بين سندان زيادة أعداد الناجحين في الثانوية العامة ومطرقة ضعف تجهيزات وموارد الجامعات الحكومية، يجتمع المجلس الأعلى للجامعات غدًا الأربعاء، برئاسة الدكتور سيد عبد الخالق وزير التعليم العالي، لتحديد أعداد المقبولين بقطاعات الكليات الجامعية، في ضوء أزمة المجاميع المرتفعة للناجحين في الثانوية العامة، التي وضعت المجلس في مأزق البحث عن أماكن بكليات القمة لأكثر من 59 ألف طالب حصلوا على 95% فأكثر من المجموع الكلي لدرجات الثانوية العامة بواقع 39473 من طلاب علمي علوم، و14992 من طلاب علمي رياضة، و5084 من طلاب الأدبي. سيناريوهات مواجهة الارتفاع القياسي للمجاميع والمجمعات التكرارية للناجحين المرتقب مناقشتها في اجتماع المجلس الأعلى للجامعات لن تخرج عن ثلاثة حلول، الأول منها زيادة أعداد المقبولين في الكليات بنسب تتراوح بين 5 إلى 9%، وهو الحل الذي قد يمكن تطبيقه في حالة الكليات النظرية "التجارة والآداب والحقوق والتربية"، لكن يصعب تطبيقه في حالات كليات القطاعين الطبي والهندسي، حيث أنَّ السنوات الأربعة الماضية شهدت زيادات كبيرة في أعداد المقبولين بتلك القطاعات رغم صدور أحكام قضائية نهائية بخفض أعداد المقبولين، وتهديد هيئة جودة التعليم بسحب اعتمادات الجودة منها. وبحسب آخر إحصاء رسمي للمقبولين في قطاع كليات الطب، فإنَّه تم قبول 9300 طالب العام الماضي والعام السابق له، تحت ضغوط الاحتجاجات والظروف السياسية، علمًا بأنَّ خطة المجلس الأعلى للجامعات الموضوعة عام 2009 كانت تقتضي النزول بأعداد المقبولين في كليات الطب إلى 3500 طالب فقط، من بين 6900 طالب كان يتم قبولهم حتى عام 2010، وحتى في حالة زيادة أعداد المقبولين في كليات الطب بنسبة 5% كما يضغط وزير التعليم العالي فإن ذلك لن يؤثر كثيرًا في الحد الأدنى للقبول حيث أنًّ المجمع التكرارى للناجحين كشف عن اشتراك من 1000 إلى 1500 طالب في كل نصف درجة، وهو ما يعني أنَّ النزول بالحد الأدنى لنصف درجة فقط قد يرفع الأعداد بنسبة تتراوح بين 10 إلى 15%، وهو ما لا يمكن حدوثه على الإطلاق لعدم وجود تجهيزات معملية وتعليمية لاستيعاب تلك الزيادات في تلك الكليات، وهو ما يؤكد المؤشرات الأولية التي تؤكد توقف الحد الأدنى للقبول بكليات الطب عند 403 درجات في أحسن الأحوال. أمَّا السيناريو الثاني، الذي يعوِّل عليه وزير التعليم العالي كثيرًا،هو زيادة أعداد المقبولين في قطاعات كليات القمة عن طريق البرامج النوعية الجديدة، وهي برامج دراسية بالمصروفات من بينها برامج تعليمية مشتركة بين تخصصات أكثر من كلية وتستلزم معايير قياسية لضمان جودة العملية التعليمية بها، حيث تبلغ تكلفة الدراسة بها من عشرة إلى 20 ألف جنيه تقريبًا،وينحصر رهان الوزير على تلك البرامج في إمكانية زيادة أعداد المقبولين بها واجتذاب الشريحة التي ترغب في التحويل بين الجامعات إليها، واستثنائها من قاعدة الأعداد التي يحددها المجلس، وهو رهان يقضي على تلك البرامج بشكل سريع، حيث أنَّ من أبجديات تشغيل تلك البرامج في الجامعات الحكومية هو ضمان تعليم جيد وأجواء مناسبة لتلقي التعليم سواء في أعداد المقبولين أو في تجهيزات أماكن تعليمهم، علمًا بأنَّ الأماكن المخصصة لتلقي محاضرات تلك البرامج مقتطعة أساسًا من مدرجات باقي الطلاب وفي حالة زيادتهم فإنَّ الكليات مطالبة بتخصيص أماكن وتجهيزات إضافية يستحيل توفيرها حاليًّا في ظل محدودية الأماكن المتاحة. السيناريو الثالث والأخطر فيتمثل في تفعيل ما يسمى ب"معيار المواد المرجحة" للمرة الأولى عند توزيع طلاب الثانوية العامة على الجامعات، وهو أمر قد يضمن النزول بالحد الأدنى في قطاعات الكليات نصف درجة فقط بما يخفف الضغط المجتمعي عن المجلس، لكنه يهدد بمواجهات قضائية طويلة المدى بين الطلاب ووزارة التعليم العالي، حيث يستند هذا السيناريو على ترشيح جانب من المشتركين في مجموع واحد لاستكمال الأعداد المحددة للقبول في كلية ما عن طريق المفاضلة في درجات التخصص سواء الكيمياء والفيزياء والأحياء لطلاب علمي علوم الراغبين في القبول بكليات القطاع الطبي أو الرياضيات والفيزياء للراغبين في القبول بكليات الهندسة والحاسبات والتخطيط العمرانى أو درجات اللغات للراغبين في القبول بباقي الكليات، علمًا بأنَّ تطبيق هذا المعيار يعني ترشيح الحاصلين على نفس المجموع والأقل في درجات التخصص لكليات أخرى. كل السيناريوهات السابقة قد تقف عائقًا أمام أحلام 59 ألف طالب تضمهم الشريحة الحاصلة على مجاميع 95% فأكثر في الالتحاق بالكليات التي يرغبونها، لكن الشرائح المجموعية الأقل ستواجه سيناريو أخطر، حيث لن يجد المجلس الأعلى للجامعات حلاً لزيادة أعداد الناجحين هذا العام بحوالي 37 ألفًا عن الأعوام الماضية سوى طريقين، الأول هو زيادة أعداد المقبولين بكليات الانتساب الموجه كالتجارة والحقوق والآداب والخدمة الاجتماعية، للمرة الثانية على التوالي ليقفز المقبولون بكليات التجارة إلى 70 ألف طالب تقريبًا مقابل 55 ألفًا العام قبل الماضي، و60 ألفًا العام الماضي، مع زيادة أكبر في الطلاب الذين سيتم ترشيحهم للمعاهد العليا الخاصة والتي تتراوح مصروفاتها بين أربعة إلى 17 ألف جنيه تقريبًا، حيث من المرتقب ترشيح 110 آلاف من الناجحين في الثانوية العامة للمعاهد الخاصة هذا العام. المؤشرات الأولية، التي كشف عنها المجمع التكراري للناجحين في الثانوية العامة، أظهرت استحالة النزول بالحد الأدنى للقبول بكليات الطب هذا العام عن 403 درجات بنسبة 98.3% بسبب تجاوز الحاصلين على ذلك المجموع فأكثر من عشرة آلاف طالب، بينما لن يتم قبول أكثر من 9700 طالب بها، فيما لن ينخفض الحد الأدنى للقبول بكليات طب الأسنان عن 401.5 بنسبة 97.9% وهي الشريحة التي تضم 13123 طالبًا، علمًا بأنَّ أعداد المقبولين بطب الاسنان لن تزيد عن 3200 طالب. وبنفس القياس، فإنَّ القبول بكليات الصيدلة لن ينخفض عن 398 درجة بنسبة 97.1% على الأقل، بينما لن ينزل الحد الأدنى للقبول بكليات الهندسة عن 386 درجة بنسبة 94.1%، حيث يبلغ عدد الحاصلين على ذلك المجموع فأكثر 18172 طالبًا ومن المفترض قبول حوالي 17700 طالبًا فقط.