قرارات مرسى الأخيرة بإعلان حالة الطوارئ وحظر التجول داخل مدن القناة الثلاث السويسوالإسماعيلية وبورسعيد، لم تعجب مدن القناة، حتى إن بعضهم نظم تظاهرات فى تلك المدن فى الأوقات الخاصة بحظر التجول ردا على قرارات مرسى وإعلانا لحالة الرفض. السويسوالإسماعيلية قدما للفن كثيرا، فالسويس التى تعرف باسم «بلد الغريب» صاحبة أول شهيد فى الثورة المصرية، على أرضها ولد إسماعيل ياسين ملك الكوميديا «أبو ضحكة جنان» الذى ترك محافظته واتجه إلى القاهرة فى أوائل الثلاثينيات، أما محمد فؤاد فهو واحد ممن قدمتهم مدينة الإسماعيلية، حتى أصبح واحدا من أشهر مطربى مصر والوطن العربى، وقدم جزءا من حياته عبر الفيلم الذى شارك فى بطولته بصحبة محمد هنيدى وحمل اسم «إسماعيلية رايح جاى»، كما كان للإسماعيلية أيضا نصيب من الكتاب حيث قدمت المؤلف خالد دياب الذى كتب عددا من الأعمال للسينما من بينها فيلم «عسل إسود»، الذى قام ببطولته أحمد حلمى وكذلك فيلم «بلبل حيران» لأحمد حلمى أيضا، وكان خالد أحد الوجوه الشابة التى شاركت فى ثورة الخامس والعشرين من يناير وظلت فى الميدان حتى سقط نظام المخلوع مبارك، وهناك أيضا الفنان محمود عامر عضو مجلس نقابة المهن التمثيلية. المؤلف خالد دياب علق على الأحداث التى تقع فى مدن القناة فى الوقت الحالى قائلا «باختصار الحلول الأمنية مش هى اللى هتحل الموقف»، مؤكدا أن حل مرسى الأمنى أسوأ من مبارك، خصوصا مع وجود تعامل عنيف للشرطة، وهو ما يعيدنا إلى نقطة أسوأ من المربع صفر، معتبرا أن الحل الأمنى يهدم فكرة الاستقرار، وحول قرارات مرسى بفرض حالة الطوارئ وحظر التجول فقد رأى دياب أن هذا نوع من أنواع الحلول الأمنية التى لا تجدى، واعتبر دياب أن الحل لما يحدث هو ضرورة أن يكون هناك حوار وطنى جاد ومعنى جاد هو أن يكون هناك ضمانات، مستشهدا بالقرار الذى اتخذته جبهة الإنقاذ الوطنى برفض الحوار دون ضمانات، مؤكدا أن الحوار لا بد أن يكون له أجندة وآليات حقيقية لإنجاحه. الفنان محمود عامر عضو مجلس نقابة «الممثلين» أحد أبناء مدينة الإسماعيلية الذى غادرها بعد أن تم تهجيره واتجه حينها إلى الشرقية، أكد أن الإسماعيلية جزء من مصر، وأن الأحداث التى تقع فى مصر تؤثر على المدينة، وهو ما دفع شبابها إلى الخروج لأنه شعر أن الثورة التى استشهد فيها كثيرون لم يتحقق منها شىء، وهو ما جعله يخرج ليتظاهر، وعن قرارات الرئيس الأخيرة فقد أكد عامر أنها لن تسهم فى حل المشكلة بل ستزيدها سوءا، لأن أكثر مدن ضحت بالدم من أجل مصر هى مدن القناة، ووجه عامر نصيحته للرئيس قائلا «لو دامت لغيرك كانت دامت ليك»، مؤكدا أن الشباب الطاهر سينتصر. الكاتب محمد سليمان مؤلف مسلسل «باب الخلق» وأحد أبناء الإسماعيلية أكد أنه لا يفهم لماذا أدرجت الإسماعيلية ضمن قرار الحظر، خصوصا أن ما يحدث فى الإسماعيلية لا يقارن بما يحدث بميدان التحرير مثلا، متسائلا «لماذا لم يفرض الرئيس حظر التجول فى القاهرة مثلا، إذا كان يريد حقن الدماء فعلا؟»، وأضاف سليمان أن تعامل النظام مع مدن القناة بهذا الشكل يؤكد أن هناك شيئا غير طبيعى يحدث، معتبرا أن ما خرج به الرئيس فى خطابه الأخير لا ينم إلا عن فشل، وفى نفس السياق أكد المؤلف ياسر عبد المجيد أحد أبناء مدينة السويس أن حظر التجول ليس حلا للأزمة، بل على العكس هو تصعيد للموقف هناك، مؤكدا أن هناك خوفا من هذه المدن وتحديدا السويس التى أسقطت مبارك. فايق عزب أحد أبناء مدينة الإسماعيلية، الذى كان مسؤولا عن المقاومة الشعبية فى المدينة عام 1967، أكد أن ما يحدث هو ظلم بيّن ليس لمدن القناة فقط بل لمصر جميعا، معتبرا أن هناك قوى متعجلة ومتسرعة تأخذ أشياء ليست من حقها وخطفت الثورة المصرية، وأكد أنه يحزنه الانفلات الأمنى الواقع ولا يعرف كيف سينتهى. وحول الحل للخروج من هذه الأزمة أكد فايق أنه لا بد من الحوار بين القوى كافة والشباب من أجل إيجاد حل للخروج من الأزمة، خصوصا أننا فى مصر نفتقر إلى إدارة الأزمات. المخرج وائل إحسان أكد أنه يشعر بالحسرة والحزن على أهله فى الإسماعيلية ومدن القناة، مشيرا إلى أن إحساس القهر والظلم الذى يشعر به أهل القناة، سيؤثر بالسلب على شعورهم، ذلك أنهم نوعية من البشر يتسمون بالتحدى، والقوة ولن يرضخوا لأى محاولات لتقييدهم، خصوصا أنهم يشعرون بأنهم قدموا كثيرا لمصر، أثناء حفر القناة ومن بعدها العدوان الثلاثى وحرب أكتوبر، كما تعرضوا للتهجير، فكان الأولى بالسلطة أن تقوم بتكريمهم وليس إهانتهم باعتبارهم بلطجية، فمن يصفونه بالبلطجة هو حفيد «صائد الدبابات»، وكان الحل يتطلب حكمة أكبر -برأى إحسان- حيث كان من الممكن تشكيل محكمة دولية للحكم حتى لا يشعروا بالظلم الذى أوصلهم إلى درجة كبيرة من الكراهية.