كتب - أحمد سعيد حسانين ومحمود عاطف رصدت "التحرير" آراء عدد من الصحفيين والاعلاميين، اليوم الخميس، حول تعديل المادة "33" بقانون مكافحة الإرهاب، والذين أجمعوا على أن إلغاء الحبس والاكتفاء بتوقيع غرامة مالية باهظة، يكشف أن الهدف ليس الإرهاب ولكن الصحافة وحريتها، وإسكات الأصوات المعارضة، موضحين أن الدليل على هذا الأمر هو تجاوز قيمة الغرامة لقدرة الغالبية العظمى من الصحفيين. قال كارم محمود، عضو مجلس نقابة الصحفيين، ورئيس لجنة التشريعات بالنقابة، أن ما أقره مجلس الوزراء بشأن تعديل المادة "33" بإزالة الحبس والابقاء على وضع غرامة فى حالة نشر أخبار كاذبة، لا يغير كثيرًا من واقع رفض الجماعة الصحفية والإعلامية للمادة؛ لأن الغرامة مبالغ فيها للغاية، ولاتتناسب مع دخول الصحفيين والأوضاع المالية للمؤسسات الصحفية، وبالتالي سيكون نتيجتها عند التطبيق عجز الصحفيين أو الوسيلة الإعلامية عن دفع الغرامة الباهظة، وبالتالي ستطبق عليهم عقوبة الحبس نتيجة العجز عن السداد، وعقب: "كما لو أن المشرع أراد بتغليظ الغرامة استمرار عقوبة الحبس ولكن بشكل آخر". وذكر خالد البلشي، رئيس لجنة الحريات بالنقابة، إن إقرار الحكومة لقانون الإرهاب دون الالتفات لتعديلات الجهات المختلفة، وتعديلات نقابة الصحفيين وتوصياتها، يكشف أن الهدف ليس الإرهاب ولكن التضييق على الصحافة وحريتها، وإسكات الأصوات المعارضة، متابعًأ: "خاصة أن تعديل المادة 33 لتصبح الغرامة من 200 ألف جنيه ل500 ألف جنيه هو تشديد للعقوبة وليس تخفيفًا لها، وتأكيدًا أن الهدف هو الصحافة وتحويلها لنشرات للنظام". ولفت إلى أن الوصول بالغرامة لهذا الحد الذي يتجاوز قدرة الغالبية العظمى للصحفيين تجاوز حد العقوبة ليصل إلى حد مصادرة الحق نفسه، مكملًا أن ما أعلنته الحكومة يعني بقاء بقية البنود بالمادة على صياغتها الأولى، والتي تصادر الحق في تداول المعلومات، وقصر الحقيقة على البيانات الرسمية، ونوه بأن ما يجري حاليًا من توجيه بعض الاتهامات لعدد من الصحفيين الذين يتم التحقيق معهم خلال الأيام الأخيرة، ومنهم صحفي الأخبار محمد البطاوي، يثبت أن البلاد تشهد تطبيقًا مبكرًا للقانون، وعقب: "النظام قرر أن تكون الصحافة هي أول من يدفع الثمن وهو ما يكشف أن الهدف إخراس أي محاولة للنقد، وأي صوت يحاول تقديم رؤية مغايرة". وبدوره بيّن جمال فهمي، وكيل نقابة الصحفيين السابق، أنه يتمنى أن ترجح الحكومة صوت العقل، وتلغي هذه المادة التى ليس لها داع من الأساس، مردفًا أن إقرارها بصيغتها الحالية سيكون أمر مؤسف، وأضاف: "تصورنا انتهاء القيود على حرية الصحافة بعد ثورتين". وأشار فهمي إلى أن البلاد تواجه تهديدًا داخليًا وخارجيًا، والجميع يقدر طبيعة الوضع الراهن، لكن هذا لا يجب أن يؤثر على سير العملية الديمقراطية،التى تعتبر حرية الصحافة جزء أساسى منها، مطالبًا بتعديل قانون الإرهاب، و أن يأخذ صفة مؤقتة تزول بزوال الوضع الراهن . وفي حين، أكد الكاتب الصحفي عبد العال الباقوري، إن المادة يجب أن يتم تقنينها، بعيدًا عن مسمى الإرهاب،حيث أن وضع المادة في قانون الإرهاب، يعطى انطباع أن الدولة تعامل الصحفى و الإعلامى على إنه مشروع إرهابي، منوهًا بأن استبدال عقوبة الحبس بالغرامة المغلظة التي قد تصل إلى 500 ألف جنيه، أمر مجحف للغاية، وأن القانون بهذه الصيغة يحكم على 90% من الجرائد الخاصة بالإغلاق. وذكر الباقورى أن الغرامة يجب أن تراعي مستوى الدخل للصحفى، الذي هو بالأساس ضعيف، بالإضافة إلى أن ميزانية الصحف لن تتحمل هذه المبالغ الطائلة، فى ظل الأوضاع الإقتصادية الراهنة. وعلق مدحت الزاهد، نائب رئيس حزب التحالف الشعبى، على الأمر قائلًا: إن "الغرامة المالية المغلظة فى حالة فرضها ستكون أعنف من عقوبة السجن"، مكملًا أن بهذا الشكل تعتبر المادة 33 هدفها ترويع الصحفين، قائلا إن الأوضاع الإقتصادية للصحف معروفة للجميع، وفرض غرامات بهذا الشكل المبالغ فيه،سيكون له أثار سلبية على حرية التعبير. ولفت إلى أن مهنة الصحافة ستتأثر بهذا القانون، وستجعل الصحفيين يعزفوا عن القيام بأدوراهم على النحو المعتاد خوفا من الغرامة،وهو ما سيدفع المواطنين إلى الإتجاة إلى الصحافة والإعلام الأجنبي والتى من الممكن أن تبث أخبار كاذبة، بهدف خلق الفوضى فى البلاد، مسلطًا الضوء على أن أكثر الأجهزة الإعلامية فى العالم تخطئ فى بعض الأحيان، ولكن ليس معنى هذا أن يتم تقيد الصحفى، الذى يعتبر أساس عملة تداول المعلومات. ومن جانبه قال محمد سامى، رئيس حزب الكرامة إن الغرامة المالية هى أمر مبالغ فيه للغاية، مضيفا إنه لا يعتقد أن هذه المادة ستستمر طويلا، خاصه وإن مجلس الشعب القادم سيقوم بمراجعة كافة القوانين، التى صدرت خلال هذه الفترة الإستثنائية، مشيرًا إلى إنه من ناحيه أخرى، إن تنازل الحكومة عن عنادها، و تعديل نص المادة من الحبس إلى الغرامة هو أمر نادر لم يعتاد عليه الشعب من الحكومات السابقة.