مياه الشرب بالجيزة: بدء إصلاحات كسر خط المياه بمنطقة كومبرة بكرداسة    الحاجة اللي تغلى متشتروهاش.. مبادرة مقاطعة الأسماك: طبقنا دعوة الرئيس السيسي    وكيل لجنة الخطة والموازنة: ثلث الموازنة العامة رايحة للدعم    بيلوسي: نتنياهو عقبة أمام حل الدولتين وعليه الاستقالة    الأردن يحذر من تراجع الدعم الدولي للاجئين السوريين على أراضيه    على فرج يصعد لنصف النهائي بطولة الجونة للإسكواش    ريال مدريد يضع الرتوش الأخيرة على كبرى صفقاته الصيفية    ارتفاع درجات الحرارة.. اعرف حالة الطقس غدًا الأربعاء في الغربية    شاب يقتل والده بسبب إدمانه للمخدرات.. وقرار من النيابة    "سياحة النواب" تصدر روشتة علاجية للقضاء على سماسرة الحج والعمرة    هالة خليل: أتناول مضادات اكتئاب في التصوير.. ولا أملك مهارات المخرج    دياب يكشف عن شخصيته بفيلم السرب»    «الرقابة الصحية» توقع بروتوكول تعاون مع جامعة المنوفية لمنح شهادة «جهار _ إيجيكاب»    صحة كفرالشيخ في المركز الخامس على مستوى الجمهورية    احذر اكتئاب رياح الخماسين.. من هم الفئات الأكثر عُرضة؟    مقتل وإصابة 8 مواطنين في غارة إسرائيلية على منزل ببلدة حانين جنوب لبنان    «قضايا الدولة» تشارك في مؤتمر الذكاء الاصطناعي بالعاصمة الإدارية    بالفيديو.. خالد الجندي يشيد بفخامة تطوير مسجد السيدة زينب    «بروميتيون تاير إيجيبت» راعٍ جديد للنادي الأهلي لمدة ثلاث سنوات    يد – الزمالك يفوز على الأبيار الجزائري ويتأهل لنصف نهائي كأس الكؤوس    أبو عبيدة: الاحتلال الإسرائيلي عالق في غزة    وفاة تامر عبدالحميد مؤلف مسلسلات بكار وعالم سمسم عن 47 عامًا    محافظ أسوان يشهد مراسم توقيع بروتوكول التعاون المشترك بمتحف النوبة    ختام ناجح لبطولة الجمهورية للشطرنج للسيدات ومريم عزب تحصد اللقب    بائع خضار يقتل زميله بسبب الخلاف على مكان البيع في سوق شبين القناطر    «التعليم العالي» تغلق كيانًا وهميًا بمنطقة المهندسين في الجيزة    إنفوجراف.. مراحل استرداد سيناء    القومي للكبد: الفيروسات المعوية متحورة وتصيب أكثر من مليار نسمة عالميا سنويا (فيديو)    وزيرة الثقافة تُعلن برنامج فعاليات الاحتفال بعيد تحرير سيناء    اللعبة الاخيرة.. مصرع طفلة سقطت من الطابق الرابع في أكتوبر    المدير التقني السابق لبايرن ميونخ: محمد صلاح معجزة وبطل قومي لليفربول    فيلم يقفز بإيراداته إلى 51.3 مليون جنيه في 13 يوم.. تعرف على أبطاله وقصته    غدا.. اجتماع مشترك بين نقابة الصحفيين والمهن التمثيلية    11 معلومة مهمة من التعليم للطلاب بشأن اختبار "TOFAS".. اعرف التفاصيل    السياحة: زيادة أعداد السائحين الصينيين في 2023 بنسبة 254% مقارنة ب2022    محافظ كفرالشيخ يتفقد أعمال التطوير بإدارات الديوان العام    عضو ب«التحالف الوطني»: 167 قاطرة محملة بأكثر 2985 طن مساعدات لدعم الفلسطينيين    مجلس الوزراء: الأحد والإثنين 5 و6 مايو إجازة رسمية بمناسبة عيدي العمال وشم النسيم    البرلمان يحيل 23 تقريرا من لجنة الاقتراحات والشكاوى للحكومة لتنفيذ توصياتها    ببرنامج تعزيز المنظومة البيئية.. هيئة الاستثمار: تدريب وتقديم استشارات ل600 رائد أعمال    محافظ قنا يستقبل 14 مواطنا من ذوي الهمم لتسليمهم أطراف صناعية    وزير الأوقاف من الرياض: نرفض أي محاولة لتهجير الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته    عربية النواب: اكتشاف مقابر جماعية بغزة وصمة عار على جبين المجتمع الدولى    تنبيه عاجل من المدارس المصرية اليابانية لأولياء الأمور قبل التقديم بالعام الجديد    منها الطماطم والفلفل.. تأثير درجات الحرارة على ارتفاع أسعار الخضروات    افتتاح الملتقى العلمي الثاني حول العلوم التطبيقية الحديثة ودورها في التنمية    رسميا .. 4 أيام إجازة للموظفين| تعرف عليها    شعبة الأدوية: انفراجة في توفير كل أنواع ألبان الأطفال خلال أسبوع    سلك كهرباء.. مصرع شاب بصعق كهربائي في أطفيح    سلاح الجو الإسرائيلي يعلن مهاجمة وتدمير نحو 25 هدفا في قطاع غزة    بدأ جولته بلقاء محافظ شمال سيناء.. وزير الرياضة: الدولة مهتمة بالاستثمار في الشباب    الإفتاء: لا يحق للزوج أو الزوجة التفتيش فى الموبايل الخاص    تقارير: الأهلي سيحصل على 53 مليون دولار نظير مشاركته في كأس العالم للأندية    اتحاد عمال مصر ونظيره التركي يوقعان اتفاقية لدعم العمل النقابي المشترك    البرلمان البريطاني يقرّ قانون ترحيل المهاجرين إلى رواندا    "بأقل التكاليف"...أفضل الاماكن للخروج في شم النسيم 2024    الإفتاء: التسامح في الإسلام غير مقيد بزمن أو بأشخاص.. والنبي أول من أرسى مبدأ المواطنة    دعاء في جوف الليل: اللهم اجمع على الهدى أمرنا وألّف بين قلوبنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصلح مع العفاريت
نشر في التحرير يوم 18 - 09 - 2011

تصير طبيبا لأنك تحب المهنة، تحب تخفيف الآلام، وتحب التعامل مع الناس، وتحب أسرار الجسم. أو لأنك تحب المال الذى تحصل عليه من المرضى. حتى هذه لا أنكرها عليك. فمن الأفضل أن تحب التكسب من مهنة طيبة لا من مهنة خبيثة. وما ينطبق على الطب ينطبق على غيره. اختيارك مهنتك -بعيدا عن ضرورات مكتب التنسيق- يعبر عن شخصيتك، كما اختيارك شريكة حياتك، وأصدقاءك والكتب التى تقرؤها والأماكن التى تحب الوجود فيها.
كان لدينا صديق فى طفولتنا يصرّ منذ سِنِى حياته الأولى على أنه سيصير ضابطا فى الجيش. الرياضات التى اختارها والأنشطة التى مارسها كلها تصب فى خانة تحقيق حلمه ذاك، وقد حدث. بينما كان لنا رفيق فى الحى حلمه أن يصير ضابط شرطة، لكن مسلكه مسلك متشرد خارج عن القانون، وهذا ما آلت إليه حياته. وتلك حكاية لا تصلح للقياس عليها فى أى شىء، لكننى أتوقف عندها كمثال للرغبة فى تجاوز القانون التى صارت عند بعض من أبناء جيلنا دافعا للرغبة فى الالتحاق بجهاز الشرطة، بينما كانت عكس ذلك تماما حين كانت الصورة عن الشرطة هى صورة الجانب الخيّر من لعبة «العسكر والحرامية».
أى نوع من الشخصيات إذن صارت مهنة الشرطة تجذبه؟ سأترك لكم الإجابة كل من خلال تجربته ومعرفته. لكننى سأركز على الجانب المشرق من الموضوع، لخصه تعليق لصديق على «فيسبوك» على مقطع فيديو لضابط شرطة يطارد بلطجية فى شارع عبد العزيز. الصديق قال: هذا الضابط لا يفعل ذلك لأن هناك أوامر له بأن يفعل ذلك، إنما يفعل ذلك لأنه «راجل ابن راجل». وما ينطبق على هذا الشرطى ينطبق على نماذج أخرى كثيرة من أفراد جهاز الشرطة ذوى الضمير نسمع حكاياتهم مؤخرا، فى الإسكندرية والعريش وغيرهما. وهذا شىء جربناه جميعا بلا شك، أهل الضمير لا يستطيعون أن يخالفوا ضميرهم فى أى ظروف، حتى لو قالوا لأنفسهم «إنشالله تولع»، لأن طبعهم يغلب محاولة تطبُّعهم. أبناء النساء الطيبات والرجال الطيبين يتصرفون بدافع ليس محسوبا فى السياسة، لكن يجب أن نُدخِله فى السياسة. يجب أن نتعمد تغيير الصورة التى التصقت فى مخيلة أجيال عن ضابط الشرطة، وأن نضع حدا لأى فساد فى إجراءات القبول فى الكلية. وهو فساد معروف ومحكى ومروى بين أوساط الناس.
اليوم الذى تعود فيه مهنة الشرطة لمداعبة خيال الأطفال «الطيبين»، الراغبين فى الانتصار على «الحرامية»، وفى مساعدة الناس، وفى تنفيذ القانون، هو اليوم الذى نستطيع أن نقول فيه إن حال الشرطة بدأ ينصلح. الوسائل السياسية والمبادرات تعددت، ولن أخوض فيها الآن، فمعظمها جيد وواف بالغرض، لكن الأصل هو الإرادة. لا نية للإصلاح فى ظل إنكار المشكلة، لا نية للإصلاح ما دام اللواء منصور العيسوى لا يزال ينكر وجود قناصة فى الشرطة بينما الدلائل واحدا بعد الآخر تشير إلى عكس كلامه، والإنكار وغياب النية يغيّب الثقة. تخيل أنك فى جلسة صلح عرفى بينما المدعى عليه ينكر تماما أى سوء تصرف. سيكون رد فعلك التلقائى: «طيب ما دام الموضوع كده مالوش لازمة وجودنا هنا، ولو اللى عمل العمايل دى عفاريت، يبقى نروح نتصالح مع العفاريت».
وليس أقدر على معرفة مساكن العفاريت من أبناء الشرطة الشرفاء أنفسهم. حين خطف قراصنة صوماليون رجلا بريطانيا وزوجته اجتمعت الجالية الصومالية فى بريطانيا، وهى جالية فقيرة بوجه عامّ، وأنشؤوا هيئة وظيفتها تحرير هاتين الرهينتين. فعلت الجالية ذلك تطوعا، لا لأنها مسؤولة عن أفعال القراصنة، بل لرغبتها فى التبرؤ من تلك الأفعال وفى تطهير اسمها. بعض قراصنة جهاز الشرطة اختطفوا مصر وأمنها رهينة، وسيكون على الشرفاء من أبناء الشرطة التطوع لتحريرهما، ولتطهير اسم الجهاز، ولخلق «حواديت» جديدة تُحكى للأطفال عن بطولة الشرطة ووطنيتها.
المواجهات بين الألتراس والشرطة جرس إنذار لنا جميعا، بأن الفجوة تتسع بدلا من أن تضيق، وأن ما أمكن سابقا رتقه، قد يصبح التصرف الوحيد الملائم له مستقبلا هو إلقاءه فى سلة المهملات وشراء ثوب جديد تماما.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.