لعلى من الذين طالبوا -ولا يزالون- بمراجعة كل حالات المسجونين، والإفراج فورا عن الحالات التى ليست لها علاقة بالعنف الذى جرى خلال الفترة الأخيرة من الإخوان والجماعات الإرهابية بشكل عام. وكلامى هنا بمناسبة الإفراج عن الشاب الإخوانى محمد سلطان، وترحيله إلى أمريكا، بعد تنازله عن جنسيته المصرية. ولقد وعد الرئيس عبد الفتاح السيسى أكثر من مرة بالإفراج عن الشباب المحبوسين، وأشار فى أكثر من مرة إلى أن من بينهم مظلومين.. وطالب عدة جهات بتقديم قائمة بأسماء الشباب المرشحين للإفراج عنهم.. وعليه قامت عدة جهات، من بينها أحزاب والمجلس القومى لحقوق الإنسان ومنظمات حقوقية تعترف بها الدولة، بتقديم قوائم بمظلومين فى السجون. فهناك بعض شباب ثورة 25 يناير، الذين لم يمارسوا أى أعمال عنف صدرت ضدهم أحكام قاسية بالسجن بناء على وشايات أو مشاركة فى مظاهرة سلمية. وكأنه يجرى الانتقام منهم لأنهم طالبوا بالتغيير، واستطاعوا أن يستنهضوا الشعب ضد فساد واستبداد نظام مبارك.. بل منهم من واصل النضال وخرج فى مظاهرات ضد حكم الإخوان قبل أن ينتبه آخرون إلى استبداد وفاشية الجماعة. ومع هذا يقضون أحلى سنوات عمرهم فى السجون الآن. ولم ينفذ الرئيس السيسى وعوده بالإفراج عنهم.. على الرغم من مطالبة القوى السياسية له باستخدام حقه الدستورى فى العفو عنهم من تلك الأحكام، حتى لا يقال إنه يتدخل فى أحكام القضاء. لكن الرئيس استخدم سلطاته فقط فى الإفراج عن الأجانب، وصدر قانون يتيح له ذلك.. وهو القانون رقم 140 لسنة 2014، الذى يمنح لرئيس الجمهورية إقرارا بحقه بالموافقة على تسليم المتهمين ونقل المحكوم عليهم من غير المصريين إلى دولهم لمحاكمتهم، أو تنفيذ العقوبات الصادرة بحقهم، متى اقتضت مصلحة الدولة العليا ذلك.. وبناء على عرض يقدمه النائب العام، وبعد موافقة مجلس الوزراء. تعالوا نقولها بصراحة.. إن هذا القانون صدر بعد ضغوط خارجية.. وبعد أن تعرض المسؤولون إلى إحراج شديد من عدد من الدول والمنظمات الدولية عند زياراتهم إلى الخارج.. وكذلك الرئيس السيسى نفسه. وكان على رأس القضايا «خلية الماريوت»، الخاصة بصحفيى ومذيعى «الجزيرة»، وكان بينهم صحفى أسترالى.. مما دعا الرئيس السيسى إلى أن يقول أكثر من مرة إنه لو كان هو المسؤول وقتها لأفرج عنهم فورا دون انتظار إحالتهم إلى المحاكمة. ومن ثمّ كان أول تطبيق لقانون العفو الرئاسى الذى سبقت الإشارة إليه هو الإفراج عن الصحفى الأسترالى.. ومن ثمّ بدأت مطالبات رسمية بالتنازل عن الجنسية لزميله محمد فهمى المتهم فى القضية نفسها «خلية الماريوت»، حيث يمكن العفو عنه وترحيله إلى البلد الذى يحمل جنسيته الأخرى «كندا». وهو الأمر الذى يتكرر مرة أخرى مع الشاب الإخوانى محمد سلطان، الذى يحمل الجنسية الأمريكية، ليصدر قرارًا بالعفو عنه بعد تنازله عن جنسيته المصرية، وترحيله إلى أمريكا. بالطبع القرار صدر بعد ضغوط أمريكية وأوروبية، وقبل ساعات من زيارة السيسى إلى ألمانيا، حيث من المتوقع أن يواجه بواقع محرج عن الشباب المسجونين وعن أحكام القضاء، التى يعتبرها الغرب قاسية. ليبقى السؤال مطروحًا: هل مطلوب من الشباب المسجونين التنازل عن جنسيتهم المصرية والبحث عن جنسية أجنبية للحصول على العفو؟! هل تتم إهانة الجنسية المصرية بهذا الشكل؟!