. أما إذا اكتفت الداخلية بسيناريو أن ثورة يناير مؤامرة، كما تروج أبواقها وتجاهلوا دوافعها الحقيقية، فليعلموا أن الثمن المرة القادمة أفدح بكثير، وكلنا لخاسرون.
العامل الثالث الذى هو بمثابة البنزين بجانب النار هو حالة الانقسام المجتمعى والخطاب الفاشى الذى يسود المجتمع حاليا، فنحن لم نتوقف عند مجرد عدم قبول الآخر فحسب، بل تطور الخطاب إلى «واقتلوهم حيث ثقفتموهم»، ومن كل الأطراف، وهى ربما المرة الأولى فى تاريخنا المعاصر، التى يصل فيها المجتمع المصرى إلى هذه الدرجة من الاستقطاب، ومع التأكيد على انحيازنا جميعا ضد الإرهاب، لكن محاربة الإرهاب بالقتل المباشر فى الشوارع والشقق دون تحقيق، إنما يدخل ذلك فى إطار جرائم العنف التى تدفع بمزيد من الشباب إلى أحضان الجماعات الإرهابية، واستمرار دائرة العنف!! إذا وصلنا إلى هذه المرحلة من استسهال إراقة الدماء، مع تعالِى صوت خطاب إعلامى فاشٍ يروج له ويدفع فى اتجاهه، هو بالمناسبة الوجه الآخر للخطاب التكفيرى الذى بثته القنوات الدينية التى تم منعها، فنحن نؤهل المجتمع ككل لعنف لم نعهده فى تاريخنا بأكمله.
تميز الشعب المصرى دومًا عن باقى شعوب المنطقة بكرهه العنف وإسالة الدماء، وهو ما حافظ على وحدة الكيان المصرى وسط كل المصاعب التى واجهناها خصوصا فى الفترة الأخيرة، أما وأن نفقد الآن ذلك الحس الحضارى أمام هذا الجنون الغوغائى، فقل علينا جميعا السلام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.