من البديهى أن نظام شراكة القطاعين العام والخاص أو «PPP»، الذى يتم العمل به فى كثير من دول العالم، سواء كانت متقدمة أو نامية، يجب أن يتم تنفيذه فى مصر إن أردنا تنمية حقيقية ومستدامة، لا دعائية، كما ذكرنا فى مقال الأسبوع الماضى. عمل شراكة بين القطاع العام والخاص هو الحل الأمثل والسريع لتوافر الخدمات العامة والبنية الأساسية للمواطنين بجودة جيدة وأسعار منخفضة وتنافسية! ولكن من المهم أن نعلم ونعى جيدًا ما الذى يجب توافره حتى نضمن نجاح هذه الشراكة. أولا، يجب توافر حاكم أو منظم للنواحى الفنية حتى نضمن جودة المنتج أو الخدمة للمواطنين، وعادة ما يكون من القطاع الخاص. ثانيا، يجب توافر حاكم أو مراقب للنواحى المالية، وفى معظم عقود الشراكة يتم منح هذا البند والدور للحكومة أو القطاع العام حتى نضمن المحافظة على الأسعار ومنع الاحتقار. وعلى الرغم من أهمية وجود المنظم الحكومى، فهى ليست ضرورية فى حالة وجود تشريعات وقوانين رادعة وحاكمة فى منع الاحتكار والتلاعب بالأسعار. وبما أن مؤسسات التشريع وتنفيذ القانون ليست بالقوة الطلوبة، فإنه يجب تأكيد أهمية دور الحكومة والقطاع العام فى هذه النوعية من الشراكة. رابعا، ما المجالات التى تحتاج إلى هذا النظام من المشاركة؟ تلجأ الدول إلى هذه النوعية من الشراكة فى مجالات البنية الأساسية مثل الإسكان والتعمير والكهرباء والطاقة والطرق والاتصالات. على سبيل المثال، أشار تقرير البنك الدولى لعام 2010 إلى أن الاستثمارات التى تحتاج إليها إفريقيا فى البنية الأساسية تبلغ 93 بليون دولار سنويا، وأن ما يتم صرفه الآن يصل إلى 45 بليون دولار فقط، أى أن عجز الإنفاق يصل إلى 48 بليون دولار سنويا. وبما أن معظم الدول الإفريقية دول نامية فسوف يستمر هذا العجز فى الإنفاق نظرًا لعدم قدرة الحكومات لتوفير الاستثمارات اللازمة، ومن ثم يجب العمل بنظام الشراكة بين القطاعين العام والخاص. على سبيل المثال، هل توجد أزمة سكن فى مصر؟ لا توجد أزمة فى الأبنية ولكن الأزمة فى الأسعار! وهذا مثال واضح على فشل الحكومة للعب دور الحاكم والمنظم لمشكلة الإسكان والتعمير. الحكومة لعبت دور السمسار فى بيع وتخصيص الأراضى للمستثمرين، ولكنها لم تحتفظ لنفسها بدور الحاكم والمنظم للأسعار ولمقياس جودة المنتج أو الخدمة. الحكومة يجب أن تكون حاكمًا ومنظمًا باسم الشعب لا سمسارًا! هل توجد أزمة سياحة فى مصر؟! نعم، توجد أزمة لأن السياحة تعتمد أولا وأخيرًا على السائح الأجنبى لا المصرى. معظم الشركات السياحية توفر الخدمات السياحية ولكن بتكلفة عالية، ومن ثم لا يستطيع المواطن المصرى تحمّلها. وهذا أيضا بسبب غياب الدور الحكومى فى التخطيط فى مجال السياحة وفى توفير الخدمات السياحية لكل المواطنين بأسعار تنافسية! يا مهلبية يا! نشر خبر فى جريدة «المصرى اليوم» بتاريخ 26/7/2015 عن عزم وزارتَى الكهرباء والتعليم الفنى لإنشاء أول مدرسة ثانوية فنية نووية، وستبدأ من العام الدراسى 2016/ 2017! أليس من الأَولى أن تهتم الحكومة بمستوى التعليم الفنى الحالى بدلا من إنشاء أقسام جديدة لا نعلم فى أى مكان سيتم تدريب وتوظيف طلابها؟!