وعادت الحياة السياسية فى مصر بعد تجميدها ثلاثين عامًا فى الثلاجة. تتلقى الأوامر من البيت الأبيض. مصدرها مجموعة مهمة من الناس يقيمون فى الولاياتالمتحدةالأمريكية، يساعدهم على فهم المكون المصرى وما يتطلبه الواقع المصرى من تعديلات على هذه الأفكار لتسهيل تنفيذها، يساعدهم على هذا مجموعة مهمة أخرى من المصريين تقوم بدور الوسيط بين الحكام الحقيقيين فى الخارج والمنفذين المصريين الذين يحتلون مناصب مهمة فى مصر، وهم من أطاحوا بمبارك وهم من جاؤوا بالإخوان، وهم من أطاحوا بالإخوان لتهديد مصالحهم. تلك المجموعة المهمة من المصريين الذين يقومون بدور الوسيط بين الإدارة الأمريكية والمنفذين المصريين يزيدون وينقصون مع الوقت، لكن من بينهم نواة صلبة لا تتغير بسهولة وقد لا تتغير أبدًا وهم يكرهون الضوء، لأنه بالنظر إلى طبيعة عملهم كوسيط ينقل الرغبات ويسهل المأموريات ويصوغ أفكار الغير، دون أن يكون له أفكار خاصة به فهؤلاء يفضلون أن يتم هذا كله فى الظلام وبأقل قدر ممكن من الضوضاء، وهم يحددون الأولويات. لكن للأمانة ليس كل ما كان يطلب ينفذ. فمبارك كان أبرع الرؤساء فى التعامل مع الولاياتالمتحدة، لكن بحدود لا تغضبهم، فاللوبى الأمريكى كان يحكم طوال حكم مبارك ويشكل الوزارات فى كل الأوقات وهو لوبى تربى هناك منذ بداية الستينيات حتى ظهر اللوبى الفرنسى - الفرانكفونى – المنافس للأمريكان، وهو الذى يحكم الآن متمثلا فى رئيس الوزراء إبراهيم محلب بعد الخلافات العنيفة بين مصر والأمريكان. وفى وقت انحصر فيه اللوبى الإنجليزى وهو ما يعانى منه الإنجليز الآن وبعد الحركة السياسية النشطة التى تدب فى مصر نشط الإنجليز كما هو واضح فى تحركات السفير البريطانى ربيب المخابرات الإنجليزية ومعه السكرتير الأول للسفارة ديفيد كلاى الآتى من سفارة بريطانيا فى قطر، والاثنان يجيدان اللغة العربية. وبدأ الإنجليز فى تربية لوبى عن طريق مبادرة صندوق نيوتن – مشرفة بين قطاعات البحث العلمى والابتكار فى مصر والمملكة المتحدة، وذلك من أجل إيجاد حلول مشتركة للتحديات التى تواجه مصر فى مجال التنمية الاقتصادية والرعاية الاجتماعية. ويمثل هذا البرنامج جزءًا من صندوق نيوتن (375 مليون جنيه إسترلينى) لدعم الشراكات فى مجال العلوم والابتكار بين المملكة المتحدة والقوى الصاعدة. سوف يستفيد صندوق نيوتن – مشرفة وقيمته 20 مليون جنيه إسترلينى (أى 237 مليون جنيه مصرى) على امتداد خمس سنوات من مواطن القوة فى مجال البحث والابتكار فى المملكة المتحدة. وكما هو واضح من المبادرة فإنهم يحضرون حكومة للمستقبل، فالإنجليز كما قال عنهم الملك الحسن ذات يوم فى منتهى الخطورة ويعملون فى صمت عكس ضجيج الأمريكان. أما الدول التى فشلت فى تكوين لوبى فى مصر يحقق مصالحها فهى تلجأ إلى الجاسوسية كالألمان. تُرى ما الرابط بين توقف برنامج ريم ماجد وتصريحات رئيس البرلمان الألمانى وإبراهيم الزيات القيادى الإخوانى؟!