«يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين ومن يكُن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما».. الآية الشريفة تلتها هيئة محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار حسن عبد الله الذى نظر فى أولى جلسات محاكمة المتهمين لقتل المتظاهرين يوم 2 فبراير الماضى المعروف باسم «موقعة الجمل»، قبل أن تقرر وقف البث المباشر لوقائع الجلسة، وإخراج كاميرات التليفزيون من قاعة المحكمة. الجلسة بدأت فى الحادية عشرة والنصف من صباح أمس، واتسمت بسخونة فى الأحداث، كان أبرزها المصادمات التى وقعت فى بدايتها بين المحامين والأمن المكلف تأمين قاعة المحكمة التى أثبتت حضور المتهمين جميعا، وعلى رأسهم صفوت الشريف الذى أجاب بقوله «نعم حاضر يا فندم، حاضر يا سيادة الريس»، كما كان رد باقى المتهمين على النحو الذى أجاب به أحمد فتحى سرور قائلا «حاضر موجود»، وطلبت المحكمة من المتهم يوسف خطّاب خلع نظارته الشمسية التى كان يرتديها فى أثناء رده على المحكمة، وأثبتت أيضا حضور مرتضى منصور الذى رفع يده عندما نادت المحكمة عليه، ونجله الذى تعذر حضوره بسبب إصابته بجلطة، فيما استمر هروب نجل شقيقته وحيد صلاح، وبذلك يكون جميع المتهمين حاضرين باستثناء نجل مرتضى منصور ونجل شقيقته، وعبد الناصر الجابرى الذى حاول دفاعه أن يبين للمحكمة أنه مريض ويرقد بين الحياة والموت فى المستشفى.
النيابة تلت أمر الإحالة بالنسبة إلى المتهمين جميعا، وطالبت بتطبيق مواد الاتهام الواردة به، وفى أثناء توجيه الاتهام المتعلق بمرتضى منصور قال من داخل القفص «كل ده كذب»، فطلبت المحكمة منه عدم الحديث، فقال إنه يطلب الكلمة فردّت المحكمة «سنمكنك من الدفاع عن نفسك ولكن لا تقاطع النيابة، لأن المحكمة لن تسمح بذلك»، وأضافت المحكمة إلى لائحة الاتهام المادة 234 من قانون العقوبات المتعلقة بالسجن المشدد فى جرائم قتل النفس نظرا إلى عدم ورودها بأمر الاحالة، ثم بدأت المحكمة فى سؤال المتهمين جميعا فى ما نُسب إليهم فأجاب الشريف «لم يحدث على وجه الإطلاق جملة وتفصيلا وأنفيه كاملا»، وقال سرور «لم يحدث وليس لى علاقة به والتهمة باطلة وكله محض افتراء»، ورد أبو العينين «ما حصلش وكلها أكاذيب ومسرحية هزلية لتشويه الشرفاء»، ورد مرتضى منصور «هذا كذب وافتراء، وكل ما قاله الأستاذ الفاضل لا يوجد به حرف فى الأوراق».
المحكمة استمعت بعد ذلك إلى طلبات المدعين بالحق المدنى، وكانت المفاجأة أنه لم يتمكن من الحضور من محامى الشهداء والمصابين سوى محامية واحدة ادعت بمبلغ 5001 ضد كل من أحمد فتحى سرور وصفوت الشريف وعائشة عبد الهادى، ونادت المحكمة أسماء جميع الشهداء ومن شرع المتهمون فى قتلهم والمصابين بعاهات مستديمة، الذين لم يحضر عنهم أحد مدعيا مدنيا، وبعضهم حضر لكنه لم يتمكن من الدخول إلى القاعة، وبعضهم لم يحضر عنهم مدعون مدنيون من الأساس.
ثم استمعت المحكمة إلى طلبات الدفاع عن المتهمين الذين تخلى معظمهم عن مناقشة شهود الإثبات، وبعضهم طلب أسماء محددة منها وأجلا للاطلاع يكون طويلا، فردّت المحكمة بأن القضية محالة إلى الجنايات من 20 يوليو الماضى، بينما اليوم 11 سبتمبر، فأصروا على إثبات الطلبات، كما طلبوا أيضا ضم ملف القضية رقم 118 لسنة 2011 جنايات عسكرية متعلقة بموقعة العباسية التى وقعت فى شهر يوليو الماضى، بالإضافة إلى ملف تحقيقات النيابة فى أحداث مسرح البالون التى وقعت بين الأمن وعدد من المواطنين، وكذلك أحداث الشغب بين الأمن وجماهير النادى الأهلى.
مرتضى منصور قال إنه سيترافع عن نفسه فردت المحكمة بأنه وفقا للقانون لا بد أن يكون هناك محام عنه، «بعدها سوف تمكنك المحكمة من الدفاع عن نفسك»، فرد مرتضى «أى حد عاوز يتفضل يتفضل»، فقام أحد المحامين وقال إنه موكل عن مرتضى، فسألته المحكمة عن طلباته، فأجاب بأنه يريد استجواب المتهم مرتضى منصور، بعدها سألته المحكمة عن باقى الطلبات، إلا أن مرتضى أصر على إبداء طلباته بنفسه لأنه «عارف القضية وعارف اللى ملفقينهاله»، فقالت المحكمة «أبد طلباتك للأستاذ سعد المحامى المتطوع»، إلا أن مرتضى أصر على إبداء طلباته وقال «أنا مش خايف من المحكمة»، فرد المستشار مصطفى عبد الله رئيس المحكمة «إحنا مابنخوفش»، وسمحت له بإبداء طلباته، وهى ضم صورة رسمية من طلبى الرد والمخاصمة المقدمين منه ضد المحقق الذى حقق معه، وكذلك صورة من تحقيقات القضية رقم 20438 لسنة 2010 عرائض النائب العام المتهم فيها خصمه عبد الرحمن بركة منافسه فى الانتخابات، وابن خاله عبد الرحيم عباس، والاستعلام من شركة «موبينيل» عن أحد أرقام التليفونات والموقع الجغرافى الذى كان يوجد به من الثامنة صباح 2 فبراير حتى الحادية عشرة مساء، وقدم عددا من الطلبات الأخرى فقالت له المحكمة «انتهى وقتك»، فقال «خلاص والله ده آخر طلب»، وطلب شهادة أمير سالم المحامى واثنين آخرين كشهود نفى، وكذلك الكشف عن المبالغ التى وردت من خارج مصر عن الحساب الشخصى لكل من أمير حمدى سالم، ونجاد البرعى لأن الأخير وصل إليه مليونا دولار على حسابه الشخصى.
ثم استمعت المحكمة إلى طلبات باقى الدفاع التى جاءت فى معظمها مطالبة بأجل للاطلاع على القضية وأحرازها، لكنها قبل نهاية الجلسة بدقائق قامت بطرد اثنين من المحامين إلى الخارج لقيامهما بالتحدث فى أثناء انعقاد الجلسة.
كما شهدت الجلسة طرقا عنيفا على أبواب القاعة خلال فترات طويلة من انعقادها، الأمر الذى دعا المحكمة إلى إدخال أحد هؤلاء الطارقين، وعندما أحضره الأمن تبين أنه أحد المدعين بالحق المدنى، وقالت المحكمة إنها سوف تحرر ضده محضرا وتحيله إلى النيابة لأنه لا يليق طرق الباب بهذه الطريقة، ثم رفعت الجلسة للاستراحة فى تمام الواحدة وخمس وثلاثين دقيقة، والجريدة ماثلة للطبع.