مفوضية حقوق الإنسان بالأممالمتحدة دخلت إلى مضمار المنتقدين لمشروع الدستور المصري، الذي يصر الرئيس محمد مرسي على استفتاء الشعب المصري عليه يوم 15 ديسمبر، واعتبرته المفوضية أنه "يرسخ للاستبداد السياسي والديني في مصر". وقالت رئيسة قسم "سيادة القانون" في مفوضية حقوق الإنسان بالأممالمتحدة، منى ريشاوي، في بيان رسمي: "المفوضية تشعر بالقلق بشأن محتوى مشروع الدستور المصري الجديد، والطريقة التي صيغ بها". وتابعت قائلة في تصريحات أوردتها إذاعة الأممالمتحدة "كما أننا نشعر أن الجمعية التأسيسية للدستور لم تكن ممثلة لجميع فئات الشعب". واستمرت ريشاوي قائلة "محتوى الدستور للأسف، يقل عن التزامات مصر الدولية في مجال حقوق الإنسان". وقالت رئيسة قسم "سيادة القانون" إنها يمكنها أن تورد العديد من الأمثلة التي تؤكد منها وجهة نظرها، ولكنها ستكتفي بتقديم 3 أمثلة فقط، وهم: "أولا: موضوع المساواة، فرغم أن الدستور نص على المساواة، ولكنه لم ينص على العوامل التي قد يحدث التمييز على أساسها، مثل الجنس أو الدين أو اللون". وأضافت قائلة "ثانيا: حرية الصحافة، مشروع الدستور ذكر أنه ليست هناك رقابة، ولكنه قال أيضا إن المجلس الأعلى للصحافة يمكنه أن يرشد ويقود الصحفيين في هذا المجال، وبالتالي قيد الصحافة وسمح بالرقابة في أوقات الحرب وما إلى ذلك". أما بالنسبة للمثال الثالث، فقالت "هو أمر في غاية الأهمية أيضا، يتعلق باستقلال وصلاحيات القضاء، وعزل القضاة، وتشكيل المحاكم، فبالنسبة لنا فإن الدستور المصري يجب أن يكون مثاليا في هذا المجال؛ لأن القضاء المصري يستطيع، وهو كفء أيضا، أن يثبت الحقوق والحريات للآخرين". وفي ختام تصريحاتها أعربت المسؤولة الأممية عن أملها في أن يكون هناك "حوار ديمقراطي حقيقي"، ودعت مرسي، "لأن يتسع صدره لشمول جميع هذه الآراء، بحيث يضمن أن يخدم الدستور والسلطات الثلاث في مصر، جميع المصريين، وليس فئة واحدة". ومن جانب آخر، وجهت منظمة العفو الدولية انتقادات لاذعة لمنح مرسي الجيش حق الضبطية القضائية، وقالت إنها "سابقة خطيرة" تعيد للأذهان ذكريات قانون الطوارئ الذي كان يطبقه المخلوع حسني مبارك. وقالت المنظمة في بيان لها أول من أمس الاثنين إن القانون الجديد ربما يؤدي إلى محاكمات عسكرية جديدة للمدنيين، وأشارت إلى أنه يسير على ذات النهج في قانون "حماية الثورة" الذي أصدره مرسي في وقت سابق، والذي يمنح النيابة حق احتجاز الأفراد لمدة قد تصل إلى 6 أشهر في الحبس الاحتياطي من دون محاكمة، وإمكانية إجرائهم تحقيقات في جرائم الإعلام والصحافة وتنظيم الاحتجاجات والإضرابات والبلطجة. وقالت في البيان، حسيبة حاج صحراوي، نائب مدير الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بالعفو الدولية: "نظرا لسجل الجيش السيء الطويل أثناء توليه المسؤولية وقيادة البلاد، التي قتل فيها أكثر من 120 متظاهرا وخضع نحو 12 ألف مدني للمحاكمات العسكرية، فقرار مرسي سابقة خطيرة". وتابعت قائلة "مثل تلك الأحكام التقييدية يتم استخدامها بشكل روتيني لمعاقبة أي ممارسات سلمية لحق التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات، وهذا القانون يذكرنا بقانون الطوارئ الذي كان يفرضه حسني مبارك ووجه بانتقادات وشجب من كل قوى المعارضة". وفي السياق ذاته، وجهت منظمة هيومن رايتس ووتش قانون الضبطية القضائية وقالت المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالمنظمة، سارة ليا ويتسن: "يحتاج أي انتشار للجيش المصري بغرض المساعدة في الحفاظ على الأمن إلى إرفاقه بضمانات لاحترام الحقوق الأساسية. ويجب على الرئيس مرسي أن ينهي المحاكمات العسكرية للمدنيين، لا أن يقوم بتوسيع مجالها". وتساءلت المنظمة قائلة "أين وعود الرئيس مرسي بعد انتخابه في يونيو الماضي بإنهاء المحاكمات العسكرية للمدنيين فقد استمرت تلك المحاكمات؟ وتابعت ويتسن قائلة "إذا تمت الموافقة على مسودة الدستور فسوف تنهي فعلياً أي أمل في محاسبة العسكريين على الجرائم المرتكبة في العامين الماضيين، بسماحها بإبقاء الملاحقة القانونية ضمن الدائرة العسكرية. كما أنها ترسخ حق العسكريين في مواصلة محاكمة المدنيين، مما يعد عقبة جدية أمام الحد من السلطات والامتيازات العسكرية في المستقبل".