كما بالأمس.. تبدو الكلمات بلا معنى فى مواجهة فاشية تقتل وتسحل وتنتهك الأعراض، ثم تطالب الضحايا بالاعتذار! ومع ذلك أكتب حتى لا أنفجر بعد أن تحوَّل الأمر من إهانة لشعب إلى ما أخجل أن أقول إنه ليس إلا نوعا من الدعارة الأخلاقية والسياسية المفضوحة! بالأمس طالبت بتوفير الحماية القانونية لضحية السحل والتعرى الذى لم أكن أعرف اسمه حتى ذلك الحين. كنت أخشى من تصفيته للتخلص من الجريمة، فإذا بهم يجعلونه ضحية لجريمة أخرى أشد قسوة، لا تثبت إلا شيئًا واحدا هو أننا نواجه فريقا يستغل كل شىء من أجل الحكم، يدوس على الأخلاق، ويمارس كل الرذائل، ولا يعترف بأحكام الدين الحنيف الذى يتخذه ستارًا لجرائمه. هذا الدين العظيم الذى يجعل من كرامة الإنسان وحريته الهدف الأسمى والدليل الأعظم على إعلاء كلمة الله فى الأرض. بعيدا عن أى حماية قانونية، أخذ القتلة والمجرمون الضحية حمادة صابر بحجة معالجته، رقَّت قلوبهم فجأة، فتحوا له مستشفى الشرطة ليكون فى قبضتهم. ساعات قليلة كانت كافية ليخرج الضحية شاكرا الجلاد (!!) لو اتسع الوقت لسمعناه يقول إن البرادعى وعمرو موسى وحمدين هم الذين مزّقوا ملابسه (!!) وأن كل ما رأيناه على الشاشة كان خداعا، وأنه هو الذى سحل الضباط والجنود (!!). لو لم تكن هذه الكاميرات اللعينة قد سجلت المشهد، فربما كان أهل الرجل يبحثون عنه دون جدوى حتى الآن كما يفعل المئات من الذين يبحثون عن أبنائهم المخطوفين (!!).. وربما كانوا قد عثروا عليه بين الحياة والموت كالشاب محمد الجندى (!!)، وربما كان قد لقى وجه ربه من التعذيب (أو من العلاج الذى توفره الشرطة!!) وربما كان قد ظهر وهو يعترف (من فرط العناية الطبية) بأنه يقود تنظيما مسلحًا ينفذ مؤامرة واسعة وأن ساعة الصفر كانت محددة بعد أن ينتهى من شرب الحاجة الساقعة عند كشك عم محمود القريب من الاتحادية!! قضا أخفّ من قضا كما قال حمادة صابر وهو يوجه الشكر إلى من سحلوه وقتلوا الثوار. إنه الإذلال بعد هتك العرض. هل تتصورون أن شعبا ثار وضحّى وقاتل وقدم الشهداء طلبا للكرامة، يمكن أن يقبل الإذلال أو يتسامح مع هتك عرضه؟! الجروح قِصاص يا سادة، والقِصاص قادم بأقرب مما تصورون. مَن قتلوا «جيكا» و«محمد كريستى» و«أبو ضيف» وعشرات الشهداء فى بورسعيد والسويس والقاهرة وكل المدن الثائرة الغاضبة لن يفلتوا من الحساب. مَن فعلوا بحمادة صابر ما فعلوه (هو والعشرات غيره ممن لم تسجل الكاميرات ما حدث لهم) سوف يلاقون نفس المصير. لكننا نطمئنكم.. ستوفّر لكم كل العناية الطبية لمعالجة آثار السحل. سوف تجدون أفضل معاملة فى محبسكم (أقصد فى المستشفى!!) سوف تسمعون صوت أبنائكم وبناتكم يصرخون من العار، بينما أنتم تتحدثون إلى الفضائيات وتقدّمون - باختياركم الحر طبعا- آيات الشكر والعرفان لمن سحلوكم وهتكوا أعراضكم!! الجروح قِصاص.. والقِصاص قادم بأقرب مما تتصورون.. لن ينجح الإرهاب فى قتل روح الثورة. لن ينخدع الناس بدعوات إلى «الحوار» لا تعنى إلا الرضوخ لحكم الفاشية. أىُّ حوار يمكن أن ينعقد مع حكم يقتل ويسحل ويهتك الأعراض ثم يطلب الشكر على أعماله الجليلة؟ أى حوار يمكن أن ينعقد مع حكم لم يَصْدق فى وعد، ولم يلتزم بعهد، ولم ينجح إلا فى الانتقال بالوطن من فشل إلى فشل ومن دم إلى دم؟! أى حوار يمكن أن ينعقد مع حكم لا يهمه إلا الاستحواذ على السلطة والهيمنة على الدولة حتى لو دمر كل شىء فى سبيل هذا الهدف؟! أى حوار يمكن أن ينعقد مع حكم لا يعرف إلا مصلحة أهله وعشيرته، أما باقى المصريين فَخَوَنة أو عملاء أو كفار ملاحدة أو أنصار للديمقراطية، والعياذ بالله، أو طلاب للعدل الحقيقى لا العدل الزائف الذى يهدر كرامة الناس ويفرض عليهم الفقر، ويطلب منهم الولاء والتأييد مقابل مكان على موائد الرحمن؟! إنهم يريدون الحوار.. كما كان مع حمادة صابر.. حوار فرض الأمر الواقع، أن ترضخ لمنطق السحل والقتل وهتك العرض، ثم تكون أمام الوعد والوعيد فتعلن الاستسلام(!!) من يرد الحوار على طريقة الحكم مع حمادة صابر فليذهب.. أما الثوار فلهم طريق آخر!!