عيار 21 بعد التراجع الأخير.. أسعار الذهب والسبائك بالمصنعية اليوم الجمعة في الصاغة    بعد انفراد "فيتو"، التراجع عن قرار وقف صرف السكر الحر على البطاقات التموينية، والتموين تكشف السبب    مجلس الحرب الإسرائيلي يناقش "احتمالات" اجتياح رفح    طائرات الاحتلال تستهدف منزلًا بجوار مسجد "جعفر الطيار" شمال مدينة رفح الفلسطينية    تعيين رئيس جديد لشعبة الاستخبارات العسكرية في إسرائيل    أول تعليق من أسرة الشهيد عدنان البرش: «ودعنا خير الرجال ونعيش صدمة كبرى»    أيمن سلامة ل«الشاهد»: القصف في يونيو 1967 دمر واجهات المستشفى القبطي    بركات: الأهلي يحتاج لهذا الأمر قبل مواجهة الترجي    مصطفى شوبير يتلقى عرضًا مغريًا من الدوري السعودي.. محمد عبدالمنصف يكشف التفاصيل    جمال علام: لا توجد أي خلافات بين حسام حسن وأي لاعب في المنتخب    سر جملة مستفزة أشعلت الخلاف بين صلاح وكلوب.. 15 دقيقة غضب في مباراة ليفربول    العثور على جثة سيدة مسنة بأرض زراعية في الفيوم    مصطفى كامل ينشر صورا لعقد قران ابنته فرح: اللهم أنعم عليهما بالذرية الصالحة    الإفتاء: لا يجوز تطبب غير الطبيب وتصدرِه لعلاج الناس    جاله في المنام، رسالة هاني الناظر لنجله من العالم الآخر    برلماني: إطلاق اسم السيسي على أحد مدن سيناء رسالة تؤكد أهمية البقعة الغالية    أحكام بالسجن المشدد .. «الجنايات» تضع النهاية لتجار الأعضاء البشرية    رسميًّا.. موعد صرف معاش تكافل وكرامة لشهر مايو 2024    الأرصاد تكشف أهم الظواهر المتوقعة على جميع أنحاء الجمهورية    نكشف ماذا حدث فى جريمة طفل شبرا الخيمة؟.. لماذا تدخل الإنتربول؟    قتل.. ذبح.. تعذيب..«إبليس» يدير «الدارك ويب» وكر لأبشع الجرائم    عز يعود للارتفاع.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 3 مايو 2024 بالمصانع والأسواق    جناح ضيف الشرف يناقش إسهام الأصوات النسائية المصرية في الرواية العربية بمعرض أبو ظبي    فريدة سيف النصر توجه رسالة بعد تجاهل اسمها في اللقاءات التليفزيونية    فريق علمي يعيد إحياء وجه ورأس امرأة ماتت منذ 75 ألف سنة (صور)    انقطاع المياه بمدينة طما في سوهاج للقيام بأعمال الصيانة | اليوم    كيفية إتمام الطواف لمن شك في عدده    السفير سامح أبو العينين مساعداً لوزير الخارجية للشؤون الأمريكية    معهد التغذية ينصح بوضع الرنجة والأسماك المملحة في الفريزر قبل الأكل، ما السبب؟    "عيدنا عيدكم".. مبادرة شبابية لتوزيع اللحوم مجاناً على الأقباط بأسيوط    ضم النني وعودة حمدي فتحي.. مفاجآت مدوية في خريطة صفقات الأهلي الصيفية    محمد مختار يكتب عن البرادعي .. حامل الحقيبة الذي خدعنا وخدعهم وخدع نفسه !    خبيرة أسرية: ارتداء المرأة للملابس الفضفاضة لا يحميها من التحرش    موعد جنازة «عروس كفر الشيخ» ضحية انقلاب سيارة زفافها في البحيرة    جامعة فرنسية تغلق فرعها الرئيسي في باريس تضامناً مع فلسطين    ليفركوزن يتفوق على روما ويضع قدما في نهائي الدوري الأوروبي    طبيب الزمالك: شلبي والزناري لن يلحقا بذهاب نهائي الكونفدرالية    الغانم : البيان المصري الكويتي المشترك وضع أسسا للتعاون المستقبلي بين البلدين    رسائل تهنئة شم النسيم 2024    الحمار «جاك» يفوز بمسابقة الحمير بإحدى قرى الفيوم    شايفنى طيار ..محمد أحمد ماهر: أبويا كان شبه هيقاطعنى عشان الفن    مجلس الوزراء: الأيام القادمة ستشهد مزيد من الانخفاض في الأسعار    اليوم.. الأوقاف تفتتح 19 مسجداً بالمحافظات    قفزة كبيرة في الاستثمارات الكويتية بمصر.. 15 مليار دولار تعكس قوة العلاقات الثنائية    سفير الكويت: مصر شهدت قفزة كبيرة في الإصلاحات والقوانين الاقتصادية والبنية التحتية    بعد تصدره التريند.. حسام موافي يعلن اسم الشخص الذي يقبل يده دائما    جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات    تعرف على طقس «غسل الأرجل» بالهند    البطريرك يوسف العبسي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يحتفل برتبة غسل الأرجل    مباراة مثيرة|رد فعل خالد الغندور بعد خسارة الأهلى كأس مصر لكرة السلة    برج السرطان.. حظك اليوم الجمعة 3 مايو 2024: نظام صحي جديد    بطريقة سهلة.. طريقة تحضير شوربة الشوفان    القصة الكاملة لتغريم مرتضى منصور 400 ألف جنيه لصالح محامي الأهلي    «يا خفي اللطف ادركني بلطفك الخفي».. دعاء يوم الجمعة لفك الكرب وتيسير الأمور    مدير مشروعات ب"ابدأ": الإصدار الأول لصندوق الاستثمار الصناعى 2.5 مليار جنيه    صحة الإسماعيلية تختتم دورة تدريبية ل 75 صيدليا بالمستشفيات (صور)    محافظ جنوب سيناء ووزير الأوقاف يبحثان خطة إحلال وتجديد مسجد المنشية بطور سيناء    بالفيديو.. خالد الجندي يهنئ عمال مصر: "العمل شرط لدخول الجنة"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رغم فتور العلاقات.. ألمانيا ومصر أزمة عاصفة في مهب الريح
نشر في التحرير يوم 21 - 05 - 2015


كتبت- أميرة إبراهيم
يخطئ من يعتقد أن تصريحات رئيس البرلمان الألماني عن مصر ورئيسها قبل زيارة السيسي لألمانيا هي أزمة دبلوماسية، سواء انتهت بإتمام الزيارة أو تعليقها، لأن الحقيقة أن تلك التصريحات جزء من تطوُّر ملف إدارة العلاقات المصرية - الألمانية، بعد ثورة يناير، والذي انحازت خلاله الإدارة الألمانية للإخوان حتى وصلوا لحكم مصر ثم تطورت تلك العلاقات بعد ثورة «30 يونيو 2013» مع انحياز الإدارة الألمانية مرة للإخوان بعد الإطاحة بهم ورفضها الاعتراف بشرعية النظام الذي فرضه المصريون بثورة شعبية وانتخابات حرة، الأمر الذي انعكس في صورة فتور للعلاقات بين البلدين، لنحو عامين، تراكم خلاله جليد لم يتحرك الطرفان لإذابته بقدر يعكس العلاقات التي كانت مميزة بينهما في الماضى.
وبينما تتواصل استعدادات الجانبين المصري والألماني للزيارة التي سيقوم بها الرئيس المصري لألمانيا ومهّد خلالها السفير الألماني بالقاهرة بتصريحات مطولة عن إيجابيات منتظرة وتطور في اتجاه إغلاق صفحة الإخوان في مصر وتأثيرها في علاقات البلدين، صعّد رئيس البرلمان الألماني (البوندستاج)، نوربرت لامرت، الأمر ببيان يعلن فيه رفضه مقابلة الرئيس عبد الفتاح السيسي ضمن فاعليات برنامح زيارته المقررة فى 3،4 يونيو المقبل، حيث يقوم الرئيس بجولة تشمل، إلى جانب زيارة ألمانيا، دولة أوروبية أخرى.
نوربرت لامرت، رئيس البرلمان الألماني أصدر بيانًا مساء أول من أمس الثلاثاء، قال فيه إنه أبلغ السفارة المصرية فى برلين بقراره بعدم إتمام المقابلة مع الرئيس السيسي، وأوضح أو برر الموقف بأنه «في الوقت الذي ننتظر من مصر أن تضع جدولًا لإجراء الانتخابات البرلمانية التي طال انتظارها فنحن نشاهد في الشهور الأخيرة اعتقالات ممنهجة للجماعات المعارضة، واحتجازًا جماعيًا، وعقوبات لمدد طويلة في السجن وعددًا لا يصدق من عقوبات الإعدام».
وهنا يضيف جملة لافتة عن عقوبات الإعدام، مشيرًا إلى أنها «تشمل رئيس البرلمان السابق سعد الكتاتني».
ووفقًا للبيان فإنه «بالنظر إلى هذا الموقف الذي لا يسهم في السلام الداخلي ولا إحلال الديمقراطية في مصر فإن لامرت يرى أنه في الوقت الراهن لا توجد أرضية للقاء يجمعه مع الرئيس السيسي».
السفير المصري في برلين محمد حجازي، عقّب على بيان لامرت، بأن «الجانب المصري لم يطلب أو يتطلع إلى عقد لقاء للرئيس السيسي معه»، وأضاف «تم إدراج المقابلة في إطار بلورة الجانب الألماني لمشروع برنامج الزيارة».
أما مؤسسة الرئاسة فقد تمهلت وأمهلت الإدارة الألمانية فسحة من الوقت للتعرف على مدى توافق مواقفها مع مواقف البرلمان التي أعلنها رئيسه، بينما تتواصل الخارجية المصرية مع القنوات الألمانية المناظرة لاستجلاء تداعيات التطور الأخير، خصوصًا أن لامرت قيادة من قيادات الحزب المسيحي الذي تترأسه المستشارة الألمانية، مما يضع موقف رئيس البوندستاج على مسافة سنتيمترات من موقف إدارة المستشارة الألمانية.
ويجعل التفسير الأقرب هو توزيع الأدوار داخل الحزب والإدارة الألمانية لاستيعاب المعارضة الألمانية من جهة وتحجيم تطلعات الجانب المصرى لمكاسب منتظرة من الزيارة من جهة أخرى.
لامرت بدأ التصعيد بخطوات محسوبة قبلها بيومين، عقب صدور حكم من محكمة الجنايات بإدانة الرئيس المعزول محمد مرسى وآخرين فى قضية اقتحام السجون وإحالة أوراقهم إلى المفتى تمهيدًا للحكم بالإعدام، بينما حكمت نفس المحكمة بالإعدام على قيادات أخرى فى قضية التخابر مع حماس، ضمن أحكام شملت 105، معظمها غيابيًّا شملت 16 من كبار قيادات الإخوان، وبصفة خاصة محمد بديع وخيرت الشاطر، اتُّهموا بإفشاء أسرار الدولة إلى كل من حماس وحزب الله وإيران فى أثناء تولى المعزول رئاسة مصر بهدف زعزعة الاستقرار فى الدولة، وأعلن لامرت رفض هذه الأحكام، وهو ما استدعى تدخل الخارجية المصرية بإصدار بيان شديد اللهجة يستنكر محاولات التدخل فى الشأن المصرى والتشكيك فى القضاء والتأثير فى استقلاليته.
السفير المصرى فى برلين بادر واجتمع مع رئيس البرلمان الألمانى لنقل الرد المصرى كذلك على تصريحات الخارجية الألمانية، وإفهام السلطات الألمانية أن النظام القضائي في مصر يتبع درجات التقاضي التي من حق أى شخص متهم استخدامُها، لكن وضح أن مبادرته لم تؤت الأثر الذي تحرك نحوه.
ومع انتظار أن تنطق المحكمة بالحكم على مرسى وإخوانه فى 2 يونيو القادم، أى قبل ساعات من توجه الرئيس السيسى إلى ألمانيا، يكون التنبؤ بتطور الموقف الألمانى غاية فى الأهمية عند طرح تساؤل: هل يتمم الجانبان الزيارة وبأى ضمانات؟ أم يتوقفان لمتابعة الضغط.. كل طرف على الآخر فى اللعبة المفتوحة؟
تحليل ملابسات التطور الجديد لن يكون الأخير، إذ يشير إلى تواصل المباراة المفتوحة بين الفكر المخابراتى لإدارة الرئيس عبد الفتاح السيسى، والفكر التآمرى لتحالف التنظيم الدولى للإخوان وفرعه النشط فى ألمانيا مع رجال السياسة معاونى المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وهى المباراة التى تدور منذ كان السيسى وزيرًا للدفاع عندما فتحت الحكومة الألمانية أبوابها لتوسيع صفقات سلاح مع الجيش المصرى أيام حكم الإخوان وتم الاتفاق على إضافة بناء غواصتين إضافيتين بخلاف غواصتين سبق التعاقد على بنائهما، وكان مفترضًا أن يتم تسليم واحدة منهما بالفعل فى 2013، لكن علقت الحكومة الألمانية تسليم الصفقة بعد موقف الجيش المصرى، المنحاز إلى جانب ثورة المصريين وعلقت أيضًا تسليم معدات عسكرية فنية يستخدمها فى الحرب على الإرهاب فى سيناء ورفعت لافتة: «استخدام الجيش المصرى السلاح فى قمع المتظاهرين».
دعوة ميركل للسيسي
الحكومة الألمانية ومستشارة ألمانيا وجهتا الدعوة للرئيس السيسى لزيارة ألمانيا ثلاث مرات، لكنها لم ترفع الحظر المفروض على تسليح الجيش المصرى ولا عن الصفقات المبرمة التى تم حجبها لأجل غير مسمى، بل وزعم وزير الخارجية الألمانى، «فرانك فالتر شتاينماير» فى القاهرة أنه لا يعلم شيئًا عن صفقات سلاح لمصر تم تعليقها، وكان التمهل المصرى فى تلبية الدعوة الألمانية انعكاسًا لا تخطئه العين لإدارة ملف العلاقات بفكر مخابراتى أولا، ثم سياسى ليتعامل مع حقائق، أبرزها أن ألمانيا ترفض تصنيف مصر للإخوان كجماعة إرهابية، وأن السياسة الألمانية ترتبط بصفقات مع التيارات الدينية المدعومة من التجمعات التركية المتأصلة فى ألمانيا، وأن ألمانيا تسمح للتنظيم الدولى وروافده بالتحرك بنشاط وحرية بين تركيا وألمانيا ضد الدولة المصرية.
ألمانيا أيضًا أغنى دولة فى أوروبا، والتى تقود الاتحاد الأوروبى فعليا علقت التعاون الاقتصادى للضغط على مصر المأزومة بعد الإطاحة بالإخوان، ثم أحجمت عن توسيع استثماراتها فى مصر لدعمها فى عثرتها حتى بعد أن اعترفت بالتغيير وأرسلت الدعوة تلو الأخرى لرئيس مصر لزيارتها، مع النظر للإسهامات غير المباشرة التى قدمتها فى أثناء المؤتمر الاقتصادى بشرم الشيخ من خلال شركتين من كبرى شركاتها.
اللافت أن التصعيد الحديث سبقه تحرك معاكس من السفير الألمانى بالقاهرة «هانس يورج هابر» الذى تحدث بإيجابية للإعلام المصرى عن توقعات زيارة الرئيس المصرى لألمانيا لأول مرة بعد تنصيبه رئيسًا، وأكد توقيع اتفاقيات اقتصادية بين الشركات الألمانية والحكومة المصرية، من بينها توقيع عقد تنفيذ محطات الكهرباء بين شركة «سيمنز الألمانية» ومصر، والتى تم توقيع مذكرات التفاهم بشأنها خلال مؤتمر شرم الشيخ.
"هابر" أشار بتصريحات محددة عن الإخوان وثورة يناير بدت مناقضة للموقف السابق، لكنها فُهمت فى إطار طى الصفحة وفتح صفحة جديدة عندما قال: «إن ثورة يناير وجدت لها صدى طيبا وإعجابا كبيرا فى ألمانيا، ولكن الحكومة الألمانية شعرت بالدهشة من انتخاب رئيس وبرلمان من صفوف الإخوان المسلمين بعد هذه الثورة، وكانت لديها صعوبة فى استيعاب هذا التطور، ولكنه كان قرار المصريين».
وأضاف السفير: «كانت لدينا شكوك وتحفظات ثبتت صحتها بعد ذلك بشأن حكم الإخوان لمصر، ولكننا كنا نقول رغم التحفظات إننا يجب أن نحترم خيارات الشعب المصرى، ثم تابعنا ما حدث بعد ذلك فى ثورة 30 يونيو، وشعرنا بالدهشة من كثافة هذه الاحتجاجات ضد حكم الإخوان، وكانت وجهة نظرنا تتمثل فى أن مرسى كان بإمكانه أن يتفادى ذلك بالإعلان عن انتخابات رئاسية مبكرة، ولكنه لم يفعل، ويمكن أن نعزو ما حدث بعد ذلك إلى عدم استجابته».
السفير الألمانى أيضًا فى تصريحاته أشار إلى تأخر زيارة السيسى، موضحًا أنه كان مفترضا دعوة الرئيس السيسى لزيارة ألمانيا بعد إجراء الانتخابات البرلمانية، ولكن بعد تأخيرها الناجم عن حكم المحكمة الدستورية العليا حول قوانين الانتخابات، رأينا أن نقدم للرئيس الدعوة فى هذا التوقيت، خصوصًا وقد تأكدنا من حرصه على إجراء الانتخابات البرلمانية فى أقرب وقت، حتى يمكن للبرلمان أن يراقب أداء الحكومة ويصدر تشريعات جيدة لصالح المصريين».
تصريحات هابر بعد صدور أحكام الإعدام والإدانة لقيادات الإخوان كانت إيحابية للغاية عن السيسى وعن إدارته فأكد إعجابه بالرئيس السيسى وبرؤيته فى مواجهة التحديات التى تواجه مصر، بل إنه زاد وأكد احترام سيادة الدول وأن ألمانيا دولة صديقة لمصر وتسعى إلى تحقيق الاستقرار فيها، لأن ذلك أيضًا من مصلحة ألمانيا وأوروبا، وإن كانت هناك خلافات فى وجهات النظر فهى لا تعنى التدخل فى الشأن الداخلى المصرى، وإنما هو نوع من التشاور مع الصديق.
السفارة الألمانية بالقاهرة لم تتصدَّ للأزمة الجديدة فى انتظار تعليمات من الخارجية الألمانية، فالتزمت الصمت المطبق، لكن منظمة الأحزاب العربية المدنية «رفضت بيان لامرت، وما زعمه حول وجود انتهاكات لحقوق الإنسان فى مصر، واستنكرت صمت رئيس البرلمان الألمانى عن عمليات قتل جنود الجيش والشرطة والقضاة بمصر، دون أن يحرك ساكنًا، وهاجمته بوصفه أنه نصب نفسه وصيًّا على الشعب المصرى، وكان عليه أن يدين عملية اغتيال قضاة العريش الثلاثة بدلا من أن يمنح الإرهاب رخصة لممارسة جرائمه الإرهابية». وتدرس مؤسسة الرئاسة جميع الخيارات، بما فيها تأجيل الزيارة لموعد لاحق فى ضوء ما تسفر عنه الاتصالات التى تتم بين خارجية البلدين، بما يعطى ضمانة واضحة حول عدم استغلال زيارة السيسى للتدخل فى شؤون مصر والإساءة رسميًّا إلى الشعب المصرى فى شخص رئيسه المنتخب.
لكن الأبرز فى إدارة هذه الجولة المخابراتية أن يعود الرئيس السيسى بما هو أكثر من اعتراف بشرعية ثورة يونيو، والتى تجاوزتها مصر مع ألمانيا بعد سلسلة تجاهل طويلة من الطرفين، ويتطلع الرئيس للعودة، ليس برفع الحظر المفروض على تسليح الجيش المصرى فقط، وإنما بصفقات جديدة تؤكد دعم الإدارة الألمانية للنظام المصرى الذى يقود الجيش أبرز عمليات توطيد دعائمه فى الحرب التى يخوضها ضد إرهاب الجماعات التى تتستر بالدين وتَلْقَى تعاطفًا من الجانب الألمانى، وهو ما تسعى إدارة ميركل ربما لتحجيمه حتى لا تسرف فى الهرولة تجاه مصر بعد موقفها العدائى السافر عقب ثورة يونيو، دون أن تضمن مصالح حلفائها من التنظيمات والجماعات الدينية النشطة فى أوروبا وألمانيا تحديدًا، والتى ارتبطت معها بصفقات من سنوات.
رئيس البرلمان الألماني يرفض لقاء السيسى.. ومصر ترد: لم نطلب المقابلة
تمسَّكت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، بلقائها المخطط مع الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى، فى برلين، رغم إلغاء رئيس البرلمان الألمانى، نوربرت لامرت، لقاءه المزمع مع السيسى خلال زيارته إلى ألمانيا الشهر المقبل، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الألمانية.
وقال متحدث باسم المكتب الصحفى الاتحادى فى برلين، إن «دعوة المستشارة للسيسى قائمة».
ويأتى تأكيد المستشارة فى أعقاب إعلان رئيس البرلمان الألمانى البوندستاج، نوربرت لامرت، «الثلاثاء»، أنه ألغى لقاءه مع السيسى، بسبب أوضاع حقوق الإنسان فى مصر.
ومن المقرر أن يزور السيسى برلين فى الثالث والرابع من يونيو المقبل، وذلك ضمن زيارة تشمل عدة دول أوروبية أخرى.
من جانبها، التزمت مصر الصمت تجاه رئيس البرلمان الألمانى، واكتفت بتأكيد السفارة المصرية فى برلين أن القاهرة لم تطلب لقاء الرئيس بلامرت.
دبلوماسيون: رئيس البرلمان الألماني يُرضِى إسرائيل على حساب الرئيس المصري
كتبت- محمود سعيد وأمل مجدى
بيان رئيس البرلمان الألمانى، نوربرت لامرت، الذى أعلن فيه رفضه لقاء الرئيس عبد الفتاح السيسى خلال زيارته المرتقبة لألمانيا، أثار ردود فعل متباينة، حيث أرجع دبلوماسيون سابقون موقف المسؤول الألمانى إلى المعلومات المغلوطة التى كان مصدرها جماعة الإخوان.
مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير نبيل بدر، قال ل«التحرير»، إن موقف رئيس البرلمان الألمانى لا قيمة له سوى الإساءة للصورة الألمانية، لافتا إلى أن رئيس البرلمان لم يستوفِ معلوماته عن مصر قبل أن يُدلى بهذا التصريح، مضيفا: «واضح تماما أن حملة المسؤول الألمانى على مصر، تحاول تشويه صورة الحكم فى مصر، وهو ما كنا نتصوَّر أن الفهم الألمانى لطبيعة التطورات المصرية قد تجاوز سوء المعلومات».
وتساءل بدر «ما الذى يعرفه رئيس البرلمان الألمانى عن جماعة الإخوان أو غيرها من الجماعات؟ وما الذى يعرفه عن أعمال إرهابية تستهدف زعزعة استقرار وأمن البلاد؟»، مستدركا: «يغيب عن الحسابات الألمانية أن الإخوان ليسوا حزبا أو جماعة سياسية معارضة بالمعنى الذى يتخيَّله الألمان، فهى جماعة تستخدم الدين غطاءً لحركاتها، وتختلف مبادئها عن جميع المبادئ والأفكار التى يؤمن بها الشعب الألمانى».
بينما قال مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير جمال بيومى، إن بيان رئيس البرلمان يُمثِّل نفسه فقط، ولا يُعبِّر عن البرلمان الألمانى «البوندستاج»، مشيرا إلى أن مصر فى الأصل لم تطلب لقاء بين الطرفين، فهذا اللقاء اقترحته ألمانيا، وطالبت بأن يتضمّن البرنامج لقاء بين الرئيس المصرى والبرلمان الألمانى، وإلغاؤه لن يؤثر فى شىء.
بيومى أضاف أن «هذا التصريح يهدف إلى استرضاء إسرائيل لما بينهما من مصالح مشتركة، وأن هذا لا يعبِّر عن الشعب الألمانى أو البرلمان، فهم متخلصون من عقدة الذنب تجاه إسرائيل، وأعتقد أن البعض هناك سيُدين هذا التصريح».
وعن مطالبات البعض بسجب السفير المصرى من ألمانيا أو طرد السفير الألمانى من مصر، علَّق بيومى قائلا: «هذه مطالبات جاهلة، لا يعرف مَن يطالبون بها معنى تدهور العلاقات بين بلدين كبيرين، كما أن هذا التصريح يتحمَّل مسؤوليته رئيس البرلمان الألمانى، وليس السفير الألمانى فى مصر».
وكان رئيس البرلمان الألمانى قد أصدر بيانا أول من أمس (الثلاثاء)، جاء فيه أنه بعث بخطاب إلى السفير المصرى فى برلين بهذا الخصوص، وعزا فيه هذه الخطوة إلى انتهاكات حقوق الإنسان فى مصر، ومن المقرر أن يزور الرئيس عبد الفتاح السيسى برلين فى الثالث والرابع من يونيو المقبل.
من جانبه، وصف الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية، موقف رئيس البرلمان الألمانى ب«ردّ الفعل المتوقَّع»، وقال: «لا بد أن يثير هذا الرفض انتباه النظام الحاكم، لأن هذا يوحى بوجود قلق غربى مؤسس على معلومات، وليس بالضرورة موقفا عدائيا».
نافعة أضاف: «هناك بعض التجاوزات فى حقوق الإنسان يتعيَّن تصحيحها، وهذا الموقف لن يؤثر على زيارة الرئيس السيسى»، مؤكدًا أهمية الموقف الألمانى الرسمى.
أستاذ العلوم السياسية أوضح أن الإدارة الألمانية كانت متحفِّظة على النظام المصرى القائم بعد 3 يوليو، ثم راجعت موقفها، كما أن زيارة السيسى لألمانيا تؤكد أن العلاقات المصرية-الألمانية على الصعيد الرسمى تسير بشكل طبيعى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.