حملة لتوفير أجهزة كمبيوتر.. دعوات لتأهيل المدارس لتعليم التكنولوجيا | تفاصيل    تراجعت على العربات وبالمحال الصغيرة.. مساعٍ حكومية لخفض أسعار سندوتشات الفول والطعمية    وفقا لوزارة التخطيط.. «صيدلة كفر الشيخ» تحصد المركز الأول في التميز الإداري    الجيش الأوكراني: 96 اشتباكا قتاليا ضد القوات الروسية في يوم واحد    طائرات جيش الاحتلال تشن غارات جوية على بلدة الخيام في لبنان    3 ملايين دولار سددها الزمالك غرامات بقضايا.. عضو مجلس الإدارة يوضح|فيديو    كرة سلة - ال11 على التوالي.. الجندي يخطف ل الأهلي التأهل لنهائي الكأس أمام الجزيرة    المقاولون العرب يضمن بقاءه في الدوري الممتاز لكرة القدم النسائية بعد فوزه على سموحة بثلاثية    تصريح مثير للجدل من نجم آرسنال عن ليفربول    السجن 15 سنة لسائق ضبط بحوزته 120 طربة حشيش في الإسكندرية    إصابة أب ونجله سقطا داخل بالوعة صرف صحي بالعياط    خناقة شوارع بين طلاب وبلطجية داخل مدرسة بالهرم في الجيزة |شاهد    برومو حلقة ياسمين عبدالعزيز مع "صاحبة السعادة" تريند رقم واحد على يوتيوب    رئيس وزراء بيلاروسيا يزور متحف الحضارة وأهرامات الجيزة    بفستان سواريه.. زوجة ماجد المصري تستعرض جمالها بإطلالة أنيقة عبر إنستجرام|شاهد    ما حكم الكسب من بيع التدخين؟.. أزهري يجيب    الصحة: فائدة اللقاح ضد كورونا أعلى بكثير من مخاطره |فيديو    نصائح للاستمتاع بتناول الفسيخ والملوحة في شم النسيم    بديل اليمون في الصيف.. طريقة عمل عصير برتقال بالنعناع    سبب غياب طارق مصطفى عن مران البنك الأهلي قبل مواجهة الزمالك    شيحة: مصر قادرة على دفع الأطراف في غزة واسرائيل للوصول إلى هدنة    صحة الشيوخ توصي بتلبية احتياجات المستشفيات الجامعية من المستهلكات والمستلزمات الطبية    رئيس جهاز الشروق يقود حملة مكبرة ويحرر 12 محضر إشغالات    أمين عام الجامعة العربية ينوه بالتكامل الاقتصادي والتاريخي بين المنطقة العربية ودول آسيا الوسطى وأذربيجان    سفيرة مصر بكمبوديا تقدم أوراق اعتمادها للملك نوردوم سيهانوم    مسقط تستضيف الدورة 15 من مهرجان المسرح العربي    فيلم المتنافسون يزيح حرب أهلية من صدارة إيرادات السينما العالمية    إسرائيل تهدد ب«احتلال مناطق واسعة» في جنوب لبنان    «تحيا مصر» يوضح تفاصيل إطلاق القافلة الخامسة لدعم الأشقاء الفلسطينيين في غزة    وزير الرياضة يتابع مستجدات سير الأعمال الجارية لإنشاء استاد بورسعيد الجديد    الاتحاد الأوروبي يحيي الذكرى ال20 للتوسع شرقا مع استمرار حرب أوكرانيا    مقتل 6 أشخاص في هجوم على مسجد غربي أفغانستان    بالفيديو.. خالد الجندي: القرآن الكريم لا تنتهي عجائبه ولا أنواره الساطعات على القلب    دعاء ياسين: أحمد السقا ممثل محترف وطموحاتي في التمثيل لا حدود لها    "بتكلفة بسيطة".. أماكن رائعة للاحتفال بشم النسيم 2024 مع العائلة    القوات المسلحة تحتفل بتخريج الدفعة 165 من كلية الضباط الاحتياط    جامعة طنطا تُناقش أعداد الطلاب المقبولين بالكليات النظرية    الآن داخل المملكة العربية السعودية.. سيارة شانجان (الأسعار والأنواع والمميزات)    وفد سياحي ألماني يزور منطقة آثار بني حسن بالمنيا    هيئة الرقابة النووية والإشعاعية تجتاز المراجعة السنوية الخارجية لشهادة الايزو 9001    مصرع طفل وإصابة آخر سقطا من أعلى شجرة التوت بالسنطة    رئيس غرفة مقدمي الرعاية الصحية: القطاع الخاص لعب دورا فعالا في أزمة كورونا    وزير الأوقاف : 17 سيدة على رأس العمل ما بين وكيل وزارة ومدير عام بالوزارة منهن 4 حاصلات على الدكتوراة    «التنمية المحلية»: فتح باب التصالح في مخالفات البناء الثلاثاء المقبل    19 منظمة حقوقية تطالب بالإفراج عن الحقوقية هدى عبد المنعم    رموه من سطح بناية..الجيش الإسرائيلي يقتل شابا فلسطينيا في الخليل    تقرير حقوقي يرصد الانتهاكات بحق العمال منذ بداية 2023 وحتى فبراير 2024    مجهولون يلقون حقيبة فئران داخل اعتصام دعم غزة بجامعة كاليفورنيا (فيديو)    حملات مكثفة بأحياء الإسكندرية لضبط السلع الفاسدة وإزالة الإشغالات    «الداخلية»: تحرير 495 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة وسحب 1433 رخصة خلال 24 ساعة    "بحبها مش عايزة ترجعلي".. رجل يطعن زوجته أمام طفلتهما    استشاري طب وقائي: الصحة العالمية تشيد بإنجازات مصر في اللقاحات    إلغاء رحلات البالون الطائر بالأقصر لسوء الأحوال الجوية    عبدالجليل: سامسون لا يصلح للزمالك.. ووسام أبوعلي أثبت جدارته مع الأهلي    دعاء آخر أسبوع من شوال.. 9 أدعية تجعل لك من كل هم فرجا    مفتي الجمهورية مُهنِّئًا العمال بعيدهم: بجهودكم وسواعدكم نَبنِي بلادنا ونحقق التنمية والتقدم    نجم الزمالك السابق: جوميز مدرب سيء.. وتبديلاته خاطئة    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فوضى المبيدات.. «جمهورية بير السلم» تحاصر الزراعة في مصر
نشر في التحرير يوم 18 - 07 - 2015

مبيدات محظورة ومسرطنة تستخدم بمنطقة تحت الربع بوسط البلد دون رقابة من وزارة الزراعة.. تيميك وتامرون وجراسب مبيدات منتشرة في السوق المصري رغم حظرها دوليًا.. نستورد من 27 دولة والهند أكبر مصدر للمبيدات لمصر
فوضى المبيدات وعشوائية استخدامها في مصر، لها تأثيرات سلبية كثيرة على صحة المواطنيين والمزارعين، في آن واحد، وتستخدم مصر أكثر من 8 آلاف طن سنويًا من المبيدات، بتكلفة تصل إلى 900 مليون جنيه، وحسب تقرير لمنظمة الصحة العالمية، فإن أكثر من 26 مليون إنسان يتعرضون للتسمم بالمبيدات سنويًا، يموت منهم 220 ألف فرد سنوياً، ويصل حجم الإنفاق على المبيدات، مقارنة بمستلزمات الإنتاج الزراعي في مصر حوالي 6٪، بتكلفة قدرها 60 جنيها للفدان.
وحسب دراسة حديثة صادرة عن وزارة الزراعة، فإن عدد المركبات المسجلة في مصر، بناء على الاسم العام 205 مبيدات، و573 مستحضرًا تجاريًا، وتعد المبيدات الحشرية ذات السمية الحادة الأعلى تسود في الدول النامية، بينما تسود مبيدات الحشائش في الدول المتقدمة، وتصل كمية المبيدات الرواكد في قارة أفريقيا 100 ألف طن تصل تكلفة التخلص منها 500 مليون دولار.
وحسب نفس الدراسة، فمبيدات الحشائش تمثل 48٪ من الاستهلاك العالمي، يليها المبيدات الحشرية 25٪، يليها المبيدات الفطرية 24%.
ويعتبر محصول الذرة من أكثر المحاصيل استهلاكًا للمبيدات على مستوى العالم، تليه الخضر والفاكهة، ثم فول الصويا ثم القطن وتعتبر الصين من أكبر منتجي ومستهلكي المبيدات على مستوى العالم.
ويعتبر معهد الإيكاما في الصين هو الجهة الوحيدة المانحة لشهادة التسجيل، التي تعبر عن جودة وأمان المبيد، وتعتبر الهند أكبر دولة مصدرة للمبيدات إلى مصر بكمية تبلغ 1600 طن، تليها الصين 900 طن، ثم ألمانيا 880 طنًا، وبلجيكا 700 طن.
وتستورد مصر المبيدات من 27 دولة، وتصل حالات التسمم بالمبيدات في الدول النامية إلى 13 ضعف الدول المتقدمة، والتي تستهلك 85٪ من الإنتاج العالمي.
ويرجع ارتفاع حالات التسمم الحاد بالدول النامية ومنها مصر، إلى ضعف نظم الرقابة والنقص في التدريب والوعي وانخفاض مستوى أدوات الحماية الشخصية، بالإضافة إلى قصور التشريعات.
أما المحافظات التي سجلت أعلى نسبة في الإصابة بمتبقيات المبيدات على زراعتها، فهي الإسكندرية والبحيرة والقاهرة والجيزة، اللاتي سجلت أعلى معدلات في تلوث الزراعات بالمبيدات ومتبقياتها.
أول أمين للجنة المبيدات في مصر: أماكن إجراء التجارب على المبيدات والمخازن غير صالحة لهذا الغرض.. ولا توجد أية عوامل آمان للباحثين في مجال المبيدات
التقينا والدكتور أحمد فراج، أول أمين للجنة المبيدات في مصر، منذ إنشائها عام 1983، وهو أيضا مدير المعمل المركزي للمبيدات في الفترة من 1994 وحتى 1998، والذي كشف عن كواليس هذا العالم الخفي.
قال فراج، وهو كبير باحثين حاليًا بمعهد أمراض النبات: "ليس هناك أي معلومة لدى مراكز السموم التابعة لوزارة الصحة بمكونات المبيدات المستخدمة في مصر، وبالتالي لا تستطيع علاج حالات السمية من المبيد؛ لأن معرفة مكونات المبيد تساعد على تجهيز العلاج اللازم، بما يتناسب مع نوع المبيد، كما أن أماكن إجراء التجارب على المبيدات والمخازن غير صالحة لهذا الغرض، ومنذ 7 سنوات كانت تلتزم شركات المبيدات بتوريد 100 طاقم وقاية عن كل 100 فدان.
وأوضح: كل طاقم مكون من "أفرول ونظارة وكمامة وحذاء"، مقابل الموافقات الاستيرادية للمبيدات، وهذا القرار أصدرته لجنة المبيدات، وهو غير مفعل الآن، وعندما حدثت أزمة أنفلونزا الطيور، تم سحب الأطقم المخصصة للعاملين في مكافحة الآفات ورش المبيدات، لإعطائها إلى العاملين في مكافحة أنفلونزا الطيور.
وأضاف "كنا في الستينات نطبق معايير الآمان في التعامل مع المبيدات شكلًا ومضمونًا، والآن لا يوجد شكل ولا مضمون، وعدم توافر عوامل الآمان للباحثين في مجال المبيدات يحدث تسمم عن طريق الجلد أو الفم أو الاستنشاق والعين، وهذا التسمم قد يحدث الوفاة على الفور في حالة التسمم الحاد، أو بعد فترة إذا كان، التعرض لجرعات غير مميتة للمبيد على فترات قريبة أو متباعدة، ما يعرضهم للإصابة بالأمراض الخطيرة كما يجب أن يستخدم الباحثين أجهزة تسمح بتوزيع المبيد على التربة دون ملامسة اليد أثناء إجراء التجارب الحقلية، إذ تتعرض أيدى الباحثين إلى المبيدات وتمتصه أجسادهم، ما يشكل خطورة بالغة على صحتهم، وبالتالي يجب الكشف الطبي الدوري على الباحثين، وللأسف هذا لا يحدث.
وتابع: كما أن هناك خطورة على عمال الرش، إذ يتم رش المبيدات بشكل عشوائي، بعد أن كانت وزارة الزراعة تهيمن هيمنة كاملة على رش المبيدات حتى عام 1995، وأصبح الآن أي شخص يستطيع أن يعمل في مهنة رش المبيدات، بلا رقيب، وهناك كارثة أخرى هي انتشار دكاكين المبيدات غير المرخص لها، وتلك فوضى يجب أن تتوقف حفاظًا على صحة المصريين، وقانون الزراعة الحالي رقم 53 لسنة 1966، يجب أن يتم تعديله، بحيث يسمح بعقوبات مشددة لمن يمارس مهنة بيع أو رش المبيدات دون ترخيص، فكثير من محال المبيدات المنتشرة في شارع تحت الربع بوسط البلد، تبيع مبيدات محظورة دوليًا دون رقابة.
وقدم أمثلة على المبيد: مثل مبيد "تامرون"، و"جراسب" الممنوع منذ عام 1996، ومبيد "تيميك" الممنوع منذ عام 2005.
وأشار: "هذه المبيدات لا تزال متداولة في مصر، رغم حظرها"، وحذر من إهمال العاملين بالرش والباحثين فى مجال المبيدات من الناحية الطبية وطالب بضرورة قياس نسبة المبيدات لديهم في الدم، بالإضافة إلى التخلص الآمن من المبيدات غير الصالحة للاستخدام، حيث لا يوجد وسيلة تخلص آمنة حتى الآن للتخلص من المبيدات في مصر، مشيرًا إلى أنه سبق أن تقدم بطلب لوزيرالزراعة يوسف والي عام 1995، بإنشاء محرقة تكلفتها 5 مليون جنيه، للتخلص من المبيدات، ولم يتم تمويلها.
وأضاف أن مخازن المبيدات الحالية تسمح بتسربها في الهواء، وإلى الأرض، ما يضر بالبيئة المحيطة بهذه المخازن، ورغم أننا نسترشد بالإرشادات العامة لمنظمة الصحة العالمية، وهيئة حماية البيئة الأمريكية إلا أننا "عمرنا ما طبقنا القواعد العلمية التي تنص عليها هذه الجهات العلمية"، نطبقها عند زيارة المسؤولين فقط.
وأكد: "مع ظهور عدد كبير من شركات المبيدات ظهرت مهنة جديدة يمكن أن نطلق عليها "المسهلاتي"، وهو المهندس الزراعي أو الكيميائي الذي يساعد الشركات في إنهاء أوراقها الخاصة بإدخال مبيد جديد إلى سوق المبيدات المصري، بعد إجراء التجارب عليه بالمعمل المركزي للمبيدات، وهنا لا مانع من إعطاء "الهدايا" للمشرفين على التجربة، من أصحاب الشركات، وهذه العملية يصعب السيطرة عليها.
وحول الإنتاج الزراعي الذي ينتج عن تجارب المبيدات على المحصول، قال: "هذه المنتجات يجب إعدامها، لكن هناك بعض من معدومي الضمير في المحطات البحثية، الذين يبيعون هذه المنتجات للجمهور، وهذا شئ خطير، لأن هذه المحاصيل تم معالجتها بمبيدات تحت التجريب.
وأضاف: إن أحد وكلاء الزراعة كان يقلب المبيد بيديه دون استخدام أي أدوات وقاية تحميه من خطورة المبيد.
المزارعون يعتمدون على التجربة والخطأ في رش المبيدات.. وتقرير الاتحاد الدولي لعلوم النبات: سياسة تحرير مكافحة الآفات بمصر ساهمت في تنامي انتشار المبيدات المغشوشة والمهربة.. ويحذر من تأثير المبيدات على نقص الخصوبة وتشوه الكبد والبنكرياس واختلال جهاز المناعة
إذا كان هذا هو حال الباحثين الذين لديهم وعي كامل بخطورة المبيدات، فما بالنا بالمزارعين الذين يعاني أغلبهم من الأمية، فأحدث تقرير لوزارة البيئة للتوصيف البيئي لمحافظة المنيا، والتي يبلغ عدد سكان الريف بها أكثر من 4 مليون، وتعد أكبر محافظات الصعيد بعد الجيزة، يكشف أن من أهم المشاكل المتعلقة بالمبيدات هو قيام المزارعين بالمنيا برش المبيدات، التي لا توصي بها وزارة الزراعة، وبإسلوب غير آمن.
واستمرار الأثر المتبقي لهذه المبيدات في التربة لعشرات السنيين، واختلاط بعضها بالمياه الجوفية ومياه الري، ما يعود مرة أخرى بالضرر على الإنسان والحيوان وكذلك استخدام فوارغ المبيدات لأغراض أخرى، وعدم التخلص منها بشكل آمن، وعدم مراعاة الاحتياطيات اللازمة أثناء عملية الرش.
ويتابع التقرير أن الاستخدام المتزايد للمبيدات يؤدي إلى زيادة مناعة الآفات للمبيدات وانتشارها وزيادة مستويات السمية، الأمر الذي يؤدي إلى تأثر النباتات من خلال مياه الري الملوثة بالمبيدات، وكذلك زيادة الإصابة بالأمراض، مثل أمراض الكبد والكلى والأورام السرطانية بين العاملين بالرش، وبلغت حالات الفشل الكلوي بالمحافظة 3324 حالة، وحالات أمراض الكبد 20 ألف و57 حالة، وأمراض الجهاز التنفسي 17 ألف و284.
ويشير التقرير إلى أن استخدام المبيدات الزراعية قائم بالمحافظة، سواء كانت مبيدات حشرية أو عشبية، وأن الكميات المستخدمة من المبيدات الزراعية ما زالت كبيرة أيضًا، ما يعكس مدى خطورة هذه المواد ومخلفاتها بعد الاستخدام، والذي يغلب عليه الاستخدام العشوائي، وبدون اتخاذ الاحتياطيات اللازمة أثناء استعمال هذه المبيدات أو التخلص من العبوات في الترع والمصارف المجاورة للزراعات، وتأثير ذلك على الصحة العامة، من خلال انتشار هذه المبيدات في الهواء أو التربة أو تسربها إلى المياه السطحية أو الجوفية، ما يجعل من الضروري التوسع في استخدام المقاومة البيولوجية.
وحسب التقرير فإنه يتم استخدام 288 ألف و630 طن من الأسمدة الأزوتية، بينما يتم استخدام 60 ألف و313 طن من الأسمدة الفوسفاتية، بالإضافة إلى 51 ألف و434 طن من الأسمدة البوتاسية، ويتم استخدام 16 مبيد زراعي، منها المبيد اجرين وكونصلت وبستبان وشالنجر وتيلتون.
ويكشف تقرير صادر عن الاتحاد الدولي لعلوم النبات، المعروف ب"كروب لايف"، والذي تم إعداده بالتعاون مع المعمل المركزي للمبيدات بوزارة الزراعة، بعنوان "مكافحة الإتجار غير الشرعي، والغش في المبيدات خطوط توجيهية وفنية مؤقتة"، أن بوادر عمليات الإتجار غير الشرعي والغش والتهريب للمبيدات، بدأت تظهر في مصر في حقبة التسعينات، وأن المؤشرات الحالية توضح مدى خطورة المشكلة، إذ بلغ حجم مخزون المبيدات المهربة 546 طن مبيد محظور دوليًا عبر جمرك السويس، و20 طن في جمرك نويبع، و14 طن في جمرك مطار القاهرة، بالإضافة إلى تجميع أكثر من 544 طن بالمخازن، تمهيدًا للتخلص منها، ويمثل مجموع هذه الكميات قرابة 1125 طن.
وأضاف التقرير، أن سياسة تحرير مكافحة الآفات استوجبت في تلك الفترة من 2001 حتى 2006، التخلص من المخزون الراكد لدى وزارة الزراعة، وبيعه للقطاع الخاص بأسعار زهيدة، والموافقة على إعادة تعبئتها وتحليلها ووضع بطاقات فنية جديدة عليها، وساهم هذا الإجراء في تنامي ظاهرة الغش، واتخذها البعض حرفة ذات أرباح خيالية أيضًا ساعدت عملية اضطراب نظم تسجيل وتداول المبيدات، في تلك الفترة دون الإلتزام بقواعد مقبولة فنيًا وبيئيًا على إغراق السوق بأسماء تجارية لمواد لم تجر عليها الاختبارات والتحاليل الكافية لبيان كفائتها وجودتها.
كل هذه العوامل ساعدت في تنامي ظاهرة غش وتهريب وتقليد المبيدات، واختص التقرير في بعض فقراته العاملين في مجال المبيدات والمستهلكين لها، بعنوان "الإضرار بصحة العاملين والمستهلك والمحصول والبيئة"، وحدد هذه الأضرار في ازدياد الإجهاض التلقائي والتشوه الوراثي، وازدياد احتمالات الإصابة بسرطان الدم والرئة والأعضاء التناسلية والغدد والأورام السرطانية ونقص الخصوبة وتشوه الكبد والبنكرياس واختلال جهاز المناعة.
ويقول سعيد عبد اللاه، عضو مجلس إدارة كروب لايف: إن خطورة هذه المبيدات المهربة والمنتشرة في السوق المصري، أنها لم تسلك الطريق الشرعي في التجريب والتسجيل والتداول، وبالتالي غير معروف مكوناتها الداخلية، ما يؤدي إلى حدوث مشاكل صحية للمتعاملين معها سواء المزارعين أو المستهلكين، ويتراوح حجم هذه المبيدات المغشوشة والمهربة ما بين 30 إلى 60 من حجم المبيدات المتداولة داخل مصر، ما يدعوا إلى ضرورة تعاون كافة الجهات بخلاف وزارة الزراعة، مثل الجمارك وجهاز حماية المستهلك.
خبير الاتحاد الدولي للسميات: يجب صرف المبيد بروشتة كالدواء.. ومن يمارس مهنة رش المبيدات يجب أن يحصل على رخصة مزاولة المهنة.. من يدعى عدم وجود مبيد مسرطن إما جاهل أو منافق
يحدد الدكتور سميح منصور، أستاذ علم المبيدات والسموم البيئية، بالمركز القومي للبحوث والخبير بالاتحاد الدولي للسميات، بأسلوب سهل الطريقة التي تعرف من خلالها، أن المبيد وصل إلى الكبد "بمجرد أن تشم رائحة المبيد هذا يعني أنه وصل إلى كبدك".
وأكد منصور أن هناك مبيدات مسرطنة، ومن يقول غير ذلك فهو إما جاهل أو منافق، ويدعي ذلك من أجل أغراض سياسية، لأن معهد السرطان القومي بأمريكا صنف المبيدات طبقًا إلى آثارها السرطانية إلى مبيدات لها تأثير مسرطن على الإنسان، ومبيدات محتمل تأثيرها السرطاني على الإنسان، ومبيدات من الممكن أن يكون لها تأثير مسرطن، ومجموعات أخرى غير محتمل وجود تأثير مسرطن لها على الإنسان.
ويطلق منصور على سوق المبيدات في مصر أنه يشبه "جمهورية بير السلم"، حيث يمارس مهنة رش المبيدات أشخاص غير محترفين، ويجهلون أخطار المبيدات والنسب المسموح بها، بخلاف ما يحدث مع المزارع خارج مصر، حيث لا يستطيع أي شخص أن يشترى المبيدات سوى برخصة، ويتم منح أشكال مختلفة من رخص ممارسة مهنة المبيدات، حيث تأخذ المبيدات شديدة السمية اللون الأحمر بصفتها مبيدات خطيرة ويكون الأشخاص الذين يعملون في شراء وبيع هذه المبيدات مدربون جيدًا على التعامل معها.
وأضاف: إن العالم بدأ يعيد النظر في الحدود التي كان يقول إنها نسب آمنة من المبيدات، وذلك بعد التجارب العلمية التي أجريت على فئران التجارب، وأثبتت خطورة النسب الحالية للمبيدات على الإنسان والبيئة، ويحذر منصور من عدم الرقابة على فترات الآمان للمبيد بعد الرش، وهي الفترة التي يجب بعدها حصاد المحصول، إذ هناك بعض التجار والمزارعين يحصدون المزروعات، ولازال عليها آثار المبيد، ما يمثل خطورة على المستهلك لهذه الخضروات أو الفواكه، ويجب توقيع عقوبة على من لا يلتزمون بفترات الآمان، فلدينا فائض من خريجي وزارة الزراعة، ويمكن استغلالهم في الرقابة على المبيدات.
كما حذر منصور من قيام بعض المزارعين برش هرمونات النمو على الطماطم والخيار، بمادة حامض الجبريلك، وهذه المادة تؤثر على وظائف الكبد والكلى والعظم، كما تؤثر على الطفل الرضيع، لأنها تنتقل عن طريق لبن الأم، كما أن هناك بعض المزارعين يستخدموا مبيدات القطن شديدة السمية في رش الخضروات والفواكه، رغم أن مبيدات القطن ممنوع تداولها في الأسواق، ويجب أن ترش بمعرفة وزارة الزراعة، لكن لا يوجد ضمانة تمنع استخدامه في الخضروات فلا يوجد رقابة على سوق المبيدات، وأضاف أن الدول المتقدمة تنقل مصانع المبيدات والأسمدة من أراضيها، حفاظًا على صحة مواطنيها، وتقيمها فى دول العالم الثالث مثل مصر.
ويرى منصور أن استخدام المبيدات في رش المنازل يحافظ على المبيد كمبيد سام داخل محيط المنزل، وبالتالي يجب مكافحة القوارض خارج المنازل وليس داخلها، كما أن العاملين في هذه الشركات لا يستخدمون وسائل وقاية، ولا تعرف تلك الشركات مكونات هذه المبيدات، كما أن تخزين المبيد لأكثر من عامين يجعله شديد السمية، ويضاعف من سميته على الإنسان، وهذا حدث بالفعل مع المبيد "باراثيون"، ما أدى إلى تحوله إلى مشابه الأكسجين، مما ضاعف من سمية المبيد مئات المرات، وأدى إلى وفاة أكثر من 500 شخصًا في باكستان، وهذا التحول حدث بسبب التخزين الخاطئ، وهذا المبيد من المبيدات الفسفورية التى تحتوى على كبريت وفسفور، ولدينا فى مصر مخازن المبيدات غير مطابقة للمواصفات ما يمثل خطورة كبيرة على زيادة سميتها.
مهندس زراعي يتحايل على قلة الإمكانات ويدرب المزارعين على تصنيع كمامات بفوارغ زجاجات المياه الغازية وجاكيت بشكائر الأسمدة..
المهندس يسري عبد الحميد، مرشد زراعي بمحطة البحوث الزراعية بالإسماعلية، يستخدم أساليب بدائية في ظل إمكانيات تكاد تكون معدومة لإقناع المزارع، باستخدام أدوات وقاية تتلائم مع إمكانياته وتفكيره في ذات الوقت، مثل زجاجات المياه الغازية الفارغة، التي يتم تشكيلها وإعادة استخدامها كبديل عن الكمامات والنظارات، أما الأفرول فقد اخترع له بديل وهو شيكارة الأسمنت التي يتم إعادة استخدامها كبديل عن الجاكيت، الذي يحمي جسم الفلاح من المبيد أثناء رفعه ماكينة الرش على كتفه، حيث أن هناك احتمال لانسكاب المبيد على ظهره، كما أنه يستخدم بعض الأسماك، ويرش عليها مبيد فتنفجر الدماء من خياشيمها فيقتنع الفلاح بخطورة المبيد، ويقول لهم أن هذه المبيدات تؤدي إلى الفشل الكلوي.
ويقول: إن الجمعيات الزراعية لا تسلم الفلاح أدوات للوقاية من المبيدات، كما أنها لا تسلم هذه الأدوات الواقية إلى المرشد الزراعي وعمال الرش وكثير من الزملاء أصابهم أمراض الفشل الكلوي والكبد، ورغم أن المرشد الزراعي "هو اللي شايل هم المواطن المصري لكنه مغفول حقه، وأصبح المرشدين
الزراعيين يضطرون للعمل في وظيفة أخرى بعد عملهم، فهناك من يعمل سائق وآخرون يعملون نقاشين علشان يقدروا يعيشوا، ولا يوجد كشف طبي دوري عليهم، المهم جعلهم عايشين فى غيبوبة".
ويوضح: رغم وجود مستشفى الزراعيين التابعة لصندوق الرعاية الصحية بالوزارة، إلا أن المهندسين الزراعيين لا يعالجون فيها بالمجان، ولقاءات التوعية تلك التي تتم مع الفلاحين، تتم بالعلاقات الشخصية بعد أن رفعت الحكومة يدها عن مستلزمات الإنتاج ودعم المزارعين.
ويشير إلى أحد التجارب في الإرشاد الزراعي والمعروفة ب"المدارس الحقلية"، وهو مشروع ممول من هيئة التعاون الألماني: عندما كنا نوزع أفرول وكمامة على المزارع كان يقول "هو أنا طالع الفضاء"، كما أن المزارع يقوم بعمل تركيبات، سامة بعد أن يخلط بعض المبيدات ليخرج تركيبة غريبة غير معروف مكوناتها فأحيانا يضع مبيد يعرف ب"لانيت"، ويضيف عليه جاز ثم يتركه 10 أيام فيخرج الناتج مبيد سام وكارثة صحية بكل المقاييس.
نائب رئيس لجنة المبيدات بوزارة الزراعة: 40% من محلات بيع المبيدات غير مرخصة
الدكتور صلاح سليمان، نائب رئيس لجنة المبيدات الأسبق بوزارة الزراعة، وهي اللجنة التي تصرح بالمبيدات التي يجب استخدامها في مصر، يرى أن هناك علاقة بين التقدم في السن والسرطان، وأنه لا دخل للمبيدات بأحداث السرطان، لكنه في الوقت نفسه يقول إن هناك بعض المبيدات تم تجريبها على فئران التجارب، وأحدثت أورام سرطانية، بسبب التعرض لنسب كبيرة من المبيد، ولفترات طويلة، وأنه غير متوقع إصابة الإنسان بالسرطان مثل الفئران، لكنه جائز أن يحدث ذلك، ولكن مع مبيدات بعينها.
وأضاف أن الباحث من المفترض أن يدرس في الكلية مادة أمان الكيماويات، وعلى الكلية التي لا تدرس هذه المادة أنها "تقفل أحسن"، وتابع: نحن متخلفين عن الخارج في الأمان المعملي والكيميائي، والباحث الذي يعرض نفسه للمخاطر لا يستحق أن يكون باحثًا على الإطلاق، مشيرًا إلى أن هناك بعض الحوادث التي تحدث لبعض الباحثين الذي يستخدمون أساليب متخلفة لاستخلاص أكسيد الصوديوم، وهؤلاء يحدث لهم انسداد في المرئ.
وأوضح أن القوانيين المصرية غير ملزمة لمن يرش المبيدات، أن يحمل رخصة، ويعد حاليا قانون لن يسمح فيه لأى شخص برش المبيدات إلا بعد أن يتلقى تدريبًا ويحمل رخصة سارية المفعول، خاصة أن 40% من المحلات التي تبيع المبيدات غير مرخص لها، وأشار إلى أن عدد الباحثين في مجال كيمياء المبيدات يقدر بأكثر من 22 ألف باحث، بالإضافة إلى خريجي كليات الزراعة، الذين يتعاملون بشكل أو بآخر مع المبيدات.
الدكتور جمال أبو المكارم: لابد من إجراء كشف دوري على الباحثين للكشف عن إنزيم زيادة المبيدات في الدم.. ومصر تستخدم مبيدات محظورة أوروبيًا منذ 30 عامًا
يقول الدكتور جمال أبو المكارم، عضو لجنة المبيدات ورئيس جامعة المنيا الأسبق، إن الباحثين بمعامل المبيدات بوزارة الزراعة يتعرضون لمخاطر بالغة، إذ يتعرضون لكل مركبات "الكلور بايرفوث"، وهي مبيدات سامة عن طريق الاستنشاق ويوجد منها، أكثر من 17 نوعًا، وتصيب بأمراض التسمم العصبي والخلل الهرموني والخلل الجنسي لدى الرجال، وتشوه الأجنة.
وأضاف أستاذ سمية المبيدات، أن الباحثين يجب أن يرتدوا أدوات الحماية والكمامات ومضادات السموم، مثل "سلفات لاتروبين"، ولابد أن يجرى لهم تحليل إنزيم الاستابل، الذي يقدر نسبة المبيد في الدم، إذ يتعرض الباحث للمبيدات الفسفورية الخطيرة، ويشير إلى أن أهم المشاكل التي تقابل الباحثين في المعمل المركزي للمبيدات بوزارة الزراعة هو أنهم يجروا تجارب على مبيدات لا يعرفون أسمائها في كثير من الأحيان، ويتعاملون مع أرقام كودية، وبالتالي لا يستطيع أن يتخذ الإجراءات اللازمة للوقاية من مخاطر المبيد، كما أن أغلب المشروعات الممولة من الخارج لإجراء تجارب على المبيدات يدفع الباحث ثمن هذه التجارب من صحته، لأنها تكون مبيدات مجهولة.
وأوضح أنه لا يوجد أب نوع من التوعية للمزارعين، ويعتمدوا على ما هو مكتوب على عبوات المبيدات، ومع نسبة الأمية التي تزيد عن 50%، يتأثر أغلبهم بهذه
المبيدات نتيجة عدم وعيهم بخطورتها، فتصيبهم أمراض الكبد والكلى وأمراض القرنية.
وأكد أن هناك حالات تسمم تحدث سنويًا، بسبب جمع المحصول قبل فترات الأمان المنصوص عليها على العبوة، بسبب جشع بعض المزارعين فى تحقيق أرباح أعلى، وأضاف أن هناك بعض المبيدات المتداولة فى السوق، لكنها محظورة دوليا، مثل المبيد "دايموثين" محظور فى السويد والدول الاسكندنافية منذ 30 عاما، وهو من المبيدات المسرطنة، ويستخدم فى مصر بكميات تصل إلى آلاف الأطنان، والتسمم الذي يحدث لبعض المواطنيين سنويا من البطيخ بسبب هذا المبيد، وهذا المبيد يستخدم على نطاق واسع مع الفواكه.
نقيب الزراعيين الدكتور عبد السلام جمعة: 500 ألف مهندس زراعي معرضون للإصابة بالفشل الكلوي والكبد والسرطان بسبب المبيدات
يقول الدكتور عبد السلام جمعة، إن لديه 500 ألف مهندس زراعي، أعضاءً بالنقابة، أغلبهم يتعرض لمخاطر المبيدات، ولا توجد أدوات وقاية سواء لهم أو لعمال رش المبيدات، وأكثر الفئات التي تتعرض للفشل الكلوى والكبد والأمراض السرطانية، هم المهندسين الزراعيين، نتيجة تعرضهم المباشر لبعض أنواع المبيدات، والنقابة لا تستطيع أن تقدم الرعاية الصحية اللازمة لهم، وهناك 2 مليون جنيه مستحقات مالية لأصحاب المعاشات لا نستطيع دفعها.
مهندس زراعي بمحطة البحوث الزراعية ببهتيم: لم أحصل على أجازة منذ 40 عامًا وأقوم برش المبيدات وأي شئ آخر يطلبه العمل
أمام مجمع الصوب بمحطة البحوث الزراعية ببهتيم، التى تبلغ مساحتها 550 فدان، يجلس السيد محمد سيدى أحمد، أمام المحطة كمهندس زراعى بقسم الخضر، لكنه يقوم بدورالمهندس الزراعى وعامل رش المبيدات ورى الأراضي، ومستعد للقيام بأى شئ آخر يطلبه العمل، كما قال أن عيناه يبدوان عليهما الإرهاق، كأنه لم ينم منذ أسبوع كامل، لكنه يؤكد أنه يعشق العمل، ولذلك لم يأخذ يوما واحدا أجازة منذ 40 عاما.
أما الدور الرئيسي الذي يقوم به أمام المحطة هو بيع بعض المحاصيل الزراعية المنتجة من الصوب الزراعية لصالح أحد رجال الأعمال، الذي استطاع تأجير 10 صوب زراعية من وزارة الزراعة، كانت مخصصة للبحث العلمي، يصدر منتجاتها إلى ألمانيا.
وقال: "أبيع الخيار والفلفل والباذنجان والبصل، يعنى لو خيارة كبيرة شوية ولا معووجة مش معقول ياكلوها الأجانب، أصل الناس ديه بتشتري الخيار بالواحدة".
ينظر إليه زميله الذي يجلس معه على نفس الدكة، وطلب منه أن ينظر إلى الصورة خلفه، يضحكان معا دون تعليق، بينما تتضح أمام أعينهم عبارة "من لا يملك قوته لا يملك قراره".
وحول رش المبيدات يقول: عندما نرى المن والحشرات حول الزرع، نبدأ في رش المبيدات، ولا نرتدي هنا أي واقي "لو ما اشتغلتش وشقيت هتلاقى مين يديك، إحنا بنسيبها على الله، وطول ما أنت ماشي صح ربنا بيسترها معاك"، عام واحد ينتظره سيدى أحمد للخروج إلى المعاش حتى يستريح من رحلة يومية يقطعها ويعاني منها ذهابا وإيابا، من مدينة الخانكة التى يقول عنها أنها بعيدة جدا عن عمله.
مزارع من بنها: نؤجر ماكينة رش المبيدات ب20 جنية.. ومهندس بالجمعية الزراعية: المزارع يعتمد في المكافحة على السمع والتجربة
لا شئ يهم هنا سوى حماية المحصول من الآفة أو "الدودة"، مسالة الصحة تلك لا تهم، «التحرير» تجولت داخل بعض المزارع بالقليوبية، وكما يقول المزارع محمد عامر، من مدينة بنها بمحافظة القليوبية، حيث يرش محصول الموالح من البرتقال: "نشتري الدواء ونخلطه على الماء ونضعه فى البخاخة، ونبدأ فى رش المحصول، ونؤجر ماكينة الرش بسعر يتراوح ما بين 20 و25 جنيه فى اليوم، لأن ذبابة الفاكهة تجتاح المحصول مع منتصف شهر أغسطس، وبالتالى إذا لم نرش المبيد تفسد ثمرة البرتقال، وتكون غير صالحة للبيع في السوق المحلى.
ويقول المهندس سيد عبد الرازق، المهندس بالجمعية الزراعية كفر طلحة ببنها: إن المزارع يعتمد على نفسه فى رش المبيدات باستخدام أسلوب السمع والتجربة، لأن المرشدين لا يعرفون شئ ولا يقومون بدورهم، كما ينبغى.
ويذكر تقرير لمركز الأرض أنه على الرغم من وجود عدة جهات رقابية على المبيدات، منها قسم الرقابة على المبيدات بالمعمل المركزي للمبيدات وأقسام الرقابة
على المبيدات بمديريات الزراعة بالمحافظات، إلا أن تطبيق القوانين يظل في حالة غياب، كما لا توجد عقوبة رادعة، خاصة في حالة تعمد سوء الاستخدام وتغليب المصلحة التجارية‏‏ على صحة المواطنين، ما يستدعى توحيد جهات الرقابة والتنسيق بينهم.
ثم يشير التقرير إلى غياب البطاقة الاستدلالية التي تلصق على عبوات المبيدات -وهي مثل نشرة الدواء- يدون عليها كافة البيانات الخاصة بالمبيد، مثل: الاسم والمادة الفعالة ونسبتها والمواد الخاملة ونسبتها والشركة المستوردة والشركة المنتجة واسم الآفة التي سيتم مكافحتها، وغير ذلك، ومخاطر الاستخدام غير الرشيد.
كما كشف التقرير أن احتمال حدوث سرطان في المخ لدى العاملين في مجال رش المبيدات، يعادل ثلاثة أضعاف بالمقارنة بالناس الطبيعيين الذين لا يعملون في هذا المجال.
أخطر 7 مبيدات مسرطنة بالسوق المصري.. تستخدم بكثافة مع الخضروات والفاكهة والقمح والشعير وتصيب بسرطان الغدة الدرقية والكبد
تنتشر بالسوق المصري أخطر 7 مبيدات مسرطنة، رغم حظرها من لجنة المبيدات في عهد الدكتور أحمد الليثي، وهي مبيدات "الداي مسويت، كالسين، كورو كرون، التبك، الميثايل برافيون، التبارون، المانكوزيب".
وكشفت المصادر أن مبيد الداى مسويت يستخدم حاليا مع جميع أنواع الفاكهة، مثل الخوخ والبرتقال والجوافة، فضلا عن المحاصيل الحقلية، مثل القمح والشعير وكذلك القطن، كما يستخدم مع الخضروات مثل الفاصوليا والخيار والكوسة، وهو مبيد مصنف أنه من المبيدات المسرطنة من قبل وكالة بحوث السرطان الأمريكية، ضمن المجموعة سي.
أما المبيد الثانى "كالسين"، فهو منتشر بالسوق المصري أيضًا، وهو أحد مشتقات ال"دى دى تى"، وهو من المبيدات التى تصيب الإنسان بالسرطان، ويتميز برخص سعره ويستخدم فى مقاومة العنكبوت فى المحاصيل الخضرية والفاكهة، مثل الطماطم والخيار والفاصوليا واللوبية والبرتقال.
وفيما يتعلق بالمبيد كوراكرون فيستخدم مع آفات القطن واللوز، وهو من المبيدات التى لها تأثيرات سلبية على شبكبة العين والقرنية، وهو من المبيدات المسرطنة، أما مبيد "التبك"، فحسب نفس المصادر فهو مبيد شديد السمية ومن اشد المبيدات سمية فى العالم، ويستخدم بكثافة مع محصول البطاطس، كما يستخدم مع الفواكه والخضروات، وهذا المبيد تحديدا استخدام 4 مجم منه قادرة على القضاء على حياة إنسان تماما.
كما ينتشر بكثافة فى السوق المصري المبيد ميثايل برافيون، وهو مبيد شديد السمية، ومن المبيدات التى تسبب سرطان، ويخلط مع كثير من المبيدات ويستخدم بكثافة مع محاصيل الطماطم والخضروات والفاكهة.
وهناك أيضًا المبيد تبارون، وهو من المبيدات التى تسبب سمية عصبية متأخرة، كما يصيب الجهاز العصبي بالشلل، ومحظور استعماله فى أوروبا وأمريكا، أما المبيد مانكوزيب فهو من المبيدات المسرطنة، ورغم ذلك صرحت به لجنة المبيدات بوزارة الزراعة، ومصنف بأنه مبيد مسرطن "b"، وفق وكالة أبحاث السرطان الأمريكية، ويصيب هذا المبيد بسرطان الغدة الدرقية وسرطان الكبد، كما يسبب خلل فى الهرمونات وتشوه الأجنة، وهو متواجد بكثافة فى السوق المصري.
وقال المصدر فى تصريحات إن لجنة المبيدات بوزارة الزراعة غائبة، وتعترف بوجود هذه المبيدات والمركبات السامة في مصر، بحجة تهريبها عبر الحدود مع إسرائيل والأردن وليبيا، وأغلب هذه المبيدات تنتشر في صعيد مصر، وتباع علنًا فى محلات المبيدات، وسأل المصدر من المسؤول عن هذه الفوضى العارمة فى سوق المبيدات، ومن يحمى الفلاح المصري الذى أصبح حقل تجارب ومعرض لكافة الأمراض الخطيرة والمسرطنة، وطالب بضرورة تفعيل الضبطية القضائية من خلال مهندسي الرقابة بوزارة الزراعة، متسائلا: أين دور أعضاء لجنة المبيدات التي يتقاضى كل عضو منهم ألف جنيه عن كل جلسة؟!
من جانبه قال الدكتور مصطفى عبد الستار، نائب رئيس لجنة المبيدات بوزارة الزراعة، إن 22% من المبيدات المنتشرة بالسوق المصري هى مبيدات مهربة ومغشوشة، وأن مصر تستخدم سنويًا 8400 طن من المبيدات، وأن حجم هذه التجارة يبلغ سنويًا مليار جنيه، وأن أغلب هذه المبيدات يتم تهريبها عبر الحدود مع ليبيا والسودان والحدود مع غزة، مشيرًا إلى اننا في مصر غير قادرين على إجراء دراسات السمية المتعلقة بالمبيدات، لأنها مكلفة للغاية وليس لدينا الإمكانيات المادية لها، وهذه الدراسات هي التى تقيس تأثير المبيدات على صحة الأجيال الحالية والقادمة، من حيث إصابتهم بالأمراض الخطيرة.
وأشار إلى أن تكلفة هذه الأبحاث تبلغ لإحدى الشركات العالمية 1.8 ملياردولار سنويًا، من إجمالى مبيعاتها التي تبلغ 15 مليار دولار، ويقوموا حاليا بتدريب 24 مهندسا زراعيا على أحدث أساليب الكشف عن المبيدات المهربة والمغشوشة، من خلال ما يسمى بشفرة الاستجابة السريعة "qr - code"، ليكون هؤلاء المتدربون مراقبون على استخدام المبيدات وتداولها.
بينما قال الدكتور صلاح هلال، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، إن العشوائية والفوضى الحالية لاستخدام المبيدات ستنتهى مع إنشاء هيئة تداول واستخدام المبيدات، التي يجرى حاليًا إنشائها بوزارة الزراعة للرقابة على تداول واستخدام المبيدات والرقابة عليها.
القصة الكاملة لقضية المبيدات المسرطنة.. «والى» وشركاه أدخلوا مبيدات غير صالحة ومحظورة دوليًا لمدة 5 سنوات
في عام 2002 نظرت قضية المبيدات المسرطنة أمام القضاء، بناء على بلاغ للنائب العام، يحمل يوسف والى مسؤولية الموافقة على إدخال مبيدات تحتوى مركبات سرطانية للبلاد، وأن تلك المبيدات كانت سببا في انتشار أمراض الفشل الكلوى والكبدي، جراء تلوث الخضروات والفواكه عن طريق إضافة المبيدات والمواد الكيماوية المسرطنة الموجودة داخل الأطعمة بموافقة منه، على نحو ألحق أضرارا بالغة بصحة المواطنين.
وجاء في البلاغ أنه في 31 يوليو 1996، أصدر يوسف والي نائب رئيس الوزراء ووزير الزراعة في ذلك الوقت، القرار رقم 874‏ لسنة 96‏، والذي يحظر تجريب أو استيراد أو تداول أو استخدام أو تجهيز المبيدات سواء كانت مواد خاماً أو مستحضرات تجارية، في أي صورة من الصور والمصنفة مجموعة B‏ محتمل مسرطن للإنسان، والمجموعة 2‏ مسرطن ممكن للإنسان، سواء للإتجار أو للاستخدام الشخصي‏، وقد جاء هذا الحظر لنحو 38‏ مبيداً استناداً إلي تصنيف هيئة حماية البيئة الأمريكية التي حددت المبيدات المحظورة.
وبمرور الوقت وجد يوسف والي نفسه أمام ضغوط كبيرة من يوسف عبد الرحمن، وكيل أول وزارة الزراعة، فقرر خرق القرار لصالحه ولصالح البورصة الزراعية التي كان يترأسها‏،‏ إلا أن هناك عقبة أساسية حالت دون تنفيذ هذا القرار وهي قانون الز راعة رقم 53‏ لسنة 66‏، والذي ينص على أن الوزير أو أي مسؤول لايستطيع وفقاً لأحكام هذا القانون إدخال أي مبيدات إلا من خلال لجنة المبيدات المشكلة‏،‏ حيث تنص المادة 93‏ من هذا القانون يصدر وزير الزراعة بناء على اقتراح لجنة مبيدات الآفات الزراعية القرارات‏.‏
فبدأ والي التلاعب، في هذه الفترة وحتي عام 2004‏، بالقوانين واللوائح التي ضربت عرض الحائط وتم إلغاء الحظر المفروض على المبيدات المسرطنة، وفتح الباب أمام يوسف عبد الرحمن وشركائه‏،‏ إذ تم إدخال كميات هائلة من المبيدات المسرطنة في هذا التوقيت، وعندما تولي المهندس أحمد الليثي منصب وزير الزراعة خلفا ليوسف والي عام 2005‏، أصدر قرارًا بإعادة لجنة المبيدات لممارسة مهامها، وفقا لما نص عليه القانون وكلفها بمراجعة المبيدات في ضوء التطورات الراهنة‏،‏ فتم تكليف لجنة برئاسة الدكتور جمال أبو المكارم رئيس جامعة المنيا السابق، فقررت اللجنة وفق تقرير لوزير الزراعية بضرورة حظر47 مبيدا مسرطنا، فأصدر الليثي القرار الشهير رقم 719‏ لسنة 2005،‏ بحظر هذه المبيدات.
وبعد تولي أمين أباظة منصب وزير الزراعة، ألغى القرار الذي أصدره الليثي بشأن حظر ال‏47‏ مبيدا، التي تصيب المواطنين بالسرطان فأصدرت قرارا وزاريا رقم 90‏ لسنة 2007،‏ يقضي بإجراء لجنة المبيدات التي شكلها الليثي برئاسة الدكتور‏ مصطفى كمال طلبة، دراسة شاملة لإعادة تقييم جميع المبيدات التي استخدمت أو التي تستخدم في مصر، وفي حال ثبوت مطابقتها للضوابط والمعايير المنصوص عليها في هذا القرار، تتخذ اللجنة إجراءات إعادة تسجيلها‏،‏ وكانت لجنة المبيدات التي كان يترأسها الدكتور جمال أبو المكارم قد رفضت طلب أمين أباظة، بالسماح لبعض المبيدات المحظورة بالدخول إلى الأسواق، إلا أن اللجنة رفضت الأمر رفضا باتا، وحذرت من خطورة التراجع عن قرارات الحظر.
وتم تحويل القضية إلى القضاء في يناير عام 2000، وكان متهماً فيها 21 مسئولًا ومتعامل مع وزارة الزراعة معظمهم من كبار مساعدي يوسف والي، الذي رفض المثول أمام المحكمة، وامتنعت النيابة العامة، وكان يرأسها المستشار عبد المجيد محمود تنفيذ أمر المحكمة باستدعائه وإلزامه بالحضور، وتعلل الوزير بانشغاله، وهو ما دفع المحكمة للأخذ بجوهر القانون وإعطائه فرصة أخري، لكي يمثل أمام محكمة الجنايات ويجيب عن أسئلة المحكمة بشأن الاتهامات التي وجهها له المتهم الأول بالقضية، وكيل أول الوزارة ورئيس البنك الزراعي يوسف عبد الرحمن والمحبوس احتياطيا مع بقية المتهمين، حيث قدم محامي عبد الرحمن وثائق للمحكمة تثبت مسئولية الوزير عن كل الاتهامات المنسوبة لموكله والتي تصل عقوبتها للمؤبد لكونها تشكل خيانة للوطن.
وأبرز تلك الاتهامات استيراد مبيدات وهرمونات تسبب السرطان والفشل الكلوي والكبدي والعقم، وإدخالها عن عمد للبلاد مقابل عمولات وبموافقة صريحة من يوسف والي، والذي كان يعرف خطرها لكن والى تحدى القانون، ولم يمثل أمام القاضي فى هذه القضية للإدلاء بأقواله استغلالا لنفوذه السياسي كأمين عام للحزب الوطنى فى ذلك الوقت.
وتعد قضية المبيدات المسرطنة هى أحد القضايا التى شغلت الرأى العام المصري، وهى القضية المتهم فيها يوسف عبد الرحمن، مستشار وزير الزراعة الأسبق، ورندا الشامى، المستشارة الفنية للوزارة، وأعوانهما في القضية التى عرفت إعلاميا بقضية المبيدات المسرطنة التى أيدت فيه العقوبة الصادرة ضدهم من محكمة جنايات الجيزة بأحكام تتراوح ما بين السجن المشدد 10 و7 سنوات و3 سنوات وسنة مع الشغل، فضلا عن الغرامات وعقوبة العزل من الوظيفة.
وجاءت فى حيثيات القضية اتهام يوسف عبد الرحمن بعدة اتهامات، أهمها استغلال وظيفته فى الإضرار بالمال العام، والاستيلاء على أموال، وتقديم تسهيلات لشركات زراعية لجلب مبيدات زراعية غير مطابقة للمواصفات، وفى 2001 عاقبت محكمة جنايات القاهرة كلا من يوسف عبد الرحمن بالسجن المشدد 10 سنوات، و"راندا الشامى" بالسجن المشدد 7سنوات، وباقى المتهمين بأحكام تتراوح ما بين 5 وثلاث سنوات، والحبس سنة وعقوبة العزل من الوظيفة.
وطعن المحكوم عليهم على الحكم بطريق النقض فى 2005، وقضت بإعادة محاكمتهم، وفى 2008 قضت محكمة الجنايات للمرة الثانية بمعاقبتهم بالعقوبة نفسها، وطعنوا على الحكم للمرة الثانية، وجاء فى اتهام وإدانة يوسف عبد الرحمن أن الحكم المطعون فيه إدانة بجرائم استغلال النفوذ والإضرار العمدى بالمال العام والاشتراك فى تزوير وإتلاف محضرى اجتماع مجلس إدارة البورصة الزراعية، وتداول مواد زراعية خطرة بغير ترخيص، وأن "يوسف" طلب من المتهم الرابع فى القضية "هشام نشأت" إبرام عقدين بين شركة البورصة الزراعية التى يمثلها "يوسف" والشركتين الفرنسية واليابانية التى يمثلها المتهم الرابع تحتكر بموجبها الشركة الأولى توزيع منتجات الشركتين داخل مصر، على أن يستغل هو نفوذه لدى كبار المسئولين فى تسجيل منتجات الشركتين من المبيدات، وأن هذين العقدين تما لحساب شركة البورصة التى تملك الوزارة 24% من أسهمها.
وجاء فى إدانة "رندا الشامى" المتهمة الثانية فى القضية أن الحكم جاء على أساس أن المبيدات التى استوردوها محظورة لاحتوائها على مواد مسرطنة، وأن الطاعنة أدينت بجرائم الرشوة والاشتراك فى تزوير شهادات تسجيل المبيدات المستوردة، وأن الشركة المصرية لإنتاج وتسويق الحاصلات الزراعية محل عمل المتهمة شركة مساهمة مصرية وموظفى الشركة فى حكم الموظف العام، وأنها باشرت عملها فعليا فى الشركة كمستشار فنى، وهذا ما دانها كموظف عام.
وجاءت حيثيات محكمة النقض فى حكمها أن أحد الطاعنين، وهو المتهم الثامن، قال إنه وقع على الموافقات الاستيرادية، رغم علمهما بأن المبيدات مسرطنة، لأنه لا يستطيع مخالفة الأوامر.
وتسببت المبيدات التي أدخلت إلى مصر قادمة من تل أبيب في إصابة الآلاف من المصريين بالسرطان والفشل الكلوي والكبدي والعقم، حيث استمر نشاط هؤلاء فى إدخال مبيدات مسرطنة إلى البلاد منذ عام 1997 وحتى عام 2002، واللافت أن 47 مبيدا تم حظرهم فى عهد المهندس أحمد الليثى، بسبب إصابتهم للإنسان بالسرطان، ما زال متداول الكثير منها في الأسواق المصرية، في ظل ضعف الرقابة من وزارة الزراعة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.